بوابة الوفد:
2024-07-02@00:55:51 GMT

مصر على موعد مع الأزمات

تاريخ النشر: 1st, November 2023 GMT

تُنذر الحرب دائما بعواقب وخيمة، وكلما اقتربت الحرب جغرافيا تعاظمت آثارها، وكأن مصر على موعد دائم ومتكرر مع الشدائد والصعاب، فلا تلبث أن تتجاوز أزمة كبيرة وصعبة، حتى تواجه أخرى أشد ضراوة.

وهكذا واجهت الدولة المصرية بثبات وثقة جائحة كورونا قبل أكثر من ثلاث سنوات، ثم بدأ الاقتصاد فى التعافى تدريجيا، ولم يمض وقت طويل حتى اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية، وتسببت فى موجات تضخم عالمية غير مسبوقة، كان لمصر نصيبٌ كبير منها.

ثم بدأ قطاع السياحة مرحلة انتعاش نسبى مؤخرًا أثار قدرًا من التفاؤل لدى المجتمع الاقتصادى، غير أن الحرب الأخيرة فى فلسطين، وما صاحبها من اتساع للتوتر فى المنطقة، والقلق من طول فترة الصراع، قضوا على الآمال الباقية بنجاح قطاع السياحة فى توفير عائدات دولارية كافية لتجاوز تحديات المرحلة الراهنة.

ولم يكن غريبا على كريستينا جورجييفا المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولى أن تصرح قبل أيام بأن الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس ستؤثر بشكل مباشر وسلبى على اقتصادات كافة الدول المجاورة فى المنطقة. فببساطة شديدة، فإن كثيرًا من حجوزات السياحة فى الدول المجاورة للصراع وعلى رأسها مصر سيتم إلغاؤها تجنبا للخطر. كما أن تكلفة الشحن والنقل من وإلى المنطقة سترتفع نظرا لارتفاع تكلفة التأمين. فضلا عن ذلك، فإن الكيانات الاستثمارية الكبرى قد تؤجل كثيرًا من مشروعاتها المخطط لها لحين استقرار الأوضاع.

من هذا المنطلق، فإن استمرار الحرب يمثل وبالًا على كافة دول المنطقة وعلى رأسها مصر التى تعانى منذ سنوات من انكماش اقتصادى كبير، وهو ما يدفع إلى ضرورة اتخاذ تدابير استباقية لامتصاص أى موجات تضخم جديدة.

 كما يؤكد ضرورة المساهمة بكل جهد ممكن وإمكانات حقيقية فى العمل على وقف اطلاق النار، وتهدئة التوتر المصاحب، وعدم الانسياق وراء دعوات التصعيد، فى الوقت ذاته الذى تلعب فيه الدبلوماسية المصرية دورًا حيويًا فى التنديد بالتعامل الوحشى لإسرائيل مع المدنيين العزل.

ومَن يتابع الموقف حتى الآن يُدرك إلى أى مدى وصلت احترافية الدولة المصرية بمختلف قطاعاتها ومؤسساتها فى التعامل مع الأزمات والتحديات العصيبة، لتدير الأزمة بتعقل وحرص سعيًا إلى تقليل الآثار السلبية إلى أقصى مدى ممكن.

وأتصور أن اللحظات الراهنة بما تحمله من شدائد وأزمات كان يصعب فيما مضى تحملها، أثبتت دون شك انحياز المواطن المصرى البسيط إلى ركن الاستقرار، وتقديره وحكمته فى عدم الانجرار وراء أى دعوات فوضوية، وثقته فى القيادة السياسية وحنكتها وقدراتها على العبور بمصر إلى بر الأمان.

 إن المواطن المصرى البسيط يستحق كل التحية على صبره وتحمله ووقوفه خلف القيادة فى لحظات ريبة يُمكن لكل متربص أن يستغلها لتقويض ما تم إنجازه. 

لقد تحمل الشعب المصرى عواصف عصر مُفعم بالتحولات، وعالم يُعاد تشكيله، وسيناريوهات ومخططات يجرى العمل على إتمامها وتنفيذها على قدم وساق، لمحو أمم قائمة، وتبديل خرائط معروفة. ولا شك أن الانتباه لما يحدث، ودراسة كل ما يطرح أو يقال هنا وهناك أمر غاية فى الضرورة. وبالطبع، فإنه لا سبيل سوى التكاتف والتوحد والاصطفاف الوطنى وتنحية كافة الخلافات والاختلافات جانبًا.

وسلامٌ على الأمة المصرية

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: د هاني سري الدين الحرب عواقب وخيمة

إقرأ أيضاً:

قداسة البابا تواضروس الثاني يكتب: في ذكرى 30 يونيو.. تحديات وأمنيات

سنة ميلادية كاملة عاشها المصريون (من نهاية يونيو ٢٠١٢ إلى آخر يونيو ٢٠١٣) شعر معظمهم فى خلالها بتغيرات غريبة تخالف المزاج العام لهم على كافة المستويات.

فعلى الرغم من التنوع الثقافى والاجتماعى والفكرى الكبير الذى يزخر به المجتمع المصرى، وهو تنوع يتسم بالتباين إلى حد التضاد فى بعض جوانبه، إلا أن المصريين وقتها اجتمعوا على حقيقة واحدة ألا وهى أن محاولات التغيير الجارية فى المجتمع، تمثل تعدياً واضحاً على هويتهم وإرثهم المتجذر فى وعيهم ووجدانهم.

الأمر الذى دعاهم للخروج إلى الشوارع والميادين بطول مصر وعرضها يوم ٣٠ يونيو ٢٠١٣ معلنين تمسكهم بهويتهم حمايةً لثوابتهم الراسخة.

أردت مما سبق، أن أذكِّر الأجيال الناشئة بتلك الثورة التى أنقذت مصر من مصير مظلم، نراه صار واقعاً حولنا شرقاً وغرباً وجنوباً، ذلك المصير الذى حمى المصريون بلدهم مصرَ منه، بتكاتفهم معاً مستندين على الدرع الواقى للوطن، وهو الجيش المصرى صاحب التاريخ ناصع البياض فى ساحات الوطنية.

من هذه الصفحة من ماضى مصر القريب يمكننا الانطلاق إلى الحديث عن مصر المستقبل. وسأتناول فى هذا السياق، ثلاث نقاط، كالتالى:

١- إنجازات:

لا يجب أن نغفل عن أن ما جرى فى مصر من تنمية وتطوير، عبر الإحدى عشرة سنة الماضية أمر غير مسبوق فى تاريخ مصر.

وأن «الجمهورية الجديدة» صارت لها ملامح واضحة، تبشِّر بمستقبل أفضل.

وللحق أقول إن الطريق ما زال طويلاً وأن طموحات المصريين أكبر بكثير مما تم إنجازه حتى الآن، ولكن لا بد أن نعلم أن مسيرة بناء الدول والشعوب تتطلب وقتاً وتضحيات.

أعلم بالطبع أن المعاناة التى نشعر بها كمصريين واضحة لكل ذى عينين.

لكن كذلك يجب علينا الانتباه جيداً إلى أننا نسير نحو الأمام وأن الجهود المبذولة من الحكومة المصرية، والمنظمات الفاعلة فى المجتمع المصرى حتماً ستثمر واقعاً أفضل للمصريين.

ولا ننسى أننا عشنا عقوداً وعهوداً كنا نسمع فيها وعوداً لم تكن تتحقق، ونرى كلاماً عن إنجازات لا وجود لها على أرض الواقع، ونقرأ عن خطط خمسية وعشرية لا ينفذ منها سوى القدر اليسير، مما خَلَّفَ تركة ثقيلة قررت الدولة المصرية حملها بشجاعة والتصدى للتخلص منها، والانطلاق نحو المستقبل.

كما يجب أن نضع فى الاعتبار أن الأزمات العالمية المتوالية، إلى جانب جائحة كورونا، دفعت ثمنها الدول الناهضة ومن بينها مصر.

وهنا أذكر على سبيل المثال مشروعات البنية التحتية وتطوير العشوائيات وتحسين حياة شريحة من المجتمع المصرى كانت الأكثر تضرراً عبر عقود، إلا أنهم لم يكن لهم صوت، ولم يشعر بهم أحد، هؤلاء أحدثت الدولة المصرية نقلة كبرى فى حياتهم، من خلال المبادرات والتحالفات مثل مبادرة «حياة كريمة» و«التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى» الذى تسعد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بعضويته من خلال ذراعها التنموية، أسقفية الخدمات العامة والاجتماعية والتنموية.

٢- تحديات:

أعود فأقول إن الضغوط متعددة، والمعاناة مداها ممتد، والشكوى مستمرة، ما بين ارتفاع الأسعار، وأزمة عدم توافر بعض السلع منها سلع أساسية.

وهو ما يمثل التحدى الأكبر الذى يواجه الحكومة المصرية والشعب المصرى فى آنٍ واحد.

ولكن يجب أن نعلم أن الحكومة والشعب لن يستطيع أحدهما أن يتجاوز هذا الوضع بمفرده.

لذا فإن التكاتف ضرورة والتزام. ويجب أيضاً أن ندرك الظرف الراهن وتحدياته.

ويجب أن ننتبه إلى أننا قطعنا شوطاً لا بأس به، بل هو الشوط الأصعب فى المسيرة.

٣- أمنيات:

أتمنى، بثقة فى صلاح الله، أن يأتينا المستقبل بخير كثير، وأن تصبح رؤية دولة ٣٠ يونيو الوطنية للجمهورية الجديدة، حقيقةً وواقعاً.

ولنتذكر أن سر نجاح ثورة مصر منذ ١١ عاماً كان تكاتف الشعب ومؤسسات الدولة واجتماعهم على قلب رجلٍ واحدٍ من أجل صالح البلاد.

وفى نفس الوقت فنحن فى أمَسِّ الحاجة لأن يؤدى كل مسئول وكل فرد فى هذا الوطن، عمله بكل إخلاص.

مع ضرورة الاهتمام بأن نبحث عن الكفاءات ومن يتحلون بالأمانة ونهيئ لهم ظروفاً مواتية لينهضوا بالوطن وليصلوا به إلى غاياته، فلن نستطيع أن نتجاوز هذا الوضع الصعب، إلا بيد أناس أكفاء أمناء.

ولن يتقدم أى مجتمع إن لم يتحمل أفراده -جميع أفراده- مسئولياتهم بكل جدية وأمانة وإخلاص.

وهو ما أصلى لأجله دوماً، وأثق أن يثبته الله فى قلوبنا لاجتياز كل التحديات وتخطى كل العقبات وتجاوز كل المعطلات لنصل بمصر الوطن الغالى إلى ما تستحقه وما يليق بها.

مقالات مشابهة

  • نصّار: لبنان لا يمكن إلا أن يكون شريكاً بحل الخلافات في المنطقة
  • وزير الخارجية يستعرض أزمة السودان وغزة مع رئيسة مجموعة الأزمات الدولية
  • وزير الخارجية يستقبل رئيسة مجموعة الأزمات الدولية
  • ثورة 30 يونيو.. «طفرة تعليمية» (الحلقة السابعة)
  • مدبولي: برنامج الإصلاح الاقتصادي حرص على استيعاب الأزمات بقدر الإمكان
  • رئيس الوزراء: الأزمات العالمية شكلت تهديدا لأمن واستقرار العديد من الدول
  • قائد الدفاع الجوي في العيد الـ 54: نمتلك قدرات تكنولوجية حديثة ومتكاملة لحماية سماء مصر
  • القس د. أندريه زكي يكتب: 30 يونيو مصر لا تنهزم
  • قداسة البابا تواضروس الثاني يكتب: في ذكرى 30 يونيو.. تحديات وأمنيات
  • انطلاق مؤتمر الاستثمار المصرى الأوروبي اليوم السبت