تُنذر الحرب دائما بعواقب وخيمة، وكلما اقتربت الحرب جغرافيا تعاظمت آثارها، وكأن مصر على موعد دائم ومتكرر مع الشدائد والصعاب، فلا تلبث أن تتجاوز أزمة كبيرة وصعبة، حتى تواجه أخرى أشد ضراوة.
وهكذا واجهت الدولة المصرية بثبات وثقة جائحة كورونا قبل أكثر من ثلاث سنوات، ثم بدأ الاقتصاد فى التعافى تدريجيا، ولم يمض وقت طويل حتى اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية، وتسببت فى موجات تضخم عالمية غير مسبوقة، كان لمصر نصيبٌ كبير منها.
ولم يكن غريبا على كريستينا جورجييفا المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولى أن تصرح قبل أيام بأن الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس ستؤثر بشكل مباشر وسلبى على اقتصادات كافة الدول المجاورة فى المنطقة. فببساطة شديدة، فإن كثيرًا من حجوزات السياحة فى الدول المجاورة للصراع وعلى رأسها مصر سيتم إلغاؤها تجنبا للخطر. كما أن تكلفة الشحن والنقل من وإلى المنطقة سترتفع نظرا لارتفاع تكلفة التأمين. فضلا عن ذلك، فإن الكيانات الاستثمارية الكبرى قد تؤجل كثيرًا من مشروعاتها المخطط لها لحين استقرار الأوضاع.
من هذا المنطلق، فإن استمرار الحرب يمثل وبالًا على كافة دول المنطقة وعلى رأسها مصر التى تعانى منذ سنوات من انكماش اقتصادى كبير، وهو ما يدفع إلى ضرورة اتخاذ تدابير استباقية لامتصاص أى موجات تضخم جديدة.
كما يؤكد ضرورة المساهمة بكل جهد ممكن وإمكانات حقيقية فى العمل على وقف اطلاق النار، وتهدئة التوتر المصاحب، وعدم الانسياق وراء دعوات التصعيد، فى الوقت ذاته الذى تلعب فيه الدبلوماسية المصرية دورًا حيويًا فى التنديد بالتعامل الوحشى لإسرائيل مع المدنيين العزل.
ومَن يتابع الموقف حتى الآن يُدرك إلى أى مدى وصلت احترافية الدولة المصرية بمختلف قطاعاتها ومؤسساتها فى التعامل مع الأزمات والتحديات العصيبة، لتدير الأزمة بتعقل وحرص سعيًا إلى تقليل الآثار السلبية إلى أقصى مدى ممكن.
وأتصور أن اللحظات الراهنة بما تحمله من شدائد وأزمات كان يصعب فيما مضى تحملها، أثبتت دون شك انحياز المواطن المصرى البسيط إلى ركن الاستقرار، وتقديره وحكمته فى عدم الانجرار وراء أى دعوات فوضوية، وثقته فى القيادة السياسية وحنكتها وقدراتها على العبور بمصر إلى بر الأمان.
إن المواطن المصرى البسيط يستحق كل التحية على صبره وتحمله ووقوفه خلف القيادة فى لحظات ريبة يُمكن لكل متربص أن يستغلها لتقويض ما تم إنجازه.
لقد تحمل الشعب المصرى عواصف عصر مُفعم بالتحولات، وعالم يُعاد تشكيله، وسيناريوهات ومخططات يجرى العمل على إتمامها وتنفيذها على قدم وساق، لمحو أمم قائمة، وتبديل خرائط معروفة. ولا شك أن الانتباه لما يحدث، ودراسة كل ما يطرح أو يقال هنا وهناك أمر غاية فى الضرورة. وبالطبع، فإنه لا سبيل سوى التكاتف والتوحد والاصطفاف الوطنى وتنحية كافة الخلافات والاختلافات جانبًا.
وسلامٌ على الأمة المصرية
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: د هاني سري الدين الحرب عواقب وخيمة
إقرأ أيضاً:
ميقاتي: الحكومة ماضية في العمل مع الشركاء كافة لتنفيذ القرار الأممي 1701
أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتى، أن الحكومة ماضية في العمل مع الشركاء كافة لتنفيذ القرار الأممي 1701 وبسط سلطة الجيش على كل الأراضي اللبنانية، وفقا لما ذكرته فضائية "القاهرة الإخبارية” في نبأ عاجل.
إسرائيل تدعو مواطنيها باليونان لعدم التوجه لمواقع في أثينا وسالونيك إسرائيل: سقوط صواريخ في أكثر من موقع بمنطقة حرفيش بالجليل الأعلى
وتابع “ميقاتي”، أنه :"كلنا أمل أن تسفر الاتصالات الجارية عن وقف لإطلاق النار للانتقال للمرحلة المرتبطة بتنفيذ القرار 1701".
وعلى صعيد آخر، أكد رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق، يسرائيل زيف، ضرورة التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب الدائرة في لبنان، مشيرًا إلى أهمية عدم الإصرار على شروط صارمة في بنود الاتفاق لتحقيق الاستقرار.
انتقد زيف، في تصريحات نقلتها صحف عبرية، تعامل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع الحرب المستمرة منذ أكثر من 14 شهرًا، وقال: "لسوء الحظ، لا يشعر نتنياهو بالحاجة للخروج للجمهور وشرح إلى أين نحن ذاهبون بعد هذه الفترة الطويلة من الحرب". وأضاف أن "غياب الشفافية يزيد من حالة عدم اليقين لدى الجمهور الإسرائيلي".
عبّر زيف عن قلقه بشأن عدد الإصابات في صفوف الجيش الإسرائيلي، قائلاً: "عدد الجرحى الذين يفقدهم الجيش الإسرائيلي كل شهر في القتال مثير للقلق"، وأشار إلى أن استمرار الحرب بهذا الشكل يهدد بتفاقم الأوضاع الإنسانية والأمنية على الجبهة الشمالية لإسرائيل.
شدد زيف على أن أي اتفاق لوقف إطلاق النار يجب أن يكون عمليًا وقابلًا للتنفيذ، مع الأخذ بعين الاعتبار الوضع الإقليمي المتوتر، وأضاف: "الإصرار على شروط صارمة قد يعقد الوصول إلى اتفاق، وهو ما لن يخدم مصلحة إسرائيل على المدى البعيد".
تأتي تصريحات زيف في ظل تصاعد التوترات على الحدود اللبنانية-الإسرائيلية، واستمرار الاشتباكات بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله، وأفادت تقارير إعلامية إسرائيلية مؤخرًا بأن الهجمات المتبادلة تسببت في خسائر بشرية ومادية على الجانبين، مما يزيد من الضغوط للتوصل إلى تسوية سياسية.
وفي ختام حديثه، دعا زيف القيادة الإسرائيلية إلى تبني رؤية واضحة لإنهاء الحرب، محذرًا من أن استمرار القتال دون استراتيجية واضحة قد يؤدي إلى تعقيد الأوضاع أكثر، ليس فقط على المستوى الأمني، بل أيضًا على المستوى السياسي والدولي.