لجريدة عمان:
2025-11-04@09:55:06 GMT

هوامش ومتون :جثامين صغيرة وجرائم كبيرة!

تاريخ النشر: 1st, November 2023 GMT

كتب الدكتور أحمد الدوسري، في منشور له «يسأل المذيع طفلا فلسطينيّا: ماذا تريد أن تكون عندما تكبر؟ فيردّ الطفل مستغربا: الأطفال عنّا ما بتكبر».

فأيّ عالم شديد القسوة، هذا الذي لا يتيح للأطفال أن يكبروا!؟

لقد هزّني خبر قرأته حول استشهاد (8) أطفال من عائلة واحدة في قصف على غزة، و«الجثامين الصغيرة التي وضعت على أرض المشرحة في خان يونس» الواقعة في الجزء الجنوبي من قطاع غزّة، كما نقلت وكالة (رويترز)، وأعتبره وصمة عار في جبين الإنسانية، فحين تمتدّ أكفّ الجريمة إلى الأطفال، فهذا يعني أن الجريمة «استحكمت حلقاتها»، لقد أعاد الرقم (8) إلى ذاكرتي مقطعا للشاعر محمود درويش في قصيدته (سجّل أنا عربي) المنشورة في ديوانه الثاني (أوراق الزيتون) الصادر عام 1964م وقد كتبها ردّا على جندي إسرائيلي سأله عندما كان عمره 15 سنة، عن قوميته، فقال:

«سجّل أنا عربي

ورقم بطاقتي خمسون ألف

وأطفالي ثمانية

وتاسعهم سيأتي بعد صيف

فهل تغضب؟»

وتساءلتُ مع نفسي: هل كان درويش يستشعر، قبل حوالي ستّين سنة، أن يد الغدر ستقتل ثمانية أطفال كانوا يعيشون بأمان، قبل سقوط صاروخ الموت؟

هل يعرف الذين أطلقوا الصاروخ أنهم سيقتلون ثمانية مشاريع بشرية، دون أيّ ذنب، سوى أنهم فلسطينيون؟ وخوفا من أن يأتي التاسع بعد صيف، كما يقول درويش، بل قبل أن يكبروا ويتكاثروا!

المعروف أنّ الشرائع والقوانين الدولية تجرّم في الحروب، قتل الأطفال والنساء والمدنيين، وقد أكّدت اتفاقية جنيف 1949 م على حماية الأطفال أثناء النزاعات المسلحة، وذكر البروتوكول الإضافي الأول عام 1977 «يجب أن يكون للأطفال موضع احترام خاص، وأن تكفل لهم الحماية ضد أية صورة من صور خدش الحياء، ويجب أن تهيأ لهم أطراف النزاع العناية والعون اللذين يحتاجون إليهما، كما أشارت اتفاقية جنيف للدول إنشاء مناطق ومواقع استشفاء وأمان منظمة بكيفية تسمح بحماية الجرحى والمرضى والعجزة والمسنين والأطفال دون الخامسة عشرة من العمر» وقد أشارت دراسة للدكتور جلود صالح نشرت في مجلة الاجتهاد للدراسات القانونية والاقتصادية الصادرة عام 2018م «أن إحصائيات اليونيسف تشير إلى أن 226 مليون طفل يعيشون في مناطق النزاعات و125 مليون طفل يتأثرون مباشرة بالمعارك التي تحدث في العالم »، وها هم أطفال غزّة يصبحون هدفا لهجمات صواريخ الاحتلال، يقول الشاعر الكبير سيف الرحبي، مصوّرا شعوره بالألم القاتل حين ينظر في عينَيْ ولده البكر ناصر، حين يداهمه المرض «الأكثر لعنةً في حياتي والكلام للرحبي- وأرى في مرآتهما ذلك الخذلان لجموحه في اللعب والحياة أشعر بهشاشة وجودي وانكساري الأكيد، أنا الذي صمدتُ في أكثر المواقف دمويةً وقسوة، إذن أي قدرة إلهية عظيمة وخارقة تجعلني أحتمل النظر إلى ملايين الأطفال في فلسطين وسوريا والعراق ولبنان و و و و إلخ! وأطفال العالم.

. مجازر وحروب وكوارث تترى وتتناسل في ضوء ضعفٍ عربيٍّ بيِّن».

خبر استشهاد الأطفال الثمانية في غزّة، لم يمر مرورا عابرا، على الشاعر السعودي إياد الحكمي، فهزّ كيانه، فكتب مصوّرا النيران التي تلتهم الأخضر واليابس حين تشتعل الحروب، وبدلا من أن تعدّ الطعام لأطفالها، تقوم بخبز النيران المستعرة في أفران الحروب والكوارث:

يقول لي شاعر شدّ الخيال إلى

الذكرى وزاد إلى الأوزان ألحانا

في غزّة الآن أطفالٌ ثمانيةٌ

وأمّهم تخبز النيران نيرانا

وحتى نذكر عمق المأساة، نشير للفيلم الذي عرضه تلفزيون فلسطين، وأظهر صور أطفال من غزة دأب أهاليهم بكتابة أسمائهم على أجسادهم، ليتعرّفوا عليهم بعد استشهادهم! وهذا مثال من أمثلة تصوّر بشاعة الحرب الدائرة في غزة اليوم، التي صار وقودها الأطفال، بعد أن كانوا مشاريع رجال يبنون مستقبل فلسطين، هم اليوم مشاريع جثامين صغيرة في عالم لا يعطيهم فرصة أن يكبروا مثل أطفال العالم.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

ناشطون يفضحون انتهاكات وجرائم الانتقالي بحق المسافرين داخل مطار عدن الدولي

الجديد برس| خاص| شن ناشطون يمنيون، خلال الساعات الماضية، حملة إلكترونية واسعة ضد الفصائل المسلحة الموالية للإمارات، تنديدًا بـ”الجرائم والانتهاكات الممنهجة” التي تمارسها تلك الفصائل بحق المواطنين اليمنيين في مناطق سيطرتها. وتركزت الحملة، التي اجتاحت منصات التواصل الاجتماعي، على عمليات الاختطاف والاعتقال بالهوية التي تنفذها قوات المجلس الانتقالي الجنوبي بحق المسافرين في مطار عدن الدولي، وسط مطالبات بوقف هذه الممارسات ومحاسبة المسؤولين عنها. وأكد الناشطون أن ما يجري من استهداف للمواطنين في نقاط التفتيش والمطارات يخدم مخططات التحالف السعودي الإماراتي الهادفة إلى تمزيق النسيج الاجتماعي اليمني وإشعال النعرات المناطقية والمذهبية بين أبناء الشعب. وتأتي الحملة في ظل تصاعد حالة الغضب الشعبي جراء الانتهاكات المستمرة التي ترتكبها الفصائل التابعة للتحالف في المحافظات الجنوبية، وسط تحذيرات من أن استمرار هذه الممارسات سيقود إلى انفجار اجتماعي واسع يهدد الاستقرار الهش في تلك المناطق.

مقالات مشابهة

  • ألوان الحب.. ماذا يقول لون فستانك عن مشاعرك في عيد الحب؟
  • انفجار في محيط منزل في الهرمل... أربعة جرحى من الأطفال!
  • ماذا كان يقول النبي في الصباح؟.. 19 دعاء يملأ يومك بالأرزاق
  • ألعاب الموت: دمى مفخخة وعلب طعام تستهدف أطفال غزة
  • صراعات صغيرة قد تُشعل حربا عالمية لا يتوقعها أحد
  • المستشارة القضائية الإسرائيلية ترتعد من الخوف بسبب الهاتف ولبيد يقول: إسرائيل في خطر وجودي
  • دببة مفخخة.. الاحتلال يستلهم طريقة سوفيتية قديمة لمواصلة قتل أطفال غزة
  • انطلاق فعاليات المؤتمر السنوي الثامن لأطباء أطفال السويس لعام 2025
  • وكيل تعليم كفر الشيخ يشهد احتفالية العيد القومي بالمواهب الطفولية في إدارة بيلا التعليمية
  • ناشطون يفضحون انتهاكات وجرائم الانتقالي بحق المسافرين داخل مطار عدن الدولي