سلطت مجلة "إيكونوميست" الضوء على ما وصفتها بحرب المدن في قطاع غزة بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال الإسرائيلي، مرجحة أن تكون أكثر "دموية" من تلك التي جرت بين الجيش الأمريكي وتنظيم الدولة في مدينة الموصل العراقية.

وذكرت المجلة البريطانية، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن الحرب في غزة تترك حصيلة وحشية على المدنيين في غزة، إذ أعلنت وزارة الصحة في القطاع، إن أكثر من 8 آلاف شخص قتلوا، بينهم أكثر من 3 طفل، وهذا أكبر من كل الحروب التي شهدتها غزة.

وبحسب صور الأقمار الاصطناعية، فإن عشر المساكن في غزة أصبحت مدمرة، ما يترك أكثر من 280 ألف شخص بدون بيوت لا يمكنهم العودة إليها.

لكن حرب إسرائيل في غزة ذات خصوصية أخرى، تتعلق باشتباكات المدن وسط المباني، والتي عادة ما تكون دموية، بحسب تجربة الأمريكيين في الفلوجة عام 2004، حيث قُتل حوالي 600 مدني، أو نسبة 0.2% من سكان المدينة.

وفي معركة بمدينة الصدر بضواحي بغداد، في مارس/آذار 2008، قُتل حوالي 1000 شخص، من بين مليوني نسمة يعيشون في المدينة، إلا أنها لا تشبه الحرب الحالية في غزة.

وكانت آخر معركة مدن في السنوات الأخيرة هي الهجوم على الموصل التي سيطر عليها تنظيم الدولة، حيث خاضها ضد تحالف بقيادة أمريكا وشارك فيه الجيش العراقي والقوات الكردية، وقتل فيها على الأقل 9000 مدني يمثلون نسبة 0.6% من سكان المدينة، وتضررت نسبة 80% من مبانيها، وهي المعركة الأقرب إلى حرب غزة.

لكن هناك عدد من الاختلافات بين الموصل وغزة، ففي الأولى، منع تنظيم الدولة السكان من الفرار، مع أن معظمهم ترك المدينة في فترة الحرب.

 وحتى روسيا، وافقت أثناء ضربها لمدينة ماريبول في مايو/أيار 2022، على هدنة إنسانية، سُمح فيها للمدنيين بالخروج، لكن إسرائيل رفضت الدعوات الأوروبية وغيرها لوقف إطلاق نار مؤقت.

إلى جانب ذلك، فجغرافية غزة أقل تسامحا من بقية الحالات، إذ طلبت إسرائيل من 1.1 مليون مدني مغادرة شمال غزة، لكن ثلثهم بقي فيها. ومعظم السكان هم لاجئون، ويخشون إن خرجوا هذه المرة، أن لا يتم السماح لهم بالعودة مرة أخرى. ومَن يريدون الهرب، لا يمكنهم اجتياز الحدود مع مصر التي رفضت فتح الحدود، لأنها لا تريد تحمل المسؤولية عنهم.

وحتى الذين فروا للجنوب يعانون من أزمة إنسانية، فقدرة النظام الصحي في غزة لا تستوعب سوى 3500 سرير، بحسب منظمة أطباء بلا حدود.

اقرأ أيضاً

يظهرون ويختفون فجأة.. جنود الاحتلال يروون ملامح معاركهم مع المقاومون في غزة

وفي الموصل، كانت منظمة الصحة العالمية قادرة على بناء مراكز للعلاج من الصدمة النفسية وتقديم الأدوية الضرورية والعناية الطبية في فترة تتراوح ما بين 10-15 دقيقة من خطوط القتال، مع مستشفى ميداني أكبر يبعد ساعة. ورفض المسؤولون الإسرائيليون إرسال المساعدات إلا إذا أطلقت حماس سراح الأسرى لديها.

وهناك اختلاف آخر بين معركة الموصل وحرب غزة، يتعلق بمستوى التداخل ما بين البنى العسكرية والمدنية في غزة، ففي الموصل التي سيطر عليها تنظيم الدولة لمدة عامين، أقام بنى عسكرية متعددة واستفاد من عقيدة الحرب الغربية حسب الجنرال البريطاني المتقاعد، روبرت جونز.

أما حماس فهي متجذرة بالنظام الاجتماعي في غزة، حيث ترتبط جذورها بالمجمع الإسلامي الذي أنشأه مؤسسها الشيخ، أحمد ياسين، في عام 1973، وعلى مدى نصف قرن، اندمجت الحركة في النسيج الاجتماعي بقطاع غزة، الذي تديره منذ 16 عاما، وحقيقة سيطرتها السهلة على القطاع نابعة من أن مقاتليها جنّدتهم من الشوارع.

ورغم زعم إسرائيل أنها تتجنب الأهداف المدنية، إلا أنها أسقطت 6000 قنبلة على قطاع غزة في الأيام الستة الأولى من بداية الحرب، فيما ألقت أمريكا 7000 قنبلة على الموصل خلال شهرين.

وفي 30 أكتوبر/تشرين الأول، قال نائب قائد الجيش الإسرائيلي، "عندما يتحرك جنودنا، يترافق ذلك مع قصف مدفعي مكثف، إضافة إلى 50 طائرة في الجو، وندمر أي شيء يتحرك".

اقرأ أيضاً

43 حاخاما يهوديا يفتون لنتنياهو بجواز قصف مستشفى الشفاء في غزة

ويقول أنطوني كينغ، من جامعة إكستر، إن أساليب الحرب الإسرائيلية نابعة من الطريقة التي تنظر فيها للحرب بأنها "حرب وجودية" بنفس الطريقة التي نظر فيها للموصل، ولذا يصف المسؤولون الإسرائيليون حماس بالعدو الذي لا يمكن التنازل أو التسوية معه.

أما الفرق الأخير في طبيعة حرب غزة، فيتمثل في الاستخبارات، فمنذ البداية، يملك الجيش الإسرائيلي معلومات عن بُنى حماس التي جمعها على مدى السنين الماضية، لكن معظم هذه الأهداف ربما ضربت في الأسبوع الأول من الحرب، وبعد ذلك، يتم التحرك نحو الاستهداف "الدينامي"، أي البحث عن الأهداف وضربها، وهنا يسقط القتلى المدنيين.

وفي الموصل، فقد قدم السكان الذي كرهوا تنظيم الدولة معلومات للمخابرات العراقية ساعدت على استهداف مواقع التنظيم. وفي المقابل، حُرمت القوات التي كانت تضرب الرقة في 2017 من المعلومات، ولهذا اعتمدت على القصف الجوي.

وفي الحالة الإسرائيلية، عانى الجيش الإسرائيلي من فشل استخباراتي في 7 أكتوبر/تشرين الأول، لكن سيكون لدى الجيش معلومات إلكترونية عن القطاع بمساعدة طائرات المراقبة الأمريكية التي ترصد الحركة في غزة، إلا أن حماس قد يكون لها التميز الاستخباراتي على الأرض، حيث يقدم السكان معلومات مهمة عن تقدم القوات الإسرائيلية.

اقرأ أيضاً

ارتفاع عدد شهداء غزة إلى 8796 وعودة تدريجية للاتصالات والإنترنت في القطاع

المصدر | إيكونوميست/ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: غزة حماس إسرائيل الفلوجة مدينة الصدر الموصل حرب المدن فی غزة

إقرأ أيضاً:

حرب أوكرانيا.. إحصائية جديدة عن ضحايا وخسائر الجيش الروسي

تتواصل حرب أوكرانيا ما يسبب المزيد من الضحايا، وهو ما أعلنه الجيش الأوكراني، اليوم الخميس، الذي أكد ارتفاع عدد قتلى وجرحى العسكريين الروس منذ بداية الحرب على الأراضي الأوكرانية.
وأوضح أن الإحصائية ارتفعت إلى نحو 890 ألفا و250 فردا، بينهم 1200 لقوا حتفهم، أو أصيبوا، خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.ضحايا وخسائر الجيش الروسيودمرت القوات الأوكرانية منذ بداية الحرب 10307 دبابة، منها دبابة واحدة أمس الأربعاء، و21432 مركبة قتالية مدرعة.
أخبار متعلقة الجيش الروسي: حققنا مكاسب كبيرة على الأرض في منطقة كورسك"كييف تُحرض".. روسيا ترفض إرسال قوات لحفظ السلام إلى أوكرانيازيلينسكي: روسيا شنت أكثر من 2100 هجوم جوي على أوكرانيا الأسبوع الماضي .article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } الحرب الروسية الأوكرانية - وكالات
بالإضافة إلى تدمير 24409 نظام مدفعية، و1314 من أنظمة راجمات الصواريخ متعددة الإطلاق، و1103 من أنظمة الدفاع الجوي.الحرب الأوكرانية الروسيةكما دمرت 370 طائرة حربية، و331 مروحية، و28983 طائرات مسيرة، و3121 صواريخ كروز، و28 سفينة حربية، وغواصة واحدة.
وكذلك 40355 من المركبات وخزانات الوقود، و3777 من وحدات المعدات الخاصة.

مقالات مشابهة

  • كيكل: الوحدة التي حدثت بسبب هذه الحرب لن تندثر – فيديو
  • إسقاط أكثر من 250 طائرة مسيرة خلال مواجهات بين القوات الروسية والأوكرانية
  • الحرب تفاقم أوضاع أكثر من 90 ألف نازح بولاية النيل الأبيض
  • بغداد تُعيد أكثر من 150 أسرة من مخيم الهول في سوريا  
  • سليمان من قصر بعبدا: المعادلة التي تُفيد البلد هي معادلة الجيش والشعب
  • صندوق أممي: أكثر من 6 ملايين امرأة وفتاة باليمن يواجهن مخاطر العنف
  • مصدر أمني: سيطرة الشرع على سجون قسد التي تضم الدواعش “قنبلة موقوته”
  • حرب أوكرانيا.. إحصائية جديدة عن ضحايا وخسائر الجيش الروسي
  • “نهاية دموية” لهجوم القطار في باكستان
  • «حماس»: استمرار قطع الكهرباء عن قطاع غزة منذ أكثر من 16 شهرا جريمة حرب