عربي21:
2025-02-16@21:24:20 GMT

يعذبني الانتظار يا هبة (غزة-1)

تاريخ النشر: 1st, November 2023 GMT

(الكتابة والصيام)

لا أعرف إن كنت أنا الذي يخاصم الكلام، أم أن الكلام يتهرب مني!..

قالت هبة: الكتابة كالصيام..

لم أفهم، هل يعني هذا أن أتعبد بالصمت، أم أعقد النية على الكتابة وأحافظ عليها كما يحافظ المؤمن على صومه؟

قالت هبة: اكتب أو لا تكتب، المهم ألا تكتب بغير نية.

قلت: حتى لو لم يكن للكلام جدوى في أسواق الصخب؟!

قالت: اكتب "حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ".

.

ذات نهار من نهارات الانتظار الطويل ارتاحت هبة من الأسئلة ومن التعب ومن الانتظار.. ارتاحت للأبد..

هل الموت راحة؟

كان لهبة صديقة اسمها مريم، كانت شريكتها في جدال مشتعل دوما، وفي الأيام الأولى للقصف كتبت مريم: "ماني مصدقة إني عايشة للحين، وما بعرف إذا بعد ساعة راح أضل عايشة؟!.. تعبت وأنا بشرد من مكان لمكان، من مستشفى لشارع لبيت.. والقصف فوقنا"..

ذلك الإحساس بالخذلان يخلق إنسانا صديقا للموت، برغم إصراره على الحياة (حتى تنقضي قسرا).. يخلق إنسانا لا ينشغل بالصغائر والمشاعر الدونية ولا ينتظر كرما من الأنذال (فطعن الخناجر أطيب من استجداء خسيس).. يخلق إنسانا غير أولئك الذين نراهم على الشاشات يناضلون من أجل استمرار مواسم الترفيه (حتى لا تحزن الأمة)، وينفقون بكرم بالغ على غلمانهم
وارتقت مريم فشاركت هبة عبارتها وقدمتها بتعبير "ارتاحت مريم"..

ارتاحت مريم، وارتاحت ساجدة، وارتاح آلاف الشهداء، وارتاحت معهم "هبة أبو ندى" تاركة أسئلتها وأحلامها أمانة للمشردين على أرصفة الانتظار..

"نحنُ في غزة عند الله بين شهيد وشاهد على التحرير.. كلنا ننتظر أين سنكون؟ كلنا ننتظر.. اللهم وعدك الحق".

كتبت هبة آخر كلماتها كرسالة.. كوصية.. كوثيقة إيمان بانتظار الوعد الحق، والأمل العزيز الذي بعثته المقاومة من رقاد طويل، ثم دخلت في صوم طويل عن الكلام وعن الكتابة.. بدأت صيامها الأبدي وتركتنا نشرد في الطرقات كمريم، ونحلم بنتائج الانتظار.. "حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ".

(أسماء في النعش)

مخيف قول هبة أن الفلسطينيين يحفظون عن غيب أسماء الذين خذلوهم، وأسماء الذين نصروهم، ربما لم يحفظوها بالذاكرة، بل بالأبدية.. "سنحملهم في نعوشنا"..

كانت هبة غاضبة في صمت يكوي من المتخاذلين العرب، كانت تلومهم في نفسها أكثر مما تلوم الأعداء والعالم الظالم الذي لم يأسف يوما لموت "مريم"، إنه عالم لعين بعينٍ واحدة، وفكرة قهرية واحدة يحارب لكي يفرضها على الجميع: حق إسرائيل في قتل الجميع دون تعقيب أو مساءلة..!

ذلك الإحساس بالخذلان يخلق إنسانا صديقا للموت، برغم إصراره على الحياة (حتى تنقضي قسرا).. يخلق إنسانا لا ينشغل بالصغائر والمشاعر الدونية ولا ينتظر كرما من الأنذال (فطعن الخناجر أطيب من استجداء خسيس).. يخلق إنسانا غير أولئك الذين نراهم على الشاشات يناضلون من أجل استمرار مواسم الترفيه (حتى لا تحزن الأمة)، وينفقون بكرم بالغ على غلمانهم (لأن نتنياهو لا يعترض على تمويل مسرح مصر وبطولات آل الشيخ).

لكن هل يخاف الحمقى والجهلاء والعملاء من "دفتر الأسماء الفلسطيني"؟

هل يهتم أولئك العابرون (باعة الأوطان) بكلمة مؤجلة يدونها التاريخ؟

فكرة حفظ الأسماء مخيفة لمن ينتمي على سياق، ويؤمن بثواب وعقاب، أما الكافرون بالمعاني، فلا يعنيهم ذلك التوثيق، لذلك لا بد من طريقة أخرى لتصحيح الاعوجاج..

وأظنني عثرت على خيط للطريقة التي شغلت بالك يا هبة في النظر لقضية تصحيح الاعوجاج، وأسميها "سلوك المقاومة" حتى لا يساء فهم التعبير، ولعلك تذكرين تعبيرك الثاقب عن غزة والذي كتبت فيه: "كلَّما اعوجَّ خطُّ على خريطةٍ فلسطين بين المدن، صححه الرصاص.. الممحاة للصغار، لكن المدن تصحح الأخطاء بالرصاص (غزة مثالا)..".

ما ينطبق على الحجر لا ينطبق على البشر، لكنني أعتقد يا هبة أن المدن ليست من حجر، المدن ناس قبل كل شيء، لذلك فإن مثال غزة يصلح كطريقة لتعميم أخلاق وسلوك المقاومة في كل حياتنا، من الحماقة أن نأكل ونشرب ونلبس ونلعب ونتسلى بمعرفة الأعداء وحسب كتالوجهم، ثم ننتظر منهم أن يكونوا لطفاء معنا إذا اختلفنا معهم.. لا بد أن نتعلم طريقة أخرى للحياة تحررنا من بضاعتهم ومن "باعتهم السريحة" حتى لا نظل "زبائن سذج" في أسواق الاستعباد.

بمقاطعة الأعداء والتحرر من نموذجهم في الحياة وأحكامهم واتباعهم فريضة تذكرنا بها غزة كلما وقفت في المواجهة، لا بد أن نؤمن بأننا قادرون على تغيير المصائر، وهذا الإيمان في رأيي يصلح كهدف مرموق يمكننا أن ننتظر من أجله، وبدونه لن يكون لانتظارنا معنى. هكذا أفهم الفرق بين "انتظار المقاوم" و"انتظار المتخاذل"، والفرق شاسع.

بمقاطعة الأعداء والتحرر من نموذجهم في الحياة وأحكامهم واتباعهم فريضة تذكرنا بها غزة كلما وقفت في المواجهة، لا بد أن نؤمن بأننا قادرون على تغيير المصائر، وهذا الإيمان في رأيي يصلح كهدف مرموق يمكننا أن ننتظر من أجله، وبدونه لن يكون لانتظارنا معنى. هكذا أفهم الفرق بين "انتظار المقاوم" و"انتظار المتخاذل"
(تعالي نتحدث أكثر عن الموت)

يقرأ المذيع المتأنق في نشرة الأخبار: مقتل عشرات الفلسطينيين جراء قصف إسرائيلي لأحياء سكنية في قطاع غزة..

عشرات، أو مئات، أو أي رقم.. كلها تعبيرات احتيالية معتمة تحجب عنا حياة الناس، وتقدمهم لنا كأسعار الوجبات في "منيو المطاعم"، قفز على الحياة والمشاعر والمصائب، حيلة للحفاظ الاحترافي على حالة التلقي البارد للمجازر والجرائم وسرقة حياة الإنسان، ونظل في تلك المنطقة الرمادية الباهتة حتى نصطدم بسخونة الحقائق.. أم تبحث عن طفلها بأمنية مستحيلة أن يكون حيا برغم القصف: "اسمه يوسف.. شعره كيرلي.. أبيضاني وحلو"، طفلة تنهار على مقعد انتظار في مشفى بعد التعرف على جثمان أمها: "هذي أمي.. بعرفها من شعرها"، صبي يحمل جثمان شقيقه الطفل في انتظار اللا شيء، "والله ما هي عيشة ولا حياة".. يقول الطفل محتجا دون أن ينكسر، شباب يتسامرون فيسألون بعضهم: مين مستعد وجاهز يقابل الله.. مستعد يا محمد؟.. وأنت يا.. ولما يجيبوا بأنهم مستعدون ينظر للسماء ساخرا من الصواريخ: صاروخ هنا.. احنا جاهزين.

هذه التفاصيل تكشف خديعة نشرات الأخبار وتصريحات الحكام والمسؤولين ومناشدات المنظمات الحقوقية المحكومة بنظام دولي محتال، كما تكشف إكليشيهات القفز على الحقائق التي تتحدث عن صمود المقاومة وبطولة غزة وعظمة الشعب الفلسطيني، وكأنها معطيات بديهية مجانية بلا ثمن!

الحقيقة أن المقاومة تعب وتضحيات مؤلمة، والصمود معاناة وقلق وبحث دائم عن الأمان المفقود (بشرد من مكان لمكان ومن مستشفى لشارع)، والبطولة هي محاولة أن تظل حيا بينما الموت يلاحقك، وأنت تفر منه بقدر استطاعتك من دون أن تنهزم وتستسلم، تلك هي المعاناة التي تتجاهلها الإكليشيهات وتبخس ثمنها..

التفاصيل تعطينا فكرة أصدق عن تضحيات شعب يطارده القتلة، فيبذل كل جهده ليبقى حيا.. يغادر بيته مؤقتا إلى مستشفى أو حقل أو كرمة نائية أو مكان احتمالية قصفه أقل من البيوت والمدن، وقد لمست هذه المعاناة الأوديسية في أحد حقول "بيت جرجا" (شمال شرقي غزة)، حيث كانت هبة تفتش مع أهل القرية عن مكان للحياة، لكنها لم تجد، فكتبت تقول: "الأمر كالتالي: كلنا في حقل مفتوح، سنابل منهكة من الحصار، الموت يحمل منجلا ضخما ويلوح به علينا يمينا ويسارا، كلنا نموت، والحقل يفرغ منا، والسنابل تتطاير!".

الحكمة هنا أن القصة ليست كما تقول الأخبار: شعب نائم في الفراش غير عابئ، وفجأة يختفي تحت القصف دون معاناة، القصة أن هناك تعذيبا وتشريدا ومطاردة بين الموت والحياة، أناس يجاهدون لكي يظلوا أحياء، يشردون من مكان لمكان كما قالت مريم، أو يشعرون بأنهم "بالكاد أحياء" كما قالت هبة، عقولهم مشتعلة بأسئلة عن خريطة الخذلان والدعم، وذاكرتهم تنشط لتسجل المواقف وتحفظ الأسماء: "والله ما راح ننسى.. لقد صارت أجسادنا من هواء وذاكرتنا من حديد"..

قالت هبة عبارتها الكاشفة عن المعاناة والصراع الداخلي، ثم لخصت الملحمة في عبارات لا يقدر أن يكتبها بهذا الوضوح والصدق إلا من صهرته نيران الملحمة، لذلك أستعيرها شاعرا بالحزن وبالفخر، مسكونا بالقهر وبالأمل، صارخا من جحيم المرحلة الكئيبة ومؤمنا بفريضة انتظار الفردوس..

(غزة.. الممكن المستحيل)
غزَّة فعلت أقصى ما يمكنها فعله في مواجهة هذا الظلم، تجاوزت الخيالات وارتفعت عن سقف الممكن والمستحيل، حطَّمت كل التماثيل واللاءات، واخترعت صمودا سيظل يدرَّس في التاريخ ويُنسب إلى غزة، وعندما تنسلخ الأكاذيب ويتساقط السياسيون المنافقون وتنهار الإنسانية الزجاجية على نفسها
غزَّة فعلت أقصى ما يمكنها فعله في مواجهة هذا الظلم، تجاوزت الخيالات وارتفعت عن سقف الممكن والمستحيل، حطَّمت كل التماثيل واللاءات، واخترعت صمودا سيظل يدرَّس في التاريخ ويُنسب إلى غزة، وعندما تنسلخ الأكاذيب ويتساقط السياسيون المنافقون وتنهار الإنسانية الزجاجية على نفسها، ستبقى غزة رمزا أسطوريا غيرَ مفهوم وغير ممكن، رقما قياسيا لا يمكن للمدن والحضارات والجيوش تحقيقه إلا بزمان الأنبياء والمعجزات.

لقد فعلنا ما يجب علينا فعله لنسترد حقوقنا.. لنقاتل ونصمد بالنيابة عن الأمة والمظلومين في العالم، لا شيءَ لنندم عليه ولا لنحزن عليه، أمام الله وأمام أنفسنا نحنُ أصحاب حق، وجزؤنا من العهد كان أن نصمد ونحاول، وما بعدَ ذلك هو أمرُ الله آمنا به وعليه توكلنا.

إن قضينا فتلك شهادة شرف، وإن بقينا سنروي الحكاية ونضع قصتنا في عيون العالم أجمع، وما بين هذا وذاك لنا طقوسنا في البكاء والصبر والحزن والتذكر والأمل واليأس.

إن متنا قولوا بالنيابة عنا: كان هنا أناس يحلمون بالسفر والحب والحياة وأشياء أخرى.. نحنُ تحتَ الطائرات والله أعلى منها ومنهم..

نعم يا هبة.. الله أعلى من الطائرات ومن الأعداء..

وفي المقال المقبل نكمل الحديث عن غزة بالأسماء المدونة في العقول وفي النعوش.

[email protected]

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة المقاومة الفلسطينيين فلسطين غزة المقاومة مجازر مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حتى لا

إقرأ أيضاً:

3 سنوات من الغربة دمرت قصة حب 20 عاما.. ماذا قالت الزوجة في دعوى الخلع؟

«سنين عدت قدام عيني وأنا فاكرة إني في أمان، وحياتي هتكمل بالمثالية اللي كانت في دماغي، لحد ما الحال اتقلب من 3 سنين».. بهذه الكلمات بدأت كوثر حكايتها، مؤكدة أنه قبل 3 سنوات حياتها رأسا على عقب، لتأخذ قرارت صعبة بعقلها الذي دلها على طريق محكمة الأسرة لتتخلص من الحب المسموم الذي تجرعته على مدار 20 عاما، على حد تعبيرها.. ليكون مصيرها اليوم الجلوس في قاعة المحكمة وانتظار كلمة القضاء العادل لإنهاء معانتها، ما القصة؟

قصة الحب بدأت منذ السنة الأولى بالجامعة

لم تكن مجرد زيجة استمرت 20 عاما، بل قصة حب بدأت منذ اليوم الأول في دراستهما الجامعية، ومن يومها كرثت «كوثر» صاحبة الـ40 عاما حياتها لنجاح زوجها، وتخلت عن حلمها من أجل بناء منزل له يضرب به المثل، وكانت له نعم الصديقة والحبيبة، وواجهت رفض عائلتها الذين اعترضوا على زواجها من شاب ما زال يدرس في الجامعة ولم تظهر أي ملامح لمستقبله، لكنها أقنعتهم بالعيش في منزل عائلته، واستكمال دراستها في منزله، وفقا لحديثها مع «الوطن».

كانت قصة حبهما حديث الجميع، امتدت لعامين حتى تكللت بالزواج، ثم بعدها رزقت بطفلين وكانت تراهما ثمرة لهذا الحب الكبير، وظنت أن زواجها مختلف عن الآخرين، على الرغم من المشكلات اليومية التي كانت تعتقد أنها موجودة في كل منزل على الرغم من قسوتها، لكنها تحملت السنوات الأولى بين مشكلات ومسؤوليات المنزل والدراسة، وكانت تعتقد أن الحب الذي جمعهما سيظل أقوى من أي ظروف، وفقا لحديثها.

سنوات مرت وكأنها لحظات، كانت تعتقد «كوثر» أنها حصلت على ما تريد، بيت وأولاد وزوج صالح كان حبيبها، رجل تتحاكى به النساء في أخلاقه ويضربن المثل بإخلاصه، لكنها اليوم تريد أن تتخلص من العيش معه، لأنها لا ترغب في قضاء ما تبقي من عمرها بجوار رجل لم يعرف عن الإحساس شيء، ومع الوقت بدأ يصبح صعب الطباع ويبخل عليها وأولادها، وكلما طلبت منه أن تخرج للعمل حتى تعينه على مصاعب الحياة رفض دون مبرر، وهدم حلمها ونجاحها حتى تحقق له ما يريد ولم تعلم أن النهاية ستكون كسرة قلبها وإنهاء الزيجة، وكانت تصبر نفسها برعايتها لأبنائها، على حد وصفها.

رجل يرتدي وجه الملاك أمام الغرباء 

20 عاما عاشت فيها كوثر تحت سقف واحد مع رجل تمكن من ارتداء وجه الملاك أمام الغرباء، حتى لا يصدقها أحد، ولا يكشف حقيقته المُرة، واستغل حبها وانشغلاها في تربية أولادهما، وكلما اعترضت على شيء حملها ذنب أي خطأ، وأنها ستكون السبب في هذم المنزل وقصة حبهما، وجعلها تقاتل من أجل ثبات المنزل واستقرار أسرتهما، وكان يرفض أن تترك منزل الزوجية للخروج أو زيارة أي أحد دون مناسبة أو ظرف قهري، ومنعها من التعامل مع العالم الخارجي، ما تسبب لها بضيق في كثير من الأحيان، لكنه كان صعب المراس، حسب حديثها.

على الرغم من ذلك لم تلاحظ أي شيء غريب على زوجها، وعاشت وهي تحمل له الحب الذي بدأ منذ الشرارة الأولى، واعتقدت أن الحياة اعطتها ما تريد ورضيت، وتنازلت عن الكثير من حقوقها، وكانت مشاعر الحب هي المتحكمة طوال هذه السنوات، حتى فاض بها الكيل بعد أن قرر السفر والعمل بالخارج، على الرغم من عدم حاجتهم لذلك.

وأوضحت أنه لم يفكر في السفر من قبل، بل كان يعترض على من يفعل ذلك، فبدأ الشك يراودها، وكلما قالت إنه يخفي شيئا، يتهمها بأنها تكدر صفو حياتهما وكأنهما يعيشا في الجنة، وكانت تصبر من أجل أبنائها، على حد حديثها.

تغير سلوك الزوج قبل السفر

قبل سفر الزوج بسنوات كانت تلاحظ كوثر تغيرا في سلوكه، وعلى الرغم من أنه دخل العقد الرابع من عمره، فإنه ما زال يعتقد أنه شاب مراهق لم يكتف من الحياة، بل يرافق فتيات في عمر أبنائه، فلم تتحمل كتمان أفعاله كثيرا وكانت تتشاجر معه، وكانت الشجار ينتهي بالصلح، ووعد بعدم تكرار أفعاله الصبيانية، وكان يترك المنزل دون تلبية احتياجاتها الأساسية، وهو يتلذذ بكل متاع الحياة، ورغم يسار حاله كان يقصر في تلبية احتياجات أولادهما، وفقا لحديث الزوجة.

وعندما كانت تتحدث معه يحملها هموم العمل والحياة، ويبدأ يعدد لها طلباتهم، تلتزم الصمت وتبدأ في تأنيب نفسها بعد أن يستغل عدم خبرتها في الحياة، لتكتشف مع مرور الوقت أنها عاشت مع رجل خدعها وغدر بها، وحين وقع زوجها في أزمة قررت مساعدته دون تفكير بكل ما تملك من ميراث أهلها، فوجدت نفسها في نهاية المطاف تجلس بين أروقة المحاكم بعدمت ما اكتشفت الحقيقة المُرة بعد سفره للخارج، وأنه لم يسافر إلى إحدى الدول لتحسين أوضاعهم المادية، بل ليجدد حياته، ويعيش شبابه من جديد، على حد تعبيرها.

الزوج كون حياة ثانية

لم ترغب كوثر في سفره والبعد عنهم، لكنها ضحت كعادتها من أجل الأسرة واقتنعت أن سنوات قليلة من الغربة ستؤمن مستقبلهم، قائلة: «كنت بستناه على التليفون بالساعات، وكان دايما مشغول وكان بيقوللي شغل وبيحاول يوفر لنا مستقبل أحسن، وأنا كنت بصدق، وعشت أيام وليالي من غير خبر عنه أو سؤال على ولاده، لكن الغياب طال والمكالمات كانت كل فين وفين وقليلة، والمشاعر بينا ماتت بعد فترة قصيرة»؛ حتى جاء اليوم الذي قلب حياتها رأسًا على عقب.

الرسالة كشفت المستور وما حاولت أنه تكذبه في عقلها منذ سنوات، فبعد عام ونصف العام من سفره وصلتها رسالة صوتية من رقم مجهول بها صوت طفل رضيع وأجواء عائلته، دون أن يتحدث شخص بكلمات واضحة، فحدثها قلبها بظنونها التي كانت تحول أن تقتلها، وارتجف قلبها ويداها وانهارت ولم تصدق أن الرجل الذي منحته قلبها وعمرها قد أصبح غريبًا عنها بهذا الشكل، وأصبح لديه منزل وأسرة أخرى: «حاولت أكذب نفسي وأقول يمكن حاجة غلط، لكن الحقيقة كانت أوضح من أي محاولة للهروب جوزي بقاله سنة متجوز واحدة تانية هناك وسافر عشانها وخذ فلوسي اتجوزها بيها».

واجهته عبر الهاتف، لكنه لم ينكر ذلك، بل اهتهمها أنها أنانية ولم ترغب في سعادة أحد سوى نفسها، كلماته كانت كالسكين الذي مزق قلبها، ولم يعد هناك مجال للانتظار، ولا فرصة لإصلاح ما كسره، وبعد الحديث مع عائلته وعائلتها لم ينصفها أحد: «3 سنين من الغربة دمروا قصة حبي وظروفي فرضت عليا أكون الزوجة الصبورة، لكني مش هقبل أكون زوجة تانية، وكان آخر يوم حب ليه هو اليوم اللي عرفت فيه الحقيقة»، وتوجهت إلى محكمة الأسرة زنانيري ورفعت دعوى خلع حملت رقم 2790.

مقالات مشابهة

  • حماس تعلق على غارة إسرائيلية قتلت 3 من رجال الشرطة في غزة
  • ناهد شاكر تفاجئ سيمون: شادية قالت عنك لذيذة
  • خالد ميري يكتب: في انتظار الخطة العربية
  • بعد 40 عاما من الانتظار.. سبيلبيرغ يعود بجزء جديد من الحمقى
  • عاجل| ماذا قالت صحف العالم عن هاتريك عمر مرموش مع مانشستر سيتي؟
  • انتقادات في إسرائيل لمصلحة السجون بسبب ملابس الأسرى الفلسطينيين
  • تجهيز ورفع كفاءة 7 ساحات لانتظار السيارات في كفر الشيخ
  • 3 سنوات من الغربة دمرت قصة حب 20 عاما.. ماذا قالت الزوجة في دعوى الخلع؟
  • نازحو شمال غزة يفترشون الأرض في انتظار الكرفانات والخيام
  • المستندات المطلوبة للحصول على رخصة السايس طبقا للقانون