بقلم: لواء دكتور/ شوقي صلاح 

القاهرة (زمان التركية)- تشهد أزمة حرب غزة الآن بجانب التحركات العسكرية الإسرائيلية المتدحرجة لاجتياح غزة بريًّا.. جهودًا دبلوماسية أمريكية مكثفة لضمان عدم توسيع دائرة الصراع، رغم تعارض هذا مع رغبة نتنياهو في انتهاز الفرصة لإجهاض المشروع النووي الإيراني وإنهاء التهديد العسكري لحزب الله.

. وهما معضلتان أساسيتان أمام الكيان الصهيوني.

– ولعل أهم تلك التحركات الدبلوماسية الأمريكية تمثلت في: لقاء وزير الخارجية الصيني مع الرئيس بايدن بواشنطن، وكذا لقاء الأخير مع الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي، وعقب اللقاء الأخير فقد أُعلن عن بعض محاوره وأهمها: منع حرب “طوفان غزة” من التوسع، وتعزيز الشراكة الدفاعية بين البلدين، والعمل على إدخال مساعدات للقطاع، وتحقيق سلام مستدام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، إضافة لأهمية ردع أي أطراف أخرى من التدخل في الصراع.. !!!

– وأعلنت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية أنها تلقت طلبًا رسميًّا من دولة فلسطين والمملكة العربية السعودية، لعقد دورة غير عادية لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة برئاسة المملكة العربية السعودية، التي ترأس الدورة (32) الحالية، وذلك بالعاصمة السعودية الرياض يوم 11 نوفمبر الجاري، لبحث العدوان الإسرائيلي المتواصل على الشعب الفلسطيني في غزة منذ 7 أكتوبر الجاري. .

– وفي ظل كل هذه الأحداث، فإن المفاوضات حول صفقة كبرى بين عناصر المقاومة وإسرائيل تسير فصولها بقوة في الدوحة، برعاية أمريكية/قطرية، وتشمل في جانب منها ملف تبادل السجناء، بجانب تسوية الجوانب الأخرى للصراع.. وتعتمد واشنطن مبدًأ عامًّا مقتضاه تحقيق تسوية: “مرضية لجميع الأطراف”، وبالطبع هي معادلة صعبة جدًّا، أما كونها مرضية، فهذا من وجهة النظر الأمريكية.. والتساؤل الذي تفرضه هذه المعطيات: هل يمكن الوصول لفك معضلة تربيع تلك الدائرة الدبلوماسية ؟ – سبق وشبهت وزيرة خارجية ألمانيا مشكلة غزة بأنها: كمن يُرِد تَربِيع الدائرة، وهي مسألة هندسية شبه مستحيلة-.

* مدى صواب اختيار الصين للقيام بدور الوسيط في تحييد إيران ؟؟؟

– قدمت الولايات المتحدة بعض التنازلات لإعادة التواصل دبلوماسيًّا مع الصين.. وبالفعل تم ترتيب لقاء جمع إدارة البيت الأبيض بووزير خارجية الصين وانتهى بلقاء مع الرئيس بايدن، ولعل أهم أهداف اللقاء هو إسناد مهمة تحييد الدور الإيراني في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الجاري، ورغم أن الجانبين صرحا عقب اللقاء بأن المباحثات كانت مثمرة، ونتائجها تصب في مصلحة كلا الطرفين.. إلا أنني أشك كثيرًا في تحقيق هذا اللقاء لهدفه الأسمى المشار إليه، فربما يتعارض هذا مع مصلحة الصين، فكما ذكرت في مقالي السابق على هذه المنصة، فإن توسيع نطاق الصراع ودخول إيران فيه سوف يترتب عليه فرصة ذهبية للصين لاسترداد تايوان، وربما دون قتال.. ولعل الإدارة الأمريكية تدرك هذا الأمر بشكل يقيني.. فما هو المقابل الذي يمكن أن تمنحه الولايات المتحدة الأمريكية للصين كي تضمن جديتها في القيام بهذه المهمة ؟ هنا أترك الإجابة لخيال القارئ الكريم.

– هذا، وأتوقع أن يشترط الجانب الصيني – نائبا عن الغائب الحاضر “إيران”- وقف

الاجتياح البري، مع ضمان دخول المساعدات والوقود، ولتبرر الحكومة الإسرائيلية موافقتها على هذا التنازل الكبير، فلتبرره بأنه أمر اقتضته اعتبارات مفاوضات إنقاذ الرهان.. كما يتم وقف الأعمال القتالية وفرض إيقاف لإطلاق النار، تمهيدا لإتمام صفقة كبرى؛ أهم جوانبها تبادل كل من في سجون الطرفين أو أغلبهم على أقل تقدير، وإنهاء الأعمال القتالية والعودة لحدود ما قبل 7 أكتوبر 2023.. فهل هذه الشروط – وهي محض تحليل شخصي لا أكثر- نوع من إشكالية “تربيع الدائرة”.. ؟.

* أزمة الحكومة الإسرائيلية الكبرى “أسراها ورهائنها” في غزة:

– رغم التفوق العسكري الإسرائيلي المدعوم من الغرب وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية، والذي يفوق في قدره بكثير الدعم الأمريكي لإسرائيل في حرب السادس من أكتوبر 1973، إلا أن إسرائيل وبعد أكثر من ثلاثة أسابيع لم تستطع دخول غزة بريًّا، وإن كانت محاولاتها الأخيرة تؤكد أنها تدرك حجم الخسائر التي ستتكبدها حال تقدمها بعتادها البري لاقتحام الأنفاق، فعدم تطهيرها للأنفاق يعني أن المهمة فشلت.. وحرب المدن لا يتحملها الجيش الصهيوني وهم يعلمون هذا بشكل يقيني، ومع هذا يريدون إنقاذ ماء وجوههم.. خاصة قبل الجلوس للتفاوض. وأؤكد هنا أن تهور الكيان الصهيوني بدخول قواته بريًّا بشكل مكثف لبعض الكيلو مترات، فسوف يفاجأ على المستوى الميداني باستخدام أسلحة من شأنها ردعه، وقد تكلفه المزيد من العناء في مرحلة التفاوض.. لذا تجده يلجأ للضربات الجوية على أهداف مدنية، وأسوأ أمثلة هذه الاعتداءات هو قصفه الأخير للمساكن بمخيم جباليا.. والذي راح ضحيته حوالي 400 بين شهيد وجريح، ليسجل بهذا جريمة حرب جديدة تضاف لسجله الإجرامي، ومن المؤسف أن يصرح وزير خارجية الولايات المتحدة عقب هذا القصف؛ بأن هذه الضربات مبررة طالما خطر حماس ما زال قائمًا !!! ولا غرو من هذا، فالقنابل التي استخدمت في العدوان مقدمة من الجانب الأمريكي، فهم بهذا شركاء في الجرائم التي ترتكب. وهنا نتوجه بسؤال للسيد بلينكن: هل الهولوكوست طالما ارتكبته إسرائيل أصبح مباحًا.. ؟!!!

– وعلى الجانب الآخر، فقد فاجأت كتائب القسام الكيان الصهيوني يوم الأحد الماضي، بالإعلان عن تنفيذ عملية إنزال خلف خطوط العدو، غرب معبر «إيرز»، أسفر عن الإجهاز على عدد من الجنود الإسرائيليين، حيث اخترق المقاومون الحدود وأطلقوا صواريخ مضادة للدروع تجاه آليات عسكرية إسرائيلية، وأضاف المتحدث عن الكتائب بأن المقاتلين أجهزوا على عدد من الجنود داخل الآليات المستهدَفة، ولعل هذه المهمة تمثل فصلاً من فصول خطة “الهجمات المرتدة”، التي سبق وأشرنا إليها في مقالنا الموسوم (“التوابيت الملكية” تنتظر يوم البعث) والذي نُـشر على هذه المنصة يوم ٢٤ الجار، فعناصر المقاومة لديها قناعة كاملة بأن الهجوم بخسارة نصف الانتصار.. فعقيدتهم إما النصر أو الشهادة.

– وها هي الحكومة الإسرائيلية الأكثر تطرفًا في تاريخ إسرائيل تعاني الآن من انشقاق حاد بين رئيس وزرائها ومؤسساته العسكرية والأمنية، وظهر ملامح هذا الشقاق جليًّا في تغريده انتقد فيها نتنياهو تلك الأجهزة، ثم فطن سريعًا إلى أن وقت الحساب لم يحن بعد، فسارع بحذفها، ولكن الشقاق الأكبر الذي تواجهه تلك الحكومة هو الغضب الجامح الذي أظهره أهالي المحتجزين لدى عناصر المقاومة، حيث تُكابر الحكومة بأنها ستحررهم بالقوة.. وهم على يقين بأنهم يضحون بهم إن فعلوا، وأنهم لن يتمكنوا من تحريرهم إلا من خلال “التفاوض المر”، ويبدو أن نتنياهو أزعن لنصيحة الرئيس بايدن أخيرًا في هذا الشأن.

بصمات روسيا تم رفعها من مسرح الأحداث بمعرفة خبراء المعمل السياسي:

– الحقيقة التي لا تُذكر بشكل علني أن حقيقة الصراع سواء على المسرح الأوكراني أم الشرق أوسطي، هو نزالٌ: روسي/غربي، فهم الأطراف الأصليون للصراع.. وربما تتساءل: لماذا تغيب روسيا عن حلبة الصراع الشرق أوسطي ؟؟؟ وأؤكد لكم بأن روسيا لم تكن غائبة يومًا، ولكنها تركز بشكل أساسي في مسرح الأحداث الأوكراني، فهو الأهم بالنسبة لها.. لكن يبدو من منظور تحليلي أنها غالبًا من أشعلت نيران الحرب بشكل غير مباشر، ومن ناحية أخرى فهناك طرقًا أخرى للدعم، منها: – بل وأهمها- الدعم المعلوماتي، والخططي، والسياسي.. والميداني إذا اقتضى الأمر وفي حالة الضرورة القصوى، وقد تابعنا من أيام خلت زيارة وفد من حماس لروسيا، ولعل هذا يعد مؤشرًا لتحرك من خلف الكواليس.

– هذا، وقد توقفت بكثير من التأمل أمام خطاب الرئيس بوتين الأخير؛ وإشارته إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية هي المستفيد الأكبر من حالة عدم الاستقرار في أماكن مختلفة في العالم.. وهنا دعني أختلف معك سعادة الرئيس بوتين فيما ذهبت إليه، فروسيا تأتي في مقدمة المستفيدين من توريط الولايات الأمريكية في صراع غزة.. !!! ومن المؤكد أيضًا أن مشاهد ومواقف حرب “طوفان الأقصى” ستغير بالتأكيد من مستقبل التحالفات في المنطقة.. .

– ولعل الاعتداء على بعض اليهود القادمين من إسرائيل لداغستان عبر رحلة جوية يؤكد الخطورة التي سيعاني منها يهود العالم بسبب خطايا حكومة إسرائيل وجرائمهم ضد الإنسانية التي يرتكبونها.. وعقب هذه الأحداث أعلنت إسرائيل عن رغبتها في إجلاء العائلات اليهودية التي ترغب في الرحيل من روسيا.. وهي أيضًا لن تتردد في القيام بمثل هذه الإجراءات في أي دولة أخرى، فهي تعلم أن الهجرة من إسرائيل سوف تتزايد مع استمرار حالة انعدام الاستقرار الأمني.. فهل يُعقل أن يهاجر يهودي في مثل تلك الظروف الأمنية التي تشهدها إسرائيل ؟!

* ماذا وراء اجتماع القمة العربية بدورة غير عادية ؟؟؟

– عقب اجتماع الأمير خالد بن سلمان وزير دفاع المملكة العربية السعودية مع الرئيس الأمريكي بايدن، دعت المملكة لاجتماع قمة عربية غير عادية، فما هي ملامح الأطروحة الأمريكية التي أتوقع عرضها للمناقشة أمام هذه القمة ؟؟؟ – لعل الموقف الأمريكي الراهن يهدف إلى تسوية الأزمة من خلال طرح تقبله الأطراف العربية الأساسية – وفقا لوجهة النظر الأمريكية- وغالبًا يرتكز على الأسس الآتية:

أولاً: عقد هدنة إنسانية يتوقف فيها القتال، ومناقشة مشروع متكامل لإنهاء الأزمة، يتم من خلاله تبادل السجناء بين الطرفين.

ثانيًا: يتضمن الحل مشروعًا لهجرة شرعية لعدد مناسب من سكان القطاع، لدول

غربية وشرق أوسطية، لتخفيف التكدس السكاني الذي يعاني منه أهالي غزة، واعتبار هذا الأمر بمثابة ضربة بداية.

ثالثًا: إقامة منطقة عازلة بمساحة مناسبة بين القطاع وإسرائيل تسمح بتأمين إسرائيل من إعادة سيناريو هجمات طوفان السابع من أكتوبر 2023.

رابعًا: حصول الدول الشرق أوسطية التي ستقبل المهاجرين على امتيازات أمريكية مادية، يصعب رفضها.. بالطبع من وجهة نظر الولايات المتحدة الأمريكية.

خامسًا: غالبًا؛ سيطرح على القمة أيضًا رغبة الولايات المتحدة الأمريكية في تشكيل تحالف عربي/أمريكي لمواجهة إيران وحزب الله في حالة تدخلهما في الصراع الحالي.

سادسًا: البدء فور انتهاء مرحلة تبادل السجناء في مفاوضات لحل الدولتين، على أسس عادلة لجميع الأطراف، برعاية أمريكية مع حضور عربي لدول الجوار.

* وأؤكد أن البنود السابق ذكرها؛ هي بمثابة الخطوط العريضة التي أتنبأ كمحلل بكونها تمثل ما طرحه البيت الأبيض في لقاء الوفد السعودي برئاسة الأمير/ خالد بن سلمان، لتناقشها قمة عربية، واتخاذ قرارات بشأنها.. ومن المؤكد أنه من المستحيل تحقيق إجماع عربي في هذا الشأن، لذا سيكون للأطراف المعنية مباشرة بالأمر القول الفصل: فللفصائل الفلسطينية وشعب غزة الرأي الأهم.. ثم يأتي رأي الدول التي سيُطرَح عليها مشروع استقبال المهاجرين.. ثم الدول التي ستمول تنفيذ الخطة حال الاتفاق على أسسها.

أما عن التحالف الأمريكي/ العربي لمواجهة إيران أو حزب الله حال تدخل أيهما في الصراع.. فهو من وجهة نظرنا يمثل: الطرح الواجب استبعاده من دائرة النقاش رفضًا له من حيث المبدأ، فهل خصوم إسرائيل هم بالضرورة خصومًا للعرب.. ؟! وما هو الحال إن اقتضى الأمر إقحام مصر في الصراع دفاعًا عن سيناء ؟؟؟ خاصة وقد تم الكشف مؤخرا عن وثيقة لوزارة الاستخبارات الإسرائيلية تحمل خطة لنقل ملايين الفلسطينيين لسيناء.. ولم تنكر إسرائيل هذه الوثيقة، إلا أن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي قلل من أهميتها واعتبرها مجرد مقترح لا أكثر.

* رسائل قصيرة إلى :

* الرئيس الأمريكي السابق “ترامب”: بعد تصريحاتك الأخيرة التي زايدت بها على الجميع في عشق الصهاينة، تيقنت بأنك أتقنت فنون الخداع بامتياز.. فمن عاشر القوم صار منهم.. .

* الرئيس “بوتين”: روسيا أكثر الرابحين من توسيع نطاق الصراع.. فهل ستنجح في تحريك حصان الشطرنج لقتل الملك ؟؟؟

*الرئيس” بايدن”: نتنياهو كان وما زال هو المشكلة.. والمعضلة أنكم قد تضرون إلى التضحية بالجنين كي تعيش الأم.. .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* هذا، ما انتهى إليه خيال ورؤية كاتب المقال، ولعل خير ختام؛ ترديد قوله تعالى حاكياً جل علاه قول نبي الله شعيب عليه السلام: “إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ” 88 هود.

 

___

لواء دكتور/ شوقي صلاح

*خبير مكافحة الإرهاب وأستاذ القانون بأكاديمية الشرطة المصرية

 

Tags: إسرائيلازمة غزةحرب غزةغزة

المصدر: جريدة زمان التركية

كلمات دلالية: إسرائيل ازمة غزة حرب غزة غزة الولایات المتحدة الأمریکیة فی الصراع

إقرأ أيضاً:

ما قصة “الحمار والفيل” اللذين يحكمان الولايات المتحدة منذ عقود؟

متابعات/

يبرز في قلب الساحة السياسية الأمريكية، رمزا الفيل للحزب الجمهوري والحمار للحزب الديمقراطي كعلامات فارقة تعكس هوية الحزبين ومواقفهما.

هذه الرموز ليست مجرد شعارات بل تحمل في طياتها تاريخاً عريقاً وقصصاً لها أبعاد ومعانٍ. منذ أن تبنى الديمقراطيون رمز الحمار في القرن 19 والجمهوريون رمز الفيل في نهاية نفس القرن، أصبحت هذه الحيوانات مرآة تعكس القيم والسياسات والأهداف التي يسعى كل حزب لتحقيقها.

ويُعد فهم هذه الرموز أمراً بالغ الأهمية لفهم أعمق للسياسة الأمريكية. فهذان الرمزان (الفيل والحمار) ليسا مجرد تمثيل بسيط؛ بل يعبران عن فلسفة سياسية ومواقف أيديولوجية محددة. ويعبران عن أهداف المرشحين الذين ينتمون إلى أحد هذين الحزبين السياسيين الديمقراطي والجمهوري منذ عام 1853.

يتتبع هذا التقرير جذور هذه الرموز، ويسلط الضوء على كيفية نشأتها وتطورها، ويبين كيف يستخدمها الحزبان في حملاتهما الانتخابية المعاصرة للتواصل مع الناخبين والتأثير على الرأي العام.

وتظهر في كل دورة انتخابية رسوم للحمير والأفيال في الرسوم الكاريكاتورية السياسية، ودبابيس الحملات الانتخابية، والميمات على الإنترنت.

 

الحمار – الحزب الديمقراطي

 

بدأ استخدام الحمار كرمز للحزب الديمقراطي في أوائل القرن 19، تحديداً خلال حملة أندرو جاكسون الانتخابية عام 1828. في ذلك الوقت، أطلق خصوم جاكسون عليه لقب “جاكاس” (حمار)، في محاولة للسخرية منه. بدلاً من أن يتجاهل جاكسون هذا الهجوم، تبنى الحمار كرمز له، معتبراً أنه يعبر عن الثبات والعمل الدؤوب. لاحقاً، أصبح الحمار رمزاً شائعاً في الرسوم الكاريكاتورية السياسية التي تمثل الديمقراطيين.

واستمر استخدام الحمار كرمز للحزب الديمقراطي في التطور على مر العقود، ليصبح رمزاً معترفاً به على نطاق واسع. في نهاية المطاف، ساهم الفنان توماس ناست في تعزيز هذا الرمز من خلال رسوماته الكاريكاتورية الشهيرة التي نشرت في مجلة “هاربرز ويكلي” في أواخر القرن 19، مما ساعد في ترسيخ الحمار كرمز رسمي للحزب الديمقراطي.

 

الفيل – الحزب الجمهوري

 

أما الفيل، فقد بدأ استخدامه كرمز للحزب الجمهوري في أواخر القرن التاسع عشر. يعود الفضل في ذلك أيضاً إلى رسومات توماس ناست. في رسم كاريكاتوري نشر في مجلة “هاربرز ويكلي” عام 1874، صور ناست الفيل كممثل للحزب الجمهوري، معبراً عن القوة والصلابة.

الفيل كان يُنظر إليه على أنه رمز للقوة والاستقرار، وهو ما يتماشى مع القيم التي يسعى الحزب الجمهوري إلى تعزيزها. منذ ذلك الحين، تبنى الجمهوريون الفيل كرمز لهم، وأصبح يظهر بشكل متكرر في الحملات الانتخابية والمواد الدعائية الخاصة بالحزب.

بهذا، أصبح الحمار والفيل جزءاً لا يتجزأ من الهوية السياسية للحزبين، محملين بالمعاني التاريخية والسياسية التي تجسد قيم ومبادئ كل حزب.

 

معنى الرمزين

يعبر كل من الحمار والفيل عن فلسفة سياسية وجمهور انتخابي مختلف. الحمار الديمقراطي يعكس التزام الحزب بحقوق الفئات العاملة والطبقة المتوسطة والدعوة إلى الإصلاحات الاجتماعية. من ناحية أخرى، الفيل الجمهوري يرمز إلى القوة الاقتصادية والدفاع عن القيم التقليدية والسياسات المحافظة.

 

معنى الحمار – الحزب الديمقراطي

والحمار، الذي بدأ كرمز للحزب الديمقراطي من خلال السخرية، تطور ليحمل معاني أعمق ودلالات إيجابية. يمثل الحمار الصبر، المثابرة، والقدرة على التحمل. الديمقراطيون يرون في الحمار رمزاً للتواضع والعمل الجاد والقدرة على مواجهة التحديات بشجاعة. الحمار كحيوان معروف بأنه ذو طبيعة عنيدة، وهذا يعكس أحياناً إصرار الحزب الديمقراطي على التمسك بمبادئه والدفاع عن القضايا التي يؤمن بها حتى في وجه المعارضة الشديدة.

 

معنى الفيل – الحزب الجمهوري

 

الفيل، الذي أصبح رمزاً للحزب الجمهوري بفضل رسومات توماس ناست، يمثل القوة، الثبات، والعزيمة. يُنظر إلى الفيل على أنه حيوان قوي وكبير، يعبر عن القوة الاقتصادية والعسكرية التي يفتخر بها الحزب الجمهوري. الفيل كرمز يعكس أيضاً فكرة النظام والانضباط، وهي قيم يروج لها الحزب الجمهوري في سياساته وبرامجه. الفيل يتمتع بذاكرة قوية، وهذا يرمز إلى الاستمرارية والتفاني في الحفاظ على التقاليد والقيم التي تشكل أساس الحزب الجمهوري.

 

تأثير الحمار – الحزب الديمقراطي

في السياسة الحديثة، يلعب شعار الحمار دوراً مهماً في تعزيز الهوية الحزبية للحزب الديمقراطي. يعتبر الحمار رمزاً يعبر عن قيم الحزب مثل العمل الجاد، الحقوق الاجتماعية، والتزامه بالعدالة الاقتصادية.

ويستخدم الحزب الديمقراطي شعار الحمار بشكل متكرر في الحملات الانتخابية، على اللافتات، الملصقات، والإعلانات الرقمية. يعزز هذا الاستخدام من الهوية البصرية للحزب ويساعد على تعزيز الارتباط العاطفي بين الناخبين والشعار.

ويعكس الحمار صورة الحزب الديمقراطي كحزب يعمل من أجل الفئات العاملة والطبقة المتوسطة، مما يساعد في بناء سمعة الحزب كمدافع عن القضايا الاجتماعية. كما أن وجود الشعار في الحملات يعزز من التواصل بين الحزب وناخبيه، ويساعد على تجسيد القيم التي يدافع عنها الحزب.

ويعزز الحمار من الهوية الحزبية من خلال تكرار استخدامه في مختلف المناسبات السياسية والاجتماعية، مما يساهم في تثبيت صورة الحزب في ذهن الناخبين والمجتمع.

 

تأثير الفيل – الحزب الجمهوري

 

بالنسبة للحزب الجمهوري، يمثل شعار الفيل رمزاً قوياً يعبر عن القوة، الثبات، والقدرة على القيادة. يعزز الفيل من سمعة الحزب كحزب محافظ يركز على القيم التقليدية والقوة الاقتصادية.

يستخدم الحزب الجمهوري الفيل بشكل بارز في حملاته الانتخابية كرمز للقوة والعزيمة. يظهر الفيل على اللافتات، المطبوعات، والمواقع الإلكترونية، مما يسهم في تعزيز صورة الحزب كجهة تركز على الأمان والاستقرار.

يعكس الفيل أيضاً صورة الحزب الجمهوري كحزب قوي ومتين، مما يساعد في جذب الناخبين الذين يفضلون الاستقرار والقدرة على القيادة. هذا يعزز من ارتباط الناخبين بالحزب كخيار موثوق في القضايا الاقتصادية والدفاعية.

كما يساهم الفيل في تعزيز الهوية الحزبية من خلال ظهوره المستمر في الحملات الإعلامية والمناسبات السياسية، مما يساعد في بناء صورة الحزب كقوة موثوقة في السياسة الأمريكية.

وكالات

مقالات مشابهة

  • مخيم جباليا “هيروشيما” غزة التي يدمرها الاحتلال الإسرائيلي
  • “صنع إمبراطوريات وعائلات كبيرة”.. الطرابلسي عن تهريب الوقود
  • الصين تهنئ ترامب وتأمل في “تعايش سلمي” مع الولايات المتحدة
  • الانتخابات الأمريكية 2024.. أبرز الولايات التي يتفوق فيها ترامب على هاريس
  • انتخابات الرئاسة الأمريكية.. تعرف على أبرز الولايات التي يتفوق فيها ترامب على هاريس
  • نيويورك تايمز: الصراع بين إسرائيل وحزب الله يشكل خطرًا كبيرًا على أمريكا
  • ما هي الولايات السبع المتأرجحة التي ستحدد الفائز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية؟
  • ما هي قصة “الحمار والفيل” اللذين يحكمان الولايات المتحدة منذ عقود؟!
  • ما قصة “الحمار والفيل” اللذين يحكمان الولايات المتحدة منذ عقود؟
  • الانتخابات الأمريكية 2024.. ما هي الولايات السبع المتأرجحة التي ستحدد الفائز؟