ما دلالات تعليق تركيا التعاون الطاقي مع إسرائيل؟
تاريخ النشر: 1st, November 2023 GMT
في تطوّر لافت قررت تركيا الأسبوع الماضي تعليق خططها واتفاقياتها المشتركة مع إسرائيل في مجال الطاقة، وذلك بالتزامن مع إلغاء وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار زيارته إلى تل أبيب.
ويعدّ التعاون الطاقي أحد أبرز محركات ودوافع توقيع اتفاقية التطبيع بين البلدين عام 2016، لكنّ امتناع إسرائيل آنذاك عن تقاسم تكلفة مدّ خطوط أنابيب الغاز الإسرائيلي التي كان من المخطط نقلها إلى أوروبا عبر تركيا، أدى إلى تأجيل تنفيذ المشروع.
وتشير التقارير إلى أن إسرائيل لديها نحو 750 مليار متر مكعب من احتياطيات الغاز المؤكدة وحوالي 50 مليون برميل من النفط، وتخطط لنقل نحو 10 مليارات متر مكعب سنويا من حقل غاز ليفياثان إلى السوق الأوروبية.
وتوضح الدراسات أن تركيا هي الممر الأنسب والأقل تكلفة بالنسبة لإسرائيل، رغم وجود بدائل تتمثل باليونان أو مصر أو المنشآت العائمة للغاز الطبيعي المسال.
الوزير التركي بيرقدار ألغى زيارته إلى إسرائيل بسبب العدوان على قطاع غزة (وكالة الأناضول) الأسباب والحيثياتوتعود أسباب القرار التركي إلى عوامل عديدة تضاف إلى تصاعد العدوان على قطاع غزة.
يقول رئيس قسم الاقتصاد الإسلامي في جامعة صباح الدين زعيم بإسطنبول الدكتور عبد المطلب أربا، إن تركيا حرصت خلال الفترة الأخيرة على إقامة علاقات إيجابية مع دول المنطقة، بما في ذلك إسرائيل، لأهداف اقتصادية، خاصة في منطقة البحر المتوسط الذي يحظى بأهمية كبيرة في ربط خطوط الطاقة العالمية.
ويبين أربا في حديثه للجزيرة نت، أنّ أنقرة كانت تريد مشاركة إسرائيل في مشاريع عديدة تخص التنقيب عن الطاقة وإنتاجها ومن ثم تصديرها.
ويشير إلى أن تركيا لم تكن تتوقع حدوث عملية "طوفان الأقصى" التي قادتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وحاولت في البداية التريّث والدعوة إلى التهدئة والتزام الحياد، لكن الأمور تغيّرت بعد ذلك حيث تمادت إسرائيل في عدوانها على الفلسطينيين.
ويضيف أربا أن تركيا عمدت لأخذ موقف قوي تجاه إسرائيل، فجمّدت التعاون مع إسرائيل في مجال الطاقة، وليس إلغاء، لأن فلسطين خط أحمر بالنسبة لتركيا سياسيا واجتماعيا، وهي رسالة إلى احتجاجات الشعب التركي المساندة لفلسطين، وكذلك رسالة إلى إسرائيل بأن تركيا غير راضية عما يجري.
ومن المتوقع أن تحصل هناك توازنات اقتصادية جديدة في المنطقة، بحسب أربا، لأن هناك حربا اقتصادية بموازاة الحرب العسكرية القائمة، وأن تركيا لديها علاقات قوية مع روسيا والصين ودول المنطقة وتستطيع أن يكون لها دور فاعل في تشكيل قواعد اللعبة.
ويحذر أربا من أن "إسرائيل تهدف إلى السيطرة على غزة والاستيلاء على حقول الغاز في السواحل المقابلة لها بالتعاون مع الإمارات ومصر وغيرهما، وذلك ضمن مخطط أميركي لإبعاد تركيا والصين وروسيا عن المشهد".
نبض الجماهيرمن جانبه، يقول أستاذ الدراسات الفلسطينية، والمتخصص في الدراسات الإستراتيجية محسن محمد صالح، إنّ صانع القرار التركي مواكب لنبض الجماهير الرافضة لسلوك إسرائيل والمذابح بحق الشعب الفلسطيني.
ويضيف صالح في حديثه للجزيرة نت، أن قرار تركيا تعليق اتفاقيات نقل الغاز، سيعود بالضرر على إسرائيل لكون الخيار التركي هو الأنسب والأقل تكلفة، وفي المقابل فإن الموقف التركي -وإن كانت فيه خسائر اقتصادية- لكنه عبّر عن التضامن مع الحالة الفلسطينية.
ويؤكد أن تركيا لا تملك إلا أن تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني، لا سيّما أن قضية فلسطين وقضية القدس والأقصى حساسة وأصيلة في الوجدان التركي الشعبي.
سفينة حفر للتنقيب عن مكامن الطاقة في البحر المتوسط (وكالة الأناضول) تداعيات قرار التعليقويتوقع مراقبون أن يؤدي تعليق تركيا تعاونها مع إسرائيل في مجال الطاقة إلى مزيد من التوتر بين الجانبين، لكنه لن يمس المصالح الاقتصادية الأخرى.
ويقول الباحث الاقتصادي المتخصص في شؤون النفط والطاقة عامر الشوبكي، إن غزة دائما كانت هي سبب في توقف تطور العلاقات ما بين تركيا وإسرائيل، وهذا حدث في الماضي عندما استهدفت إسرائيل سفينة "مافي مرمرة" التركية التي كانت بطريقها لغزة لكسر الحصار عام 2010، ما أدى لاستشهاد 10 أتراك.
ويعرب الشوبكي في حديثه للجزيرة نت، عن اعتقاده بأن "إعلان تركيا توقيف تعاونها في مجال الطاقة، هدفه معاقبة إسرائيل على موقفها وحربها على غزة، وهذا الأمر يحمل في طياته كثيرا من التداعيات، بعضها قد يخرج خارج نطاق العلاقات التركية الإسرائيلية، ليمتدّ إلى المصالح الأوروبية".
ويوضّح أن لدى إسرائيل خطة لبناء أنبوب غاز يمتد من حقول شرق المتوسط الإسرائيلية إلى قبرص ثم اليونان ثم إيطاليا لتزويد القارة الأوروبية، لكن هذا الأنبوب واجهته عقبات كبيرة بسبب تكاليف الإنشاء، لذلك فضّلت ربطه بالشبكة التركية المربوطة بالخطوط الأوروبية.
ويعتقد الشوبكي أن إسرائيل تفاجأت بالقرار التركي، وستحاول عرقلة خطط تركيا للتنقيب في شرق المتوسط، ويمكن أن يكون موضوع ترسيم المياه البحرية في المنطقة، عائقا أمام تركيا في المستقبل، لكن حرب غزة عطّلت كل هذه المشاريع، وبالتأكيد كانت ضربة لم يتوقعها الإسرائيليون.
من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي أحمد ذكر الله، أن قرار تعليق التعاون في مجال الطاقة لا يؤثر على العلاقات التجارية القوية بين الجانبين، إذ بلغت صادرات تركيا إلى إسرائيل العام الماضي نحو 6.4 مليارات دولار، ما جعل إسرائيل تاسع أكبر سوق للصادرات التركية، وفي المقابل بلغت صادرات إسرائيل إلى تركيا نحو ملياري دولار خلال العام ذاته.
ويرجّح ذكر الله في حديثه للجزيرة نت، أن يكون قرار تعليق التنقيب المشترك عن الغاز مؤقتا، لأن تركيا تريد أن تكون مركزا للغاز الإسرائيلي في تصديره إلى أوروبا، وذلك ضمن المساعي التركية الحثيثة لتصبح المركز الدولي الأول لتصدير الغاز من مصادره المختلفة.
لقاء جمع بين مسؤولين أتراك وإسرائيليين في نيويورك في سبتمبر/أيلول الماضي (الأناضول) سيناريوهات مستقبليةويرى المحلل السياسي إبراهيم المدهون أنّ التطور الأهمّ في العلاقة بين إسرائيل وتركيا تتمثّل في رفض أردوغان وصف حركة حماس بأنها "حركة إرهابية"، واعتبرها حركة تحرر وطني، كما رفض إدانة عملية طوفان الأقصى.
ويضيف المدهون، في حديثه للجزيرة نت، أن أردوغان أدان جرائم الحرب الإسرائيلية وطالب بتقديم مجرمي الحرب إلى العدالة، في تطور خطير بالعلاقات؛ بسبب عملية الإبادة التي قام بها الاحتلال الإسرائيلي ضد قطاع غزة.
ويلفت إلى أن هذه التصريحات تأتي في ظل تقارب إسرائيلي تركي كبير شهدته الأشهر القليلة الماضية، وتوّج بلقاء وفد برئاسة أردوغان بوفد إسرائيلي برئاسة نتنياهو وكان هناك حديث عن مشاريع متصلة.
ويستبعد المدهون أن تبادر تركيا إلى قرارات تمس التعاون الاقتصادي مع إسرائيل، لكنّ موضوع الطاقة كانت فيه أصلا إشكاليات سابقة خصوصا في النظرة إلى غاز المتوسط.
بدوره، يعتقد الباحث التركي محمد رقيب أوغلو، أن يؤدي استمرار العملية العسكرية في غزة إلى دفع تركيا لاتخاذ مزيد من الخطوات ضد إسرائيل.
ويشير رقيب أوغلو، للجزيرة نت، إلى أن الحكومة التركية تتعرض إلى ضغوط شعبية كبيرة، تدفعها إلى قطع العلاقة مع إسرائيل، خاصة مع استمرار العملية البرية في غزة واستشهاد مزيد من المدنيين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی مجال الطاقة مع إسرائیل إسرائیل فی أن ترکیا إلى أن
إقرأ أيضاً:
ضمن البرنامج الحكومي وتوجيهات نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة وزير النفط ..
شبكة انباء العراق ..
وكيل الوزارة لشؤون التوزيع : مشاريع الوزارة تهدف إلى زيادة الانتاج واستثمار الغاز وإيقاف استيراد المشتقات النفطية .
اكد وكيل وزارة النفط لشؤون التوزيع السيد علي معارج ان وزارة النفط تعمل وفق خطط ومشاريع ستراتيجية لتحقيق أهداف تندرج في اولا زيادة الانتاج ، وثانيا استثمار الغاز والوصول إلى تصفير (الفلير) من خلال إيقاف حرق الغاز خلال السنوات الخمسة القادمة ، وثالثا إيقاف عملية استيراد المشتقات النفطية ، جاء ذلك خلال حضوره مؤتمر الطاقة نيابة عن السيد نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة وزير النفط السيد حيان عبدالغني والذي عقد ببغداد برعاية وحضور رئيس مجلس الوزراء المهندس محمد شياع السوداني ونظمته منصة الطاقة اليوم الثلاثاء.
وقال السيد الوكيل ان الحكومة قدمت دعمها لوزارة النفط من خلال البرنامج الحكومي عبر تضمين أهداف أساسية تتلخص بعدة محاور أهمها ، محور زيادة الطاقة الانتاجية ،مشيرا انه وخلال السنتين الماضيتين تحققت طفرات نوعية بزيادة الطاقة الانتاجية عبر تطوير الحقول النفطية بفضل الدعم الكبير للسيد رئيس مجلس الوزراء ، مما دفع الوزارة لتخطي التحديات التي كانت تواجه عملية التطوير ، ومنها تنفيذ إحالات جولة التراخيص الخامسة التي توقفت اجراءاتها لمدة أربعة سنوات ،وتلاها إطلاق جولتي التراخيص الخامسة التكميلية والسادسة ، فضلا عن احالة تطوير حقل ارطاوي للتطوير ، والمتمثل باربعة عقود لمشاريع مهمة لزيادة انتاج النفط في الحقل ،واستثمار الغاز ،ومشروع ماء البحر ومشروع انتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية .
واضاف السيد الوكيل ان الوزارة نفذت وتنفذ اكثر من مشروع في عهد الحكومة الحالية أهمها مشروع البصرة المتكامل وهذا المشروع يعد مشروعا متكاملا ينفذ لأول مرة بالعراق وهو مشروع متمثل بعملية استخراج النفط والتصفية والبتروكيمياويات والكهرباء والصناعات التحويلية مثل الأسمدة وغيرها ، ومشروع تنمية الغاز المتكامل مع شركة توتال ومشروع الناصرية ومشروع القيارة.
واشار معارج أن الهدف الثاني لبرنامج الحكومة وخطط الوزارة هو إستثمار الغاز وإيقاف حرقه نهائياً وتحققت العديد من الإنجازات في هذا المجال منها تدشين وحدة معالجة الغاز في محافظة البصرة بطاقة 200 مقمق وتدشين وحدة معالجة الغاز في محافظة ميسان في حقل الحلفاية بطاقة 300 مقمق باليوم ، وبوتيرة متصاعدة يتم الآن تنقية مشروع وحدة معالجة الغاز الثانية في البصرة ومشروع في محافظة ذي قار لتطوير ومعالجة الغاز في حقلي الناصرية والغراف ،بالإضافة إلى حقل الفيحاء بطاقة 100 مقمق باليوم وكذلك انتاج كميات من الغاز السائل والمكثفات التي يتم تصديرها للاستفادة من عائداتها المالية لدعم الاقتصاد الوطني .
وفي قطاع التصفية أوضح السيد وكيل الوزارة أن الوزارة تمكنت من إنجاز عدد من المشاريع الخاصة بزيادة الانتاج وتحسين نوعيته ، مشيرا انه تم إنجاز مشروع الوحدة الرابعة في شركة مصافي الجنوب بطاقة 70 الف برميل باليوم ،فضلا عن إنجاز وحدة التكرير في مصفى الشمال بطاقة 150 الف برميل ، ووحدة الأزمرة في مصافي الجنوب وعدد من المشاريع الأخرى التي تسعى الوزارة منها تحقيق الاكتفاء الذاتي وإيقاف استيراد المشتقات النفطية وتحديدا مادة البنزين التي لازالت الوزراة تستوردها بكميات اقل بكثير من الأعوام السابقة ، مشيرا ان الوزارة أوقفت استيراد مادتي النفط الأبيض وزيت الغاز .
واضاف السيد الوكيل ان هناك مخططات واهداف أخرى لوزارة النفط تتمحور بالمساهمة الفاعلة في المحافظة على البيئة من خلال تقليل الانبعاثات وبما تسمى بتقليل البصمة الكاربونية وهذا تحقق عندما يتم الاستثمار الأمثل للغاز والتقليل من حرقه وتطوير مشاريع التكرير والتصفية وفق المواصفات يورو 5 ،بالنتيجة فان الوزارة ماضية في عمليات تقليل الانبعاثات والبصمة الكاربونية وبالتالي الحفاظ على البيئة وتنفيذ التزامات العراق بهذا الشأن .
واشار السيد الوكيل إلى مساهمات الوزارة في مشروع طريق التنمية عبر تشكيل فريق عمل مع الوزارات المعنية لتحديد مسار هذا الطريق وعدم تقاطعه مع المحركات النفطية لتسهيل مرور الطريق ،مشيرا ان مع مسار الطريق يتحقق فائدة فنية لوزارة النفط .