بوليفيا فعلتها.. ماذا يعني قطع العلاقات الدبلوماسية بين الدول؟ وكيف يؤثر على إسرائيل؟
تاريخ النشر: 1st, November 2023 GMT
القدس المحتلة: أعلنت بوليفيا قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل؛ بسبب استمرار العدوان الهمجي على قطاع غزة، فماذا يعني قطع العلاقات؟ وما تأثيره على دولة الاحتلال؟
نائب وزير الخارجية البوليفي، فريدي ماماني، أعلن في مؤتمر صحفي مساء الثلاثاء 31 أكتوبر/تشرين الأول، أن بلاده "قررت قطع العلاقات الدبلوماسية مع الدولة الإسرائيلية رفضاً وتنديداً بالهجوم العسكري الإسرائيلي العدواني وغير المتناسب الذي يجري في قطاع غزة".
ماذا يعني قطع العلاقات الدبلوماسية؟
أن تقيم دولة ما علاقة دبلوماسية مع دولة أخرى يعني اعترافاً من هذه الدولة بتلك، فالعلاقات الدبلوماسية هي اعتراف متبادل بين الدول بالسيادة. لكن قطع العلاقات الدبلوماسية لا يعني سحب الاعتراف بالدولة، لكن له آثار مباشرة وتداعيات قانونية على العلاقة بين الدولتين.
إذ إن قطع العلاقات الدبلوماسية هو إجراء قانوني له آثار على العلاقة التي تربط الدولتين، وفي هذه الحالة "وضع حد للعلاقات بينهما" هو الهدف المباشر لهذا القرار، وإن كان هذا هو الأثر العام لقرار قطع العلاقات. وبالإضافة إلى هذا التأثير العام، تحدث جملة من التغيرات والانعكاسات جراء قطع العلاقات على مستويات مختلفة، منها ما يتعلق بالبعثة الدبلوماسية ككل، خصوصاً على مستوى الحصانة التي يتمتع بها أفراد البعثة، بأنواعها المتعددة، والامتيازات التي تحظى بها؛ حيث يتغير النظام الذي يحكمها بتغير علاقة الدولتين من علاقة ودية إلى علاقة غير ودية، بحسب ما تنص عليه بنود القانون الدولي التي تنظم العلاقات بين الدول.
وتختلف تداعيات وآثار قطع العلاقات الدبلوماسية بين دولتين باختلاف مسببات القرار، فهناك حالة الحرب مثلاً بين الدولتين، والتي قد ينتج عنها اتخاذ قرار من أحد الطرفين أو من كليهما، بقطع العلاقات الدبلوماسية بعد اندلاع الحرب. لكن قد يكون قرار قطع العلاقات الدبلوماسية غير مرتبط بوجود حالة حرب بين الدولتين، كما هو الحال في القرار البوليفي بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، حيث لا توجد حالة حرب بين الدولتين.
وحتى يتم قطع العلاقات الدبلوماسية بين دولتين، لابدَّ بالضرورة أن يكون لتلك العلاقات وجود من الأساس. ففي حالة أغلب الدول العربية مع إسرائيل، لا توجد علاقات رسمية من الأساس ولا تعترف تلك الدول العربية بإسرائيل كدولة. وينطبق هذا التوصيف القانوني على الدول العربية باستثناء مصر والأردن والسلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس والإمارات والبحرين والمغرب والسودان.
التنفيذ الأول لقرار قطع العلاقات الدبلوماسية يتمثل في طرد البعثة الدبلوماسية للبلد الذي وقع عليه القرار واستدعاء البعثة الدبلوماسية من ذلك البلد من جانب الدولة التي قررت قطع العلاقات، أي إن بوليفيا بقرارها قطع العلاقات مع إسرائيل تكون قد قررت عملياً طرد السفير الإسرائيلي وجميع العاملين في السفارة الإسرائيلية لديها ورفعت عنهم الحصانة بأنواعها ولم يعد مبنى السفارة والقنصليات، إن وُجدت، خاضعاً للحماية التي يضمنها القانون الدولي. وفي الوقت نفسه، تستدعي بوليفيا سفيرها والعاملين في بعثتها الدبلوماسية لدى إسرائيل ويتم إغلاق السفارة.
ولقرار قطع العلاقات الدبلوماسية آثار أخرى على الاتفاقيات بأنواعها بين البلدين صاحبة الشأن، سواء كانت اتفاقيات اقتصادية بأنواعها أو اتفاقيات سياسية أو عسكرية أو ثقافية أو غيرها، فالعلاقات بين البلدين لم تعد موجودة، وبالتالي تحولت الأمور إلى حالة من العداء المعلن، حتى وإن لم تتحول إلى حالة الحرب، كما في حالة بوليفيا.
ومن ناحية تصنيف الإجراءات التي يمكن اتخاذها بين الدول في حالة وجود نزاعات أو خلافات، نجد أن قطع العلاقات الدبلوماسية هو قمة سلم تلك الخطوات من حيث الخطورة والجدية ولا يتم اتخاذه عادة إلى لأسباب جادة وخطيرة؛ إذ إن هناك خطوات أخرى تعتبر أقل حدة، مثل طرد السفير أو البعثة الدبلوماسية بأكملها أو استدعاء السفير لدى تلك الدولة للتشاور، دون أن يتم قطع العلاقات الدبلوماسية.
لذلك نادراً ما يتم اتخاذ قطع العلاقات الدبلوماسية بين الدول، إلا في الحالات الصارخة، وهو ما وجدت بوليفيا أنه ينطبق على ما ترتكبه إسرائيل من عدوان صارخ بحق المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة.
لماذا قطعت بوليفيا العلاقات مع إسرائيل؟
بوليفيا هل أول دولة في العالم تعلن عن قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل بسبب عدوانها المستمر على قطاع غزة، والذي بدأ منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول عملية "طوفان الأقصى" التي قامت بها حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
و"طوفان الأقصى" هو الاسم الذي أطلقته حركة المقاومة الإسلامية "حماس" على عمليتها العسكرية الشاملة ضد جيش الاحتلال الذي يفرض حصاراً خانقاً على القطاع منذ 17 عاماً. ففي تمام الساعة السادسة صباحاً بالتوقيت المحلي في فلسطين في ذلك اليوم، شنّت "حماس" اجتياحاً فلسطينياً لمستوطنات الغلاف المحاذية لقطاع غزة المحاصر، حيث اقتحم مقاتلون من كتائب عز الدين القسام البلدات المتاخمة للقطاع، بعد أن اخترقت الجدار الحديدي وسحقت فرقة غزة التابعة لجيش الاحتلال، في ظل غطاء جوي من آلاف الصواريخ التي أُطلقت من غزة باتجاه تل أبيب والقدس ومدن الجنوب.
ووسط حالة الذعر والصدمة التي انتابت الإسرائيليين، وانتشار مقاطع فيديو وصور لدبابات ومدرعات تابعة لجيش الاحتلال، إما محروقة أو تحت سيطرة المقاومين الفلسطينيين، وأسْر العشرات من جنود جيش الاحتلال والمستوطنين، وسيطرة فلسطينية كاملة على مستوطنات، أعلنت دولة الاحتلال أنها "في حالة حرب"، للمرة الأولى منذ حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، وهو اعتراف بأن هجوم المقاومة الفلسطينية هو هجوم عسكري.
وقال الرئيس البوليفي، لويس آرسي، على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الإثنين: "نرفض جرائم الحرب التي تُرتكب في غزة. وندعم المبادرات الدولية الرامية لضمان (دخول) المساعدات الإنسانية، بما يتوافق مع القانون الدولي".
ولا يعتبر الموقف البوليفي غريباً في حقيقة الأمر، إذ سبق للدولة الواقعة في أمريكا اللاتينية أن فعلت الشيء نفسه ولنفس السبب أيضاً. ففي عام 2009، أعلنت بوليفيا عن قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، احتجاجاً على عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة في ذلك العام.
وظلت العلاقات بين بوليفيا وإسرائيل مقطوعة حتى قبل سنوات فقط، أي عام 2020، عندما أعادت حكومة رئيسة البلاد المؤقتة المنتمية لليمين، جنين أنييس، تلك العلاقات.
ماذا عن موقف كولومبيا وتشيلي وفنزويلا؟
قرار بوليفيا قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل يعكس بشكل عام الموقف في قارة أمريكا اللاتينية، بحسب ما رصده تقرير لموقع Middle East Eye البريطاني عن حالة التضامن مع فلسطين والتي تتناقض بشكل صارخ مع موقف الغرب، وبخاصة إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الداعم بشكل صارخ لإسرائيل.
فقد قامت كولومبيا وتشيلي وفنزويلا باستدعاء سفرائها لدى دولة الاحتلال للتشاور، وهي خطوة أقل حدة من قطع العلاقات الدبلوماسية وإن كانت تعبيراً قوياً عن الاحتجاج، ودليلاً على أن علاقات تلك الدول مع إسرائيل تمر بفترة توتر حادة.
إذ نددت الدول الثلاث الواقعة في أمريكا الجنوبية بالهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة وأدانت مقتل المواطنين الفلسطينيين، ودعت الدول الثلاث إلى وقف إطلاق النار، وحثَّت على مرور المساعدات الإنسانية إلى القطاع، متهمةً إسرائيل بانتهاك القانون الدولي.
ووصف الرئيس الكولومبي جوستابو بيترو الهجمات في منشور على موقع "إكس" للتواصل الاجتماعي بأنها "مذبحة للشعب الفلسطيني".
الموقف نفسه تقريباً عبَّرت عنه دول أخرى مجاورة في أمريكا اللاتينية، مثل المكسيك والبرازيل، حيث نادت كل منهما بوقف إطلاق النار، وقال الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الجمعة الماضي: "ما يحدث الآن هو جنون من رئيس وزراء إسرائيل الذي يريد محو قطاع غزة".
موقف غالبية دول أمريكا اللاتينية يأتي متسقاً مع الرأي العام الشعبي في تلك الدول، حيث تحظى فلسطين بدعم كبير بشكل عام، على عكس الموقف في الدول العربية التي لم يقدم أي منها على طرد سفراء الاحتلال على الأقل.
المصدر: شبكة الأمة برس
إقرأ أيضاً:
ماذا تريد إسرائيل من سوريا؟
قال سيث فرانتزمان، زميل مساعد في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات الأمريكية، إن إسرائيل تركز بشكل متزايد على التطورات في سوريا.
وخلال الشهر الماضي، راقب المسؤولون الإسرائيليون عن كثب التغيرات التي تحدث في دمشق وجنوب سوريا بالقرب من الحدود الإسرائيلية.
وصرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في أواخر فبراير (شباط) بأن إسرائيل تطالب "بإزالة السلاح بالكامل من جنوب سوريا في محافظات القنيطرة ودرعا والسويداء من قوات النظام الجديد".
وأضاف الكاتب في مقاله بموقع مجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية: أبدت إسرائيل اهتماماً بالدروز، فأكد نتانياهو أن إسرائيل "لن تتسامح مع أي تهديد للطائفة الدرزية".
ولدعم سياسة إسرائيل، قام رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجديد، إيال زمير، بزيارة مرتفعات الجولان في 9 مارس (آذار).
وفي إطار التوسع العسكري، التقى زمير برئيس فرقة الجيش الإسرائيلي المسؤولة عن حدود الجولان مع سوريا.
كما زار مواقع الجيش الإسرائيلي على طول ما يسمى بـ"منطقة الفصل" مع سوريا، وهي خط وقف إطلاق النار الذي يعود تاريخه إلى عام 1974.
ومع ذلك، دفعت إسرائيل إلى منطقة عازلة على طول هذا الخط منذ سقوط نظام الأسد في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وأنشأ الجيش الإسرائيلي مواقع جديدة في المنطقة العازلة وعلى قمة جبل حرمون، القمة الجبلية التي تطل على جنوب سوريا وشمال إسرائيل ولبنان. واستولت القوات الإسرائيلية على الجانب السوري من الجبل في 8 ديسمبر (كانون الأول).
مع سقوط الأسد، انتهزت إسرائيل فرصة الفراغ في سوريا، ووجهت ضربات للمعدات العسكرية للنظام السوري السابق، مثل المطارات والمروحيات.
وصعدت إسرائيل لهجتها مؤخراً، ففي 9 مارس (آذار)، نشرت وزارة الخارجية الإسرائيلية على وسائل التواصل الاجتماعي صورة لرئيس سوريا الجديد، أحمد الشرع، مرفقة بتعليق: "الجهاديون في البدلات ما يزالون جهاديين. المذبحة في سوريا تثبت ذلك".
وجاء بيان الوزارة في أعقاب القتال في مدينة اللاذقية السورية حيث قُتل العديد من المدنيين، وبدأ القتال بهجمات على قوات الأمن السورية من قبل مسلحين موالين للأسد، تلاها انتقام من جماعات مسلحة مرتبطة بالحكومة السورية الجديدة، مما أسفر عن سقوط مئات القتلى معظهم من الطائفة العلوية.
What Does Israel Want With Syria? https://t.co/uS9fxMkC8B
by @sfrantzman via @TheNatlInterest
"As Syria faces continued conflict, Israel may be planning a wider confrontation with the new government."
وكتب وزير الشتات ومكافحة معاداة السامية في إسرائيل، عميحاي شيكلي، أن "إسرائيل ستتصرف لحماية الأقلية الدرزية في المناطق القريبة من حدودها، ويجب بذل الجهود للدفاع عن جميع الأقليات في سوريا، مع التركيز على الأكراد، من أي إبادة يقترفها جهاديو هيئة تحرير الشام".
إسرائيل وحذرها من هيئة تحرير الشاموتستهدف إسرائيل الرئيس السوري الشرع وهيئة تحرير الشام، وهي الجماعة الدينية التي وصلت إلى السلطة في دمشق بعد هزيمة قوات نظام الأسد. وعملت هيئة تحرير الشام على توطيد سيطرتها وتوحيد جماعات المعارضة السورية السابقة الأخرى لإنشاء حكومة انتقالية. وتمثل إدانات إسرائيل لدمشق وقرارها بفرض نزع السلاح في جنوب سوريا تحدياً محتملاً للشرع، وتوضح أيضاً أن إسرائيل مستعدة لتكون أكثر عدوانية، إذ نفذت إسرائيل عمليات عسكرية في سوريا على مر السنين، كان الكثير منها سرياً.
وخلال الحرب الأهلية السورية، نفذ الجيش الإسرائيلي ضربات متكررة على تهريب الأسلحة الإيرانية في البلاد.
وعندما سقط نظام الأسد، بدا الأمر وكأنه أخبار جيدة لإسرائيل، إذ سهل النظام دعم إيران لحزب الله.
ومع ذلك، لم تحدث فترة شهر عسل بين إسرائيل والسلطات الجديدة في دمشق، إذ تتطالب إسرائيل بنزع السلاح من الجنوب، وفي الوقت الحالي، قد لا تتحدى الحكومة السورية هذا المطلب، فقوات الأمن التابعة للشرع تتكون من رجال بأسلحة خفيفة ومركبات ذات طابع مدني مثل شاحنات البيك أب التي أعيد استخدامها للاستخدام العسكري. باختصار، لا يوجد حتى الآن جيش يتصدى لإسرائيل.