بينما تعمل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على منع التصعيد الإقليمي في الحرب المستمرة بين إسرائيل وغزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ينبغي لها أن تدرك اختلافا رئيسيا واحدا عن الصراعات السابقة، وهو أن جيران إسرائيل، وخاصة مصر والأردن ولبنان،  يمرون بوضع اقتصادي أكثر خطورة مما سبق.

تلك القراءة طرحها جوش ليبسكي، في تحليل بموقع "المجلس الأطلسي" الأمريكي للأبحاث (Atlantic Council) ترجمه "الخليج الجديد"، مضيفا أن "مؤشر البؤس لهذه البلدان أصبح اليوم أعلى من أي وقت مضى منذ عام 2000".

وتابع أن "معدل التضخم ارتفع في مصر إلى 38% في سبتمبر/أيلول الماضي، واحتياطياتها من العملة (الأجنبية) تجف بسرعة، فيما شهد لبنان تضخما ثلاثي الأرقام على مدى السنوات الثلاث الماضية ويعاني اقتصاده بأكمله من أزمة، وفي حين أن الأردن نسبيا أفضل حالا، لكن البطالة بلغت مستوى مرتفع جديد هو 22% في 2023".

وزاد بأنه "رغم أن بؤر التوتر الماضية فرضت تحديات على جيران إسرائيل، إلا أنهم لم يضطروا إلى مواجهة خطر الركود أو ما هو أسوأ من ذلك؛ ما يعني أن فن الحكم الاقتصادي، الذي تمارسه الولايات المتحدة وشركاؤها، يمكن أن يكون فعالا بشكل خاص في إدارة الأزمة الحالية"، في إشارة إلى إمكانية التأثير على سياسات هذه الدول الخارجية عبر الملف الاقتصادي.

اقرأ أيضاً

ماذا طلبت من مصر؟.. حماس: موقف السلطة مخز وننتظر الكثير من حزب الله

صعوبات اقتصادية

"حاليا، يركز صناع السياسات على كيفية الحد من تورط إيران في الصراع من خلال فن الحكم الاقتصادي السلبي مثل العقوبات"، كما تابع ليبسكي.

واستدرك: "ولكن إدارة الحكم الاقتصادي تتسم بجانب إيجابي أيضا، ويتألف من السياسات التي تكافئ البلدان على السلوك المرغوب فيه. ومن الممكن أن تكون هذه الحوافز فعالة بشكل خاص في ضوء الصعوبات الاقتصادية التي يواجهها جيران إسرائيل".

وأردف: مثلا، يوجد حاليا برنامج متوقف لصندوق النقد الدولي بقيمة 5 مليارات دولار، وتسعى القاهرة بشدة إلى الحصول على جزء من هذه الأموال".

واستطرد: "وكان من المفترض أن يحصل الأردن على قرض بقيمة 100 مليون دولار من اليابان لتطوير شبكته الكهربائية. وقبل 7 أكتوبر، التزمت فرنسا  بأكثر من 30 مليون يورو كمساعدات مالية للبنان (لكنها لم ترسل المبلغ بالكامل بعد)".

اقرأ أيضاً

خبراء: حرب غزة تهدد بفوضى اقتصادية في مصر ولبنان والأردن

حدود للضغط

ليبسكي قال إنه "توجد العشرات من الأدوات المالية المماثلة التي يمكن أن يستخدمها الغرب في الأيام المقبلة للحصول على مزيد من التعاون بشأن (فتح) معبر رفح للإغاثة الإنسانية".

وبالفعل، تفتح مصر من جانبها معبر رفع البري أمام قوافل مساعدات إنسانية تدخل غزة يوميا، في ظل كارثة إنسانية جراء العدوان الإسرائيلي، الذي خلَّف آلاف الشهداء.

كما يمكن باستخدام الأدوات المالية "إعادة عقد قمة القادة العرب الملغاة في عمان  مع الرئيس بايدن، وإرسال إشارة ردع إلى حزب الله (في لبنان) لتجنب التصعيد في سوريا (ضد إسرائيل)"، كما أردف ليبسكي.

وهذه القمة كانت مقررة في 19 أكتوبر الماضي، لكن في مساء اليوم السابق، قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي المستشفى الأهلي (المعمداني) في غزة؛ مما أسفر عن استشهاد أكثر من 470 فلسطينيا، وأدى إلى إلغاء القمة.

وتابع ليبسكي: "إذا كانت هناك لحظة للاستفادة من التأثير المشترك للدولار والجنيه الاسترليني واليورو والين، فهذه هي اللحظة المناسبة، لكن توجد حدود لهذا النهج، والتي ينبغي لإدارة بايدن أن تضعها في الاعتبار أيضا".

ولفت إلى أنه "في 1956، أبلغ وزير الخارجية الأمريكي جون فوستر دالاس الرئيس المصري جمال عبد الناصر بأن الولايات المتحدة ستسحب دعمها المالي البالغ 70 مليون دولار (نحو 800 مليون دولار بقيمة اليوم) لبناء سد أسوان (السد العالي) على نهر النيل".

وزاد بأن "دالاس كان منزعجا من اعتراف مصر رسميا بالحكومة الصينية الشيوعية الجديدة في بكين (وتخليها عن القوميين في تايوان)، وكان يعتقد أن الاقتصاد المصري ضعيفا جدا لدرجة أن المصريين لن يستطيعوا بناء السد دون دعم أمريكي".

"لكنه كان على خطأ، إذ تدخل السوفييت، وقام عبد الناصر، الذي اكتسب المزيد من الجرأة، بتأميم قناة السويس؛ ما أدخل المملكة المتحدة وفرنسا وإسرائيل في حرب (ضد مصر عام 1956)."، كما ختم ليبسكي.

اقرأ أيضاً

من القاهرة.. السيسي وملك الأردن يحذران من انفجار المنطقة ويعلنان رفض تهجير أهالي غزة

المصدر | جوش ليبسكي/ المجلس الأطلسي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: أمريكا إسرائيل حرب غزة مصر الأردن لبنان

إقرأ أيضاً:

رئيسة البنك المركزي الأوروبي: الرسوم الجمركية نقطة تحول بمسيرتنا نحو الاستقلال الاقتصادي

أكدت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، أن الرسوم الجمركية المرتقبة تمثل نقطة تحول في مسيرة أوروبا نحو تحقيق استقلالها الاقتصادي، مشددة على ضرورة تعزيز الاكتفاء الذاتي في مجالات الدفاع وإمدادات الطاقة لمواجهة التحديات الجيوسياسية والاقتصادية المتزايدة.  

وفي هذا السياق، شدد المستشار الألماني، أولاف شولتز، على أن الاتحاد الأوروبي مستعد للرد على هذه الرسوم بجبهة موحدة، في حين أعلنت الحكومة البريطانية أنها تستعد لكافة السيناريوهات المحتملة، مشيرة إلى استمرار المحادثات مع واشنطن لتجنب تداعيات القرارات التجارية الجديدة.  

من جانبها، أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، أن الاتحاد الأوروبي لديه خطة قوية لمواجهة الرسوم الأمريكية لكنه يفضل التفاوض للوصول إلى حل مشترك، مشيرة إلى أن أوروبا، مثل الولايات المتحدة، تعاني أيضاً من ثغرات في قواعد التجارة العالمية وتسعى لتعزيز قطاعها الصناعي. 
 
وتأتي هذه التطورات في ظل استعداد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لفرض موجة جديدة من الرسوم الجمركية ضمن ما وصفه بـ"يوم التحرير"، حيث يسعى لفرض تعريفات متبادلة على الدول التي تفرض رسوماً على المنتجات الأمريكية. 

وتشمل قراراته الأخيرة فرض رسوم بنسبة 25 بالمئة على السيارات المستوردة، إلى جانب رسوم سابقة على الألومنيوم والصلب.  


وقد أثار القلق بشأن التداعيات الاقتصادية لهذه الإجراءات موجة من التراجع في الأسواق المالية الأوروبية، حيث انخفض مؤشر "ستوكس 600" بنسبة 1.5% وسط مخاوف المستثمرين من تأثير السياسات التجارية الجديدة. 

وتزامن ذلك مع بيانات أمريكية أظهرت انخفاض ثقة المستهلكين وتراجع الإنفاق، ما زاد من المخاوف بشأن مستقبل الاقتصاد الأمريكي.  

في غضون ذلك، أظهر استطلاع حديث لـ"بنك أوف أميركا" تحولاً في استثمارات مديري الصناديق بعيداً عن الأسهم الأمريكية، مقابل زيادة الاهتمام بأسواق منطقة اليورو، وسط توقعات بأن تحتاج الحكومات الأوروبية إلى تبني سياسات أكثر دعماً للأعمال لتعزيز النمو الاقتصادي.

 كما أدى هذا التحول إلى تراجع مكانة الدولار كملاذ آمن، في حين ارتفع الطلب على اليورو تحسباً لزيادة الإنفاق الحكومي في أوروبا، في خطوة قد تؤدي إلى تغييرات هيكلية في الأسواق المالية العالمية.

مقالات مشابهة

  • السفارة الفرنسية: انطلاق المنتدى الاقتصادي الليبي الفرنسي في طرابلس 16 أبريل
  • سب مصر.. عبد الناصر زيدان يكشف سبب اشتباكات جماهير الزمالك في جنوب أفريقيا
  • الغيامة: الناصر يبي نكلم له إيلون ماسك يجلب له حكمًا من المريخ.. فيديو
  • رئيسة البنك المركزي الأوروبي: الرسوم الجمركية نقطة تحول بمسيرتنا نحو الاستقلال الاقتصادي
  • الناصر : لا يمكن أن ننتصر على التحكيم والخصم .. فيديو
  • ألوية الناصر صلاح الدين تنعَــى الشهيدَ القائد “بدير” ونجلَه في العدوان الصهيوني على ضاحية بيروت الجنوبية
  • العليمي يغادر عدن صوب السعودية لإجراء مشاورات بشأن الوضع الاقتصادي في اليمن
  • المنطقة الاقتصادية المتكاملة بالظاهرة.. فرص واعدة للدفع بالتنويع الاقتصادي
  • بفضل النمو الاقتصادي.. توقعات بارتفاع استهلاك الصين من النفط 1.1%
  • الشعبية: إسرائيل توسع حرب الإبادة في غزة بغطاء أمريكي