“القوى الديمقراطية” ومعضلة “الدعم السريع”
تاريخ النشر: 1st, November 2023 GMT
رشا عوض
هذه المقالة هي الثانية في سلسلة مقالات تحاول المساهمة في صياغة خطاب سياسي يرجح كفة السلام المستدام في السودان، المقالة الاولى كانت بعنوان “العلاقة بين الديمقراطيين والاسلاميين.. حرب وجودية ام تفاوض على شروط التعايش السلمي”، وستكون المقالة الثالثة عن “القوى الديمقراطية ومعضلة الجيش”، والهدف الرئيس هو استكشاف “معادلة كسبية” تقنع أطراف الحرب الحالية (الحركة الاسلامية والجيش والدعم السريع) بخيار إيقاف الحرب وبناء السلام ومن ثم تأسيس فترة انتقالية ناجحة للحكم المدني الديمقراطي، وتصميم مثل هذه المعادلة يستوجب توليد إرادة ذاتية منحازة للسلام داخل هذه المؤسسات وحواضنها الاجتماعية عبر خطاب “الاستيعاب المشروط في الحياة السياسية ” بدلا من خطاب “الحرب الوجودية التي لا افق لها سوى الاستئصال النهائي لأحد الأطراف”، ولكي يحقق مثل هذا التوجه هدف “شراء المستقبل”، بمعنى ان يؤدي بالفعل الى نقل البلاد الى مربع سياسي جديد مختلف عن مربع “الاستبداد والفساد”، وبوصلته السياسية مضبوطة نحو الديمقراطية والتنمية والعدالة واستدامة السلام، كي يحقق ذلك يجب وضع الحد الفاصل بين “النهج الاستيعابي لصالح معادلة كسبية على موجة رؤية جديدة للحكم عربون مصداقيتها العدالة الانتقالية ” و”النهج الاحتيالي لصالح تسلل اجندة إعادة انتاج الاستبداد والفساد على موجة المؤامرات الإقليمية والتهرب تماما من تصفية حساب الماضي بصورة محترمة كعربون لشراء المستقبل”، فالحد الفاصل بين هذين الخيارين هو الحد الفاصل بين الجدية والعبث! بين الرغبة في التقدم الى الأمام او الاستدارة الى الخلف.
إذا كان الخطاب السياسي الموجه الى الدعم السريع هو خطاب الكراهية العنصرية الذي يجرد “قوات الدعم السريع” من سودانيتها ويصف الحرب بأنها بين الشعب السوداني وغزو أجنبي من “عرب الشتات” ويجب ان تنتهي الحرب بطرد هذه القوات من الوطن، فهذا سيجعل الحاضنة الاجتماعية لقوات “الدعم السريع” -وهي حاضنة حقيقية قوامها القبائل العربية في دارفور- سيجعلها تتعامل مع هذه الحرب كحرب وجودية لكيانها الاجتماعي، وستشعر ان هزيمة الدعم السريع تعني سقوط جنسيتها السودانية! او اضطهادها سياسيا، وهذا معناه صب البنزين على النيران المشتعلة! اما على مستوى “قوات الدعم السريع” نفسها فإن خطاب التجريد من الانتماء للسودان سوف يخرس أي اصوات عاقلة داخلها تتحدث عن المصلحة الوطنية وتبحث عن حل سلمي بجدية على اساس إنهاء وضعية تعدد الجيوش، وسوف يعلي من صوت العدوانية والانتقام وعدم الالتفات لوطن لا يعترف بهم اصلا! وبالتالي فان من شروط البحث الجاد عن السلام هزيمة أي خطاب عنصري ضد قوات الدعم السريع وعدم المساس بحقيقة انها جزء من الشعب السوداني، ومن ثم مطالبتها بدفع استحقاقات الانتماء للوطن، وفي هذا السياق يجب الجهر في وجه قيادة الدعم السريع بما هو مطلوب منها في الساحة الوطنية.
لا للمشروع المليشياوييجب التمييز بين رفض “المشروع المليشياوي” الذي يطمح للسيطرة على السلطة بالقوة لحماية امبراطورية اقتصادية أسرية خارج ولاية وزارة المالية”، والاحتفاظ الابدي بجيش تحت قيادة ذات الاسرة لحماية هذه الامبراطورية، جيش له مرجعية مستقلة تماما عن الدولة التي لا يرتبط بها الا شكليا، وبين الإقصاء العنصري الأرعن لمكونات اجتماعية كبيرة هي جزء لا يتجزأ من الشعب السوداني بسبب ان غالبية قوات الدعم السريع تنحدر منها! هذا سلوك اعمى يخدم اجندة تأجيج واطالة امد الحرب وتقسيم الوطن، هذا التمييز واجب لأن القاعدة الاجتماعية للدعم السريع نفسها يمكن اقناعها بان “المشروع المليشياوي” ضد مصالحها الاستراتيجية في فرص التنمية، ولكن لا يمكن اقناعها بالتبرؤ من ابنائها ووصفهم بالأجانب! هذا سيجعلها تستبسل في القتال خلفهم دفاعا عنهم وعن نفسها !
الحاضنة الاجتماعية لقوات الدعم السريع ممثلة في القبائل الرعوية في غرب السودان تعاني من مشاكل تنموية كبيرة شأنها شأن معظم سكان السودان، ولا مصلحة لها مطلقا في احتكار شركات مملوكة لأفراد اسرة واحدة لمناجم الذهب وشركات تسويقه بدلا من توظيف هذا المورد القومي لصالح التنمية والخدمات ولفائدة جميع المواطنين أصحاب الحق في الثروة القومية، لا مصلحة لتلك القبائل في ارياف دارفور في ان تظل المهنة الوحيدة المتاحة لأبنائها هي القتال بالوكالة في الداخل والخارج لان مناطقهم مجدبة من المشاريع التنموية والخدمية رغم انها غنية بالثروات، فلا يجدون ما يسدون به رمقهم سوى بيع دماء وارواح شبابهم في الحروب الاهلية الخائبة داخليا او في حروب ليبيا واليمن! لا مصلحة لهم في ان تكون الفرصة الوحيدة المتاحة لهم في تغيير اوضاعهم الاقتصادية للأفضل هي “رشاوى الولاء السياسي” للدعم السريع بدلا من ان ينالوا حقوقهم في التنمية باستحقاق المواطنة السودانية.
هاوية الانتصار!أكبر خطأ يمكن ان يقع فيه الدعم السريع هو اعتماده على ما حققه حتى الآن من انتصارات عسكرية في فرض وضعية شاذة على الدولة السودانية كأمر واقع، فالدولة الوطنية الحديثة لها منطقها ولها أركانها الاساسية ومنها احتكار العنف بواسطة جيش واحد، وفي هذا الإطار لكي يتحقق استقرار السودان يجب ان يقبل “الدعم السريع” بفكرة بناء الجيش الوطني المهني الواحد قبولا استراتيجيا لا قبولا تكتيكيا للمناورة السياسية، فلو افترض “الدعم السريع” انه هو الذي يجب ان يحل محل الجيش ويصبح هو جيش المستقبل فإنه ببساطة يعيد انتاج أزمة عدم التوازن المتوارثة في الجيش السوداني، وسوف يمهد لحروب قادمة، لذلك لا سبيل لطي صفحة الحروب الا بالانخراط في عملية تكوين جيش وطني مهني برؤية وطنية ومعايير فنية يحددها الخبراء، سيدخل في تكوين هذا الجيش جزء من الدعم السريع وجزء من الجيش الموجود حاليا وجزء من جيوش الحركات المسلحة بمعايير قومية، في عملية اعادة بناء للجيش يجب ان تتوافق عليها قوى السلام والتحول الديمقراطي وكل المؤسسات العسكرية الموجودة، والجيش الجديد يجب ان لا يكون نسخة معدلة من الجيش السوداني المسيطر عليه من الاسلامويين، ولا نسخة معدلة من “الدعم السريع” المسيطر عليه باسرة ال دقلو، ولا نسخة من جيوش الحركات المسلحة ، بل هو جيش سوداني بمواصفات مهنية وعقيدة وطنية ، جيش يجسد ارادة السودانيين في طي صفحة الحروب الاهلية التي يقتلون فيها بعضهم البعض ويدمرون وطنهم، وطي صفحة الاستبداد العسكري، والذي يجعل هذه المهمة ممكنة هو التواطؤ أولا على مبدأ خروج الجيش من العمل السياسي، وكل من اراد السلطة السياسية عليه ان يكون حزبا سياسيا لا ان يتوسل لها بقوة السلاح.
أقوال في انتظار الأفعال!فهل “الدعم السريع” مستعد لذلك؟ لقد أعلن الدعم السريع في السابع والعشرين من أغسطس وفي حساب قائده محمد حمدان دقلو (حميدتي) على منصة اكس(تويتر سابقا) ما أسماه “رؤية حل الأزمة السودانية بشكل شامل وتأسيس الدولة الجديدة”، وجاءت هذه الرؤية في عشرة مبادئ طالبت بنظام حكم ديمقراطي مدني، وإنشاء نظام فيدرالي، وإنهاء العنف، و”تأسيس جيش مهني جديد ينأى عن السياسة ويخضع لسيطرة المدنيين”.
وقد ورد ضمن مباديء الرؤية بالحرف الواحد “تصفية النزعات الاحتكارية للسلطة والنفوذ، سواء أكانت أيديولوجية راديكالية، أو حزبية، أو أسرية أو عشائرية” وأن السودان “يجب أن يتأسس كجمهورية حقيقية في ظل نظام ديمقراطي فيدرالي حقيقي، قائمٌ على تقاسم السلطات وتشاركها”.
لقد قرأت الرؤية المطروحة حرفا حرفا، وعلى المستوى النظري لم اختلف مع محتواها الا في نقطة واحدة هي المبدأ الذي ينص على ان “النظام الفيدرالي غير التماثلي (أو غير المتجانس)، الذي تتفاوت فيه طبيعة ونوع السلطات التي تتمتع بها الوحدات المكونة للاتحاد الفيدرالي، هو الأنسب لحكم السودان”.، هذا النص تكمن فيه مخاطر انقسام جديد عبر تمييز اقاليم بعينها بسلطات غير متاحة للاقاليم الاخرى، فقد جرب السودان هذا النوع من الفيدرالية في اتفاقية نيفاشا التي مهدت لانفصال جنوب السودان، وهذا يجب ان يكون مدخلا لحوار ونقاش جاد لان وحدة السودان اليوم على المحك أكثر من أي وقت مضى.
كيف استقبل السودانيون رؤية الدعم السريع؟استقبل الوسط السياسي والاعلامي رؤية الدعم السريع بمواقف متفاوتة تشمل التجاهل، أو التشكك، أو السخرية بل والاستنكار لان يطرح الدعم السريع رؤية اساسا نظرا لان سجله السيء في انتهاكات الحرب يجعله غير مؤهل لذلك، وكل هذه مواقف غير مفيدة وغير منتجة، فعندما تطرح قيادة قوة مسلحة تسيطر على اقاليم باكملها في البلاد رؤية سياسية للحل السلمي يتطابق محتواها الى حد كبير مع الاهداف المتوافق عليها في الوسط المدني، فيجب اخذ هذه الرؤية مأخذ الجد، وهذا لا يعني الرهان الكسول على “الدعم السريع” في تحقيق التحول المدني الديمقراطي لمجرد انه طرح ذلك نظريا، وانما يعني محاصرة الدعم السريع برؤيته وجعلها اساسا لمطالبته بالوفاء بالالتزامات اللازمة لتحقيقها ابتداء من معالجة كل ما يتناقض بنيويا مع هذه الرؤية في تركيبة مؤسسة “الدعم السريع نفسها” كما هو مفصل اعلاه، وهنا يحق للشعب السوداني ان يطالب “الدعم السريع” بخارطة طريق لتصفية النزعات الاحتكارية على اسس اسرية وعشائرية في داخله الامر الذي يقتضي ايلولة شركاته العاملة في انتاج وتسويق الذهب لوزارة المالية، ويقتضي كذلك الالتزام بأهم ضوابط الدولة الوطنية الحديثة بخصوص العلاقة بين افراد القبائل العابرة للحدود، فهذه العلاقة يجب ان تقتصر على التواصل الاجتماعي فقط ولا تتعداه الى علاقات سياسية وعسكرية عابرة للحدود!
وعندما تنص رؤية الدعم السريع بخصوص التمثيل السياسي على ان “المشاركة يجب أن لا تشمل حزب المؤتمر الوطني وعناصر النظام القديم والشخصيات التي ظلّت تعمل من أجل إعاقة التحول الديمقراطي” هنا تبرز أسئلة في غاية الأهمية عن عناصر النظام القديم داخل الدعم السريع نفسه! أليس من يقودون معارك الدعم السريع الان في مقدمتهم ضباط سابقون في الجيش السوداني وفي هيئة العمليات بجهاز الامن ومن خلفيات كيزانية كاملة الدسم وقد تم انتدابهم للدعم السريع؟ ألم ينشأ الدعم السريع أساسا في عهد الانقاذ وفي حكم المؤكد انه مخترق بعناصر النظام البائد من القمة الى القاع شأنه شأن كل مؤسسات الدولة المخترقة، وبالتالي فإن هناك خلايا كيزانية نائمة واخرى مستيقظة في الدعم السريع نفسه؟ اليس جهاز استخبارات الدعم السريع هو مجموعة منشقة من جهاز الامن الانقاذي ولها ذات الخبرة والثقافة السياسية؟ ما الذي يضمن ان لا يلعب كيزان الدعم السريع ذوي القدرات العسكرية والامنية النوعية دورا في خدمة الاجندة الكيزانية واهمها استبعاد القوى المدنية تماما من معادلة الحكم وتهميش التحول الديمقراطي؟
هذه الاسئلة تثبت ان تحقيق مدنية وديمقراطية الدولة رهين تماما للقوى السياسية صاحبة المصلحة في ذلك، وهي التي يجب عليها تنظيم الضغوط من اجل تحقيقه عبر تنظيم وتقوية صفوفها وتعظيم فاعليتها والتحامها بالجماهير واستقلالها عن القوى العسكرية جميعها، فالحرص على التفاهمات الإيجابية مع هذه القوى من اجل تحقيق السلام يجب ان يترافق مع إدراك عميق للمخاطر التي تمثلها تلك القوى بحكم طبيعتها البنيوية ونوعية مصالحها على التحول الديمقراطي الذي لن تقبل به الا تحت ضغوط حقيقية.
المدنيون وخطورة الرهان على اي قوة عسكرية لا يملكونها
العلاقة بين “الديمقراطيين” و”الإسلاميين “: حرب وجودية أم تفاوض على شروط التعايش السلمي؟
الوسومالجيش السوداني حرب السودان رشا عوض قوات الدعم السريع مفاوضات جدةالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الجيش السوداني حرب السودان رشا عوض قوات الدعم السريع مفاوضات جدة التحول الدیمقراطی قوات الدعم السریع الجیش السودانی یجب ان
إقرأ أيضاً:
الحركة الشعبية والدعم السريع- رؤى متضاربة وصراع المصير
زهير عثمان
تشهد الساحة السودانية تصاعداً في تعقيد الصراعات السياسية والعسكرية، حيث تُعتبر الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال وقوات الدعم السريع فاعلين رئيسيين في المشهد السوداني. ورغم اختلاف أهدافهما وسياقاتهما، يتشاركان النفوذ العسكري والسياسي. يُثير هذا التساؤل حول مصير البلاد إذا ما قررت الحركة الشعبية إعلان حكومة في مناطق نفوذها، وما قد يعنيه ذلك على المستويين الداخلي والإقليمي.
الفروق الأساسية بين الحركة الشعبية والدعم السريع
الأيديولوجيا والأهداف
الحركة الشعبية لتحرير السودان , تعتمد الحركة على رؤية سياسية واضحة تُعرف بـ"السودان الجديد"، التي تسعى لإعادة تشكيل الدولة السودانية على أسس المواطنة والمساواة واحترام التنوع. تهدف إلى إنهاء التهميش التاريخي لمناطق مثل جبال النوبة والنيل الأزرق.
الدعم السريع وطرحه نعلم انها تفتقر قوات الدعم السريع إلى أيديولوجيا متماسكة أو رؤية سياسية طويلة المدى. يُنظر إليها كقوة عسكرية تهدف إلى تعزيز نفوذ قيادتها، وعلى رأسها محمد حمدان دقلو (حميدتي)، مع التركيز على تحقيق مكاسب تكتيكية بدلاً من طرح مشروع وطني شامل.
القاعدة الشعبية والجغرافية
الحركة الشعبية اسست والان تمتلك قاعدة شعبية راسخة في المناطق المهمشة مثل جبال النوبة والنيل الأزرق، وتطرح نفسها كممثل للمهمشين والمظلومين في السودان.
الدعم السريع قاعدته الأساسية في دارفور مع توسع نفوذها إلى مناطق أخرى، لكنها تُعتبر أكثر ارتباطاً بالبُنى القبلية والمصالح الاقتصادية لقادتها.
الشرعية والممارسات
الحركة الشعبية بالرغم تعرضها لانتقادات في قضايا كثيرة مثل علمانية الحكم والحقوق المدنية ، إلا أنها تُعتبر فاعلاً سياسياً مشروعاً يسعى إلى تغيير بنية الدولة السودانية.
الدعم السريع يواجه انتقادات شديدة بسبب انتهاكات حقوق الإنسان واعتمادها على القوة العسكرية المفرطة في حروبها كلها .
إعلان حكومة من قبل الحركة الشعبية: السيناريوهات والتداعيات
الأثر على وحدة السودان
إعلان حكومة في مناطق نفوذ الحركة الشعبية سيُعيد إلى الأذهان تجربة جنوب السودان. قد يُعزز ذلك الشعور بانعدام الثقة بين الأطراف السودانية المختلفة، ويُؤدي إلى مزيد من الاستقطاب.
التحديات الداخلية
الاعتراف الدولي أول ما ستواجه الحركة تحدياً كبيراً في الحصول على اعتراف دولي بحكومتها.
الخدمات والبنية التحتية: تعتمد هذه المناطق على المركز في تقديم الخدمات، ما يعني أن إعلان حكومة سيضع عبئاً هائلاً على موارد الحركة.
التداعيات الإقليمية
التدخل الإقليمي وقد يدفع إعلان حكومة دول الجوار مثل إثيوبيا وجنوب السودان إلى اتخاذ مواقف متباينة، بناءً على مصالحها.
التوازنات الجيوسياسية سيُربك ذلك حسابات القوى الدولية والإقليمية لفترة وخاصة التي تسعى لاستقرار السودان.
مقارنة مع تجربة الدعم السريع
إذا كانت قوات الدعم السريع تُركز على تثبيت نفوذها داخل النظام الحالي، فإن الحركة الشعبية قد تسعى لتأسيس كيان مستقل تماماً. الفرق الجوهري هو أن الدعم السريع لا يمتلك مشروعاً سياسياً متكاملاً، بينما للحركة الشعبية رؤية تتجاوز حدود السلاح.
وفي حال أعلنت الحركة الشعبية حكومة في مناطق نفوذها، سيشكل ذلك تحولاً جذرياً في المشهد السياسي السوداني. بينما تظل احتمالات نجاحها مرتبطة بقدرتها على كسب الاعتراف الدولي والتعامل مع تحديات داخلية معقدة. ومع ذلك، يبقى الحل الأمثل هو السعي نحو تسوية سياسية شاملة تُعالج جذور الأزمات السودانية وتجنب البلاد سيناريوهات التفكك والمزيد من الصراع.
zuhair.osman@aol.com