بدء تطبيق النظام الاختياري البديل لمكافأة نهاية الخدمة
تاريخ النشر: 1st, November 2023 GMT
- النظام يدعم المنظومة الاقتصادية في دولة الإمارات ويحقق الحماية والرفاه للقوى العاملة بالدولة.
- "نظام الادخار" يعزز سهولة ممارسة الأعمال واستدامتها من خلال توفير تكلفة اشتراك منخفضة بالمقارنة مع تكلفة مكافأة نهاية الخدمة الحالية وذلك على المدى المتوسط.
- يهدف لزيادة العوائد الاستثمارية الفردية للمستفيدين وإتاحة المجال للعامل لدفع مساهمة اختيارية إضافية.
- فتح المجال للاشتراك للمواطنين العاملين في القطاعين الحكومي والخاص وأصحاب العمل المستقلين.
- تضاف هذه المبادرة إلى نظامي التأمين ضد التعطل عن العمل والتأمين على العاملين في القطاع الخاص وغيرها من مكوّنات داعمة لسوق العمل لتشكل جميعها منظومة حماية اجتماعية للقوى العاملة في الدولة.
- عبد الرحمن العور: يأتي النظام في إطار منظومة متكاملة للحماية الاجتماعية ورفاه القوى العاملة وتعزيز جاذبية وتنافسية سوق العمل.
- محمد الشرفاء: تسعى حكومة دولة الإمارات إلى تبني رؤى طموحة تهدف في المقام الأول إلى حماية وضمان حقوق جميع العاملين بالدولة والارتقاء بجودة الحياة في المجتمع.
………………………………………….
دبي في الأول من نوفمبر / وام / أعلنت وزارة الموارد البشرية والتوطين وهيئة الأوراق المالية والسلع عن بدء تطبيق النظام الذي يتم من خلاله استثمار المبالغ المخصصة لمكافأة نهاية الخدمة للموظفين العاملين في المنشآت التي تختار الاشتراك بالنظام من خلال صناديق استثمارية معتمدة من الوزارة والهيئة بهدف تنمية مدخرات الموظفين والاستفادة من عوائدها الاستثمارية، وهو الأمر الذي من شأنه تعزيز الأثر الاقتصادي لصاحب العمل والعامل ودعم المنظومة الاقتصادية في الدولة.
ويأتي ذلك تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء رقم 96 لسنة 2023 بشأن النظام الاختياري البديل لمكافأة نهاية الخدمة للعاملين في القطاع الخاص "نظام الادخار".
ويسهم "نظام الادخار" في تعزيز سهولة الأعمال وزيادة جاذبية سوق العمل للمواهب والخبرات الوطنية والعالمية بما يؤكد مكانة دولة الإمارات كإحدى أبرز الوجهات للعيش والعمل، وذلك من خلال توفير أنظمة مبتكرة تحقق الفوائد الفردية التي يطمحون للحصول عليها وضمان وحماية المستحقات المالية للعمالة وإتاحة فرص ادخارها وتنميتها وتحقيق عوائد استثمارية عليها، وكذلك الحد من عدد المنازعات العمالية بين العاملين وأصحاب العمل حول مستحقات مكافأة نهاية الخدمة.
- حرية الاشتراك في النظام..
وأوضحت الوزارة والهيئة خلال إحاطة إعلامية في مبنى الوزارة اليوم أن بإمكان صاحب العمل الراغب بالاشتراك في "نظام الادخار" التقدم بطلب الى الوزارة عن طريق قنوات تقديم الخدمة واختيار أحد صناديق الاستثمار المرخصة وسداد الاشتراك عن العمالة التي يرغب بتسجيلها في النظام مع الاحتفاظ بمستحقاتهم عن الفترة السابقة، حيث يتم في هذه الحالة إيقاف العمل بنظام مكافأة نهاية الخدمة التقليدي المنصوص عليه في قانون تنظيم علاقات العمل للعاملين المسجلين، واحتساب المبالغ المستحقة لكل عامل منهم عن سنوات خبرته وفق قانون تنظيم علاقات العمل وحتى تاريخ التحاقه بنظام الادخار على أن يتم احتساب مستحقاته وفق النظام الجديد من تاريخ تسجيله فيه، وتصرف جميع المستحقات (السابقة والجديدة) عند انتهاء العلاقة التعاقدية مع صاحب العمل.
ويحق للعامل دفع المساهمة الإضافية اختيارياً لزيادة وتنمية مدخراته والعوائد الاستثمارية الخاصة به وذلك في حدود 25% من راتبه الاجمالي السنوي، بينما يحق له سحب جزء أو كل المبالغ أو العوائد الاستثمارية، حسب شروط وضوابط النظام.
ويتيح النظام للعامل الماهر حرية اختيار أي نوع من أنواع خيارات الاستثمار المقدمة في النظام حسب تفضيلاته للمحافظ الاستثمارية، فيما يتم ادراج العامل غير الماهر في محفظة ضمان رأس المال فقط.
كما يتيح النظام المشاركة الاختيارية لفئات إضافية وفق رغبتها بهدف الاستفادة من المزايا التي يوفرها حيث يستطيع أصحاب الأعمال المُستقِلّون والحاصلون على تصريح العمل الحر، والموظفين غير المواطنين العاملين في الجهات والمؤسسات الحكومية، والمنشآت والشركات التابعة لها، بالإضافة إلى المواطنين العاملين في القطاع الحكومي والخاص التسجيل في "نظام الادخار" وفق المساهمة الاختيارية الإضافية فقط وبالتالي حفظ واستثمار مدخراتهم وتنميتها بشكل آمن ومن ثم استعادتها بشكل مكافأة نهاية الخدمة، مع التزام واستمرار أصحاب العمل بسداد الاشتراكات عن المواطنين في أنظمة وهيئات المعاشات والتأمينات الاجتماعية.
وقال معالي الدكتور عبدالرحمن العور، وزير الموارد البشرية والتوطين: "يأتي النظام الاختياري البديل لمكافأة نهاية الخدمة للعاملين في القطاع الخاص في الدولة "نظام الادخار"، في إطار مواصلة تطوير البنية التشريعية لسوق العمل الاماراتي وذلك ضمن استراتيجية الحكومة الرامية الى دعم سهولة الاعمال وتوفير أعلى معايير الحياة الكريمة والرفاهية لجميع العاملين في الدولة، وتعزيز مكانة الدولة كوجهة رائدة عالمياً لجذب الكفاءات والمهارات الوطنية والعالمية، حيث تضاف هذه المبادرة إلى نظامي التأمين ضد التعطل عن العمل والتأمين على العاملين في القطاع الخاص، وغيرها من مكوّنات داعمة لسوق العمل، لتشكل جميعها منظومة حماية اجتماعية للقوى العاملة في الدولة".
وأشار معاليه خلال الإحاطة إلى أن "نظام الادخار" "يوفر فرص استثمارية متنوعة في سوق العمل إلى جانب تعزيز استقرار وجاذبية السوق لأصحاب الكفاءات والخبرات، إذ يتيح مجالات ادخارية لتنمية مستحقاتهم ومدخراتهم لضمان التخطيط المالي السليم والاستقرار الأسري لعائلاتهم، كما يساهم النظام في تعزيز ومرونة السوق وسهولة الأعمال عبر إتاحة أكثر من خيار لأصحاب العمل في إطار الوفاء بالتزاماتهم القانونية تجاه العاملين الذين تنتهي علاقة عملهم وحصولهم على حقهم بمكافأة نهاية خدمتهم".
واكد معاليه التزام وزارة الموارد البشرية والتوطين بالشراكة الفاعلة مع هيئة الأوراق المالية والسلع والمؤسسات المالية في القطاع الخاص بما يضمن التنفيذ الأمثل للنظام، لا سيما من خلال تشجيع وتحفيز منشآت القطاع الخاص للتسجيل والاشتراك فيه وبما يسهم في تحقيق الآثار الإيجابية على سوق العمل والاقتصاد الوطني، وزيادة الإنتاجية والكفاءة والاستقرار للعامل في بيئة العمل".
من جهته، قال معالي محمد الشرفاء الحمادي، رئيس مجلس إدارة هيئة الأوراق المالية والسلع: "تبذل دولة الإمارات جهودًا مكثفة لتحسين ظروف العمل لجميع الموظفين، وتتبنى الحكومة رؤى طموحة تهدف في المقام الأول إلى تعزيز اقتصاد المعرفة القائم على الابتكار ويأتي هذا النظام كأحد الابتكارات التي تهدف إلى حماية حقوق العاملين وتمكينهم من تحقيق أهدافهم الاستثمارية طويلة الأجل، بما يعزز مبادئ الاستدامة المالية والارتقاء بجودة الحياة في المجتمع وتتيح لهم خيارات استثمارية متنوعة يتم توظيفها بناءً على أفضل الممارسات العالمية ووفق أعلى معايير الحوكمة والشفافية".
وأضاف: "تتبنى الهيئة اليوم نظاماً قوياً ومتكاملاً لصناديق الاستثمار يتماشى تماماً مع متطلبات بيئة الأعمال بالدولة، حيث يعتبر بنية تحتية قوية لمزودي خدمات الصناديق، كونه يضمن إدارتها من قبل شركات محترفة قادرة على اتخاذ قرارات استثمارية مدروسة وصحيحة، تحقق انعكاسات إيجابية وتعود بالنفع على المستفيدين من جهة، وعلى القطاع المالي بالدولة من جهة أخرى وبما يسهم في تحقيق نقلة نوعية في المسار التنموي في الدولة".
- حوكمة النظام..
ويعمل النظام وفق حوكمة محددة تكفل استفادة العامل من استثمار المبالغ المالية لمكافأة نهاية الخدمة وتحقيق منافع مالية إضافية منها عبر سداد مبلغ الاشتراك الأساسي وفق الراتب الأساسي الشهري للعامل المسجل في النظام بشكل شهري من قبل أصحاب العمل إلى الصندوق الاستثماري، واستثمارها بشكل آمن ضماناً لحقوقهم وتحقيقاً لاستقرار أسرهم.
ويحق لأصحاب العمل الانسحاب من النظام البديل بناءً على موافقة وزارة الموارد البشرية والتوطين مع مراعاة عدد من الضوابط منها ألا تقل مدة الاشتراك في النظام عن سنة وعدم وجود غرامات إدارية مستحقة أو منازعات عمالية قائمة قيد التسوية على صاحب العمل وعدم التأثير على حقوق ومستحقات العمال وغيرها من الضوابط.
- دعم نشاط الأعمال..
ويدعم "نظام الادخار" أنشطة سهولة الأعمال وجذب الكفاءات والحفاظ عليها، فضلا عن الاستفادة من البنية التحتية القوية لصناديق الاستثمار ومزودي الخدمات في النظام المرخصين لإدارة مستحقات نهاية الخدمة للعاملين، وقدرة أصحاب العمل على التركيز على الأنشطة التجارية والتطوير وبناء رأس المال عوضاً عن الأمور التشغيلية في إدارة وصرف مكافآت نهاية الخدمة، مما يساهم في رفع الولاء الوظيفي للعاملين وزيادة مستويات الرضا والإنتاجية في العمل من خلال ضمان مصالحهم وحفظ مستحقاتهم المالية.
وتعد التكلفة على المدى المتوسط التي يدفعها صاحب العمل حال اشتراكه في "نظام الادخار" أقل من تكلفة مكافأة نهاية الخدمة الحالية نتيجة لسداد الاشتراك عن قيمة الراتب الأساسي في شهر السداد وليس عن قيمة الراتب الأساسي عند انتهاء الخدمة والتي تكون أعلى دائماً.
- دعم القوى العاملة..
كما يدعم "نظام الادخار" الاستقرار الأسري للقوى العاملة من خلال ضمان الحصول على مكافأة نهاية الخدمة بغض النظر عن الوضع المالي لصاحب العمل، وذلك لكون السداد يكون بشكل شهري من صاحب العمل إلى النظام الذي من شأنه زيادة مستويات الرضا والثقة والإنتاجية في العمل بفضل آلية حوكمة النظام التي تضمن حفظ مصالح وحقوق العمالة المالية، الى جانب إمكانية زيادة مكافأة نهاية الخدمة للعامل الماهر في حال اختياره لمحافظ استثمارية ذات مردود عالي أو من خلال سداد اشتراك إضافي في حال رغب العامل المواطن والمقيم في الاشتراك الاختياري، كما إن خيار المساهمة الاختيارية المتاح في النظام يساهم في زيادة الوعي والتخطيط المالي للمدخرات الشخصية للعاملين، ويمنحهم الخيار في الاستمرار في استثمار مستحقاته بعد تركه للعمل في حال رغبته في ذلك.
- منظومة حكومية تشغيلية..
ويجوز للعامل عند انتقاله من صاحب العمل الحالي إلى صاحب عمل جديد الحصول على مستحقاته من الصندوق عن اشتراكات صاحب العمل الحالي أو الابقاء عليها بالصندوق بهدف استكمال الاستثمار مع إمكانية تحصيلها في أي وقت، لصاحب العمل الجديد أن يحل محل صاحب العمل السابق في استكمال سداد الاشتراك لدى ذات الصندوق بعد أن يقوم بالتعاقد معه، كما يجوز له تسجيل العامل لدى مدير صندوق آخر وسداد مبالغ الاشتراك الأساسي.
وتتولى هيئة الأوراق المالية والسلع مسؤولية منح التراخيص لمزودي خدمات الاستثمار، وذلك وفق المعايير والاشتراطات المعتمدة لديها لمزاولة أنشطتهم في تطبيق النظام البديل الاختياري، كما تتولى السلطات المنظمة لأنشطة المناطق الحرة المالية في الدولة وضع واعتماد التشريعات واللوائح والقواعد للنظام على المنشآت التي تقع ضمن نطاق سلطتها بما يتوافق مع متطلباتهم، وتتولى بدورها وزارة الموارد البشرية والتوطين تسوية الشكاوى العمالية المقدمة من أصحاب العمل أو المستفيدين بشأن مبلغ المساهمة أو مكافأة نهاية الخدمة قبل إحالتها للجهات المختصة، وكذلك رفع الوعي حول النظام الجديد، إلى جانب التفتيش على أصحاب العمل للتأكد من التزامهم بأحكام النظام.
المصدر: وكالة أنباء الإمارات
كلمات دلالية: وزارة الموارد البشریة والتوطین الأوراق المالیة والسلع لمکافأة نهایة الخدمة مکافأة نهایة الخدمة العاملین فی القطاع فی القطاع الخاص للقوى العاملة دولة الإمارات أصحاب العمل الاشتراک فی صاحب العمل سوق العمل فی الدولة فی النظام من خلال
إقرأ أيضاً:
سقوط نظام الأسد فرص ومخاوف أردنية
استيقظ العالم العربي في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر على خبر سقوط نظام بشار الأسد، حدثٌ شكّل زلزالا في الدولة السورية والدول المحيطة والعالم. ونظرا للعلاقة التي تربط الأردن بسوريا ووجود حدود مشتركة تصل إلى 370 كيلومترا، فإن الحدث بلا شك ينعكس على المنطقة والساحة السياسية الأردنية بشكل خاص وكبير.
(1) علاقة تاريخية غير مستقرة
رغم أن الأردن وسوريا كانتا جزءا من مشروع الدولة العربية الكبرى الذي تم الاتفاق عليه ما بين الشريف الحسين بن علي، شريف مكة، وهنري مكماهون، المفوض السامي البريطاني في مصر في عام 1915، إلا أن إخلاف الوعد البريطاني للشريف حسين بن علي وإسقاط الفرنسيين المملكة السورية بقيادة الملك فيصل بن الشريف الحسين بن علي، وشقيق الملك عبد الله مؤسس إمارة شرق الأردن في عام 1921، جعل البلدين العربيين يعيشان حالة من الاختلاف الأيديولوجي والانقسام ما بين المعسكر الشرقي والمعسكر الغربي، وما بين نظام اقتصادي اشتراكي في سوريا ونظام رأسمالي حر في الأردن، وما بين ما يُسمى حلف الاعتدال العربي الموالي لأمريكا وحلف الممانعة العربي في المنطقة.
لم تكن العلاقة الأردنية- السورية على ما يرام منذ بداية القرن الماضي، إلا أن الشكوك والتوجس السياسي بين البلدين بدأ يظهر إلى العلن منذ الوحدة ما بين سوريا ومصر وسعي نظام عبد الناصر، الذي كان يقود الوحدة، لاستهداف النظام الملكي الأردني باعتباره جزءا من مخلفات الاستعمار على حد وصف التيارات القومية. هذا الخلاف بين النظامين جعل نظام الوحدة يدعم انقلاب الجيش الأردني ورئيس أول حكومة أردنية منتخبة على النظام الملكي في عام 1957، قبل أن يفشل هذا الانقلاب ويفر قادة الانقلاب إلى سوريا ومصر.
شكل سقوط النظام السوري مجموعة من الفرص والمخاوف للدولة الأردنية. فالفرص إذا ما تم استثمار الحدث ومحاولة تسخيره بما يخدم الشعب السوري والدولة الأردنية، والتعاطي مع الأحداث بموضوعية بعيدا عن التشكك والتوجس من القادمين الجدد لحكم سوريا. كما أن هناك مخاوف مشروعة للدولة الأردنية من الآثار السياسية والأمنية التي نتجت عن هذا الزلزال السياسي والأمني الكبير
ازدادت التوترات بين البلدين أكثر في عام 1958 عندما حاول سلاح الجو السوري اعتراض طائرة الملك الحسين ومحاولة إجبارها على الهبوط في الأراضي السورية، قبل أن تعود الطائرة إلى الأردن، حيث اتهم الأردن سوريا بمحاولة اختطاف العاهل الأردني ومحاولة قتله. ورغم هدوء العلاقة بعد ذلك، إلا أن الخلافات السياسية بين البلدين كانت تتدحرج عند كل منعطف سياسي.
ففي الحرب الأهلية عام 1970 التي نشبت بين الجيش الأردني والفصائل الفدائية التي تدفقت إلى الأردن بعد هزيمة حزيران/ يونيو عام 1967، حاولت القوات السورية دعم تلك الفصائل من أجل إسقاط النظام الأردني، قبل أن يسيطر الجيش الأردني على المشهد الداخلي وينهي تلك الحرب لصالح الجيش والدولة الأردنية. في ذات الوقت، عمد النظام الأردني إلى احتضان الإخوان المسلمين السوريين منذ عام 1980، وحمايتهم من ملاحقة نظام الأسد الذي ارتكب أبشع مجزرة وقعت في سوريا قبل الثورة. كما تحالف الأردن مع النظام العراقي في وجه النظام السوري، رغم انتماء النظامين إلى حزب البعث الاشتراكي. كما اتهم الأردن النظام السوري بمحاولة اغتيال رئيس الوزراء مضر بدران في عام 1980.
بقيت العلاقات في حالة شد وجذب إلى أن اندلعت الثورة السورية في 2011، التي أحدثت تحولا كبيرا في العلاقة، مع انحياز النظام الأردني، الذي كان موقفه متسقا مع الموقف الشعبي في دعم الثورة السورية بشكل موارب وغير معلن، لتشهد العلاقات الأردنية- السورية شبه قطيعة صامتة رغم بقاء السفير السوري في عمّان بداية الثورة، قبل أن يُطلب منه الخروج من عمّان في عام 2014.
(2) أوضاع حدودية مقلقة قبل سقوط الأسد
بعد اندلاع الثورة السورية وتدخل الروس في أيلول/ سبتمبر 2015 لصالح النظام السوري، وحسم المعركة لصالح عائلة الأسد، ونتيجة للتمدد الإيراني في سوريا وتغلغله في معظم المناطق السورية، نشأت هناك أوضاع مقلقة على جميع الاصعدة للدولة الأردنية تمثلت في:
تواجد أكثر من ثمانية آلاف من القوات الطائفية التابعة للدولة الإيرانية في الجنوب السوري على الحدود الأردنية. هذه القوات كانت مزيجا من المرتزقة الأفغان والباكستانيين وبعض المليشيات الطائفية الشيعية التي دخلت إلى سوريا من أجل دعم النظام السوري وتعزيز الوجود الإيراني في سوريا. كان الأردن يشعر بقلق كبير من تواجد هذه القوات على حدوده الشمالية الشرقية، التي تمتد على طول 370 كيلومترا، ما أدى إلى أحداث أمنية سقط نتيجتها بعض القوات الأمنية الأردنية، فرغبة إيران في التغلغل في الساحة الأردنية وإحداث الفوضى كانت حثيثة وواضحة، لتوسيع نفوذها في الوصول إلى الحدود الأردنية الإسرائيلية، من أجل تقوية أوراق تفاوضها مع المشروع الأمريكي-الإسرائيلي في تقاسم النفوذ في المنطقة.
انتشار تهريب السلاح وحبوب الكبتاجون من الحدود السورية إلى الداخل الأردني، ومحاولة الوصول إلى الأسواق الخليجية والعالمية عبر الأردن، إذ تقدر السلطات البريطانية، في دراسة استقصائية، أن نظام الأسد بقيادة ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري المخلوع، كان ينتج 80 في المائة من صناعة الكبتاغون، في العالم كما تُقدّر أن دخل النظام السوري من هذه التجارة بلغ 6 مليارات دولار سنويا، وأن النظام السوري كان ينشئ المصانع الضخمة من أجل صناعة الكبتاجون وتصديره إلى الخارج. شكّل ذلك ضغطا أمنيا كبيرا على أجهزة الأمن الأردنية، التي بدأت تنتشر في مدنها وقراها تجارة الكبتاغون، ما أحدث إشكاليات اجتماعية كبيرة في البيئة الأردنية.
استمرار حالة اللجوء السوري، فقد كان الأردن قد فتح الباب أمام اللجوء الإنساني وحماية الشعب السوري من بطش النظام، إذ بلغ عدد اللاجئين حوالي 1.3 مليون سوري منذ بداية الأزمة، وحتى بعد أن هدأت الحرب وتم خفض التصعيد في العمليات القتالية 2017 بقيت عودة اللاجئين ضعيفة حيث لم يعد في عام 2023 سوى 37 ألف لاجئ سوري، نظرا للحالة الاقتصادية السيئة في سوريا وتدمير معظم البنية التحتية للدولة السورية التي تفتقر للخدمات الأساسية ، وضعف الشعور بالأمن، وبطش النظام، في حين أن اللجوء السوري كلف الأردن، وفقا للرواية الأردنية، أكثر من 44 مليار دولار، ولم تتجاوز مساهمة المجتمع الدولي أكثر 10 مليارات دولار. تحمّل الأردن واقتصاده الضعيف كل هذا الضغط المالي، ما انعكس على تضخم نسبة البطالة والفقر في الأردن.
(3) فرص ومخاوف أردنية
شكل سقوط النظام السوري مجموعة من الفرص والمخاوف للدولة الأردنية. فالفرص إذا ما تم استثمار الحدث ومحاولة تسخيره بما يخدم الشعب السوري والدولة الأردنية، والتعاطي مع الأحداث بموضوعية بعيدا عن التشكك والتوجس من القادمين الجدد لحكم سوريا. كما أن هناك مخاوف مشروعة للدولة الأردنية من الآثار السياسية والأمنية التي نتجت عن هذا الزلزال السياسي والأمني الكبير.
بلا شك أن سقوط نظام الأسد سوف ينهي المخاوف الأردنية من محاولات تمدد المشروع الإيراني على الحدود الأردنية، والذي كانت مليشياته تشكل هاجسا أمنيا كبيرا على الحدود الشمالية الشرقية الأردنية. كما أن سقوط الأسد سوف يعني انتهاء تجارة وتهريب السلاح والكبتاغون وما كانت تمثله من تهديد أمني واجتماعي كبير للدولة الأردنية.
سقوط نظام الأسد سوف يدفع أمريكا والمجتمع الدولي إلى رفع "جبهة تحرير الشام" من قوائم الإرهاب، مما يمهد لرفع العقوبات المفروضة على سوريا، مما يسمح للأردن بالقيام بدور كبير في إعمار سوريا، إذ يملك الأردن شركات في مجال المقاولات لديها القدرة على أن تكون شريكة في إعادة الإعمار، كما أن رفع العقوبات سوف يسمح للأردن بتصدير الطاقة الكهربائية التي يمتلك الأردن وفرة كبيرة منها إلى سوريا التي تعاني كثيرا في هذا المجال، كما يسمح بمرور إمدادات الكهرباء إلى لبنان أيضا.
كما أن سقوط النظام السوري سوف يسرع في عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم ليشاركوا في إعادة بناء وطنهم. إذ بقي المواطن السوري المقيم في الأردن محجما عن العودة، حتى بعد انتهاء العمليات القتالية منذ 2017، لعدم شعوره باستقرار الدولة وعدم قدرتها على تلبية احتياجاته الأساسية من الغذاء والماء والعمل، في ظل حصار اقتصادي خانق فرضته الإدارة الأمريكية بموجب قانون قيصر على النظام السوري. عودة اللاجئين سوف تخفف من الضغط على الاقتصاد الأردني الضعيف، وتفتح المجال للأردن لإعادة بناء ذاته بعد أن يتخفف من أكبر موجة لجوء عرفتها الدولة الأردنية بعد اللجوء الفلسطيني.
يبقى تحقيق المصالح الأردنية وتبديد المخاوف بعد سقوط نظام الأسد مرتبطا بمدى سرعة النظام الأردني في التعاطي مع قيادة الثورة السورية والاعتراف بها، وتنسيق المواقف معها بما يخدم مصالح البلدين، فأي تأخير في مدّ جسور التواصل سوف تملؤه دول أخرى تطمح إلى دور ومساحة أكبر في سوريا الجديدة
الأهم من كل ذلك، فإن سقوط النظام سوف يجعل الأردن يسترد حصته المائية التي كان يمتنع النظام السوري المخلوع عن تقديمها، إذ يشترك الأردن وسوريا في روافد نهر اليرموك العابر للحدود الأردنية السورية، حيث يحصل الأردن على كمية مياه تتراوح بين 50 و100 مليون متر مكعب، بينما تنص الاتفاقيات المائية مع سوريا على منح الأردن 208 ملايين متر مكعب من المياه، كما أن النظام المخلوع سمح بإقامة أكثر من 17 سدا على روافد نهر اليرموك بشكل مخالف للاتفاق بين البلدين، وسمح بحفر أكثر من 1235 بئرا غير مرخصة للمياه الجوفية، مما يؤثر على الموارد المائية الجوفية الأردنية، ويطالب الأردن بردمها.
رغم كل الفرص التي فتحت للدولة الأردنية من سقوط نظام الأسد، تبقى المخاوف الأردنية كبيرة من عدم الاستقرار الأمني في الجارة السورية بعد سقوط النظام والخوف من اندلاع حرب أهلية، والمخاوف من الطبيعة الأيديولوجية التي يحملها القادمون الجدد إلى دمشق، رغم تبرؤ قائد العمليات الخاصة أحمد الشرع منها وتراجعه عنها، بالإضافة إلى تخوفات الأردن من عودة المقاتلين الأردنيين في سوريا، وخاصة الملتحقين بتنظيم "حراس الدين" التابع للقاعدة، الذين تقدر بعض المصادر عددهم بـ300 مقاتل، وما قد ينعكس ذلك على الأمن الأردني.
أما المخاوف الأردنية من الفراغ الذي سوف يتركه اللاجئون السوريون بعد عودتهم إلى بلادهم، وما يمكن أن يشكله من حالة فراغ في المجال الحِرفي وركود اقتصادي، خاصة في محافظات الشمال، فهي مخاوف ستتبدد إذا ما فتحت حركة التجارة بين الأردن وسوريا، وعادت الحالة الاقتصادية النشطة إلى ما كانت عليه قبل الثورة. إذ كانت المناطق الشمالية تتمتع بحالة اقتصادية مزدهرة نتيجة للحركة والتبادل التجاري بين البلدين.
لكن يبقى تحقيق المصالح الأردنية وتبديد المخاوف بعد سقوط نظام الأسد مرتبطا بمدى سرعة النظام الأردني في التعاطي مع قيادة الثورة السورية والاعتراف بها، وتنسيق المواقف معها بما يخدم مصالح البلدين، فأي تأخير في مدّ جسور التواصل سوف تملؤه دول أخرى تطمح إلى دور ومساحة أكبر في سوريا الجديدة.