قال فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، إنه يجب الحذر من التدين الشكلي الذي يهتم بالقشور ولا يهتم بالجذور، مؤكدًا أن أول صفة للمسلم يجب أن يتَّصف بها هي الرحمة واللين كما كان سلوك رسول الله في كل حياته.

جاء هذا خلال محاضرة فضيلته لطلاب جامعة سوهاج، صباح اليوم الأربعاء، التي أكد خلالها أنه لا انفصام ولا انفصال بين العلوم الدينية والدنيوية، والطالب أيًّا كان تخصصه في حالة عبادة حقيقية لله عز وجل، وكون كل منا في ميدان عمله متقنًا فيه فهو أيضًا في حالة عبادة مستمرة ومأجور من الله سواء في ميدان العلم أو العمل أو القتال في سبيل الله.

وبيَّن أن المسلم صاحب فكر يستطيع أن يميز ما يعرض عليه ولا ينقل إلا ما يراه خيرًا، موجهًا تحية للأم المصرية التي ربَّت وعلَّمت ولقَّنت أولادها حبَّ الوطن.

وأضاف فضيلة المفتي: “إننا نواجه تحديات كثيرة، من أهمها تزييف الوعي، ويلزمنا أن نرجع إلى أهل الاختصاص لتوثيق كل شيء؛ لأن الكلمة أمانة وأنا مسئول عنها أمام الله، سواء كانت كلمة منطوقة أو مكتوبة لأن القلم أحد اللسانين”.

وأشار فضيلة المفتي خلال محاضرته للطلاب إلى أن التنوع في الكون حتمي ولا يمكن أن يكون الناس على نمط واحد من الشكل أو اللغة أو الفكر، وهذا التنوع رسالة من الله، وعلينا أن نحترم هذا التنوع.

وأوضح: “إننا في مصر نعيش مسلمين ومسيحيين كنسيج واحد من خلال ثلاثة نماذج، في مقدمتها جانب اجتماعي، حيث عاش المسلمون والمسيحيون معًا على أرض هذا البلد لدرجة أننا لا نفرق في الشارع بين المسلم والمسيحي، فنحن شعب واحد يعيش معًا في كل دروب الحياة”.

وتابع: “أما الجانب الآخر فهو جانب تشريعي، عبَّر عن التزام التشريع والدستور بكامل المواطنة لكل مصري، بصرف النظر عن معتقده، حيث تم تتويج هذا الجانب بقانون دور العبادة، أما الجانب الثالث فهو جانب إفتائي، صدر من العالم الفقيه الليث بن سعد الذي أفتى بتوفير دور العبادة للمسلمين والمسيحيين”.

وفى إطار آخر قال فضيلة المفتي، إن اللجوء للمتخصصين كل في مجاله أحد أهم محاور الوعي الصحيح، ويجب شرعًا الالتفاف حول القيادة لمواجهة التحديات. 

ووجه رسالة لطلاب الجامعة قائلا: "كونوا في ظهر البلد لكي تنجو سفينة الوطن"، مشيرًا إلى أن حديث السفينة يعطي لنا درسًا حول المسئولية المشتركة، وأن قضية الوعي هي قضية علم في الأساس، ويتضح ذلك من قصة خلق آدم؛ فهي تربط بين خلافة آدم في الأرض وبين العلم.

وأكد فضيلة المفتي أننا في حاجة إلى إحياء النموذج المصري الذي يحافظ على بلده، فالدفاع عن الدولة الوطنية بحدودها المعروفة هو واجب شرعي تقدم فيه أرواحنا فداء لهذا الوطن، كما أن واجبنا كطلاب أن نتميز في تحصيلنا للعلم ونبدع فيه؛ محذرًا من تزييف الوعي، لافتًا النظر إلى قيام دار الإفتاء المصرية برصد الأفكار المتطرفة وتحليلها والرد عليها.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: فضیلة المفتی

إقرأ أيضاً:

بعض الأباء يمارسونه.. مفتي الجمهورية: العقوق لا يقتصر على الأبناء فقط

أكَّد الدكتور نظير عياد مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم أن العلاقة بين الوالدين وأبنائهم يجب أن تُبنى على الاحترام المتبادل والشعور بالمسؤولية والوفاء بالحقوق والواجبات، محذرًا من خطورة العقوق الذي يُعد من كبائر الذنوب، ويؤدي إلى تفكُّك الأُسر وانعدام المودة داخل المجتمع.

المفتي: برُّ الوالدين من أعظم القيم الأخلاقية في الإسلام.. فيديوالمفتي عن بر الوالدين: القرآن الكريم شدد على هذا الأمر في أكثر من موضع

وأوضح، خلال حديثه الرمضاني اليومي مع الإعلامي حمدي رزق ببرنامج "اسأل المفتي" الذي يذاع على فضائية صدى البلد، أن الحديث عن عقوق الأبناء للآباء لا يجب أن يُغفل في المقابل العقوق الذي قد يمارسه بعض الآباء تجاه أبنائهم، مشيرًا إلى أنَّ هناك بعض الممارسات التي تؤدي إلى ظلم الأبناء، مثل: التمييز بينهم دون مبرر، أو حرمانهم من حقوقهم المشروعة كالميراث، أو الإهمال في تربيتهم وتوجيههم.

وأشار إلى أن العادات والتقاليد الخاطئة لعبت دورًا خطيرًا في تفكيك الروابط الأسرية، إذ قد تؤدي إلى حرمان البنت من الميراث أو التفضيل بين الأبناء دون سبب شرعي؛ مما يولِّد الغلظة والقسوة في النفوس، ويخلق بيئة غير مستقرة داخل الأسرة.

واستشهد بحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين رفض الشهادة على تفضيل أحد الآباء لابن من أبنائه دون وجه حق، قائلًا: "اذهب فأشهد على هذا غيري، فإني لا أشهد على جور"، وهو دليل واضح على رفض الشريعة للظلم والتمييز غير المبرر داخل الأسرة.

وتطرَّق المفتي إلى تأثير الثقافات الدخيلة والاتجاهات الفكرية الحديثة التي لا تتناسب مع القيم الإسلامية، مشيرًا إلى أن بعض الأبناء يتأثرون بأفكار تتعارض مع تعاليم الدين الحنيف؛ مما يدفعهم إلى التمرد على الأصول الشرعية وقطع صلة الرحم.

وأكَّد أن الإسلام لا يبرر بأي حال من الأحوال القطيعة بين الأبناء وآبائهم، مستشهدًا بقول الله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ}، موضحًا أن البر بالوالدين لا يسقط حتى وإن كان الأبوان مقصرين في بعض الأحيان.

وأشار المفتي إلى أن شعور الأبناء بعدم الاهتمام أو الإهمال العاطفي من قِبل والديهم قد يكون أحد أسباب العقوق، خاصة في ظل الظروف الاجتماعية التي قد تدفع بعض الآباء إلى التخلي عن دورهم التربوي، مثل الزواج بامرأة أخرى وإهمال الأبناء من الزوجة الأولى؛ مما يؤدي إلى شعور هؤلاء الأبناء بالحرمان العاطفي والنفسي.

وضرب مثالًا بما حدث في زمن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عندما جاءه رجل يشكو عقوق ابنه، لكن الابن كشف أن والده هو من قصر في حقه منذ صغره ولم يحسن تربيته ولم يختر له اسمًا حسنًا، فقال له عمر: "جئت تشكو إليَّ عقوق ابنك، وأنت الذي عققته أولًا!"، في إشارة واضحة إلى أن مسؤولية الوالدين لا تقتصر على الإنجاب فقط، بل تشمل التربية والتوجيه السليم بل وحتى اختيار الاسم الحسن.

وتحدَّث المفتي عن ظاهرة التقليد الأعمى وتأثيرها السلبي على الأبناء، موضحًا أنَّ الكثير من الشباب والفتيات ينقادون وراء الموضة والثقافات الدخيلة دون تفكير؛ مِمَّا قد يؤدي إلى تصادم بين الأجيال داخل الأسرة، مشددًا على ضرورة التمييز بين التقليد الإيجابي الذي يؤدي إلى التطور، والتقليد السلبي الذي يهدم القيم والأخلاق.

وشدَّد المفتي على أن برَّ الوالدين ليس مجرد عرف اجتماعي، بل هو عبادة وطاعة لله، مشيرًا إلى قول الله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}، وأن إحسان الوالدين يمتد أثره إلى الحياة الدنيا والآخرة، حيث يترتب عليه البركة في الرزق والعمر والتوفيق في الحياة، مستشهدًا بحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «من سرَّه أن يُمدَّ له في عمره، ويُزاد له في رزقه، فليَصِلْ رحمه».

ودعا مفتي الجمهورية الآباء والأبناء إلى الحفاظ على صلة الرحم، والالتزام بالقيم الإسلامية السمحة التي تدعو إلى الرحمة والمودة والعدل داخل الأسرة، محذرًا من خطورة التفكك الأسري وآثاره السلبية على المجتمع.

وأجاب الدكتور نظير عياد، عن مجموعة من الأسئلة التي وردت من المشاهدين حول قضايا فقهية متنوعة، حيث أكد أن التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم أمر مباح وجائز شرعًا، موضحًا أن الاستعانة بالنبي عليه الصلاة والسلام أو بأي مقام أو عمل صالح للوصول إلى رضوان الله تعالى أمر لا حرج فيه.

وأضاف أن من دلائل المحبة للنبي صلى الله عليه وسلم استحضاره في الأقوال والأفعال والتوجُّه إلى الله به، مستشهدًا بقول الله تعالى الذي قرن فيه اسمه باسم النبي صلى الله عليه وسلم، مشيرًا إلى أن هناك بعض الاتجاهات التي تشددت في هذا الأمر خوفًا من الوقوع في الشرك، إلا أن الأمر على خلاف ذلك؛ لأن الله سبحانه وتعالى عصم هذه الأمة من الشرك.

وفيما يتعلق بالتوسل بالأولياء والصالحين، أوضح فضيلة المفتي أن الأصل فيه الجواز، ما دام القلب ينظر إليهم نظرة محبة وتوقير، ويرى أنهم سبيل يوصل إلى مرضاة الله دون أن يملكوا نفعًا أو ضرًّا بذواتهم، مشيرًا إلى أن محاولة حمل الناس على رأي بعينه في هذه المسألة فيه نوع من التشدد، حيث إن القاعدة الفقهية تقول: "لا يُنكر المختلف فيه، وإنما يُنكر المتفق عليه"، وبالتالي فإن لكل شخص الحق في الأخذ بأيٍّ من الآراء الفقهية التي يراها مناسبة، ما دام التوسل يتم في إطار المشروع الذي شرعه الله تعالى.

وحول سؤال عن الفدية في رمضان، أوضح المفتي أن من تلزمه النفقة هو المسؤول عن إخراج الفدية لمن يعولهم، مثل الأب تجاه أبنائه وزوجته، أما من يملك ذمَّة مالية مستقلة، فعليه إخراج الفدية بنفسه، مؤكدًا أن الفدية تختلف عن الكفارة في الأحكام الفقهية.

وبشأن فلسفة الميراث في الإسلام، فقد أكَّد المفتي أن توزيع الميراث في الشريعة الإسلامية يقوم على العدالة المطلقة، مشيرًا إلى أن الإسلام لم يميز الرجل على المرأة بشكل مطلق، حيث توجد حالات ترث فيها المرأة مثل الرجل، وأخرى ترث فيها أكثر منه، وأحيانًا ترث المرأة ولا يرث الرجل.

وأوضح أن الحالات التي يرث فيها الرجل أكثر من المرأة محدودة، وهي في إطار فلسفة توزيع الميراث وفقًا للاعتبارات العمرية والاجتماعية، حيث إن الرجل مطالب بالإنفاق على الأسرة والمهر وتجهيز البيت، بينما المرأة غير مطالبة بذلك؛ مما يحقق التوازن في الحقوق والواجبات.

وبشأن هبة ثواب قراءة القرآن الكريم للأحياء، أوضح المفتي أن الأَولى أن يقرأ الإنسان القرآن لنفسه، غير أن بعض العلماء أجازوا إهداء الثواب للآخرين، خاصة في حال الوفاة، مستشهدًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «من استطاع أن ينفع أخاه بعمل خير فليفعل». وأكد فضيلته أن قراءة القرآن الكريم ينبغي أن تكون عادة مستمرة لحفظ مكانته في القلب والبيت والعمل.

وأكد المفتي أهمية الالتزام بآداب قراءة القرآن الكريم وحفظ مكانته في حياة المسلمين، مشيرًا إلى أنه سيتناول المزيد من هذه القضايا في الحلقات المقبلة، داعيًا الله تعالى أن يتقبل من الجميع صالح الأعمال.

مقالات مشابهة

  • مفتي الجمهورية: انتصارات العاشر من رمضان ملحمة خالدة تعكس بسالة الجيش المصري
  • مفتي الجمهورية يهنئ الرئيس السيسي والقوات المسلحة بذكرى انتصارات العاشر من رمضان
  • بعض الأباء يمارسونه.. مفتي الجمهورية: العقوق لا يقتصر على الأبناء فقط
  • فتاوى يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عمان
  • مفتي الجمهورية في الذكرى الـ 56 ليوم الشهيد: دماء الأبطال سطور عز لا تذبل
  • مفتي الجمهورية: دماء الشهداء سطورٌ محفورة في تاريخ الأمة ومفاتيح عزتها التي لا تذبل
  • مفتي الجمهورية في ذكرى يوم الشهيد: دماء الشهداء مفاتيح عزة الأمة
  • فتاوى: يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عمان
  • مفتي الجمهورية: المرأة المصرية تساند الوطن وتقف مع الرجل في مسيرة البناء
  • مفتي الجمهورية: الصبر فضيلة عظيمة تشكل أساساً للرسالات السماوية