أطلقت كتائب عز الدين القسام في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي عملية طوفان الأقصى، وأعلنت أنها تأتي دفاعا عن المسجد الأقصى مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي درج الصهاينة المحتلون على تدنيسه يوميا والاعتداء على المرابطات فيه، فضلا عن الحصار الخانق على غزة لسنوات دون أفق لرفعه، وسعي الحكومة الصهيونية إلى القيام بعملية استباقية لضرب المقاومة في غزة.
وهذا في الوقت الذي ماتت قضية فلسطين والقدس لدى النظام الرسمي العربي، وتسابقت جل الأنظمة العربية في تقبيل أعتاب الكيان الصهيوني، والتطبيع معه، فما كان من كتائب عز الدين القسام إلا القيام بتلك العملية الاستباقية التي كشفت عن أن الجيش الصهيوني الذي روجوا له بأنه جيش لا يقهر هو جيش من ورق، وحتى أجهزة مخابراته ووسائل معلوماته وما يستخدمه من تكنولوجيا في ذلك أصيبت في مقتل.
وقد وصف بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الكيان الصهيوني يوم انطلاق العملية بأنه "يوم أسود، والأفظع منذ المحرقة"، وقد دفع هذا العار به وبجيشه إلى الانتقام بقتل الآلاف من المدنيين، وإسقاط بيوتهم عليهم بصواريخه المجرمة وطائرته وبوارجه المعتدية.
وقد قابلت المقاومة جرم الاحتلال برباط وثبات، عجزت عنه الجيوش العربية التي لم تتحمل ستة أيام في حرب حزيران/ يونيو 1967 وسقطت فلسطين كل فلسطين وسيناء، وحتى حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973م كانت على جبهتين هما مصر وسوريا وانتهت بوقف إطلاق النار بعد أربعة عشر يوما.. واليوم يقف العالم الغربي الرسمي، وفي مقدمته الولايات المتحدة الأمريكية بحاملات الطائرات والسلاح والعتاد والجنود، مع الكيان الصهيوني، ولكن ما وهنت المقاومة في غزة بل ازدادت إيمانا وقوة وثباتا.
وما كان ثبات المقاومة ودعوتها لتحرير بيت المقدس من أيدي المحتلين المغتصبين ليعجب الطابور الخامس من المنافقين، وهم من لوازم كل زمان ومكان، فهم لا يعرفون سوى لغة التثبيط والاحباط وخلق الهزيمة النفسية وقد كشف عن أساليبهم القرآن الكريم في الكثير من آياته، وقد فاق النفاق حاليا ما كان عليه النفاق في عهد الرسالة، فلم يقتصر على نفاق الأفراد بل أصبح ظاهرا فيه نفاق الحكومات والمؤسسات.
فها نحن أولاء نجد جهر دولة عربية في محافل دولية بوصف ما فعلته حماس بالوحشي والشنيع، وأن من حق الكيان الصهيوني (المحتل) الدفاع عن نفسه، ونجد كذلك رئيس دولة عربية يرى أن التخلص من المقاومة يحتاج وقت ويقترح ترحيل أهل غزة إلى النقب حتى يتم التخلص من المقاومة، ونرى دولة عربية أخرى لم يتمعر وجه مسؤوليها لما يحدث في غزة واستمروا في مهرجاناتهم، وفي الوقت نفسه يعلن رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس تأجيل مهرجان الجونة مراعاة لما يحدث بغزة.
بل إن معبر رفح الذي هو حدود مصرية فلسطينية ما زال مغلقا، وكأنه تحت السيادة الصهيونية، في الوقت الذي لا يجد أهل غزة وهم تحت القصف حاجتهم من الدواء والطعام والشراب، وحينما أدخلوا أول دفعة إغاثية فتاتا لهم كان الظاهر فيها كثرة الأكفان، وكأنهم يريدون لهم الممات لا الحياة.
كما أننا نجد من هؤلاء المنافقين من يهوّن من مقاطعة السلع الصهيونية والأمريكية ومن على شاكلتها من سلع دول العجم والعرب، مع أن الولايات المتحدة الأمريكية ما زالت تتخذ هذا السلاح ضد من لا يسير في فلكها، وكذلك فعل وما زال يفعل الكيان الصهيوني مع غزة، والتاريخ خير شاهد على قيمة المقاطعة الاقتصاديةـ وليس ببعيد عنا حظر تصدير البترول العربي للغرب إبان حرب تشرين الأول/ أكتوبر عام 1973 وتأثيره الفعال. واليوم غزة تنزف الدماء ولا تجد الطاقة لإنقاذ الجرحى في المستشفيات أو إنارة البيوت في حين أن الدول العربية النفطية تضع النفط تحت تصرف الغرب بلا حساب، وبه تتحرك الطائرات الصهيونية لتقتل أهلنا في غزة.
إنه من العار أن نجد رجل أعمال مسلما ما زال يتعامل كوكيل أو نحو ذلك مع العلامات التجارية التي تدعم الكيان الصهيوني ماليا ومعنويا، وهو يعلم تماما أن جزءا من أرباحه يذهب إلى الشركة الأم التي تدعم هذا الكيان الصهيوني، وإذا كان البعض يبرر ذلك بالمحافظة على الأيدي العاملة، فإن المقاطعة فرصة للتخلص من هذه العلامات التجارية وتأسيس علامات وطنية وتشغيل نفس العمالة تحت تلك العلامات، والتخلص من عبودية التبعية الاقتصادية.
إن من الإعانة على الإثم والعدوان التعامل في سلع وخدمات المؤسسات والأفراد التي تدعم الكيان الصهيوني، لذا وجب تفعيل المقاطعة الاقتصادية بصورة مؤسسية مع استخدام سياسة الديمومة والنفس الطويل، كما آن لمصر أن تفتح معبر رفح وأن تحترم سيادتها وشعبها، فالأمن القومي المصري بابه هو غزة، وإذا استمرت الدول العربية على سياستها التي افتقدت حتى للمروءة فإن مصيرها لن يختلف عن مصير ملوك الطوائف.
ويبقي دور الشعوب هو الوقود لهذه المعركة العادلة، فعلى الشعوب المسلمة دعم إخواننا في غزة بكافة الوسائل المتاحة والمبتكرة، بالمال والدعاء والتظاهر والكتابة والتكنولوجيا، ورفع حركة الوعي عالميا بتلك القضية، ولعل ما نراه من مواقف الشعوب ومروءتها في الغرب ووقوفها مع غزة على خلاف مواقف أنظمتها الرسمية يبرز أهمية تفعيل ذلك، ويقيننا الذي لا يتزعزع أن الله لن يهزم عبادا نصروه وأن نصره قريب وهو سبحانه غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
twitter.com/drdawaba
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة المقاومة فلسطين فلسطين غزة المقاومة العالم العربي مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة صحافة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الکیان الصهیونی فی غزة
إقرأ أيضاً:
الكيان الصهيوني: مقتل 793 جنديا إسرائيليا منذ السابع من أكتوبر
نشر الجيش الإسرائيلي بيانات محدثة عن عدد القتلى في صفوفه وتصنيفاتهم، مشيرا إلى مقتل 793 جنديا إسرائيليا بينهم 192 ضابطا منذ السابع من أكتوبر 2023.
الاحتلال يأمر سكان مناطق بالضاحية الجنوبية بإخلاء منازلهم الاحتلال يُصدر تحذيرًا جديدًا إلى سكان الضاحية الجنوبية لبيروتوبحسب روسيا اليوم، أعلن الجيش الإسرائيلي، امس الخميس، أن "عدد الجنود في منظومته القتالية حاليا، يشكل 83% قياسا بالقوات التي يحتاجها"، وطالب الحكومة بتمديد مدة الخدمة الإلزامية بدون علاقة بسن قانون تجنيد الحريديين.
وحسب الجيش الإسرائيلي، فإن النقص في القوى البشرية نابع من "عدد القتلى والمصابين الكبير" في صفوفه منذ بداية الحرب على غزة واتساعها إلى لبنان.
ويتوقع أن تكون نسبة المجندين 81% في العام المقبل، وفي حال تمديد مدة الخدمة الإلزامية إلى ثلاث سنوات، فإن هذه النسبة سترتفع إلى 96%.
وحسب معطيات الجيش، فإن نقصا حاصلا في المنظومة التقنية، حيث نسبة المجندين فيها 74% من المطلوب، و66% في منظومة السائقين، ويتوقع أن تتراجع هذه النسب أكثر في العام المقبل.
وتشير معطيات الجيش إلى أن "نسبة الامتثال في الخدمة العسكرية في قوات الاحتياط، العام الحالي، هي 85%، فيما يستعد الجيش لاستدعاء جنود في الاحتياط بشكل واسع خلال العام المقبل أيضا، وأن جميع جنود كتائب الاحتياط القتالية خدموا 70 – 72 يوما بالمعدل.
وأفادت معطيات الجيش الإسرائيلي بأن "793 جنديا قتلوا منذ بداية الحرب، بينهم 370 جنديا قتلوا منذ بدء المناورة البرية في قطاع غزة و40 جنديا قتلوا منذ بدء المناورة البرية في جنوب لبنان".
وأوضحت المعطيات أنه "قتل خلال الحرب 192 ضابطا، أي ربع العسكريين القتلى، وبينهم 4 ضباط قادة لواء، و5 ضباط قادة كتيبة، و63 قائد سرية و20 نائب قائد سرية، و67 قائد وحدة عسكرية صغيرة".
وأضافت المعطيات أن "48% من الجنود القتلى هم نظاميون، 18% في الخدمة الدائمة و34% جنود في قوات الاحتياط".