الرباط- فتحت حرب 1967 وعي الناشط المغربي سيون أسيدون على القضية الفلسطينية، ومنذ ذلك الحين، انخرط في النضال ضد كيان الاحتلال الإسرائيلي، والدفاع عن حق الشعب الفلسطيني في نيل حريته.

ينحدر أسيدون من عائلة مغربية يهودية ذات أصل أمازيغي، ولد في مايو/أيار 1948 بمدينة أكادير، أكمل تعليمه الجامعي في فرنسا ثم قرر العودة إلى المغرب ليصبح واحدا من الوجوه المعروفة بمناهضتها لإسرائيل والمدافعة عن القضية الفلسطينية من خلال الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع ونشاطه في حركة المقاطعة العالمية "بي دي إس".

يَعدّ أسيدون -في حوار مع الجزيرة نت- عملية "طوفان الأقصى" يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول انتصارا كبيرا للمقاومة الفلسطينية وصفحة جديدة في تاريخها، ويرى أن الاحتلال الإسرائيلي لم يكن ليتجرأ على ارتكاب فظائع في غزة لولا شعوره بفك عزلته في العالم العربي عبر اتفاقيات التطبيع التي وقعها مع عدد من الدول العربية ومنها المغرب.

ودعا أسيدون بلاده إلى فسخ وحلّ جميع التعاقدات التي أُبرمت منذ الإعلان عن استئناف العلاقات مع إسرائيل، وإغلاق مكتب "الاتصال الإسرائيلي" بالرباط. وأكد أن المقاطعة سلاح فعال في يد الشعوب لدعم مقاومة الفلسطينيين، وأن تأثيرها وأثرها جعلا دولة الاحتلال تصنفها خطرا إستراتيجيا.

وفيما يلي نص الحوار:

الناشط المغربي أسيدون خلال مشاركته في مسيرة الرباط الشعبية لدعم المقاومة والتضامن مع أهل غزة (الجزيرة) كيف ترى عملية "طوفان الأقصى" يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول؟

عملية "طوفان الأقصى" هي انتصار كبير للمقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، لقد بينت بكل وضوح أن مقولة الجيش الذي لا يقهر ليست سوى أسطورة، كما أنها فتحت صفحة جديدة لأن مستوى هجوم المقاومة الفلسطينية لم يسبق إليه إلا الجيش المصري في حرب 1973، فاجتياح أراضٍ محتلة في "غلاف غزة" هو أمر جديد كليا ويبشر بدخول مرحلة جديدة في مستوى مقاومة الاحتلال.

بطبيعة الحال، القادة الصهاينة والرأي العام الصهيوني بشكل عام وعلى ما يبدو قادة عدد كبير من دول العالم، لم يتحملوا هذا الأمر فكيف يعقل أن شعبا مستعمَرا يلقن المستعمِر درسا عسكريا بهذا المستوى من الدقة.

أعلنت حكومات غربية وعلى رأسها الحكومة الأميركية الدعم المطلق لإسرائيل بدعوى حقها في الدفاع عن نفسها، في المقابل تجاهلت هذه الحكومات المجازر المرتكبة في حق المدنيين الفلسطينيين، لماذا في نظرك هذا الانحياز المطلق لإسرائيل؟ وما تأثيره على القضية الفلسطينية؟

عند الحديث عن العالم الغربي ينبغي التمييز بين موقف النرويج وإسبانيا مثلا وموقف فرنسا وإنجلترا وألمانيا والولايات المتحدة، هذه الأخيرة بلغ دعمها إلى مستوى تزويد جيش الاحتلال بالقنابل التي يرميها على المدنيين الفلسطينيين وبكميات هائلة، زيادة على تسليمه قنابل من نوع جديد وفي نفس الوقت توفير مظلة سياسية ودبلوماسية وإعلامية ونشر الأكاذيب حول مستشفى المعمداني وحول عدد المدنيين الذين قتلوا في غزة.

هذا الانحياز الفاضح سببه أن دولة الاحتلال (إسرائيل) هي حارس مصالح هذه البلدان في هذه المنطقة، ولأول مرة شعروا بالخطر، مما جعلهم يتدخلون بشكل مباشر ومعلن وقوي ليس فقط سياسيا ودبلوماسيا، ولكن أيضا بالحضور العسكري الأميركي المباشر وهذا لم يحدث من قبل.

بالمقابل، علينا ألا ننسى أن الولايات المتحدة هي المسؤولة عن الإبادة الجماعية لشعوب أميركا الأصليين، وفرنسا لم تتعاف بعد من هزيمتها في الجزائر حيث ارتكبت مجازر، وأيضا إنجلترا في كينيا والهند مثلا، فهذه البلدان تعتبر نفسها سادة العالم وباقي الشعوب الأخرى لا قيمة لهم، وعندما قال الوزير الصهيوني إنهم يواجهون حيوانات بشرية فهذه الأفكار موجودة في لاوعي البلدان الغربية.

من جهة أخرى، فإن انحياز هذه الدول بهذا الشكل العلني والمفضوح يجعلها في موقع لا يسمح لها بحل القضية الفلسطينية، إذ إن الأمم المتحدة لم تستطع فرض هدنة إنسانية لإدخال الطعام والماء والدواء لشعب يتعرض لإبادة جماعية، فكيف يمكن أن يتكلم المرء عن حل شامل لهذه القضية.

تتشبث وسائل إعلام غربية بتقديم الرواية الإسرائيلية وتعتبر حماس حركة إرهابية وتتجاهل الفظائع التي تمارسها إسرائيل تجاه الفلسطينيين بصفتها قوة احتلال، كيف ترى تأثير ذلك على الرأي العام في العالم وفي منطقتنا العربية؟

تعمل وسائل الإعلام في البلدان الأوروبية والولايات المتحدة على تمرير وجهة نظر واحدة للرأي العام وهذا كله مظلة من أجل حماية محميتهم ألا وهي دولة الاحتلال.

بالمقابل، وسائل الإعلام في عالمنا العربي -ما عدا استثناءات- ضعيفة جدا في مواجهة الآلة الإعلامية الغربية التي كانت تدعي أنها موضوعية.

نحن الآن في وضعية دقيقة وتبين لنا أن الموضوعية مجرد شعار لأن من أراد أن يأخذ الكلمة في وسائل الإعلام الغربية يتم مطالبته أولا بالإقرار بأن حماس منظمة إرهابية، وإذا لم ينطق بهذا الموقف فلن تعطى له أي فرصة للتعبير عن رأيه وتمرير أفكاره.

نشر الأخبار الزائفة في وسائل الإعلام له دائما تأثير طويل المدى لأنه حتى إذا تم تكذيب تلك الأخبار، فإنها تكون قد انتشرت في صورتها الأولى وتصير الكذبة هي الحقيقة مثل ما وقع في ترويج أخبار عن قتل المقاومة للأطفال وتم تكذيب الخبر بعد ذلك.

مع ذلك، هناك من يدرك ويعي ما يقع، والمظاهرات التي خرجت في الولايات المتحدة وإنجلترا وغيرها من طرف مواطنين من ألوان ومشارب فكرية ودينية مختلفة، تدل على وجود وعي لدى الكثيرين بازدواجية المعايير لدى عدد من وسائل الإعلام والحكومات الغربية.


ما المطلوب داخل المغرب وخارجه للتعامل مع هذه اللحظات الخطيرة والصعبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني؟

الأمور واضحة وضوح الشمس، لا يمكن أن تتجرأ دولة الاحتلال الصهيوني على ما تفعله من فظائع وإبادة لولا الشعور بفك عزلتها في العالم العربي عن طريق اتفاقيات أبراهام واتفاقيات التطبيع التي وقعتها مع عدد من الدول العربية ومنها المغرب.

نحن كناشطين في دعم فلسطين ومناهضة التطبيع نطالب بفسخ وحل جميع التعاقدات التي أُبرمت منذ الإعلان عن استئناف العلاقات وأيضا طرد ممثلي المحتل الصهيوني وإغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط (…) ولا يكفي إرسال المساعدات الخيرية، بل ينبغي أن يكون رد الفعل في مستوى المجازر التي تحدث.

هل تعتقد أن ما يجري في قطاع غزة سيدفع باتجاه كبح جماح موجة التطبيع التي تلت توقيع المغرب وإسرائيل اتفاقا لإعادة العلاقات بينهما؟

أعتقد أن الحرب تتجه نحو التصعيد وتوسيع رقعتها، وآنذاك سيصعب على الأنظمة المطبعة مع الكيان المحتل أن تبقى على موقفها.

بعد انتهاء الحرب نتمنى أن يدفع ما حدث في غزة من عدوان ومن إبادة جماعية للمدنيين إلى وقف مشاريع الأنظمة التي كانت على استعداد للتطبيع وبناء جسور مع دولة الاحتلال.

أظن أنه سيصعب على من يتزعمون العالم الإسلامي أن يغامروا في علاقات أوسع مع دولة الاحتلال، ولكن مع ذلك لا نعرف ما سيحدث ولا نملك اليقين لمعرفة ذلك.

كيف تقيم الحراك الحالي داخل المغرب المناصر للقضية الفلسطينية وضمنها ما يجري في غزة؟

مع قرار المغرب استئناف العلاقات مجددا مع دولة الاحتلال، رافق هذه الخطوة تضليل إعلامي واسع جعل الكثير من المواطنين في حالة من التشويش والحيرة بشأن هذا القرار ولوحظ أن مستوى الدعم للقضية الفلسطينية تراجع عن السابق من خلال الوقفات والفعاليات.

لكن فظاعة الأعمال الصهيونية التي حدثت في غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، أيقظت المواطنين وخرجوا من حيرتهم واتضحت لهم الصورة المشوشة وعادوا إلى مواقفهم التقليدية الأصلية في دعم القضية الفلسطينية فخرجت مظاهرات بمئات الآلاف في الشوارع ووقفات يومية في المدن.

هذا المستوى من التضامن يبين أنه لم يتغير شيء في العمق وأن غالبية المغاربة يعدون قضية فلسطين  قضية وطنية ومن الواجب النزول إلى الشارع للتعبير عن دعمهم للمقاومة وغضبهم من العدوان وحرب الإبادة الصهيونية التي تمارس على الشعب الفلسطيني ورفض التطبيع.

وقفة تضامنية لأطفال المغرب مع أطفال فلسطين (الجزيرة)  تنشطون في مجال مقاطعة إسرائيل، ما النتائج التي تحققت على أرض الواقع منذ بدء هذا النشاط؟

نحن ننشط في مجال المقاطعة الفنية والأكاديمية والرياضية والاقتصادية لدولة الاحتلال الصهيوني، والمعروف أن حركة "بي دي إس" العالمية -وأنا أنتمي إليها عن طريق المجموعة المغربية- حققت الكثير مثلا عدد من البنوك والصناديق السيادية في العالم سحبت أموالها من دولة الاحتلال وشركات عالمية انسحبت من الاستثمار فيها وهذا ليس إنجازا سهلا.

من جهة ثانية، نعمل على المقاطعة الأكاديمية من خلال دعوة نقابات التعليم العالي لعدم ربط أي علاقة مع جامعات صهيونية لأنها دون أي استثناء لديها تعاقدات مع جيش الاحتلال، كذلك المقاطعة الفنية والرياضية.

نتيجة عملنا أن عددا كبيرا من المواطنين عبر العالم يعون جيدا طبيعة دولة الاحتلال. تأثير وأثر حركة "بي دي إس" جعلا حكومة دولة الاحتلال تصنفها على أنها خطر إستراتيجي وقررت تغيير مسؤولية مواجهتها من وزارة الخارجية إلى وزارة الشؤون الإستراتيجية.

كما اتخذت عددا من التدابير لمواجهتها منها الاعتماد على عدد من المكاتب القانونية في أوروبا وأميركا من أجل سن قوانين لمنع الحركة لكنها فشلت.

فالمقاطعة (حرف B = Boycott) والعمل من أجل سحب الاستثمارات (حرف D=Divestment) وفرض العقوبات الدولية (حرف Sanctions=S) هي الفرصة المفتوحة أمام أية مواطنة وأي مواطن لدعم مقاومة وصمود الشعب الفلسطيني بشكل فعال.

وعندما نتحدث عما يجري في الولايات المتحدة الأميركية، فلا ننسى أن جزءا كبيرا من الحراك الشعبي المناهض حاليا للحرب على غزة يأتي من المنتمين إلى حركة "بي دي آس" ومنهم منظمة "الصوت اليهودي من أجل السلام" التي نظمت مظاهرات ضخمة في نيويورك قبل أيام واعتصاما في الكونغرس وفي محطة القطار وغيرها من الفعاليات المناهضة للحرب والإبادة.

إن المقاطعة هي وسيلة قوية في أيدي المواطنين للتأثير فعليا على الأحداث.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: القضیة الفلسطینیة الشعب الفلسطینی دولة الاحتلال وسائل الإعلام طوفان الأقصى فی العالم من أجل فی غزة عدد من

إقرأ أيضاً:

تحقيقات طوفان الأقصى.. الشاباك في مواجهة نتنياهو

أثار تحقيق جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي "الشاباك"، الذي ركز على الأسباب المباشرة وراء الإخفاق في توقع هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 (طوفان الأقصى)، جدلا واسعا في إسرائيل، تمحور حول تحديد المسؤوليات والخطوات المستقبلية، ورافق ذلك تبادل للاتهامات بين الحكومة من جهة، وبين المعارضة والمؤسسة الأمنية من جهة أخرى.

وجاء إعلان الشاباك عن تحقيقه بعد أيام قليلة من نشر الجيش الإسرائيلي تقريره الخاص، الذي أقر فيه بعدد من الإخفاقات في توقع الهجوم ومنعه أو التعامل معه.

وبينما اعترف الشاباك أيضا بوجود فشل أمني، فقد وُجهت سهام النقد إلى المستوى السياسي بدرجة أكبر، مع انتقادات أقل حدة للمستوى العسكري.

الشاباك ينتقد سياسات الحكومة

حمل التقرير لوما جزئيا على الجيش مشددا على ضعف التنسيق الاستخباري بين الشاباك والجيش مما أدى لمنع اتخاذ خطوات استباقية ضد هجوم 7 أكتوبر.

ولكن الانتقاد الأكثر قوة في التقرير كان للمستوى السياسي، حيث أشار إلى أن عددا من سياسات الحكومة الإسرائيلية وعلى رأسها "الانتهاكات في المسجد الأقصى والتضييق على الأسرى الفلسطينيين، وسياسة الهدوء والسماح بتدفق الأموال القطرية إلى غزة إضافة إلى تآكل قوة الردع الإسرائيلي" كانت عوامل رئيسية في تمكن حركة حماس من تعزيز قوتها العسكرية.

إعلان

وقد اندلعت حرب كلامية واتهامات متبادلة بعد نشر تسريبات في الصحف الإسرائيلية حول وجود تحذيرات من رئيس الشاباك رونين بار لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حيث كشفت صحيفة يسرائيل هيوم أن جهاز الشاباك قاد رؤية لتصفية قادة حماس وعلى رأسهم يحيى السنوار وطرح مقترحا لذلك في 6 مناسبات على الأقل، ولكن نتنياهو لم يصدق على ذلك.

ووفقا لصحيفة هآرتس، فقد دافع أنصار نتنياهو عنه من خلال سرد حجج مثل "لو أنه تم تنبيهه قبل ليلة من الهجوم، لكان أرسل الجيش كله إلى الميدان، ومنع ما حدث في مستوطنات غلاف غزة، وقواعد الجيش الإسرائيلي".

وتضيف الصحيفة أن "هذا الرد ليس مقنعا لأنه خلال الفترة التي سبقت الحرب، وحتى في الوقت الذي كان نتنياهو يقظا جدا، فإنه لم يطلب من الاستخبارات إعادة فحص تقديراتها، ولم يسألها: ماذا لو كنتم على خطأ، وكان السنوار يضللنا بتهدئة الميدان".

التقرير أشار إلى أن عددا من سياسات الحكومة الإسرائيلية وعلى رأسها الانتهاكات بالمسجد الأقصى لها دور في المسؤولية (الفرنسية) عليك أيضا تحمل المسؤولية

أثارت التقارير الصادرة عن الجيش والشاباك الجدل أيضا حول مسؤولية رئيس الوزراء، إذ كان ملحوظا تحمل كل من رئيس الأركان المستقيل هرتسي هاليفي ورئيس الشاباك رونين بار للمسؤولية عن الإخفاقات بخصوص السابع من أكتوبر، فيما لم يصدر عن نتنياهو أي شكل من أشكال تحمل المسؤولية عن هذا الإخفاق.

وفي هذا السياق، قال هاليفي -في كلمة ألقاها أثناء مراسم تنحيه وتولي خلفه إيال زامير- إنه كان جزءا من الإخفاقات، وقال رونين بار في ملخص تحقيق الشاباك: "بصفتي رئيسا للجهاز، سأحمل هذا العبء الثقيل على كتفي لبقية حياتي".

وفيما يلقي تحمل هاليفي وبار للمسؤولية ضغطا على نتنياهو لأخذ موقف مبدئي حول تحمل المسؤولية كونه صانع القرار الأول، فقد ذكر الكاتب ألوف بن في مقال له بصحيفة هآرتس أن رئيس الوزراء لم يقدم روايته للجمهور واكتفى بالتنصل من المسؤولية عن الكارثة وتوجيه التهم للتابعين له، وظل يتلاعب بالرأي العام الإسرائيلي.

View this post on Instagram

A post shared by الجزيرة (@aljazeera)

وكان مكتب رئيس الوزراء قد نفى التقارير التي قالت إن نتنياهو رفض توصية جهاز الشاباك بتصفية قادة حركة حماس قبل 7 أكتوبر.

إعلان

ولم يصبر أنصار نتنياهو سوى دقائق بعد نشر تحقيق الشاباك حتى شن مقربون منه هجمة على الشاباك، معتبرين أن التحقيق لا يجيب عن الأسئلة الرئيسية بشأن الفشل الاستخباري الخطير وأن استنتاجات التحقيق لا تظهر حجم الإخفاق الذي مني به جهاز الشاباك.

وقد شملت الانتقادات رونين بار الذي تفيد تكهنات بأن نتنياهو يسعى لإقالته بعدما أزاله من طاقم المفاوضات هو ورئيس الموساد ديفيد برنيع.

ووفقا لصحف إسرائيلية فقد قال نتنياهو إن "الشاباك لم يقرأ الصورة الاستخبارية وكان أسير تصور معين"، محملا الشاباك الإخفاق الأمني.

وبعد نشر تقرير الشاباك، هاجم نتنياهو رونين بار مرة أخرى قائلا "إن تقديرات الشاباك قبل أيام قليلة من 7 أكتوبر كانت تركز على أن حماس معنية بالحفاظ على الهدوء ولن تفتح معركة" بل إن رونين بار أوصى بتقديم منافع مدنية لحماس مقابل شراء الهدوء وعدم الدخول في جولة قتال أخرى.

المطالبة بتحقيق أشمل

لم يتورع قادة المؤسسة العسكرية والأمنية عن الإشارة بشكل مباشر وغير مباشر إلى ضرورة تحديد المسؤوليات عبر لجان رسمية مستقلة، فتوازيا مع طلب هاليفي إنشاء لجنة تحقيق رسمية طالب رونين بار بوجود تحقيق أشمل للمساعدة في الفهم الحقيقي للأسباب التي حالت دون وقف هجوم 7 أكتوبر مع ضرورة أن يطال التحقيق دور العناصر الأمنية والسياسية في إسرائيل.

ومن جانب آخر، يعتقد بار أيضا وفقا لما ذكرته الإذاعة العامة الإسرائيلية "كان" أن هناك نظريات مؤامرة ضده وضد شعبة الاستخبارات العسكرية مفادها أن مسؤولين في الشاباك والاستخبارات العسكرية علموا باستعدادات حماس لهجوم 7 أكتوبر ولكنهم تجاهلوا الحديث عنها بسبب الإهمال أو خوفا من كشف مصادر مهمة.

ويرى بار أنه من أجل قطع الطريق على نظريات المؤامرة هذه، فلا بد من تشكيل لجنة تحقيق رسمية وأن عدم القيام بذلك يبقي الأرضية خصبة لانتشار ادعاءات كاذبة.

بار: لا بد من تشكيل لجنة تحقيق رسمية وعدم القيام بذلك يبقي الأرضية خصبة لانتشار ادعاءات كاذبة (رويترز)

من ناحية ثانية، تدور معركة أخرى حول تشكيل لجنة التحقيق الرسمية مع المستشارة القضائية للحكومة غالي بهراف ميارا حول مبررات رفض نتنياهو لتشكيل لجنة تحقيق رسمية من خلال الادعاء بأنه "لا يمكن القول إن الحرب انتهت".

إعلان

كما انتقدت ميارا عدم تعميم نتنياهو موقف رئيس الشاباك على بقية الوزراء، مما جعله يرد بالقول إنه "موظف.. ما علاقته بهذه القضية؟ وهذا تناقض.. بأي صلاحية يعبر عن موقف دون أن يطالَب بذلك، ومن دون أن يكون هو مرتبطا به أصلا؟".

وكانت الحكومة رفضت سابقا فكرة لجنة التحقيق التي طلبها بار وشهدت الجلسة حينها جدلا واتهامات متبادلة، حيث قالت الإذاعة الإسرائيلية الرسمية في فبراير/شباط 2025 إن حكومة الاحتلال رفضت طلب رونين بار المشاركة في جلسة خاصة لمناقشة تشكيل لجنة تحقيق رسمية في إخفاقات 7 أكتوبر، وتضمنت الجلسة حينها مناقشات حادة.

ووفقا للإذاعة، هاجم نتنياهو بار واصفا إياه بأنه موظف لا علاقة له بلجنة التحقيق الحكومية، كما هاجم وزير الاتصالات شلومو كرعي فكرة تشكيل لجنة تحقيق بناء على قرار قضاة المحكمة العليا قائلا إن "هناك حكومة منتخبة في إسرائيل، ولن تضع مصير التحقيق في أيدي شخص يجب التحقيق معه".

ومن زواية أخرى، قالت المستشارة القضائية إن تشكيل لجنة تحقيق رسمية مرتبط بموقف تم تقديمه للمحكمة في لاهاي، وإن هذا أمر لا يمكن التراجع عنه. وقد سألها نتنياهو "من الذي صدق على ذلك؟"، أجابت بهراف ميارا "أنت يا سيدي".

ميارا انتقدت عدم تعميم نتنياهو موقف رئيس الشاباك على بقية الوزراء (الفرنسية) إقالة بار

قد تكون إقالة بار الخطوة المقبلة لنتنياهو، ولكن هذا سيكون موضع خلاف كبير، فوفقا لما ذكرته القناة الـ12، فإن بار صرح بأنه لا يخطط للتنحي عن منصبه حتى يتم إعادة جميع الرهائن وتشكيل لجنة حكومية للتحقيق في الإخفاقات المحيطة بهجوم حماس.

وأفادت وسائل إعلام عبرية، بأن نتنياهو كان يبحث في تداعيات إقالة بار، وتكهنت بأن هذه الخطوة قد تحدث في غضون أسابيع.

وعلى غرار ما حصل في رئاسة الأركان، يبحث رئيس الوزراء عن شخص مقرب منه لإدارة الشاباك، ويعتقد وفقًا لما نشرته هيئة البث الإسرائيلية أن نائب رئيس الشاباك السابق الذي عيّنه نتنياهو في طاقم المفاوضات بدلا عن بار قد يكون مرشحه لإدارة الشاباك.

إعلان

وقد يكون لدى رئيس الوزراء مرشحون من خارج الجهاز، وهذا من شأنه أن يشعل خشية من تسييس جهاز الشاباك الذي كان ينظر إليه على أنه مؤسسة مهنية ليست داخلة في الخلافات السياسية.

عاجل | القناة 12 الإسرائيلية عن ضباط متقاعدين: إقالة رئيس الشاباك وسط تضارب في المصالح وفي هذا الوقت انتهاك للقانون pic.twitter.com/scqG0lXJ7O

— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) February 23, 2025

مواقف الرأي العام

وفي هذا السياق، أظهر استطلاع رأي أجرته القناة الـ12 الإسرائيلية نشر يوم 5 مارس/آذار الجاري أن 60% من الإسرائيليين يؤيدون استقالة رئيس الحكومة نتنياهو، كذلك أعرب 64% عن تأييدهم لاستقالة رئيس الشاباك رونين بار.

بالإضافة إلى دعم كبير لإنشاء لجنة تحقيق مستقلة حول أحداث 7 أكتوبر، فقد دعم هذه الفكرة 75% من الإسرائيليين، كما أيد 42% إقالة المستشارة القضائية غالي بهراف ميارا، فيما عارض هذه الخطوة 41% من المستطلعة آراؤهم.

تشير هذه الحالة من الجدل والاتهامات بعد نشر جهات متخصصة لنتائج التحقيق أن تراجعا كبيرا في الثقة تجاه المؤسسات المسؤولة عن توفير الأمن في دولة الاحتلال على كافة المستويات، وهو ما يشكل خطرا داخليا.

وعليه، وفق ما نقله موقع "واينت" الإسرائيلي، فمن المتوقع أن تنضم هيئات أمنية إسرائيلية إلى موقف رئيس الشاباك، الذي يرى أن الطريقة الوحيدة لإعادة تعزيز ثقة الجمهور بالشاباك هي من خلال تشكيل لجنة تحقيق رسمية فقط، وليس لجنة تحقيق حكومية لن تحظى بثقة الجمهور.

فيما سيبقى تعنت نتنياهو حجر عثرة أمام إنشاء هذه اللجنة التي يخشى أن تشكل نتائجها ضربة قاضية لمستقبله السياسي.

مقالات مشابهة

  • تحقيقات طوفان الأقصى تضع الشاباك في مواجهة نتنياهو
  • تحقيقات طوفان الأقصى.. الشاباك في مواجهة نتنياهو
  • عاجل| مصادر للجزيرة: مستوطنون يقتحمون باحات المسجد الأقصى
  • قيادي بحماس: لولا طوفان الأقصى لأصبحت فلسطين مثل الأندلس
  • يوم المرأة العالمي.. استشهاد أكثر من 12 ألف فلسطينية منذ "طوفان الأقصى"
  • انتهاكات الاحتلال للمقدسات في شهر رمضان عرض مستمر.. اقتحام 8 مساجد في نابلس وتصعيد مستمر في الأقصى.. «الخارجية الفلسطينية» تدين تخريب دور العبادة وإحراق مسجد النصر بالبلدة القديمة
  • الخارجية الفلسطينية تدين عرقلة قوات الاحتلال وصول المصلين للمسجد الأقصى
  • الخارجية الفلسطينية: تقييد الاحتلال لدخول المصلين الأقصى انتهاك للقانون الدولي
  • إسرائيل ترفض تسليم الحرم الإبراهيمي للأوقاف الفلسطينية
  • علي عكس العادة.. إسرائيل ترفض تسليم الحرم الإبراهيمي للأوقاف الفلسطينية