أودى القصف الإسرائيلي الذي استهدف منزلا بقطاع غزة -أمس الثلاثاء 31 أكتوبر/تشرين الأول 2023- بحياة الفنانة الفلسطينية إيناس السقا وأبنائها الثلاثة لين وسارة وإبراهيم.

أما ابنتاها فرح وريتا، فترقدان في العناية المركزة بمستشفى الشفاء بعد إصابتهما بجروح خطيرة.

وكان إسلام ابن شقيق الفنانة الراحلة، كشف -من خلال حسابه الشخصي على "إكس" (تويتر سابقا)- أن إيناس وأسرتها احتموا في البداية في المركز الثقافي الأرثوذكسي، إلا أنهم اضطروا لمغادرته إلى منزل أحد معارفهم بعد تعرضه للتهديد، فاستهدفهم القصف الإسرائيلي وهدم البيت على رؤوس من فيه.

وزارة الثقافة الفلسطينية نعت السقا وأبناءها في بيان قالت فيه، "استشهاد الفنانة إيناس السقا وابنتيها لين وسارة إثر القصف المتواصل على قطاع غزة، وسبق أن نفذت الكثير من ورش الدراما والمسرح مع الأطفال، وشاركت في العديد من الأنشطة التفاعلية المجتمعية".

وكانت الفنانة الراحلة كتبت آخر كلماتها عبر حسابها الشخصي على موقع فيسبوك في 27 أغسطس/آب الماضي، قائلة "تلتفت أحيانًا لتُلقي نظرة على ماضيك.. فتكتشف أنك خرجت حيًا من  مذبحة".

وسبق أن قدّمت الفنانة المسرحية إيناس السقا الكثير من ورش الدراما والمسرح مع الأطفال، ولها مشاركات مع الأنشطة التفاعلية المجتمعية مثل التدريب على مهارات الاتصال والتواصل ومهارات القيادة، وقد احترفت الفن رغم دراستها لهندسة الديكور إلى جانب حصولها على بكالوريوس الخدمة الاجتماعية من جامعة القدس.

وتعتبر السقا من أوائل الفنانات اللاتي عملن في المسرح بغزة، وشاركت في ورش عمل مسرحية في "عشتار" بالقدس وبالأكاديمية السويدية، كما قدمت العديد من الأعمال مثل "الدب" و"في شيء عم بيصير".

كما قدّمت الفيلم الفلسطيني "عصفور الوطن"، الذي أنتج في غزة من إخراج مصطفى النبيه، ويحكي تفاصيل التجربة النضالية للشعب الفلسطيني منذ النكبة في العام 1948 واحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة في 1967. ويجسد بطل الفيلم الطفل محمود الشيخ (14 عاما) قصة فتى فلسطيني يدعى يوسف فقد والديه في حرب 1967، ثم هاجر برفقة أخته “رقيّة” مع بقية الأسرة المكونة من الجد والجدة والأعمام ولجؤوا إلى بيت خالهم المختار في إحدى قرى قطاع غزة.

وتبدأ أحداث الفيلم عندما يلتقي يوسف بمجموعة من المقاومين حاول أحدهم إهداءه عصفورا، لكن العصفور فر محلقا في السماء، وعندها تخيل الطفل أن العصفور لم يفلت من يديه إلا لأنه يحمل روح والديه اللذين استشهدا على أيدي جنود الاحتلال خلال الحرب، فانطلق بعدها للبحث عن سبل للانتقام.

مشهد من من فيلم "عصفور الوطن" (الجزيرة)

وفي رحلة بحث يوسف عن قتلة والديه، يعترضه معسكر للجيش الإسرائيلي فيقرر الوصول إليه، لكنه ما إن يحاول الاقتراب حتى يهاجمه الجنود ويعتقلوه بعدما أوجعوه ضربا متهمينه بمساعدة المقاومين.

وشارك إيناس السقا في بطولة "عصفور الجنة" كل من سعد الدين مخربان وكاميليا أبو سمك وآمال الشناوي وصالح السحلوب ومحمد الريفي وزهير البلبيسي.

ويستهدف الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية الحرب على غزة الصحفيين والإعلاميين الفلسطينيين، إذ أعلنت نقابة الصحفيين الفلسطينيين مساء أمس الثلاثاء، ارتفاع عدد الإعلاميين القتلى جراء الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلى 38.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: إیناس السقا

إقرأ أيضاً:

السلام طريق إنقاذ الوطن وبنائه على أسس جديدة

 

السلام طريق إنقاذ الوطن وبنائه على أسس جديدة

عمر الدقير

لم يكن شعار ثورة ديسمبر الأثير: “حرية، سلام وعدالة”، مجرد هتاف تصدح به الحناجر في الشوارع، بل كان تعبيراً عن شروط الوجود الكريم – منذ أول احتكار للقوة وحتى آخر احتقار للإنسان الأعزل – مثلما كان إعلاناً لقطيعة مع ثلاثة عقود من ثنائية الاستبداد والفساد، وتبشيراً بتأسيس وطنٍ جديد معافى من خيبات الماضي.

إن بلداً يمتاز بهذا القدر من التنوع والتعدد، ويحمل إرثاً من الأزمات – التي تفاقمت بفعل سياسات النظام البائد – كان من الطبيعي أن تتعرض فيه مسيرة الانتقال بعد انتصار الثورة لصعوبات وعثرات، خاصة وأن النظام القديم لم يغادر المشهد بعد سقوط سلطته السياسية، بل ظل منذ اليوم الأول للانتقال يمارس عملية الشد العكسي لعرقلة التغيير.

ومع ذلك، لا بد من الاعتراف بأن قوى الثورة نفسها لم تكن بمنأى عن الأخطاء، إذ تفرقت صفوفها وابتعدت عن خندقها الموحد على خلفية قضايا صغيرة تتقاصر عن غايات الثورة السامية. هذا التذرُّر أفسح المجال أمام قوى الشد العكسي لتنظيم صفوفها واستدعاء ممكناتها في المجالات كافة، حتى تمكنت من استهداف مسيرة الثورة بشكلٍ مباشر في مرتين: الأولى بانقلاب ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١ والذي أجهضته جماهير الثورة عبر مقاومة باسلة وتضحيات جسام، والثانية باشعال فتيل الحرب في ١٥ أبريل ٢٠٢٣

لقد كان الهدف الأساسي لقوى الشد العكسي، ولا يزال، هو القضاء على ثورة ديسمبر التي أطاحت بنظامهم ورفعت راية الحلم بحياة كريمة. لكن غاب عنهم أن أحلام الشعوب في الحرية والكرامة لا تموت مهما أمعنوا في إطلاق النار عليها .. ومهما تمادوا في التآمر عليها فإن غايات ثورة ديسمبر تظل عصية على النسيان والتخلي، ويظل الزحف نحوها مستمراً مهما بلغت التحديات.

تخطّت الحرب شهرها العشرين، ونجحت في تحويل السودان إلى أكبر حالة كارثة إنسانية يشهدها العالم اليوم. حصدت أرواح الآلاف، وشرّدت الملايين من ديارهم، وجعلت الحصول على الغذاء، والدواء، والتعليم، وكافة الخدمات الأساسية أمراً بالغ الصعوبة لغالبية السودانيين. وفي ظل هذه المآسي، أصبحت أمنية السودانيين الأولى وهاجسهم الدائم هو إيقاف الحرب لإنهاء معاناتهم المستمرة.

وغنيٌّ عن القول أن إيقاف الحرب في السودان يستلزم وجود تيار سياسي واجتماعي واسع يعبر عن إرادة السودانيين الغالبة، ويعمل  برؤية مشتركة وجهود موحدة لإسكات البنادق والإمساك الجماعي بخشبة الخلاص لعبور مستنقع الأزمة.

تشكيل هذا التيار هو مسؤولية الجميع – وعلى القوى السياسية والمدنية بشكل خاص أن تتحمل نصيبها من المسؤولية التاريخية – وشروط تحقيقه ليست مستحيلة، بل تتطلب وعياً نزيهاً ومشحوناً بالاستقامة، وترفعاً عن الحسابات الضيقة، مع تقديم الأولويات الجوهرية على القضايا الثانوية، والتنازلات المتبادلة خدمةً للهدف المنشود.

السلام لم يعد خياراً يقبل التأجيل، بل ضرورة وطنية ووجودية لمواجهة الكارثة الإنسانية وإبعاد شبح التقسيم عن فضاء الوطن، لكن تحقيق السلام لن يتم بالأماني ولا بالتصريحات المتواترة بينما الفعل ممنوع من الصرف، ولن يأتي من خارج الحدود، بل يتطلب توحيد الإرادة الوطنية من خلال اجتماع القوى السياسية والمدنية على مبدأ الحل السياسي السلمي، وبلورة مبادرة وطنية بمبادئ عامة ورؤية مشتركة تتصدى بها لدعوات استمرار الحرب وخطاب الكراهية الذي يذكي نارها، وتفتح بها حواراً مع قيادتي الطرفين المتحاربين لبحث القضايا ذات الصلة المباشرة بالحرب وفي مقدمتها إنهاء حالة تعدد الجيوش لصالح الجيش القومي المهني الواحد والعدالة وعموم ترتيبات ما بعد الحرب بقيادة سلطة انتقالية مدنية متوافق عليها، بما يُمكِّن من الوصول إلى اتفاق إيقاف العدائيات لمعالجة الكارثة الإنسانية وتهيئة المناخ لعملية سياسية تناقش جذور الأزمة وتطرح حلولاً توافقية تحافظ على وحدة السودان وسلمه الأهلي وتفضي لتأسيس دولة مدنية ديمقراطية.

في ظاهر الأمر، يبدو التاريخ كأنه سردية طويلة لمعاناة الإنسان وآلامه، لكن الحقيقة الكبرى أن الإنسان كان على الدوام ينتصر بفضل إرادته التواقة للحرية والسلام والعدالة .. وإذ يشهد التاريخ أن المعاناة، مقرونة بإرادة الحياة والوعي بشروطها الكريمة، تفرز مضادات الاستبداد وتستنهض مقاومته، فإنها كذلك تفرز المناعة اللازمة لمواجهة جرثومة الحرب الخبيثة واجتثاثها. ولولا هذه الجدلية التي تربط بين المعاناة والوعي والمقاومة، لظل التاريخ يسير على مجرىً راعِف ولأفضى إلى استدامة الاستبداد والدمار.

لن نكفّ عن التأكيد على أن الواجب الوطني يُحتم على القوى السياسية والمدنية الارتقاء إلى مستوى التحديات المصيرية التي تهدد الوطن. إن المرحلة تستوجب تجاوز الخلافات البينية وتقديم المصلحة العامة على الحسابات الذاتية، ورفع راية الانحياز للوطن ومطلب شعبه المُلحّ بإيقاف الحرب فوراً .. ولنتذكّر دائماً أن كلمة السرّ في انتصار ثورة ديسمبر، وما سبقها من المآثر الوطنية الكبرى في تاريخنا، كانت تكمن في وحدة الهدف والإرادة.

التحية لذكرى ثورة ديسمبر المجيدة، الرحمة لشهدائها، والسلام والمحبة لشعبنا العظيم.

 

الوسومالسودان ثورة ديسمبر حرب 15 أبريل

مقالات مشابهة

  • شاهد بالفيديو.. الفنانة بلقيس تلبي طلب شاب سوداني وتغني له أشهر الأغنيات السودانية المتداولة في الوطن العربي
  • فصائل المقاومة الفلسطينية تبارك القصف الصاروخي اليمني في عمق الكيان الصهيوني
  • من جـرائم الـهارب والمقبور: شو يعني عصفور؟!
  • ابنة طلعت زكريا تكشف حلم والدها الذي حققه سمير غانم
  • السلام طريق إنقاذ الوطن وبنائه على أسس جديدة
  • بعد قصف على اليمن.. الحوثيون يتوعدون إسرائيل وأمريكا وبريطانيا
  • مصرع وإصابة العشرات في القصف الإسرائيلي على اليمن
  • عملية «سهم باشان».. القصف الإسرائيلي يدمر 80% من القدرات العسكرية السورية و90٪ من بطاريات صواريخ أرض جو
  • فلسطين.. 43 شهيدًا جراء القصف الإسرائيلي على قطاع غزة منذ أمس الأربعاء
  • شاهد | ما الذي يخطط له العدو في الضفة، وكيف يستفيد من التناقضات الفلسطينية؟