في الذكرى التاسعة والخمسين لثورة أكتوبر 1964 عبد الله محمد الحسن: وجه من الثورة
تاريخ النشر: 1st, November 2023 GMT
كتب المهندس خالد نجم الدين أحد جرحي ندوة الأربعاء 12 أكتوبر 1964 عن اصابته بطلق ناري في المواجهة بين الطلاب والشرطة في تلك الليلة. ليلة الأربعاء التي فيها "نصبوا بروج الموت فوق الجمعة" كما قال ود المكي. وكتب خالد عن شجاعة جماعة من الطلاب من حوله خص منهم بالذكر المرحوم الرفيق عبد الله محمد الحسن. فقال:
لحظة إصابتي بالطلق الناري وأنا في وسط زملائي الطلاب.
انتهى كلام خالد: من هو عبد الله محمد الحسن:
كان يكتب اسمه الأخير أحياناً ك"المجذوب". وهو من قرية فتوار شمالي بربر غربي النيل وقريباً من الباوقة. وتربى في الحصاحيصا. وقرأ الثانوية ببورتسودان الحكومية. والتحق بكلية الآداب بجامعة الخرطوم في عام 61-62. وهو شقيق الرشيد محمد الحسن المناضل الشيوعي المخضرم المعروف ببحري الجزيرة. وله أخوات. وتزوج عام 1969 من الدكتورة دينا شيخ الدين وله منها خالد.
عمل بعد تخرجه مع المرحوم عبد الوهاب موسي في مكتب استشاري للعمل كان بعمارة تحتل بعضها صحيفة الرأي العام. وقام بعمل ميداني في مشاريع الشمالية للغاية.
ثم التحق بمعهد الإدارة العامة الذي أوفده في نحو أوائل1971 لبعثة بجامعة جنوب كاليفورنيا. فحصل على درجة الماجستير في الإدارة العامة وعاد في 1973 للسودان. وتوفي رحمه الله في حادث حركة فاجع في 1975.
من جهة السياسة فعبد الله عضو الجبهة الديمقراطية بالجامعة، ورابطة الطلاب الشيوعيين، فالحزب الشيوعي. ومثّل الجبهة لديمقراطية في مجلس الاتحاد ولجنته التنفيذية للعام 1963-1964. وفُصل من الجامعة لعام 63-64 بسبب تظاهرة للطلاب في حفل تخريج بالجامعة شهدها مدراء الجامعات الأفريقية. وكان قرار الاتحاد أن ينسحب الطلاب بهدوء احتجاجاً على قرار نظام عصابة 17 نوفمبر بضم الجامعة إلى وزارة التربية. ولكن عضوين من الجبهة الديمقراطية هما الدكتورين سراج علي اللبني وعبد المنعم عطية خرقا الاتفاق، وهتفا، وتبعهما الطلاب. وسبِّب خروج الزميلين لنا حرجاً في أروقة الاتحاد تفهمت المعسكرات الأخرى اعتذارنا عنه. وشملني الإيقاف كسكرتير للاتحاد. وشمل المرحوم بابكر الحاج الذي كان أول من تحدث في ندوة "الإخوان" أو كما قالوا، ولم يكمل كلمته كما هو معروف.
عمل عبد الله خلال سنة الإيقاف مديراً لأعمال علي دنقلا في الخرطوم بحكم صلة الأسرتين في الحصاحيصا. وكان دنقلا قد وقع عليه عطاء بناء عدد من قرى خشم القربة لتوطين أهالي حلفا. وكان مكتبه على شارع الحرية في أواسط المنطقة الصناعية. وكنت عمِلت مدرساً بمدرسة الجمهورية عند مقابر حمد النيل بأم درمان. ومتنت هذه السنة أواصر المحبة بنا على طريق الزمالة. كنت نلتقي في قهوة قريبة من الكوباني بالسوق العربي كل مساء تقريباً. وكان يغشانا المرحوم عمر عوض حمور المدرس بوادي سيدنا. وكان هي تلك الظروف التي أول ما عرفت فيها الدكتور عبد الرحيم على الطالب بمدرسة وادي سيدنا.
أهديته كتابي "بئر معطلة وقصر مشيد" بقولي: "يا حبيبي، اسهدتني عليك". كان ارأف الناس بي وأبرهم. وكنت احبه جداً لله والحزب والوطن. ثم التقينا على محبة أستاذنا عبد الخالق محجوب وكتاب ماركس: "الثامن عشر من برومير" لبلاغته قبل كل شيء. ولو آثر أستاذنا أحداً بمحبته من جيلنا لكان عبد الله على غير ما يدعي بعض الناس لي. فكان يغشاني نهارات الجمع لنزور أستاذنا في بيته. وكان بمثابة سكرتير له. ينتحي به أستاذنا جانباً في حديث وتكاليف. ثم نجتمع بعدها ونسمر.
وتصدى عبد الله أكثر مرة للرد على المرحوم صلاح أحمد إبراهيم في مقالات بجريدة الصحافة عام 1968 تتريق فيها على أستاذنا تريقة حامضة وغير مجدية. كما كتب الشعر ونشر بعضه على صفحة "الراي العام" الأدبية التي حررها الأستاذ أحمد على بقادي.
ولما قام انقلاب مايو 1969كان عبد الله قريباً من أستاذنا في اللجنة الحكومية التي نشأت للتنسيق بين الحكومة والحزب لتفادي الصدام وسوء التفاهم، ولتدارس مشروعات الحزب للدولة. ثم صار إلى وزارة الجنوب الجديدة مع الرفيق الشهيد جوزيف قرنق مستشاراً للعمل النقابي. وأول ما رأيت أستاذنا عبد الخالق في غير بيته أو في العمل العام كان في أغسطس 1969 جاء يهنئ عبد الله بزواجه في بيته بامتداد الثالثة قريباً من محطة 7.
كان عبد الله في البعثة حين قام انقلاب 19 يوليو 1971 وتشتت الشمل. وعاد في 1973 ووجدني في طيات العمل السري. وكان بيته مفتوحاً لي في كل وقت. آكل واشرب وأهنأ. وفوجئت ضحى يوم من عام 1975 بمن نقل لي خبر مصرعه في حادث حركة على شارع الصحافة شرق. وعرفت أني تيتمت. وكانت سيارته الخضراء البيضاء قعيدة عند القسم الجنوبي لشهور أمر عليها فتنتحب روحي.
هذا هو الحبيب عبد الله. كان لما عاد للجامعة في 1964 عضواً بمجلس الاتحاد. وها أنت تراه العضو الوحيد من المجلس الأربعيني الذي كان بين الطلاب جريحاً هو نفسه ويداوي جرحاهم. ولا أحسب أنه كان من سكان البركس. فعهدي به أنه كان إما بداخلية بحر العرب أو الرهد أو ربما بحر الغزال. وغير متأكد. لم أكن لا أنا، ولا ربيع حسن أحمد، ولا أنور الهادي عبد الرحمن، الذي ما كف يرمينا بالجبن ومهادنة النظام، ممن شهدوا الوغي مثل شهود عبد الله. وبينما كان عبد الله جريحاً يحف جريجاً بعناية شجاعة وسط زخات الرصاص كانت زوجته مستقبلاً، دينا شيخ الدين، تطلق زغروداتها في ساحة البركس تحض على الوقوف والبسالة.
IbrahimA@missouri.edu
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: کان عبد الله
إقرأ أيضاً:
الحكيم يحذر من التدافع الذي يخلف نتائج صفرية تهدر الجهد والوقت
10 أبريل، 2025
بغداد/المسلة: شدد رئيس تحالف قوى الدولة الوطنية، عمار الحكيم، على ضرورة تجاوز الخلافات والتعايش السلمي بين مختلف مكونات الشعب العراقي.
وذكر بيان لمكتبه، ان الحكيم زار قضاء بلد اليوم الخميس في ثاني أيام جولته في محافظة صلاح الدين والتقى في مضيف إمارة ربيعة، جمعا من شيوخ ووجهاء القضاء، وأعرب عن سعادته بزيارة بلد حيث تحتضن هذه المدينة جناب السيد محمد (رضوان الله تعالى عليه) إضافة إلى تضحيات هذه المدينة وعلاقتها التاريخية مع مرجعية الإمام الحكيم (قدس سره)، حيث استمرت هذه العلاقة مع أسرة الإمام الحكيم مع شهيد المحراب (قدس سرهما)، وقلنا إن بلد خط الصد الأهم بوجه الإرهاب”.
وأكد الحكيم، ان ” عزيز العراق (قدس سره) كان مهتما ببلد وأهلها وعشائرها، وكان يوصي برعايتهم وتمكينهم مع الاهتمام بالواقع الخدمي والتنموي، كما استذكر سيرة الراحل الحاج أيمن البلداوي (رحمه الله) تلك الشخصية المثابرة والمعطاءة، وإن رحيله كان خسارة للجميع”.
وبين إن “الإرهاب استهدف بلد لكن وقفة أهلها وصمودهم صنعت مجدا وتاريخا في مواجهة الإرهاب، ما جعل صلاح الدين تقدم أكثر من 18 ألف شهيد للعراق، وفي مواجهة الإرهاب، كما دعونا لأخذ العبر من الماضي دون الغرق فيه، مع أهمية أخذ خطوة جديدة على طريق البناء والاستقرار، ومد الجسور مع الآخرين وبناء عراق يعيش فيه العراقيون متحابين ومتعايشين مع بعضهم، مع أهمية القناعة بأن التنوع قدر لا بد أن نعيشه”.
وأكد، أن “الأخطاء لا يتحملها إلا مرتكبيها، ولا يمكن إعمامها على جهة أو طائفة، مبينا أن الثأر للشهداء يكون بإعمار العراق والقضاء على ما تبقى من إرهاب، ودعونا للتأسي بمنهج المرجعية الدينية في التعامل مع الأزمات والتحديات والتعبير عن المواقف”.
وحذر الحكيم “من التدافع وما يخلفه من نتائج صفرية تهدر الجهد والوقت لا يستفيد منها أحد، “لافتا الى إن “رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما دخل إلى مكة فاتحا دخلها بلغة التسامح والمودة، وهذا ما مكّنه من توسيع الدعوة إلى الإسلام إلى امبراطوريات زمانه، وأشرنا أيضا إلى نظرة العالم والمنطقة إلى العراق كخط صاعد”.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts