حديث واعتراف وأسف بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل في المؤتمر الصحفي الذي عقد مؤخرا وبثته كافة وكالات الأنباء العالمية يطرح تساؤل مهم .. هل تقبل الإدارة الإسرائيلية ما تحدث به أمام العالم ؟ وهل سيقبل الشارع الإسرائيلي اعترافاته ؟ وهل ستقبل أسر الأسرى ومن تضرروا من هجوم 7 أكتوبر على إسرائيل أسفه، أم ان ما فعله نتنياهو أشبه بفكرة "رقصة الذبيح" قبل أن يتم نحره، بمعنى آخر قبل تخوفه من إجباره على تقديم استقالته خاصة بعد تظاهر المئات أمام منزله مطالبين برحيله.
وهنا ما ِاشبه الليلة بالبارحة فثورات الربيع العربي كلها والتي كانت تحمل مخطط كبير ومهم لتقسيم الشرق الاوسط كله، نادت هذه الثورات برحيل نظام حكامها وكان لإسرائيل اليد الطولى في هذا المخطط والتقسيم الذي فشل على أيدي المصريين لوعيهم وقدرة الجيش المصري العظيم على إدراك الأزمة وقدرة مؤسسات الدولة والأجهزة على تحليل خيوط اللعبة ووأدها ، واليوم يكتوي نتنياهو بنفس النار التي كان سببا فيها والجميع اليوم يطالب برحيله .
في رأيي أن نتنياهو يعيش حالة من الشتات مثل الشتات الذي عاشوا فيه منذ عشرات الأعوام ويتضح ذلك من خلال ما قاله عبر حسابه على منصة إكس نصاً " أخطأت" وذكر قائلا "ما قلته بعد المؤتمر الصحفي لم يكن ينبغي أن يقال وأعتذر عن ذلك وأعطي الدعم الكامل لجميع رؤساء الأذرع الأمنية"، وهنا أعطي لهم الدعم بعد تزايد الغضب بسبب تعليقاته التي وجهت اللوم إلى أجهزة الأمن والاستخبارات على هجوم 7 أكتوبر، وأنه قال في منشور له تم حذفه : "خلافًا للادعاءات الكاذبة: لم يتم تحذير رئيس الوزراء نتنياهو تحت أي ظرف من الظروف وفي أي مرحلة من نوايا الحرب من جانب حماس".
والمتابع الجيد للمشهد يلحظ أن كل ما يقوم به نتنياهو هو محاولة لتبرير فشله خاصة في فكرة الهجوم البري للقضاء على حماس لأنه وطبقا لتقديرات كافة الخبراء في اليمين واليسار الإسرائيلي يعرفون أن إبادة "حماس" لا يمكن أن تتحقق من الجو، وتبرير الفشل ايضا للخروج من ضغط عائلات الأسرى عليه، وهنا المشاهد مضحكة مبكية وتعود بالأذهان إلى ما كان يفعله أنصار الإخوان المسلمين فكانت عندما تخرج مظاهرة تنادي برحيل النظام وتهتف وتقول " ارحل يا مرسي ويسقط يسقط حكم المرشد " كانت تخرج مظاهرات الإخوان المعادية لهذه التظاهرات السلمية وتقوم بالاحتكاك بهم بل ومحاولة إشعال الوقيعة وسقوط ضحايا حتى يتأزم الامر، وتقريبا هي نفس السياسة التي قام بها نتنياهو فعندما خرجت مظاهرات اهالى الاسرى بالقرب من منزله مطالبة برحيله واسقاط حكومته في هذه الأثناء توافد العشرات من أنصار الليكود الإسرائيلي من أوردعكيفا، للتصدي للمظاهرة التي نظمتها عائلات الأسرى، بل أن صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية ذكرت أنه جاء العشرات من أنصار الليكود من أوردعكيفا للاحتجاج على مظاهرة إعادة الرهائن التي حدثت بالقرب من منزل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في قيسارية، وشارك فيها نحو 500 شخص، بل وحاولت الشرطة الإسرائيلية الفصل بين الطرفين، في حين هتف أنصار الليكود: "عار عليكم، في وقت الحرب تحتجون - الجنود يُقتلون وأنتم تحتجون"
وفي مقالي هنا لابد من التطرق إلى جملة قالها نتنياهو في المؤتمر الصحفي وهي استوقفتني بشكل كبير عندما قال "ملتزمون لإزاحة الشر من العالم من أجل قيامنا ووجودنا والإنسانية جمعاء" وهنا ماذا يقصد بالشر؟ هل الأطفال العزل الذي قام بإبادتهم في مجازر جماعية أشبه بالمحرقة التي تعرضوا هم لها ؟ وهل هنا الشر الذي يقصده هو استهداف مستشفى الأهلي المعمداني وقتل المئات من المصابين من النساء والاطفال؟ وأي شر يتحدث عنه هل بضرب المنازل والمؤسسات واستخدام الأسلحة المحرمة دوليا وسط خنوع عالمي وصمت دولي بعيدا عن الدور المصري المحترم لقائدها ومؤسساتها ؟ وأي شر وهو يمنع دخول المساعدات من معبر رفح ؟ فأي شر تتحدث عنه أيها الــ "نتنياهو" ؟
والجملة الأخرى التي استوقفتني عندما قال "أمام جنودنا هدف واحد هو الانتصار على العدو وتأمين قيام دولة إسرائيل" وهنا أي عدو تقصد حيث أن وراء هذه الكلمة معان كثيرة لابد من الوقوف أمامها وتحليلها.
والمثير في رأيي للسخرية والضحك هو ما قاله بأن جيشنا الأخلاقي الأول في العالم، فعن أي أخلاق تتحدث و انت تقوم بحرب إبادة جماعية ولا تشتهى ألا لون الدماء على جثث الاطفال والنساء، وما قاله أيضاً أن الكثيرون في العالم يعلمون أن إسرائيل تحارب حرب الإنسانية جمعاء ضد البربرية، متناسيا ومتغافلا ما يقوم به وكأنه يٌحدث بشر آخرين لكن الآلة الإعلامية الإسرائيلية كانت كفيلة وقادرة على تصدير المشهد للعالم بأنهم الضحية وليسوا الجناة.
وبعد كل ما يدور في المشهد تبقى التساؤلات إلى متى ستستمر هذه البلطجة أمام أعين العالم أجمع؟ ومتى سيتم الاعتراف بأن ما يحدث على أرض فلسطين مجازر جماعية بفعل فاعل؟ والسؤال الأهم الذي ستجيب عليه الايام القادمة هو "وهل سيرحل نتنياهو؟"
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: نتنياهو هل يرحل المؤتمر الصحفى
إقرأ أيضاً:
الشرطة الإسرائيلية تعتقل ثلاثة أشخاص بتهمة إطلاق قنابل مضيئة على منزل نتنياهو
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
اعتقلت الشرطة الإسرائيلية، اليوم /الأحد/، ثلاثة مشتبه بهم لإطلاق قنابل مضيئة على المنزل الخاص لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في قيسارية، مساء أمس /السبت/.
وأوضحت صحيفة (جيروزاليم بوست) الإسرائيلية، أنه تم إحالة المشتبه بهم الثلاثة للاستجواب من قبل جهاز (الشاباك) ووحدة الجرائم الكبرى (لاهف 433).
وكان جهاز (الشاباك) والشرطة في إسرائيل قد ذكرا، أمس، أن قنبلتين مضيئتين تم إطلاقهما باتجاه منزل نتنياهو الخاص في قيسارية، وسقطا في حديقة المنزل.
وأكدا- في بيان مشترك- أنه لم يُسجل أي ضرر جراء الحادث، وأن نتنياهو وعائلته لم يكونوا في المنزل في ذلك الوقت.
وأشارت تقارير إلى أن الشرطة الإسرائيلية قامت بتكثيف الدوريات في المنطقة القريبة من منزل نتنياهو في قيسارية، بعد إطلاق القنبليتن المضيئتين تجاهه.