تحديد موعد افتتاح نصب الشهيد أمام المواطنين والوفود.. فما قصته التاريخية؟
تاريخ النشر: 1st, November 2023 GMT
السومرية نيوز – محليات
تفتتح مؤسسة الشهداء مطلع العام المقبل، مبنى نصب الشهيد أمام المواطنين والوفود كمرفق سياحي، فيما تعمل حالياً على افتتاح متحف داخله.
وقال مدير الدائرة الاقتصادية والاستثمارية في المؤسسة علي هادي، إنّ ملاكات المؤسسة كانت قد باشرت منتصف العام الحالي أعمال تأهيل مبنى نصب الشهيد التابع للمؤسسة بعد أن تعرض للإهمال والتخريب إبان دخول القوات الأميركية واتخاذه مقراً لها، بحسب الصحيفة الصباح الرسمية.
وأضاف أنَّ الأعمال شملت تأهيل الأرضيات والإنارة والأعمال الزراعية وتأهيل الحدائق المحيطة بالنصب والنافورات والأرصفة وجميع المرافق الخدمية الملحقة به تمهيداً لافتتاحه أمام المواطنين والوفود كمرفق سياحي داخل العاصمة بداية العام المقبل.
وأوضح هادي أنَّ المؤسسة حرصت وحفاظاً على التصميم الأساس للنصب وعدم إجراء أي تغيير على المواصفات الأصلية له كونه معلماً مهماً من معالم بغداد، لافتاً إلى أن أعمال التأهيل الشامل للموقع تحتاج إلى مبالغ مالية كبيرة لا تتمكن المؤسسة من تغطيتها حالياً، بيد أنها ارتأت القيام بأعمال التأهيل الحالية كمرحلة أولى.
في السياق نفسه، بين أن المؤسسة تعمل على إنشاء متحف للشهداء داخل النصب يضم المقتنيات الخاصة بهم والتي تم العثور عليها من قبل ملاكات المؤسسة بالمقابر الجماعية أو التي قام ذووهم بتسليمها للمؤسسة من أجل أن تكون شاهداً على التضحيات التي قدموها على مر الأجيال. هذه قصة نصب "الشهيد" أحد أهم معالم بغداد
نصب "الشهيد"، يعد من أبرز المعالم المعمارية في العراق، وتم بناؤه خلال الحرب العراقية الإيرانية ثمانينيات القرن الماضي تخليدا لذكرى الذين ارتقت أرواحهم دفاعا عن البلاد. ودعا مراقبون إلى إظهار النصب بشكل يليق بمكانته الكبيرة، مع ضرورة المسارعة بإصلاح الأجزاء المتضررة منه، وترتيبه، وتأهيله بالشكل المناسب.
وبدأ العمل في بناء نصب "الشهداء" عام 1983، وهو يمثل جميع شهداء البلاد الذين ضحوا بأرواحهم لصون كرامة العراقيين، ويقع في منطقة حيوية بالعاصمة.
المهندس سامان أسعد كمال هو الذي نفذ تصميمه، وكانت قبته من بنات أفكار التشكيلي إسماعيل فتاح الترك، وساهم في بنائه شركات أجنبية لاسيما اليابانية، والتصميم المعماري للنصب شعاعي يتألف من 3 وحدات أساسية: القبة، الراية التي تمثل الشهيد العراقي، الينبوع الذي يمثل ديمومة التضحية من أجل هذا البلد الذي يقدم دائما التضحيات للحفاظ على هذه الأرض والمقدسات وكرامة العراقيين.
ويتكون النصب من وحدات كثيرة ويشغل مساحة كبيرة، فهناك بحيرات على جانبي القبة من اليمين واليسار، إضافة إلى وجود الخندق الذي يضم المتحف ويحتوي على مقتنيات "الشهداء" ومآثرهم وبطولاتهم، إضافة إلى اللوحات المرسومة لهذا الغرض.
وتعرض نصب "الشهيد" إلى الإهمال والتخريب المتعمد وغير المتعمد، حاله حال أي شاهد حضاري أو نصب تذكاري في العراق بعد عام 2003.
كما يلفت أستاذ الآثار كاظم جبر سلمان، إلى عبقرية التصميم التي استخدمت في تشييده، والمبنية أساسا على فكرة الخداع البصري في النصب المقام على أرض واسعة مفتوحة مترامية الأطراف، ليستمتع من يدور وهو راكب بالسيارة حول النصب بخدع بصرية غاية في الروعة، وهي من خصائص فن العمارة التي عودنا عليها المعمار العراقي منذ فجر الحضارة في هذا البلد، بحسب الجزيرة نت.
ويبين سلمان أن شطري القبة يبدوان مغلقين عند بداية الشارع، ثم ينفتحان أحدهما على الآخر رويدا رويدا كلما اقتربنا منهما بحيث يبدو المنظر وكأنه أشبه ما يكون ببوابة تنفتح تمهيدا لخروج شيء ما، وما إن نصل إلى داخل النصب حتى نجد أنفسنا أمام صرح معماري جسدت فيه معالم رمزية الوطنية وقدسيتها.
ويشير إلى أن الفنان استوحى معالم القبة من طراز قباب بغداد المفتوحة في عصرها الذهبي خلال مدة الخلافة العباسية وكانت على ارتفاع 40 مترا، ورغم أن البعض اقترح عليه تشييدها وفقا لقبة الصخرة في القدس فإنه فضل أن تكون عراقية ومن الإرث الحضاري لمدينة بغداد، فوقع الاختيار على القبة العباسية.
ويقف النصب -بحسب سلمان- فوق منصة دائرية قطرها 190 مترا، تحمل فوقها قبة مقسومة إلى نصفين ارتفاعها 40 مترا، فضلا عن وجود الراية التي ترتفع عن الأرض بطول 5 أقدام وتنغرس تحت الأرض بمقدار 3 أمتار وتبدو على شكل ثريا.
وتحيط بالبناء بحيرة صناعية واسعة، فضلا عن الخندق وجدار "الشهداء" أسفل الصرح، وبذلك يقدم المصمم فكرة مضمونها يعبر عن ساحة معركة يقف المقاتلون في مقدمتها يستشعرون الخطر و"استشهادهم" هناك لإبعاده عن الوطن وساكنيه، وتخلل الخندق جدار مشيد بالصفائح الرخامية والحجرية من الداخل والخارج نقشت عليه يدويا أكثر من 150 ألف اسم مع نقوش أشجار النخيل والمياه الجارية باعتبارها رموزا حضارية للبيئة العراقية.
المصدر: السومرية العراقية
إقرأ أيضاً:
تعرّف على المنظمة التي تلاحق مجرمي الحرب الإسرائيليين بجميع أنحاء العالم
نشر موقع "موندويس" الأمريكي، تقريرًا، سلّط فيه الضوء على مؤسسة "هند رجب" التي تأسّست عقب استشهاد الطفلة هند رجب في غزة، بقصف للاحتلال الإسرائيلي، مبرزا أنها تسعى لمحاكمة الجنود الإسرائيليين المتّهمين بارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين، مستندة إلى أدلة تشمل منشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأوضح التقرير الذي ترجمته "عربي21"، أنّ: "الطريقة التي قُتلت بها الطفلة هند رجب مروعة؛ حيث وُجدت بالمقاعد الخلفية من سيارة محطمة، على بعد أمتار من دبابة ميركافا إسرائيلية"، مضيفا: "وُجدت عمتها وعمها مقتولين في المقعدين الأماميين، وأربعة من أبناء عمومتها ينزفون بجانبها".
وتابع: "كانت تتوسل لموظفة فلسطينية على الطرف الآخر من خط هاتف خلوي، وتبكي خوفا، ثم في لمح البصر، تمزقت لأشلاء بوابل طلقات الرشاشات الإسرائيلية"، مردفا: "استشهدت هند رجب قبل سنة، وكانت في السادسة من عمرها، والآن تسعى المؤسسة التي تحمل اسمها إلى تحقيق العدالة".
"ليس فقط من أجل هند، ولكن من أجل عدد لا يحصى من الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل في انتهاك للقانون الدولي" بحسب التقرير نفسه.
ملاحقة الجنود كأفراد
أضاف الموقع أن المؤسسة لا تلاحق دولة الاحتلال الإسرائيلي، بل تتبع نهجًا مختلفًا بملاحقة الجنود الإسرائيليين كأفراد. وحدّدت المؤسسة التي تتخذ من بروكسل مقرًا لها، في ملف قدمته إلى المحكمة الجنائية الدولية، في لاهاي، في 8 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، هويّة ألف جندي إسرائيلي تعتقد أنه يجب على المحكمة مقاضاتهم.
وأبرز التقرير: "استنادًا إلى 8000 دليل، بما في ذلك منشورات الجنود أنفسهم على مواقع التواصل الاجتماعي من غزة المدمرة"، مشيرا إلى أنه: "من الممارسات التي تباهى بها المجنّدون والضباط الإسرائيليون على فيسبوك وإنستغرام وسناب شات وتيك توك وتلغرام وغيرها: القصف العشوائي".
"القتل المتعمد للمدنيين، بمن فيهم العاملون بالمجال الطبي والصحفيون والمدنيون الذين يلوحون بالرايات البيضاء؛ والتدمير الوحشي للمنازل والمستشفيات والمدارس والأسواق والمساجد؛ والتجويع القسري والنهب" أبرز التقرير ما كان يتباهى به المجنّدون والضباط الإسرائيليون.
وأوضح محامي المؤسسة هارون رضا، أنّ: "مؤسسة هند رجب تراقب جرائم الحرب الإسرائيلية في غزة منذ كانون الأول/ ديسمبر 2023، بمساعدة شبكة من النشطاء والمحامين حول العالم"، مضيفا أنّ: "المؤسسة لديها شبكة كبيرة جدًا من المحققين في الداخل والخارج".
وتركز المؤسسة، وفق المحامي نفسه، على حسابات مواقع التواصل الاجتماعي للجنود الذين خدموا في غزة منذ بدء الحرب، قبل خمسة عشر شهرًا، ويقول هارون إنّ: "جميع هؤلاء الجنود لديهم حسابات على التواصل الاجتماعي، وكان العديد منهم يضعون صورًا جماعية ويُظهرون أماكنهم وممارساتهم خلال الحرب".
إلى ذلك، تقوم المؤسسة بتوثيق التواريخ والأوقات والمواقع في غزة، ثم تقارنها مع منشورات أخرى للجنود، سواء مقاطع الفيديو أو الصور.
توثيق الجرائم
ذكر الموقع أن القادة العسكريين الإسرائيليين أمروا الجنود بالتوقف عن التباهي بجرائمهم خوفًا من تعرضهم للاعتقال أو الملاحقة القضائية أثناء سفرهم إلى الخارج.
وقال هارون رضا إنّ: "قيادة الجيش لم تطلب من جنودها رسميًا التوقف عن ارتكاب جرائم الحرب، لكنهم طلبوا منهم التوقف عن نشر تلك الممارسات على مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا يعني أن القادة يعرفون ما يفعله الجنود ولا يشعرون بالخجل من ذلك، لكنهم لا يريدون أن يتورط الجنود في أي ملاحقات قضائية".
وأضاف رضا أنه: "من المثير للاهتمام أنهم بدأوا يحذفون كل المنشورات، لكنهم لا يعلمون أن الإنترنت له ذاكرة طويلة وأنه كان هناك ما يكفي من الوقت لتوثيق الجرائم"، مؤكدا أن "المؤسسة لديها قاعدة بيانات ضخمة من المعلومات التي تم التحقق منها أكثر من مرة، وتلك البيانات تشكل أدلة لرفع قضايا ضد الجنود المتورطين".
واسترسل: "من بين ألف جندي وردت أسماؤهم في ملف مؤسسة هند رجب للمحكمة الجنائية الدولية، مجموعة من الضباط والقادة، بما في ذلك ثلاثة وثلاثون جنديًا يحملون الجنسية الإسرائيلية وجنسية أخرى، ومنهم أكثر من عشرة جنود من فرنسا والولايات المتحدة، وأربعة من كندا، وثلاثة من المملكة المتحدة، واثنان من هولندا".
إثر ذلك، أرسلت المؤسسة، قائمة بأسماء الجنود الإسرائيليين إلى عشر دول مختلفة يعتبرها الجنود الإسرائيليون وطنهم الأم، أو يتّجهون إليها بعد انتهاء خدمتهم العسكرية، وهي دول تمارس الولاية القضائية العالمية على أخطر الجرائم الدولية.
وأوضح رضا أنّ: "المؤسسة تقوم بالتحقق من المناطق التي يسافر إليها الجنود المتورطون، ومن نمط الرحلات الجوية الأكثر شيوعًا، ثم رفع قضايا بحقهم"؛ موضحا أنه: "تم تقديم شكاوى في النمسا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا والسويد وتايلاند والإكوادور".
واعتبر رضا أنه: "رغم فشل العديد من محاولات الاعتقال بعد أن تم إبلاغ الجنود بأنهم ملاحقون ونجحوا في الفرار، فإن نجاح عملية الاعتقال مسألة وقت فحسب".
وتستهدف المؤسسة أيضًا المتواطئين والمحرضين على جرائم حرب الاحتلال الإسرائيلي على كامل قطاع غزة، ومن بين هؤلاء جمهور فريق "مكابي تل أبيب" لكرة القدم، الذين قاموا بأعمال شغب بأمستردام في الخريف الماضي، وحاخام ينتمي للواء جفعاتي الإسرائيلي، تفاخر بتدمير أحياء كاملة في غزة، وأيّد قصف المدنيين الفلسطينيين.
شعور زائف بالأمان
أضاف رضا بأن "الجنود الإسرائيليين أصبحوا مثل مجرمي الحرب النازيين الذين هربوا إلى باراغواي أو كندا أو أوروبا وكان لديهم شعور زائف بالأمان"، مؤكدا أن "المؤسسة تتعقبهم وتستطيع مقاضاتهم في حال الذهاب إلى أي دولة ذات اختصاص قضائي عالمي أو أي دولة توافق على ملاحقتهم قضائيًا".
ويعتقد هارون أن "المسؤول عن قتل هند رجب سيمثل أمام العدالة، لأن جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم عندما تكون هناك ولاية قضائية عالمية، وهذا يعني أنه حتى لو تم اكتشاف المسؤولين عن الجريمة بعد عشرين سنة، سوف تتمكن المؤسسة من ملاحقتهم".
إلى ذلك، خلص التقرير بأنّ: "القائمون على المؤسسة بأنهم لن يرتاحوا حتى ينالوا من جميع مرتكبي جرائم الحرب في غزة، بمن فيهم المسؤولون عن مقتل هند رجب".