الجزيرة:
2025-02-05@17:38:24 GMT

حلفاء أميركا بعد 7 أكتوبر

تاريخ النشر: 1st, November 2023 GMT

حلفاء أميركا بعد 7 أكتوبر

ما يحدثُ في غزَّة الآن لن يبقى بداخلِها، بل ستنتقل آثارُه إلى الشرق الأوسط كافةً. فالحروب تلعبُ دومًا دورًا كبيرًا في إعادةِ تشكيل موازين القوى سواء الإقليمية أو العالمية، وذلك كما حدث بعد الحربَين العالميتَين خلال القرن العشرين. وكذلك فعلتْ حرْبا 1967 و1973 بين إسرائيل والدول العربيّة، وكذلك حرب الخليج الثانية أوائل التّسعينيات، والتي أعادت تشكيلَ النظام الإقليميّ العربيّ الذي أصبح لاحقًا أكثر ضعفًا وانقسامًا.

وفي كلّ حرب من هذه الحروب فإنّ توازن القوى يعاد تشكيلُه مرّة أخرى سواء بصعود قوة أو سقوط أخرى. لذلك فالحرب التي تشنّها إسرائيل حاليًا على قطاع غزة المحاصر منذ 17 عامًا، ستكون لها آثار هائلة على المنطقة لسنوات قادمة.

وحقيقة الأمر، فإنّ من سيخسر من الحرب الحالية ليس إسرائيل أو حماس، ولكنْ الولايات المتحدة وحلفاؤها في المِنطقة بالأساس، خاصةً مصرَ والأردنَ اللتَين تعانيان أوضاعًا اقتصادية واجتماعيّة صعبة. فالولاياتُ المتحدة اندفعت في تقديم الدعم الأعمى لإسرائيل عسكريًا وسياسيًا ودبلوماسيًا، دون أن تفكّر في عواقبِ ذلك سواء على مصالحِها بالمنطقة أو مصالح حلفائِها. وإذا كان الدعم الأميركيّ لإسرائيل ليس جديدًا- وإنما يعود لعقود أنفقت فيها واشنطن ما يقرب من 260 مليار دولار، (إذا حسبنا معدل التضخم)، على تسليح إسرائيل- فإنَّ اندفاعَ الرئيس الأميركي جو بايدن في تقديم الدعم بهذه القوّة والسرعة لإسرائيل هو أمرٌ غير مسبوق في علاقات البلدين. وهو بذلك قد وضع مصالح أميركا بالمِنطقة في خطر شديد، ورهن مستقبله السياسيّ بمستقبل بنيامين نتنياهو الذي انتهى سياسيًا بعد هجمات السابع من أكتوبر 2023.

ينظر العديد من السكّان العرب الآن إلى الولايات المتحدة باعتبارها شريكًا رئيسيًا فيما يجري حاليًا من انتقام وعقاب جماعيّ للفلسطينيين في قطاع غزة؛ بسبب الجرائم التي ترتكبُها القوَّات الإسرائيلية حاليًا ضدّهم. ولذلك، لم يكن مفاجئًا أن نرَى احتجاجات في بغداد وعمَّان وبيروت، وغيرها من العواصم العربية، ومحاولات الوصول إلى سفارات الولايات المتحدة في هذه الدول. وهو ما دفعَ واشنطن إلى إجلاء موظّفيها من بعض الدول- مثل لبنان- على الفور، وتحذير مواطنيها لتوخّي الحذر في عموم أنحاء الشرق الأوسط؛ بسبب التداعيات المُحتملة للحرب عليهم.

العواقب على مصر والأردن

إنّ مصر والأردن- الحليفتَين الأكثر أهمية لأميركا في المِنطقة- ستعانيان من عواقبِ الحرب الحالية لسنوات قادمة. وتواجه مصر وضعًا اقتصاديًا صعبًا؛ بسبب الارتفاع غير المسبوق في الدَّين الخارجيّ، الذي تجاوز 165 مليارَ دولار، إلى جانب ارتفاع معدّلات التّضخم، وزيادة معدّلات الفقر، وتدهور الطبقة المتوسّطة. ولذلك، لن تتمكن مصر من تحمّل أي أعباء إضافية إذا اضطُر الفلسطينيون إلى اللجوء إليها؛ هربًا من الحرب الوحشيّة التي تشنّها إسرائيل على غزّة. وتخشى القاهرة من أن تؤدّي الحرب الحالية على غزة إلى تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين من قطاع غزة، وتوطينهم في سيناء، وهو ما سيكون له انعكاسات أمنيّة وسياسية واستراتيجية كبيرة.

بدلًا من أن تصبح الولايات المتحدة قوّة استقرار في المنطقة، فإن دعمها الأعمى وغير المحدود لإسرائيل قد حوّلها إلى مصدر لعدم الاستقرار. وهذا قد يشعل المِنطقة ويقودها نحوَ مستقبل غامض

قبل الحرب الحالية، كانت سيناء بالفعل خارجَ سيطرة الحكومة المصرية، التي كانت تقاتل الجماعات المسلّحة والميليشيات لمدّة عَقد من الزمن دون نجاح حاسم. وبالتالي فإنّ وجود جماعات مقاومة ضد إسرائيل في سيناء سيعني اشتباكات بين الجانبَين، واحتمال تورّط مصر في هذه الاشتباكات، على غرار الوضع المستمرّ على الحدود اللبنانية- الإسرائيلية. علاوة على ذلك، هناك ضغوط شعبية كبيرة على الحكومة المصريّة لفتح معبر رفح مع غزة لإرسال المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين المحاصَرين، الذين يعانون حاليًا من القصف الإسرائيليّ الذي أدَّى إلى مقتل أكثر من 8000 شخص، وإصابة أكثر من 20000 آخرين، إضافةً إلى نزوح مئات الآلاف داخل الجيب المُحاصَر.

أمّا الأردن فليسَ أفضل حالًا؛ فقد واجهت البلاد ظروفًا اقتصادية واجتماعية صعبة على مدى العَقد الماضي بسبب ارتفاع الأسعار، وانخفاض الدّخل، وزيادة معدّلات البطالة، وانخفاض الأداء الحكوميّ وسط تغييرات وزارية متكرّرة. يعدّ الدعم الشعبيّ الأردنيّ للفلسطينيين هو الأعلى بين الدول العربية، ويرجع ذلك في المقام الأوّل إلى أنّ أكثر من ثلث سكان الأردن من أصول فلسطينية، وقد نزحوا في عام 1948 عندما تأسّست إسرائيل. وقد يفسّر هذا موقف الأردن من الحرب الحالية في غزّة، حيث أصبح الخطاب الرسمي أكثر وضوحًا في رفض العقاب الجماعيّ للفلسطينيين في غزة، والدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار بسبب المخاوف بشأن العواقب الداخلية لتصعيد الحرب. وربما كان هذا أحد الأسباب وراء إلغاء القمة الرباعية المقرّرة، حيث كان من المفترض أن يلتقي الرئيس الأميركي جو بايدن مع العاهل الأردنيّ، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والرئيس الفلسطينيّ محمود عباس، بعد زيارة بايدن إلى تل أبيب في 18 أكتوبر.

والأمر الأكثر إثارةً للدّهشة هو أنّه على الرغم من أنّ مصر والأردن هما من بين أولى الدول العربية التي أقامت علاقات مع إسرائيل، فقد شهد البلدان احتجاجات واسعة النطاق على العدوان الإسرائيليّ على غزّة في الأسابيع الأخيرة. ففي مصر- حيث قام النظام الحالي بقمع كافة الاحتجاجات على مدى العَقد الماضي- شهدت الشوارع والمساجد مظاهرات ضخمة؛ دعمًا للفلسطينيين وضدّ ما تفرضه إسرائيل على غزّة، بما في ذلك الحصار والجوع والعقاب الجماعي. تقليديًا، الناس الذين يخرجون إلى الشوارع من أجل فلسطين الآن، سوف يعودون إلى الشوارع في المستقبل للإطاحة بالنظام، كما حدثَ مع حسني مبارك، الذي سمح بالمظاهرات في عام 2003؛ احتجاجًا على الغزو الأميركيّ للعراق، وانتهى حكمه بعد عدّة سنوات عندما ثار الناس ضدّه في عام 2011. وبالمثل، في الأردن، تشعر البلاد بالقلق من أنّ الكارثة الإنسانية في غزة يمكن أن تثير احتجاجات في الشوارع تنتقد فشل النظام في منع تدهور الأوضاع في المنطقة. وشهد الأردن عدّة احتجاجات على مدى العقد الماضي بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة أو الدعوات للإصلاح السياسي.

لذلك، بدلًا من أن تصبح الولايات المتحدة قوّة استقرار في المنطقة، فإن دعمها الأعمى وغير المحدود لإسرائيل قد حوّلها إلى مصدر لعدم الاستقرار. وهذا قد يشعل المِنطقة ويقودها نحوَ مستقبل غامض. ومن المؤكّد أنّ الشرق الأوسط بعد 7 أكتوبر لن يكون كما كان قَبلَه.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الحرب الحالیة فی الم على غز

إقرأ أيضاً:

السلفادور تعرض إيواء المجرمين المرحلين من أميركا في سجونها

قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إن السلفادور عرضت إيواء من وصفهم بـ"المجرمين الخطرين" من أي مكان في العالم المرحلين من الولايات المتحدة في سجونها.

وجاء ذلك بعد محادثات مطولة عقدها روبيو مع رئيس السلفادور نجيب أبو كيلة أمس الاثنين، ضمن الجولة الخارجية الأولى للوزير الأميركي والتي تستهدف الحصول على دعم من دول المنطقة لمحاولات إدارة الرئيس الجديد دونالد ترامب ترحيل أعداد كبيرة من المهاجرين.

وبالإضافة إلى تمهيد الطريق أمام الولايات المتحدة لإعادة المهاجرين إلى بلدانهم، يحاول روبيو التوصل لاتفاقيات تستقبل الدول بموجبها مواطني دول أخرى لن تقبل المرحلين.

وتضرب وكالة رويترز مثالا لذلك بفنزويلا وكوبا اللتين تتسم علاقتهما بالولايات المتحدة بالفتور، وهو ما دفعهما لتحديد عدد المرحلين الذين يمكن استقبالهم، رغم أن ترامب يقول إن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو وافق على قبول مواطني بلاده.

أما وكالة الصحافة الفرنسية فتلفت النظر إلى أنه "لم يحدث تقريبا في العصر الحديث أن أرسلت دولة ديمقراطية مواطنيها إلى سجون دولة أجنبية لقضاء عقوبتهم".

الأميركيون أيضا

وقال روبيو إن أبو كيلة عرض أيضا إيواء المجرمين الخطرين سواء كانوا مواطنين أميركيين أو مقيمين قانونيين، غير أنه لم يتضح بعد ما إذا كانت الولايات المتحدة ستقبل هذا العرض حيث إنه لا يمكن قانونا ترحيل المواطنين الأميركيين من بلادهم.

إعلان

وتلفت رويترز النظر إلى أن موقع وزارة الخارجية الأميركية على الإنترنت يصف ظروف السجون في السلفادور بأنها "قاسية وخطيرة".

ويقول الموقع إن "الاكتظاظ يشكل تهديدا خطيرا لصحة السجناء وحياتهم. ففي العديد من السجون، تكون المرافق الصحية والمياه الصالحة للشرب والتهوية والتحكم في درجة الحرارة والإضاءة غير كافية أو غير موجودة".

مقابل رسوم

من جانبه، قال أبو كيلة في منشور على إكس بعد وقت قصير من إعلان روبيو: "نحن على استعداد لاستقبال المجرمين المدانين فقط (بما في ذلك المواطنون الأميركيون المدانون) في سجننا الضخم… مقابل رسوم".

وأضاف: "ستكون الرسوم منخفضة نسبيا للولايات المتحدة ولكنها مهمة بالنسبة لنا، مما يجعل نظام السجون بأكمله مستداما".

وتنظر إدارة ترامب إلى أبو كيلة باعتباره حليفا رئيسا في جهودها المتعلقة بالهجرة في المنطقة.

ومنذ توليه منصبه في 20 يناير/كانون الثاني، زاد الرئيس دونالد ترامب من عدد المهاجرين الذين ترحلهم الولايات المتحدة إلى أميركا اللاتينية، عبر وسائل منها استخدام الطائرات العسكرية لرحلات الإعادة إلى الوطن.

وقال ترامب الأسبوع الماضي إنه يوسع منشأة احتجاز في القاعدة البحرية الأميركية في خليج غوانتانامو بكوبا لاستيعاب 30 ألف شخص.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة: قرار أميركا بمنع تمويل الأونروا لن يغير التزامنا بدعم الوكالة
  • أميركا تسعى لاحتلال قطاع غزة وحماس تصف ترامب بـ ''تاجر العقارات''
  • الصين تفرض رسوماً على أميركا.. وأوروبا تحذر ترامب
  • السلفادور تعرض إيواء المجرمين المرحلين من أميركا في سجونها
  • وول ستريت: أميركا تزود إسرائيل بصفقة قنابل كبيرة 
  • الأمم المتحدة: قلقون من استخدام إسرائيل لـ تكتيك الحرب القاتلة في الضفة
  • خدعوا الموساد .. وثائق تهز إسرائيل عن كواليس وعراب هجوم 7 أكتوبر الحقيقي
  • وثيقة تضرب إسرائيل.. الإعلام العبري يكشف كواليس وتفاصيل مثيرة عن هجوم 7 أكتوبر
  • منظمة الصحة تضغط على أميركا لمراجعة "قرار ترامب"
  • كندا تستعد لـ "معركة قانونية" ضد أميركا بسبب الرسوم