بقلم: رافع عبد الجبار القبطان ..
هناك تعريفات كثيرة للأزمة، إلّا أن تعريف معجم اللغة الإنجليزية ميريام ويبستر للأزمة بأنها “نقطة تحول نحو الأفضل أو الأسوأ، وهي لحظة حاسمة وصل فيها الوضع الى مرحلة حرجة”، يمكن اعتباره تعريفًا جامعًا لها.
ومن المؤكد أن الأزمات التي تمر بها الدول سيكون لها تأثير سلبي ليس على الجانب السياسي لها فحسب، بل على جوانب أخرى اقتصادية واجتماعية وغيرها مما يمس حياة المواطن، حيث أن الدولة عندها ستمر بمرحلة حرجة تكون الحياة فيها شبه متوقفة.
ولا يمكن لنا أن ننأى بالعراق عن خطر الأزمات والتحديات الداخلية التي يعيشها وتأثيراتها على وضعه الدولي، خاصة والعراق منذ أربعين سنة وهو يمر بأزمة سياسية، فإن الدولة كانت غائبة طيلة هذه المدة. الدولة بمعناها الذي تعكس به وجودها كمنظومة سياسية قانونية اجتماعية يحكمها الدستور والقانون، تحفظ أمن الدولة وحقوق الشعب وتؤمّن احتياجاته، ولها حضورها الدولي المؤثر، نعم يختلف وضعها من مرحلة إلى مرحلة أخرى، ومن نظام سياسي إلى نظام سياسي آخر. إلا أنه بالمحصلة ما زال العراق يعيش أزمة سياسية لإثبات وجوده كدولة، داخليًا كدولة مستقرة يعيش فيها المواطن بأمان ومحفوظة حقوقه، ومتحققة له كل ظروف الحياة الجيدة والخدمات، ودوليًا لها وجودها وتأثيرها على المستوى الدولي. وكل هذا لم يحصل بسبب غياب فلسفة الدولة، وما زال العراق في ضياع داخلي، وعدم حضور وتأثير في المسرح الدولي.
منذ بدء الحرب العراقية الإيرانية يعيش العراق أزمة حقيقية، أزمة دخل فيها في حرب مع دولة جارة تشترك معه بحدود طولها 1458 كم استمرت ثمان سنوات استهلكت موارد البلدين البشرية والاقتصادية. حرب حدثت بسبب ونتيجة اختلاف ايديولوجية النظام السياسي في كلا البلدين، بالإضافة إلى الجنبة الدينية التي كان لها الدور الأكبر في تعزيز هذا الخلاف. بالمحصلة أدى إلى خلق أزمة دولية بمنطقة الخليج العربي التي تعد منجم النفط العالمي، فأنعكس ذلك على المجتمع الدولي، وعلى السلم والأمن الدولي له.
بعدها دخل العراق بحرب مع الكويت عندما قام باحتلالها صبيحة يوم 2 آب 1990، فدخل العراق في أزمة دولية جديدة توسعت حتى قام التحالف الدولي بالقيام بعمل عسكري ضده، حتى وصلت إلى ادخاله في الفصل السابع الذي ما زال العراق إلى الآن يئن تحت طائلة العقوبات التي فرضت عليه، ليقضي على ما تبقى من قوة اقتصادية يمتلكها، بالإضافة إلى إنهاء الجيش الذي كان يعد الجيش الرابع بالعالم، فصار العراق معزولًا عن المجتمع الدولي مدة 13 عامًا.
ثم جاء الاحتلال الأمريكي البريطاني في آذار 2003 الذي شرعنته منظمة الأمم المتحدة بقرار مجلس الأمن رقم 1483 لسنة 2003 ليضع حدًا لنظام سياسي استبدادي استمر 35 عامًا، ليبدأ نظام سياسي جديد، فيدخل العراق في أزمة مركبة تمس شكل النظام السياسي أولًا، وما عمل عليه المحتل من وضع هوية له في أول وثيقة رسمته، هي قانون إدارة الدولة لسنة 2004، والذي كان الأساس الذي بُني عليه الدستور الدائم لسنة 2005 النافذ، وثانيًا رؤية القائمين عليه للنظام السياسي بالعنوان الخاص، وللدولة بالعنوان العام.
شكل النظام السياسي الجديد الذي صار نظامًا فيدراليًا برلمانيًا ديمقراطيًا حسب ما نصَّ عليه الدستور النافذ في المادة(1) منه، نظام فرضه التنوع المجتمعي للعراق، وأزمة الثقة العالقة بين مكوناته، وبالذات الثلاث الرئيسية (الشيعة . السنة . والكرد)، والذي نرى أنه النظام الأصلح والحل الأمثل لدولة مثل العراق بكل تعقيداته وتكويناته رغم كل شيء، ورغم الظروف التي خلقته.
لكن اليوم ونحن بعد عشرين عامًا نجد الشكل الفيدرالي هامشيًا أميبيًا، وتحول من نظام فيدرالي الى كونتونات عززتها إرادة القائمين على السلطة ورغبتهم، وبعد أن كان الهاجس الذي دفعهم لكتابة الدستور بهذا الشكل هي عقدة النظام السياسي السابق وممارساته القمعية، ولكي لا يكون العراقيون مواطنين بدرجة أولى وثانية وثالثة، صار اليوم امتيازًا يدافعون عنه، بالإضافة إلى أن كل المكونات الرئيسية الثلاث لها كل منها دوافعها التي تختلف من طرف إلى آخر. الكرد وطموحهم اللا متناهي والتي باتت الفيدرالية لا تحققه، والسنة وعقدة الحاكم التي ما زالت تراودهم، والشيعة وكونهم الأغلبية لكن دون هوية الدولة، مما دفع باقي المكونات إلى العيش بخوف على وجودهم وعلى حقوقهم، وأن يكونوا مواطنين من الدرجة الأولى أسوة بمواطني المكونات الرئيسية الثلاث. مما أنتج هجرة مسيحية وصابئية وأيزيدية وغيرها.
كل هذا يرسخ أزمة وجود دولة في النظام السياسي الجديد، ويُنذر بخطر التفكك نتيجة اختلاف توجهات القائمين على السلطة، خاصة وأن هناك توجهات وتفاهمات وتناغمات مع المحيط الدولي كل حسب توجهه السياسي، لذا فإن الأزمة الحقيقية هي أن الدولة صارت عنوانًا ثانويًا في المنظومة الفكرية السياسية للقائمين على السلطة.
لذا بات من الضروري البحث عن الدولة، والعودة إلى مؤسساتها التي تحفظ حق المواطن كمواطن بعيدًا عن انتماءاته العرقية والدينية والمذهبية، وذلك للحفاظ على وحدة العراق، وحفظ روح المواطنة دون تمايز بين أبناء الشعب الواحد، وعلى وجوده المؤثر في المحيط الدولي كدولة موحدة، ويبقى الانتماء للطائفة اعتقادًا خاصًا لصاحبه دون تأثيره على الدولة وإدارتها. والتمثيل السياسي وحجمه تحدده صناديق الاقتراع، مع عدم غمط حق الأقليات في إدارة الدولة واشراكهم فيها، خاصة وأن المنطقة تشهد حراكًا دوليًا تتقاطع وتتزاحم فيه الإرادات والمصالح. وإبعاد العراق عن هذه الصراعات والمصالح الإقليمية والدولية يبقى واجب النخب بالضغط على القائمين بإدارة الدولة لتحقيقها.
ـــــــــــــــ،،،ــــــــــــــ
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات النظام السیاسی نظام سیاسی نظام ا
إقرأ أيضاً:
SAMI راعيًا إستراتيجيًا للملتقى البحري السعودي الدولي الثالث
الدمام : البلاد
أعلنت الشركة السعودية للصناعات العسكرية “SAMI”، إحدى شركات صندوق الاستثمارات العامة والشريك الوطني الرائد لقطاع الدفاع والأمن، عن شراكتها الإستراتيجية للملتقى البحري السعودي الدولي، الذي يقام برعاية صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلمان بن عبدالعزيز وزير الدفاع وتنظمه القوات البحرية الملكية السعودية، خلال الفترة الممتدة من 19 الى 21 نوفمبر 2024، في مدينة الظهران.
وتشارك SAMI في الملتقى البحري السعودي الثالث تحت شعار “نحمي حدودنا”، في خطوةٍ تؤكد التزامها بتطوير قدرات قطاع الصناعات الدفاعية في المملكة العربية السعودية، كما تندرج هذه الشراكة، في إطار دورها ومشاركتها الفعالة، بما يتماشى مع جهود الهيئة العامة للصناعات العسكرية نحو توطين الإنفاق العسكري في المملكة.
وستقوم شركة SAMI من خلال جناحها باستعراض مجموعة من المنتجات والأنظمة الدفاعية المبتكرة والشاملة في قطاعي الأنظمة البحرية والإلكترونيات المتقدمة، حيث ستقوم الشركة باستعراض نظام إدارة القتال “حزم”، أحد منتجات شركة سامي نافانتيا، وهو أول نظام سعودي لإدارة القتال، حيث يدمج أحدث التقنيات للتعامل مع التهديدات الجوية والسطحية، والتحت سطحية والحرب الإلكترونية مما يعزز ضمان الأمن البحري في حماية الحدود البحرية للمملكة. كما ستعرض الشركة نظام التحكم في مركبة بحرية سطحية غير مأهولة والذي يتميز بقدرته على تشغيل المركبة -عن بعد- من خلال وحدة التحكم الأرضية، وهو نظام تم تطويره في المملكة بالتعاون بين شركة SAMI والقوات البحرية الملكية السعودية، إلى جانب ذلك ستبرز SAMI قدراتها في خدمات الصيانة والإصلاح والعمرة للأنظمة القتالية لتعزيز توافرها وأدائها على مدار دورة حياة السفينة.
كما ستستعرض شركة SAMI الإلكترونيات المتقدمة، مجموعة من التقنيات المبتكرة القائمة على الذكاء الاصطناعي؛ والتي تشمل نظام المراقبة “حمى”؛ وهو نظام متقدم للقيادة والتحكم يعتمد تقنياتٍ رقميةٍ وأمنيةٍ قائمة على الذكاء الاصطناعي لتسهيل المراقبة الشاملة عبر مختلف المجالات، كذلك سيتم عرض مركز عمليات الأمن السيبراني التابع للشركة، والمخصص للمراقبة واكتشاف وعزل التهديدات المتعلقة بالأمن السيبراني، وإدارة المنتجات الأمنية، وأجهزة الشبكة، والخوادم، وأنظمة الأمان، وبيانات تقنية المعلومات للمنشآت والعديد من المنتجات والحلول في مجال الأمن السيبراني.
وانطلاقًا من رؤيتها وتطلعاتها لإحداث ثورة في مجال الحلول البحرية، تفخر شركة SAMI الشريك الوطني الرائد لقطاع الدفاع والأمن، باستعراض احد أنظمة شركة الإلكترونيات المتقدمة لأول مرة وهو نظام إدارة حركة السفن (VTMIS) المتطور.
ويتيح هذا النظام المتقدم، الذي تم نشره بنجاح عبر العديد من الموانئ المحلية في المملكة العربية السعودية، التنسيق السلس لحركة الملاحة البحرية من خلال الاستفادة من أدوات دعم اتخاذ القرارات المتطورة، لتحقيق وعي متقدم بالواقع الميداني. وسيسهم نظام إدارة حركة السفن (VTMIS) ، في تعزيز سلامة وكفاءة الملاحة، ويمكنه تجاوز قدرات الأنظمة الساحلية التقليدية، وإرساء معايير جديدة للعمليات البحرية.
ويُعقد الملتقى البحري السعودي الدولي في نسخته الثالثة تحت شعار “الأمن البحري في عصر الذكاء الاصطناعي – الاتجاهات والتهديدات”، ويشارك فيه أكثر من 55 جهة وطنية وعالمية من أكثر من 22 دولة، بالإضافة إلى نخبة من أهم الخبراء والقيادات العسكرية والمسؤولين الحكوميين، والشركات والهيئات التنظيمية البحرية.
وتتميز شركة SAMI بقدراتها المتطورة في قطاع الأنظمة البحرية، حيث نجحت في تزويد 5 سفن قتالية من طراز كورفيت “أفانتي 2200” ضمن مشروع السروات بأنظمة حزم المطورة، وهذه السفن هي سفن جلالة الملك « الجبيل» وجلالة الملك « الدرعية» وجلالة الملك «حائل» و جلالة الملك «جازان» وجلالة الملك «عنيزة».
وتسعى SAMI، بصفتها الشريك الوطني الرائد لقطاع الدفاع والأمن، إلى المساهمة مع منظومة قطاع الصناعات العسكرية في المملكة في توطين ما يربو عن 50% من إجمالي الإنفاق العسكري الحكومي في المملكة، أحد أبرز مستهدفات رؤية 2030، وستُعرّف SAMI، زوار المعرض على أبرز التطورات التي يشهدها القطاع في المملكة، مستعرضةً قدراتها المحلية التي تلبي الاحتياجات العملياتية للأجهزة العسكرية، مسلطة الضوء على الحراك غير المسبوق الذي يشهده القطاع، القائم على دعم وتمكين المصنعين المحليين، وتطوير الشركات المحلية الواعدة لتصبح رائدة في مجالها، ودعم الشركات الوطنية الكبرى لتعزيز مكانتها عالميًا.