طهران – مع دخول عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة أسبوعه الرابع، يحتدم النقاش في إيران بشأن ضرورة التدخل المباشر دعما للمقاومة الفلسطينية، وخطورة القرار على أمن طهران القومي.

وبدأ الجيش الإيراني -الجمعة الماضي- مناورات ضخمة على مدى يومين للتدريب وتحسبا لتهديدات محتملة، مؤكدا أنه على أتم الاستعداد لمواجهة التهديدات.

وعلى وقع المظاهرات والفعاليات المتواصلة للتنديد بجرائم الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين في قطاع غزة، يتعالى في إيران الخطاب الثوري المطالب بالانخراط في المعركة، ويناشد سلطات طهران الإفراج عن صواريخها الباليستية وأسراب الطائرات المسيّرة، لقلب موازين القوى.

ذلك ما دفع المراسلة الشهيرة في التلفزيون الإيراني آمنة سادات ذبيح بور، أن تغرد "إن المتظاهرين الغاضبين في إيران يقولون، إن الصاروخ الذي لا يطلق اليوم، ليس سوى قطعة حديد متروكة في المستودع".

وفي تغريدة أخرى، على منصة إكس، كتبت المراسلة، أنه مع وصول شحنات الأسلحة الأميركية إلى تل أبيب، فإن "الأحرى بمن يريد إرسال مساعدات إنسانية إلى غزة، أن يمدها بالصواريخ"، قبل أن تختم سلسلة تغريداتها بوسم "الأطفال تحت الركام بينما الصواريخ مكدسة في المستودعات".

وبينما تجاوز عدد المتطوعين الإيرانيين لخوض المعركة إلى جانب المقاومة الفلسطينية -وفقا للتلفزيون الرسمي- 6 ملايين شخص، أظهرت نتائج استطلاعات الرأي أن نحو 77% من الإيرانيين يؤيدون عملية "طوفان الأقصى".

ووفقا لمركز استطلاعات الرأي التابع لمعهد "الثقافة والفن والعلاقات"، فإن أكثر من 68% من المستطلعين يؤيدون دعم طهران للفلسطينيين بمواجهة إسرائيل، بينما أعرب 70% عن اعتقادهم أن إسرائيل عدوة لبلادهم، و64% يرون في إسرائيل خطرا على أمن بلادهم القومي، وذلك حسب الاستطلاع الذي جرى في الفترة من 17 إلى 20 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

رضا طلائينك: إيران لديها أسلحة إستراتيجية مخصصة لضرب إسرائيل (الصحافة الإيرانية) خطر داهم

في سياق متصل، حذّر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي من أن "جرائم النظام الصهيوني تجاوزت الخطوط الحمراء، الأمر الذي قد يدفع الجميع إلى التحرك"، مضيفا، في تغريدة بمنصة إكس، أن الولايات المتحدة وجهت رسائل إلى محور المقاومة، لكنها واجهت ردا عمليا وعلنيا على الأرض.

وانطلاقا من تصنيف المؤسسة العسكرية الإيرانية إسرائيل كونها "التهديد الأكبر للجمهورية الإسلامية"، وإعلان المتحدث باسم وزراة الدفاع رضا طلائينك -الشهر الماضي- أن بلاده لديها أسلحة إستراتيجية مخصصة لضرب إسرائيل"؛ تتسائل شريحة من الإيرانيين عن سبب عدم استخدام تلك الأسلحة الإستراتيجية لتحييد الخطر المحدق ببلادهم؟

من ناحيته، أكد نائب القائد العام للحرس الثوري العميد علي فدوي، أمام حشد من طلبة جامعة طهران، الذين نظموا تجمعا لدعم غزة، أن "يد جبهة المقاومة على الزناد، وأن بلاده قادرة على التحرك العملي والمباشر من خلال كبسة زر تنهال بعدها الصواريخ نحو الأراضي المحتلة".

وردا على سؤال أحد الطلبة، حول إمكانية تحرك طهران بشكل عملي في عملية "طوفان الأقصى"، قال العميد علي فدوي إن "بعض الناس يرى أن التحرك العملي يتمثل في إطلاق الصواريخ مباشرة نحو حيفا. نعم سوف ننفذ ذلك بكل تأكيد وحرية في حال لزم الأمر".

ورهن القائد العسكري الإيراني، اتخاذ بلاده خطوات عملية لخوض أي معركة بالحصول على الإذن والتكليف الشرعي، في إشارة إلى أن قرار الحرب والسلم بيد المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، كونه القائد العام للقوات المسلحة.

وكانت طهران قد حذرت -على لسان مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة سعيد إيرواني- أنها لن تتردد في ممارسة حقوقها الأصيلة للرد بشكل حاسم في حال تعرضت لأي تهديد أو هجوم أو عدوان.

 

العميد علي فدوي يؤكد استعداد بلاده لإطلاق الصواريخ مباشرة نحو حيفا إذا لزم الأمر (الصحافة الإيرانية) خطورة التدخل

في المقابل، وعلى وقع الخطابات والأناشيد الثورية، ومنها "أغنية وين الملايين" التي تبث باستمرار في التلفزيون الإيراني هذه الأيام، تحذر شريحة من الأوساط الإيرانية من "مغبة الوقوع في الفخ الذي ينصبه الأعداء في غزة، وتطالب بتحكيم العقلانية لتفويت الفرصة على المتربصين بالجمهورية الإسلامية".

لذلك، يرى السياسي الوزير السابق للطرق والتنمية الحضرية، عباس آخوندي، أن "خوض إيران الحرب مع إسرائيل وأميركا مطلبا إسرائيليا وروسيا ولكل منهما مصالحه"، مضيفا في تغريدة أن "إسرائيل تبحث عن مخرج للتخلص من ضغوط الرأي العام العالمي المتواصلة؛ بسبب حربها غير المتكافئة بحق الفلسطينيين وخوض معركة تقليدية، في حين تسعى روسيا لصرف الأنظار عن حرب أوكرانيا".

بدوره، يعتقد أستاذ الجغرافيا السياسية في جامعة الخوارزمي يد الله كريمي بور، أنه "لا خيار أمام الجمهورية الإسلامية سوى النأي بنفسها من معركة غزة"، مضيفا أن خوض طهران المعركة قد يوسع رقعة الحرب إلى أبعد من دول الطوق؛ مثل: العراق واليمن، ناهيك عن احتمال إشعال جبهتي جنوب لبنان وغرب سوريا.

وفي حديثه للجزيرة نت، رأى الأكاديمي الإيراني أن توسيع نطاق الحرب عقب دخول طهران علی خط النزاع سيؤدي إلى إشعال فتيل حرب إقليمية قد يستدعي خطوات عالمية لإخمادها، مشيرا إلى أن ذلك  قد يمهد إلى انخراط الولايات المتحدة وحلف الناتو في الصراع.

وأشار الأكاديمي ذاته إلی أن انخراط إيران في معركة غزة قد يرفع احتمال نشوب احتجاجات داخلية وتحركات قومية وطائفية في بعض مناطق البلاد، وحينها سترى السلطات نفسها مجبرة على توظيف جزء من قدراتها الردعية لضمان الأمن في الداخل.


لعبة الشطرنج

من ناحيته، يعزو النائب السابق لقائد فيلق القدس بالحرس الثوري، العميد منصور حقيقت بور، عدم تدخل بلاده لنصرة ما سماه "بضعة العالم الإسلامي" إلى "ثقتها بنجاعة عقيدة المقاومة وقدرتها على مواجهة العدو"، مستدركا أنه لولا الدعم الأميركي والأوروبي لقضت المقاومة الإسلامية حتى الآن على إسرائيل.

ولدى إشارته إلى النقاش المستمر في الأوساط الإيرانية بشأن التدخل المباشر في معركة غزة، أوضح العميد حقيقت بور أن "الجمهورية الإسلامية دولة مؤسسات، وأن القرارات الإستراتيجية المرتبطة بالأمن القومي تخضع لعوامل ومحددات عديدة".

وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح بور أن "الدعم الإيراني للقضية الفلسطينية لم يتوقف يوما طوال أكثر من 4 عقود على شتى المستويات"، مشبها الشرق الأوسط برقعة لعبة الشطرنج وأن مشهد الصراع في المنطقة لا يحتاج من بلاده سوى "ترتيب قطع اللعبة".

وفي السياق نفسه، يعتقد الكاتب والباحث السياسي كيومرث أشتري، أن الخيار العسكري قد يسوغ تدخل طهران في المعركة عندما يكون التهديد الإسرائيلي محدقا من الجنوب (الإمارات) ومن الشمال (أذربيجان)، مضيفا في مقال له نشرته صحيفة "شرق" تحت عنوان "الخيار العسكري في فلسطين" أن الخيار العسكري قد يكون مفيدا في الردع وإبعاد شبح التهديد من حدود الجمهورية الإسلامية، إلا أن مستوى المجازفة سيكون أعلى مقارنة مع التهديدات المحتملة.

ورغم انقسام الإيرانيين بين من يرى التدخل العسكري ضرورة لتحييد الخطر الإسرائيلي، ومن يحذر من خطورة القرار، تبقى عيونهم شاخصة إلى فلسطين لمتابعة قدرة بلادهم على "ترتيب قطع الشطرنج في مشهد النزاع المتواصل في الشرق الأوسط".

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

هل تسعى إيران للحصول على قنبلة نووية رغم تراجع ردعها التقليدي؟

أكد معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى أن عدم اليقين بشأن مخاطر التسلح وتكاليفه وفوائده قد يمنح الولايات المتحدة نفوذا قويا يُمكنها من ضمان استمرار طهران في اتباع سياسة التحوط النووي، وذلك رغم أن "الانتكاسات العسكرية" الأخيرة قد غذت الحديث الإيراني عن احتمال حدوث اختراق نووي محتمل.

وقال المعهد في تحليل له إنه "مع فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، تواجه إيران فترة من التحديات الهائلة، بما في ذلك عودة محتملة لسياسة الضغوط القصوى التي مارستها  الولايات المتحدة الأمريكية  تجاه إيران في السابق".

وأوضح أن هذه الفترة "تأتي عقب سلسلة من الإجراءات الإسرائيلية التي أضعفت قدرات الردع الإيرانية، بما في ذلك الضربة التي شنتها إسرائيل في 26 تشرين الأول/ أكتوبر، التي أدت إلى تحييد دفاعاتها الجوية الاستراتيجية وقدرتها على إنتاج صواريخ باليستية تعمل بالوقود الصلب، مما جعلها أكثر عرضة للهجمات المستقبلية وأضعف قدرتها على تجديد مخزونها من الصواريخ المستنفذة جزئيا".

وأضافت أنه "في المقابل، حثّ بعض المسؤولين الإيرانيين النظام على تعزيز قوة الردع من خلال إنتاج أسلحة نووية، مما أثار مخاوف من احتمال تخلي إيران قريباً عن استراتيجية التحوط النووي".

العتبة النووية 
خلال فصلي الربيع والصيف الماضيين، حذر العديد من المسؤولين الإيرانيين من أن تفاقم بيئة التهديد قد يدفع النظام إلى إعادة النظر في عقيدته النووية، وفي الوقت نفسه، صرحت "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" أن طهران بدأت بتركيب أجهزة طرد مركزي متطورة في منشآت تخصيب اليورانيوم في موقعي "فوردو" و"نطنز". 


وبالتوازي مع ذلك، صرح مسؤولون إسرائيليون وأمريكيون للصحفيين أن إيران انخرطت في أبحاث متقدمة تشمل المعادن، والنمذجة الحاسوبية، والمتفجرات، التي يُعتقد أنها مرتبطة بتطوير الأسلحة النووية. 

وأكد تقييم استخباراتي أمريكي صدر في تموز/ يوليو أن إيران "نفذت أنشطة تجعلها في وضع أفضل لإنتاج جهاز نووي، إذا قررت ذلك"، وبالتالي، لم يكن مفاجئاً أن تستهدف الضربة الإسرائيلية في 26 تشرين الأول/ أكتوبر منشأة بالقرب من طهران، يُعتقد أنها تشارك في أنشطة التسلح هذه.

واعتبر المعهد أن "النظام الإيراني تبنى مقاربة أكثر جرأة وتقبلا للمخاطر تجاه إسرائيل"، معتقدًا أن "الدولة اليهودية أصبحت أضعف تدريجيًا بسبب حرب غزة، وما رافقها من توترات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، بالإضافة إلى تنامى القوة الصاروخية الإيرانية المتطورة".

وأضاف "كذلك، كان النظام الإيراني مقتنعًا بضرورة الرد بحزم على مختلف التحركات الإسرائيلية، بما في ذلك الضربات التي استهدفت شخصيات إيرانية بارزة ووكلاء إيران في دمشق وطهران وبيروت، وانطلاقاً من ذلك، نفذت إيران هجمات صاروخية مكثفة ضد إسرائيل في 13 نيسان/ أبريل وفى الأول من تشرين الأول/أكتوبر".

وقال إن "هذه التحركات قد تبشر بتبني طهران سياسة أكثر جرأة فيما يتعلق بتطوير الأسلحة النووية، ما لم تعتمد الولايات المتحدة وشركاؤها سياسة أكثر حزمًا وصرامة في الأشهر المقبلة".

الانتشار النووي
أوقفت طهران معظم أنشطتها السرية المتعلقة بالأسلحة النووية في عام 2003، بعد أن كشفت جماعة معارضة عن تفاصيل البرنامج، ومنذ ذلك الحين، تبنت إيران استراتيجية تحوطية تهدف إلى الحفاظ على خيار امتلاك السلاح النووي، نظرا لأن مخاطر وتكاليف السعي لتحقيق هذا الهدف - بما في ذلك العزلة الدبلوماسية، والعقوبات الاقتصادية، والضربات العسكرية، وربما سباق تسلح نووي إقليمي – تعتبرها طهران مخاطر غير مقبولة. 

وظلّت طهران توازن في حساباتها النووية بين مجموعة واسعة من العوامل، حيث وفرت استراتيجية التحوط فوائد عدة تمكّنها من الحصول على القنبلة النووية دون مواجهة مخاطر أو تكبد تكاليف الباهظة.

ومنذ ذلك الحين، تبددت بعض المخاوف التي دفعت إيران إلى اتباع استراتيجية التحوط، بينما لا تزال هناك مخاوف أخرى قائمة بقوة، على سبيل المثال، أصبح عزل طهران اليوم أكثر صعوبة مما كان عليه في الماضي، حيث عزز النظام علاقاته مع روسيا والصين. 

وقام العديد من شركاء الولايات المتحدة بالتحوط من خلال التواصل مع طهران، بينما قام العديد من حلفاء الولايات المتحدة بتقليل مخاطرهم من خلال التواصل مع طهران، ومع ذلك، لا تزال إيران عرضة للعقوبات.

وأشار الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان إلى أن تخفيف العقوبات لا يزال أولوية، في حين أن المرشد الأعلى علي خامنئي سيدعم على الأرجح مثل هذه الجهود إذا لم تضطر طهران إلى دفع ثمن باهظ للغاية.

وأصبح احتمال التهديد بالقيام بعمل عسكري أعلى من أي وقت مضى، فقد حلّقت الطائرات الإسرائيلية فوق إيران في 26 تشرين الأول/ أكتوبر دون أن تواجه أي ردع، وتمكنت من استهداف مواقع محددة بدقة لإلحاق أكبر ضرر ممكن بقدرات النظام على إنتاج الصواريخ الباليستية، وذلك في عملية جرت بالتنسيق الكامل مع الولايات المتحدة. 

وقال المعهد أن "الاستخبارات الإسرائيلية نجحت مرارا وتكرارا في اختراق أنشطة إيران الأكثر حساسية، مما يتيح لطهران أن تفترض بشكل منطقي أنه إذا حاولت القيام بتجاوز العتبة النووية في الوقت الراهن، فمن المرجح أن تكون إسرائيل على علم بذلك، كما قد تدعم إدارة بايدن المنتهية ولايتها الضربة لإحباط هذا الاختراق، إن لم تشارك فيه فعليا، وينطبق هذا من باب أولى على إدارة ترامب القادمة".

وأضاف أن إيران "قد تحتاج إلى عدة أسابيع أو أشهر لتصنيع سلاح نووي عملي، مما يمنح أعداءها الوقت الكافي للتحرك، ويشير الاستخدام الأخير لقاذفات بي 2 لضرب منشآت تخزين الطائرات بدون طيار والصواريخ الحوثية المدفونة في اليمن إلى أن الولايات المتحدة قد تلجأ إلى استخدام هذه الطائرة ضد إيران إذا ما رأت أن ضربة عسكرية ضد برنامجها النووي أمر ضروري".

و تُعد طائرة "بي 2" الوحيدة المصرح لها بإسقاط القنبلة (GBU-57) التي تزن 30,000 رطل، وهي ذخيرة ضخمة مصممة لاختراق التحصينات العميقة، كما أنها السلاح التقليدي الوحيد القادر على الوصول إلى منشأة التخصيب الإيرانية المتواجدة تحت الأرض في "فوردو".

حدود امتلاك قوة نووية 
وقال المعهد إنه "يتعين على طهران أن تدرس بعناية ما إذا كانت فوائد امتلاك القنبلة النووية تبرر المخاطر المرتبطة بها، وقد تطرق المرشد الأعلى علي خامنئي لهذا الموضوع في عدة مناسبات، إما لتبرير اعتماد سياسة التحوط النووي بعد عام 2003، أو ربما نتيجة تطور حقيقي في طريقة تفكيره، فقد ذكر على سبيل المثال أن المجاهدين الأفغان هزموا الاتحاد السوفيتي وأن إيران أحبطت مساعي الولايات المتحدة في العراق وسوريا، على الرغم من امتلاك القوتين العظميين للأسلحة النووية".

 ولفت خامنئي الانتباه إلى أن الأسلحة النووية لم تمنع سقوط الاتحاد السوفيتي، وفي المقابل، لا توجد دلائل على أن خامنئي يعتبر امتلاك الأسلحة النووية ضرورة لبقاء الجمهورية الإسلامية. 


واعتبر المعهد "لو كان ذلك هو اعتقاده (خامنئي)، لما وافق على تعليق البرنامج النووي أو تفكيكه في مرات عديدة، سواء لتجنب العزلة الدبلوماسية أو للحصول على تخفيف للعقوبات الاقتصادية.

وأضاف أن "إيران لم تتمكن من حماية علمائها النوويين البارزين من فرق الاغتيال الإسرائيلية، أو أهم منشآتها النووية من المخربين الإسرائيليين، أو أرشيفها النووي من السرقة من قبل عملاء إسرائيليين، وإلى أن يقوم النظام بحل هذه المشكلة، علما بأن الأحداث الأخيرة لا تبعث على الثقة في هذا الصدد، وقد لا يرغب النظام في إنتاج أسلحة نووية قد تكون عرضة للتخريب أو التحويل من قبل عملاء أجانب أو إرهابيين محليين".

الحفاظ على سياسة التحوط 
وقال المعهد إنه "مع تزايد التحول التدريجي نحو مقاربة أكثر مغامرة تجاه "إسرائيل"، ربما تكون إيران قد وصلت إلى منعطف حاسم. لذلك يجب على واشنطن أن تبذل قصارى جهدها لإحباط هذا التحول الخطير ومنعه من أن يصبح واقعاً دائماً، وتحفيز طهران على مواصلة اتباع سياسة التحوط".

وأضاف أنه "على الرغم من أن إيران المتحوطة حاليا تشكل خيارا غير مرغوب فيه، إلا أنه أقل خطورة مقارنةً بإيران النووية. كما تمثل استراتيجية التحوط خياراً أكثر حكمة مقارنةً بضربة وقائية كبيرة على المواقع النووية الإيرانية، والتي من المرجح أن توفر مهلة مؤقتة لا تتجاوز سنة أو سنتين فقط قبل أن يعاد بناء البرنامج النووي الإيراني مرة أخرى، مما يؤدي إلى تكرار سيناريو الهجوم لاحقاً. وكما فشلت عملية "جز العشب" في نهاية المطاف في غزة، قد تفشل هذه الاستراتيجية في إيران أيضاً. ومن شأن القيام بضربة وقائية ضد إيران أن تزيد من قناعتها بأن بناء القنبلة النووية بات ضرورياً وحتميا".

وفي مواجهة احتمال تولى ترامب ولاية ثانية، قد تسعى إيران لتسريع إنتاج أجهزة الطرد المركزي المتقدمة والمواد الانشطارية، بهدف تعزيز موقفها التفاوضي مع واشنطن أو تسريع قدرتها على تجاوز العتبة النووية، لا سيما إذا تصاعدت التوترات بشكل أكبر. بل وربما ترى إيران أن الفترة التي تسبق يوم التنصيب تمثل فرصة مثالية لاتخاذ خطوات أولية نحو الاختراق النووي، مما يمكنها من التفاوض مع الإدارة الجديدة انطلاقاً من موقع قوة. وقد تشمل هذه التحركات إخفاء المواد الانشطارية في مواقع غير معلنة أو بناء منشآت تخصيب سرية.

وذكر أنه "لمواجهة هذه المخاطر، أمام القادة الأمريكيين عدة خيارات، أولاً، ينبغي على الإدارة الأمريكية المقبلة التأكيد على أنها لن تسمح لإيران بامتلاك أسلحة نووية، على غرار الإدارات السابقة، ثانياً، بالتعاون مع إسرائيل وشركاء آخرين.

وأوضح أنه ينبغي على الولايات المتحدة اتخاذ خطوات لـ"ردع" طهران عن الحصول على القنبلة النووية وإبقائها متحوطة لأطول فترة ممكنة وأبرزها توطيد التعاون الوثيق مع إسرائيل وحلفاء آخرين لتوجيه رسالة واضحة لإيران مفادها أنها تواجه تحالفاً دولياً واسع النطاق، والعمل على حشد دعم مجموعة واسعة من الحلفاء الدوليين وتحفيزهم على المشاركة في حملة ضغط قصوى ضد إيران إذا ما قامت بتخصيب اليورانيوم بنسبة تتجاوز المستويات الحالية (60 في المئة) أو حاولت بطريقة أخرى تجاوز العتبة النووية".


وتتضمن هذه الخطوات "تكثيف استخدام قاذفات القنابل الشبح من طراز بي 2 في التدريبات والعمليات الإقليمية كإشارة واضحة بأن واشنطن قد تستخدم هذه المنصة إذا حاولت إيران اختراق العتبة النووية، نشر مركبة "دارك إيجل" الانزلاقية الجديدة بعيدة المدى التي تفوق سرعة الصوت التابعة للجيش الأمريكي في المنطقة لإبراز القدرة على إمكانية استهداف القيادة الإيرانية إذا أمرت باختراق نووي، حيث قد تكون بعض الأهداف النووية غير قابلة للوصول المباشر".

وجاء في هذه الخطوات المقترحة أيضا "إظهار القدرة المستمرة على اختراق برنامج طهران النووي بالوسائل الإلكترونية وغيرها من الوسائل لإظهار أن أي أسلحة نووية ستكون عرضة للتخريب والتحويل عن مسارها، وبالتالي يمكن أن تشكل خطراً على النظام، وإطلاق حملة تأثير في وسائل التواصل الاجتماعي باللغة الفارسية للتشكيك في جدوى الأسلحة النووية والتأكيد على المخاطر التي يمكن أن تشكلها على إيران في حال التخريب أو تحويل مسارها أو ما قد ينتج عن ذلك من انتشار نووي إقليمي.

مقالات مشابهة

  • قرار جديد يدين طهران.. وثلاث دول تدعو إيران إلى تدمير اليورانيوم عالي التخصيب ”فوراً”
  • هل تسعى أوروبا لتفعيل آلية الزناد مع إيران؟
  • هل تسعى إيران للحصول على قنبلة نووية رغم تراجع ردعها التقليدي؟
  • وزير الخارجية الإيراني: لدينا علاقات جيدة مع البحرين
  • صحف عالمية: إسرائيل فشلت أمام صواريخ حزب الله وترامب قد يقصف منشآت إيران
  • طهران ترسل عبر بغداد رسالة إيجابية الى واشنطن: الخيار العسكري مؤجل حاليا
  • طهران ترسل عبر بغداد رسالة إيجابية الى واشنطن: الخيار العسكري مؤجل حاليا - عاجل
  • التايمز: إيران "المكشوفة" تخشى الانتقام من إسرائيل
  • الرئيس الإيراني يلتقي وزراء خارجية قطر وسوريا.. هذا ما دار بينهم
  • إيران.. خطة لنقل العاصمة من طهران