أولويات أوروبية وأميركية في انعكاسات الحرب على لبنان
تاريخ النشر: 1st, November 2023 GMT
كتبت هيام قصيفي في" الاخبار": تختلف أولويات واشنطن والعواصم الغربية تجاه احتمالات دخول لبنان في الحرب. ثمّة انتظارات سياسية لحرب غزة تتعلق بموقع إسرائيل المستقبلي. لكنّ الحاجة اليوم الى استقرار لبنان تبدو واضحة لحسابات مختلفة.
لا تتعلق مقاربة الوضع اللبناني فقط بقرار الحرب والسلم. ثمّة غياب للإمرة السياسية، بما يتخطى وجود حكومة تصريف الأعمال، لأن استحقاقاً مصيرياً كالذي يواجهه لبنان يحتاج الى إدارة أزمة حقيقية، غير متوافرة.
المفارقة الثانية في اختلاف أولويات الموفدين الغربيين تحت خانة تحييد لبنان: تريد الولايات المتحدة وأوروبا الاستقرار، وهناك سعي جدّي مع الجهات الفاعلة لمنع إحداث توتر داخلي على تماسّ مع مجريات غزة. تختلف التحذيرات الغربية لمواطنيها، وهو شأن داخلي كما هو نوع من الضغط المعنوي، عن التعامل مع لبنان كساحة محتملة للحرب، إذ يستمر الضغط لانتظار تحوّلات الحرب، وحين تنتهي «المنازلة بحدودها المعروفة حتى الآن»، يصبح لبنان من ضمن الملفات العالقة التي تحتاج الى حل شامل. وأي مسّ داخلي بالأوضاع لا يؤتي ثماره، ويزيد من الأعباء التي لا ضرورة لها. ولأميركا منذ بداية الحرب نظرة أخرى، لا تتعلق بمصالحها المباشرة، أو وجودها العسكري الذي رفعت من شأنه على مستوى المنطقة. ما يعني واشنطن اليوم، وهي تقف الى جانب إسرائيل، ألّا يتحوّل لبنان إلى مشكلة إضافية، هي في غنى عن التعاطي معها. لذلك تحرص على إيصال رسائل واضحة، وتبدو حتى الآن مرتاحة الى مستوى ما يجري في الجنوب من رسائل متبادلة محدودة.
يمثل لبنان لواشنطن غير ما يمثله لدول أوروبية، لحاجة معروفة تتعلق بدور القوات الدولية العاملة في الجنوب. ومن الصعب تجاوز كل ما أحاط أممياً وأوروبياً بدور القوة الدولية في السنتين الأخيرتين. من هذه الزاوية، يصبح لكلام وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس وزيارة نظيره الفرنسي سيباستيان لوكورنو لبيروت مغزى مختلف عن حاجة لبنان الى الاستقرار. فباريس تهدف من زيارة وزير دفاعها إلى البحث جدياً في كل ما يمسّ عمل القوة الدولية، ليس فقط لجهة حماية الحدود، البحرية (ألمانيا) والبرية (فرنسا) بالمعنى التقليدي، بل وجودها كقوة دولية وسلامة أفرادها، فلا تتحوّل إلى خاصرة رخوة لأوروربا، علماً أن لفرنسا وألمانيا موقفاً حالياً غير منسجم إجمالاً مع سياسة البلدين المعهودة في ما يتعلق بالوضع في المنطقة. للمرة الأولى، تقف ألمانيا بهذا الشكل وراء الموقف الأميركي، الى جانب إسرائيل، وتقف فرنسا موقفاً مرتبكاً، وتخطو خطوات متعثّرة، كما هي عادة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون منذ تولّيه منصبه، رغم ما يمكن أن يرتدّ على باريس من إدارته للأزمة الحالية. لكنّ كليهما ينظران من ضمن موقف أوروبي - بريطاني نظرة موحّدة الى حرب غزة. أما لبنانياً، فيتعاطيان مع إيطاليا على قاعدة حماية جنودهما في الجنوب، من دون أن يحصرا تدخّلهما بهذا الملف، ولا سيما باريس التي تسعى الى ترويج سياستها الديبلوماسية بعدم استثناء أحد من اللاعبين الكبار. وذلك من ضمن استراتيجية وقف حرب غزة وطرح حلول طويلة الأمد، يستفيد منها لبنان، وتستفيد منها أوروبا التي لا تريد دولها توسّع الصراع، ونقله بوجوه مختلفة الى بلادها. وهذه أولوية لا أحد أوروبيّاً يستخفّ بها.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
«الدم صار واحدا».. سامح عسكر: لا يمكن الفصل بين جبهتي لبنان وغزة لعدة أسباب
أكد الباحث التاريخي والأممي سامح عسكر، أنه لا يمكن الفصل أبدا بين جبهتي لبنان وغزة لعدة أسباب، أولها أن الدم اللبناني والفلسطيني صار واحدا، واختلطت روح المقاومة شمالا وجنوبا في جسد واحد، مشيرا إلى أن هذه عبارة يفمهمها المقاومون في الميدان أكثر من غيرهم، ويدركها المفكرون والفلاسفة لبعدها الثقافي والروحي.
وأضاف عسكر، في منشور عبر حسابه على إكس: لا يمكن لحزب الله أن يعزل نفسه عن غزة، فقد دفع ثمنا كبيرا لقاء ذلك، وفي حال العزل يكون مهزوما، وستؤثر هذه الهزيمة على وضعه بالداخل اللبناني، والحزب لن يغامر بوضعيته في الداخل بالذات، فهذا رأس ماله الأول، وحاضنته الشعبية التي ظل يبنيها لمدة 40 عاما.
وتابع: أن الهدنة المقترحة سواء شهرا أو شهرين، هي نفس الهدنة التي وافق عليها نصر الله قبل استشهاده، ورفضها نتنياهو، وملخصها، هدنة مؤقتة لتوفير جو من الثقة وضمانات لعقد صفقة تبادل في غزة ووقف المذبحة التي تجري، وفي حال انقضاء الهدنة ولم يحدث الاتفاق مع المقاومة الفلسطينية سيعود الهجوم اللبناني وفقا لمبدأ وحدة الساحات الذي يعتبر من أكبر مكاسب المرحلة.
وواصل: أن نتنياهو كان قد رفض الهدنة الأولى بضغط من اليمين الديني، وقرر اغتيال نصر الله للتغطية محليا وإقليميا ودوليا على هذا الرفض، ولحصار معارضيه في الداخل ودفعهم لدعمه بعد الاغتيال لتوقع ردة فعل حزب الله وإيران.
وأشار إلى أنه توجد ضغوط أمريكية وفرنسية كبيرة هذه المرة لإنجاز الهدنة، لسببين، الأول: الخسائر الكبيرة في تل أبيب وحيفا، واندفاع حزب الله في قصف المدينتين واقترابه من ضرب مؤسسات وأهداف حيوية استراتيجية، الثاني: توحيد الجهود الغربية لدعم أوكرانيا والتفرغ لروسيا بعد التهديد بالنووي.
وأوضح أنه توجد ضغوط داخلية كبيرة من التيار العلماني الإسرائيلي لوقف الحرب والاكتفاء بما حدث واعتباره نصرا، وزادت هذه الضغوط مؤخرا بعد موجات النزوح الإضافية من الشمال، وعقب إقالة جالانت، وبعيد قصف منزل نتنياهو واستغلال ضعف رئيس الحكومة وظهوره بصورة الهارب.
وأردف: أن الضغوط على نتنياهو بسبب قضايا الفساد المرفوعة ضده، هي التي دفعت الرجل لتوسيع حروبه ورفض أي هدنة أو صفقة لإيقاف المعارك، وربما حصل نتنياهو على ضمانات بتبريد هذه القضايا أو تجميدها من طرف بايدن أو ترامب.
وأكمل: أن الهدنة المقترحة لصالح لبنان وغزة معا، ويجب علينا دعمها لحقن دماء الشعبين، فنحن أمام مجرم حرب دولي مطلوب للعدالة، ومن الحكمة استغلال أي ظرف أو أجواء توقف آلته العسكرية ولو بشكل مؤقت، وسيُسهم ذلك في تفكيك جبهته وداعميه في الداخل والخارج، وإضعافه على مستوى دولته بخفض الدعم الذي يتلقاه بفعل الصراع الذي يجري تصويره في إسرائيل على أنها حرب وجود.
واختتم سامح عسكر منشوره بالتأكيد، على أن المقاومة التي قدمت قادتها قربانا لقضية لا يمكنها التنازل عنها أبدا، فهي لم تعد قضية فلسطين وحدها، بل قضية الرأي العام العربي والإسلامي بشكل عام، ومحور المقاومة بشكل خاص، وعلى العدو الإسرائيلي إدراك بأن عدم حل مشكلة غزة يعني تصعيد الحرب وتوسعها، وليس فصل الجبهات عن بعضها مثلما يرغب.
اقرأ أيضاًاستشهاد 11 فلسطينيا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة
المبعوث الأمريكي يزور السعودية الثلاثاء لبحث وقف إطلاق النار في غزة
مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية: الأوضاع في غزة مأساوية.. وغرق الخيام والأسر
ارتفاع ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة لـ44235 شهيدا و104638 مصابا