في ظل الخسائر البشرية والمادية الهائلة جراء استمرار الهجوم الإسرائيلي على غزة، يرى خبراء أن الاقتصاد العالمي لن يتحمل صدمة كبيرة أخرى، خاصة بعد تعرضه لسلسلة من الصدمات على مدى السنوات الأربع الماضية، بداية من وباء كوفيد - 19، والتضخم في مرحلة ما بعد كوفيد، والحرب بين روسيا وأوكرانيا.

وبدأت إسرائيل هجوما بريا قبل أيام على غزة بهدف القضاء على حركة "حماس" بعد قصف جوي متواصل بدأ في السابع من أكتوبر ردا على هجوم الحركة الذي أدى إلى مقتل 1400 شخص، وفقا للسلطات الإسرائيلية.

وتقول وزارة الصحة في غزة، إن القصف الإسرائيلي أسفر حتى الآن عن مقتل أكثر من 8000 شخص. 

المخاطر تتزايد

وقال الخبير الاقتصادي، الأستاذ في جامعة برينستون، آدم كابور، لموقع "الحرة" إنه مع دخول الحرب بين إسرائيل وحماس أسبوعها الرابع، فإن المخاطر على الاقتصاد العالمي تتزايد.

وأضاف أنه كلما طال أمد القتال، زادت فرصة تصاعده إلى صراع إقليمي له تداعيات على الأسواق المالية العالمية، مؤكدا أنه كلما زاد خطر التصعيد، زاد خطر انتقال العدوى إلى بقية العالم من حيث الاقتصاد والتمويل.

وقال كابور إن مثل هذه العدوى ستؤدي إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية الموجودة، بما في ذلك ركود النمو والتضخم المرتفع وتراجع الأسواق العالمية وأسواق التجزئة.

وأضاف: "هذا الصراع، بطريقة ما، يضخم جميع التحديات الموجودة والتي كانت كبيرة بالفعل".

إمدادات النفط ساتأثر

وذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" أن استمرار الصراع في الشرق الأوسط يشير إلى أن سلسلة من الأحداث الكارثية قد تمتد إلى الخليج نفسه.

وأوضحت أن الحرب على غزة يمكن أن تؤدي حتى إلى الصراع بين القوى العظمى، أي بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جانب، والصين وإيران من جانب آخر.

علاوة على ذلك، ذكرت الصحيفة أن الأنظمة في المنطقة قد تتزعزع بسبب الغضب الشعبي جراء الفشل في مساعدة غزة.

وأشارت إلى أن الحظر النفطي الذي ألحق أضرارا بالغة في حرب أكتوبر عام 1973 لم يكن نتيجة مباشرة للحرب، بل كان استجابة سياسية من جانب منتجي النفط العرب.

ورفض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، الدعوات الدولية إلى "هدنة إنسانية" في القتال للسماح بوصول المساعدات الملحة للمدنيين الذين يعانون من نقص حاد في الغذاء والعقاقير ومياه الشرب والوقود، وفقا لوكالة "رويترز".

وتعهد نتنياهو بالمضي قدما في خططه للقضاء على حماس بعد بضع حروب غير حاسمة بدأت في عام 2007 مع سيطرة الحركة على القطاع.

وقالت السلطات الصحية في غزة إن 8525 شخصا، من بينهم 3542 طفلا، حصدت أرواحهم الهجمات الإسرائيلية منذ السابع من أكتوبر. ويقول مسؤولون في الأمم المتحدة إن أكثر من 1.4 مليون من السكان المدنيين في غزة البالغ عددهم نحو 2.3 مليون أصبحوا بلا مأوى.

وقالت إسرائيل إن نحو 1400 معظمهم من المدنيين قتلوا في هجوم حماس عبر الحدود في السابع من أكتوبر.

وبعيدا عن منطقة الحرب في غزة، دوت صفارات الإنذار في مدينة إيلات بجنوب إسرائيل على البحر الأحمر اليوم، وقال الجيش الإسرائيلي إنه أسقط "هدفا جويا" كان يقترب.

وعلى بعد أكثر من ألف ميل جنوبي غزة، قال الحوثيون المتحالفون مع إيران في اليمن إنهم أطلقوا "عددا كبيرا" من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة نحو إسرائيل لدعم المسلحين الفلسطينيين. وهذه هي ثالث عملية يستهدفون فيها إسرائيل خلال الصراع الحالي، وقالوا إن هناك مزيدا من العمليات في المستقبل.

وتري "فاينانشيال تايمز" أنه إذا انتشرت الحرب، فسيكون للأمر تداعيات كبيرة على الاقتصاد العالمي، لأن هذه المنطقة تعد أهم منتج للطاقة في العالم.

ووفقا للمراجعة الإحصائية للطاقة العالمية لعام 2023، فإن منطقة الشرق الأوسط تحتوي على 48 في المئة من الاحتياطيات العالمية المؤكدة وأنتجت 33 في المائة من النفط العالمي في عام 2022.

علاوة على ذلك، وفقا لتقرير لإدارة معلومات الطاقة الأميركية، مر خُمس إمدادات النفط العالمية عبر مضيق هرمز، في قاع الخليج، في عام 2018، وبالتالي فإن أي إغلاق لهذا المضيق سيكون بمثابة نقطة الاختناق لإمدادات الطاقة العالمية.

ويشير البنك الدولي أيضا إلى أن صدمات الطاقة في الحروب الماضية كانت مكلفة للغاية، فقد أدى غزو العراق للكويت في عام 1990 إلى رفع متوسط أسعار النفط بعد ثلاثة أشهر بنسبة 105 في المئة، كما رفعها الحظر النفطي العربي في الفترة 1973-1974 بنسبة 52 في المئة، كما رفعتها الثورة الإيرانية في عام 1978 بنسبة 48 في المئة، وفقا للصحيفة.

لكن الصحيفة أشارت إلى أنه حتى الآن كانت التأثيرات على أسعار النفط نتيجة لهجمات حماس على إسرائيل والحرب في غزة متواضعة.

وأوضحت أن النفط لايزال وقودا حيويا لوسائل النقل. ويشكل الغاز الطبيعي السائل من الخليج أيضا جزءا مهما من الإمدادات العالمية من الغاز الطبيعي. ومن شأن الانقطاعات الكبيرة في هذه الإمدادات أن يكون لها تأثير قوي على أسعار الطاقة والإنتاج العالمي ومستوى الأسعار الإجمالي، ولا سيما في المواد الغذائية.

ونتيجة استمرار الحرب، يتصور البنك الدولي سيناريوهات تنطوي على اضطرابات صغيرة ومتوسطة وكبيرة في إمدادات الطاقة، وفقا للصحيفة.

والسيناريو الأول، كما يفترض البنك، سيخفض العرض بما يصل إلى مليوني برميل يوميا (حوالي 2 في المائة من العرض العالمي)، والثاني سيخفضه بمقدار 3-5 ملايين برميل يومياً، والأخير سيخفضه بمقدار 6-8 ملايين برميل يومياً، بحسب الصحيفة.

وتقدر أسعار النفط المقابلة بما يتراوح بين 93 إلى 102 دولارًا، و109 إلى 121 دولارًا، و141 إلى 157 دولارًا على التوالي، والأخير من شأنه أن يدفع الأسعار الحقيقية نحو مستويات الذروة التاريخية.

وإذا تم إغلاق المضيق، فإن النتائج ستكون أسوأ بكثير، كما ذكرت الصحيفة، التي أوضحت أن العالم لا يزال في عصر الوقود الأحفوري، ولذلك قد يكون الصراع في أكبر منطقة مصدرة للنفط في العالم مدمرا للغاية.

ويرى خبير الاقتصاد، آدم كابور، في حديثه "للحرة" أن التأثير على الأسواق العالمية ردًا على بداية الحرب كان محدودًا في البداية، حيث قدر المستثمرون في البداية أنه تم احتواء الصراع. ومع ذلك، فإنه يعتقد أن احتمال حدوث امتداد إقليمي يجذب لاعبين آخرين، مثل إيران ولبنان وآخره ما حدث اليوم من قبل اليمن والحوثيين، قد زاد من الشعور بعدم الارتياح في الأسواق.

وقال كابور إن النفط كان متقلبًا بشكل خاص، وسط مخاوف من أن التصعيد قد يؤدي إلى تقييد الإمدادات من المنطقة الغنية بالطاقة.

وأضاف أن أسعار النفط ارتفعت، الجمعة، بعد أن قالت إسرائيل إن قواتها توسع عملياتها البرية، لكنها انخفضت، الاثنين، مع تطلع المستثمرين إلى اجتماع السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، الأربعاء.

ويرى كابور أن الحرب في غزة جاءت في الوقت الذي كانت فيه إسرائيل تتخذ خطوات لتطبيع العلاقات الدبلوماسية مع جيرانها العرب، بما في ذلك السعودية، من أجل مزيد من التعاون السياسي والاقتصادي.

لكنه أوضح أن استمرار الحرب على غزة سيطيح بتلك الطموحات، وأصبح احتمال التقارب العلني أكثر بعدا.

تراجع العولمة

ووصفت رئيسة صندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، الصراع المتفاقم بين إسرائيل وحماس بأنه سحابة سوداء أخرى في أفق التوقعات الاقتصادية القاتمة بالفعل.

وقالت إن "بالنسبة لتمركز الحرب في منطقة الشرق الأوسط، فهذا يعتبر أمرا فظيعا من حيث الآفاق الاقتصادية، لأنه سيكون هناك تأثير سلبي على الجيران وعلى القنوات التجارية وعلى القنوات السياحية وتكلفة التأمين".

وتعكس تعليقات غورغييفا التصريحات التي أدلى بها رئيس البنك الدولي، أغاي بانغا، الأسبوع الماضي، والذي قال فيها لشبكة "سي أن بي سي" إن "الصراع جعل هدف التعاون الإقليمي في الشرق الأوسط أكثر صعوبة".

وأضاف بانغا، الثلاثاء: "كنا نعمل من أجل شرق أوسط أكثر سلامًا، وبدأت العديد من الدول في هذه المنطقة في التحدث مع بعضها البعض حول فرصة المضي قدمًا بمنصة جديدة للعيش معًا. وأعتقد أنه من الواضح أن الأمر سيستغرق بعض الوقت حتى ينجح هذا النوع من العمل بطريقة أو بأخرى".

وقال أستاذ الاقتصاد الجامعة الأميركية في القاهرة، كريم خيري أبو بكر، لموقع "الحرة" إنه إذا تصاعد الوضع في الشرق الأوسط، فمن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى انقسام أكبر في الشرق الأوسط، ومن ثم ربما بين بعض الجهات الاقتصادية الرئيسية الأخرى.

وأضاف أنه عندما تفكر في الولايات المتحدة، تجد أن هذا البلد يحظى بدعم قوي للغاية لإسرائيل، وإذا رأيت دولًا أخرى مثل الصين إما تتخذ الجانب الآخر أو لا تدعم إسرائيل صراحةً، أو تختار الامتناع عن التصويت، فأعتقد أن هناك احتمالًا بأن بعضًا منها قد تتوتر روابطه التجارية مع الولايات المتحدة.

وتابع أنه إذا تفاقم تراجع العولمة، فإن ذلك يؤثر سلبا علي التضخم والسياسة النقدية على مستوى العالم.

وأوضح أنه مع تراجع العولمة، تحصل على بيئة اقتصادية عالمية أقل قدرة على المنافسة، وعندما تقل المنافسة، يؤدي ذلك في النهاية إلى التضخم، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.

ويرى أن ارتفاع الأسعار عالميا بسبب العوامل الجيوسياسية، سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة، ليس فقط من بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، لكن أيضًا من البنوك المركزية الكبرى الأخرى حول العالم.

وقال إن "الأمر لن يقتصر على انخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي والذي سيكون بمثابة قيد على النشاط الاقتصادي العالمي، لكن يمكن أيضًا الحصول على سياسة نقدية أكثر صرامة نتيجة لذلك ما قد يؤدي إلى تفاقم هذه التأثيرات أيضًا".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الاقتصاد العالمی فی الشرق الأوسط أسعار النفط یؤدی إلى فی المئة الحرب فی على غزة إلى أن فی عام فی غزة

إقرأ أيضاً:

الصراع في الكونغو.. تهديدات جديدة للأمن الدولي والمخاطر الإنسانية المتزايدة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تعيش جمهورية الكونغو الديمقراطية أزمة مستمرة في شرق البلاد منذ سنوات، حيث تجتاح المنطقة الصراعات المسلحة التي تشارك فيها مجموعة من الجماعات المسلحة المحلية والإقليمية، أبرزها حركة 23 مارس. تأسست هذه الحركة في سياق صراعات معقدة في مناطق مثل شمال كيفو، والتي شهدت احتكاكًا شديدًا بين القوات الحكومية الكونغولية والجماعات المتمردة. النزاع المستمر ساهم في تفاقم الوضع الإنساني وأدى إلى نزوح جماعي للسكان وتدهور الأوضاع الأمنية في المنطقة، مما أثار مخاوف من تداعياته على استقرار منطقة البحيرات العظمى بشكل عام.

تتفاقم هذه الأزمة في ظل تعقيدات محلية وإقليمية متعددة، حيث تسعى حركة 23 مارس، لتوسيع نطاق سيطرتها السياسية والعسكرية في المناطق التي تسيطر عليها، فيما تواصل حكومة الكونغو الديمقراطية تعزيز موقفها العسكري والسياسي. من جهة أخرى، تتدخل أطراف إقليمية ودولية في النزاع، وهو ما يزيد من تعقيد الجهود المبذولة لإيجاد حل شامل. التحديات الإنسانية الناجمة عن النزاع تتجلى في تدفق اللاجئين إلى دول الجوار، مما يضع عبئًا إضافيًا على المجتمعات التي تستضيف هؤلاء اللاجئين، مثل رواندا وأوغندا، ويزيد من تعقيد المساعي الدولية لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.

وقد أجلت حركة 23 مارس المحادثات التي كانت مقررة في 9 أبريل برعاية قطر إلى أجل غير مسمى، وفقًا لتقرير وكالة رويترز في نفس اليوم. ولم يتم توضيح السبب وراء هذا التأجيل، كما لم تُرسل قطر دعوات رسمية حتى اللحظة. وكانت هناك محادثات تمهيدية بين قطر وجمهورية الكونغو الديمقراطية وحركة 23 مارس في الأسبوع الذي سبق الموعد المحدد للمفاوضات، بهدف وضع أساس للمحادثات حول القضايا الرئيسية. في 9 أبريل، أفاد الصحفيون الكونغوليون عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن حركة 23 مارس وضعت عدة شروط مسبقة للمضي قدمًا في المحادثات. من بين هذه الشروط، كان هناك مطلب بالعفو عن كبار قادة الحركة، والحصول على بيان من رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، فيليكس تشيسكيدي، يؤكد دعمه للحوار المباشر. كما طالبت الحركة بإلغاء قانون كونغولي يشرع تحالفًا بين الجيش الكونغولي والميليشيات الموالية للحكومة، وبتحديد صلاحيات وفد جمهورية الكونغو الديمقراطية في المحادثات بشكل واضح قبل الدخول في القضايا الجوهرية. من جانبها، طالبت جمهورية الكونغو الديمقراطية حركة 23 مارس بالتخلي عن سيطرتها السياسية في المناطق التي احتلتها، مثل غوما وبوكافو، والانسحاب منها، بالإضافة إلى نزع سلاح الحركة وتسريح قواتها.
في 8 أبريل، أعلن الرئيس السابق لجمهورية الكونغو الديمقراطية، جوزيف كابيلا، عن عزمه العودة إلى البلاد للمساهمة في حل الأزمة الأمنية في شرق البلاد، بعد مشاورات مع عدد من الشخصيات السياسية المحلية والدولية. جاء هذا الإعلان بعد إعادة حزبه، حزب الشعب من أجل إعادة الإعمار والديمقراطية (PPRD)، إطلاق أنشطته السياسية في 7 أبريل. منذ عام 2023، كان كابيلا قد غادر البلاد وظل بعيدًا عن الأضواء حتى فبراير الماضي، عندما بدأ في إعادة بناء شبكته السياسية. وعلى الرغم من عودة كابيلا للظهور، فإن الرئيس الحالي، فيليكس تشيسكيدي، ومسؤولين آخرين اتهموه بالتحضير لتمرد وتورطه في دعم حركة 23 مارس. وقد اعتقل الجيش الكونغولي في مارس عددًا من المسؤولين المقربين من كابيلا بتهمة التحضير لانقلاب. في إطار هذه التوترات، أعلن كابيلا عن خطط لعودته عبر الجزء الشرقي من البلاد، مرورًا بغوما التي تسيطر عليها حركة 23 مارس.
في سياق آخر، قامت حركة 23 مارس بتعزيز سلطتها في مناطق مختلفة في مقاطعة ماسيسي جنوب شمال كيفو، حيث استبدلت القادة المحليين في عدة قرى بالموالين لها. ووفقًا لتقرير إذاعة أوكابي، فقد تم فرض سلطات جديدة في قرى مثل روبايا وكيشانغا وكاليمبي، مع محاسبة السكان الذين يرفضون القيام "بالعمل المجتمعي". في الوقت نفسه، بدأت بعض الأسر النازحة العودة إلى قراهم في ماسيسي بعد تحسن الوضع الأمني بفعل الهدوء النسبي في القتال بين الجيش الكونغولي وحركة 23 مارس.

الدلالات والآثار المحلية والإقليمية والدولية لتأجيل محادثات إم23:
   الدلالات المحلية:
       تعزيز الانقسامات السياسية في جمهورية الكونغو الديمقراطية: تأجيل المحادثات يعكس تعقيد الوضع الداخلي في جمهورية الكونغو الديمقراطية. حركة إم23 تضع شروطًا صارمة قبل الدخول في المحادثات، مما يدل على تعميق الهوة بين الحكومة والحركات المتمردة. في المقابل، تصاعد الاتهامات ضد الرئيس تشيسكيدي والاتهامات لكابيلا بالضلوع في الأزمة يعكس توترات سياسية مستمرة داخل البلد.
       تدهور الوضع الأمني في شرق الكونغو: سيطرة حركة إم23 على مناطق في شمال كيفو، مثل غوما وبوكافو، وتشديد قبضتها على القرى في ماسيسي، يعكس استمرار الصراع في المنطقة وتزايد معاناة السكان المحليين. كما أن عمليات الاعتقال والعقوبات المفروضة على السكان تزيد من تفاقم الوضع الإنساني.

   الدلالات الإقليمية:
       تأثيرات على الاستقرار الإقليمي في منطقة البحيرات العظمى: الصراع المستمر بين القوات الكونغولية وحركة إم23 يهدد الاستقرار الإقليمي، خاصة في ظل تورط مجموعات مسلحة أخرى قد تجد في النزاع فرصة للتوسع. الدول المجاورة مثل رواندا وأوغندا قد تتأثر بشكل غير مباشر عبر تدفقات اللاجئين أو تورط جماعات مسلحة محلية في الصراع.
       تصعيد الضغوط على آليات الحل الإقليمي: تأجيل المحادثات قد يضعف جهود الوساطة الإقليمية من قبل دول مثل قطر، وكذلك جهود الاتحاد الأفريقي أو منظمة دول البحيرات العظمى. هذا يعكس التحديات التي تواجهها هذه الهيئات في تحقيق تسوية سلمية بسبب تعنت الأطراف المتنازعة.

   الدلالات الدولية:
       تأثير على العلاقات الدولية مع جمهورية الكونغو الديمقراطية: تأجيل المحادثات يمكن أن يؤثر سلبًا على صورة جمهورية الكونغو الديمقراطية على الساحة الدولية. الدول الغربية والمنظمات الإنسانية قد تزداد في انتقاداتها لحكومة تشيسكيدي إذا استمر التصعيد الأمني وتعثر الحلول السياسية.
       التأثير على العلاقات مع الأمم المتحدة والجهات الدولية المعنية بالسلام: الأمم المتحدة قد تواجه تحديات جديدة في نشر بعثاتها العسكرية أو الإنسانية في شرق الكونغو إذا استمر الصراع، في حين أن تأجيل المحادثات يمكن أن يعقد استراتيجيات السلام الدولية التي كانت تدعمها الأمم المتحدة.
       تعزيز المواقف السياسية المعادية للصراع: الدول الكبرى التي لها مصالح استراتيجية في المنطقة، مثل الولايات المتحدة وفرنسا، قد تدعو إلى تطبيق ضغوط دبلوماسية على الأطراف المعنية لوقف التصعيد. وفي المقابل، قد يكون لبعض هذه الدول مصالح في تقوية مواقف بعض اللاعبين الإقليميين، مثل رواندا، التي يُتهم البعض بدعم حركة إم23.

الآثار المحتملة:
   على مستوى الأمن الإقليمي والدولي:
استمرار تصاعد العنف في شرق الكونغو له تأثيرات كبيرة على الأمن الإقليمي والدولي. مع تزايد النزاع بين القوات الكونغولية وحركة إم23، يزداد القلق من تدهور الوضع الأمني في منطقة البحيرات العظمى. هذا التصعيد يهدد الاستقرار في دول مجاورة مثل رواندا وأوغندا، التي قد تتأثر بشكل غير مباشر من خلال تدفق اللاجئين عبر حدودها. علاوة على ذلك، يشكل استمرار النزاع بيئة مواتية لزيادة نشاط الجماعات المسلحة الأخرى التي قد تستغل حالة الفوضى لتنفيذ عملياتها عبر الحدود. من المحتمل أن تتزايد عمليات تهريب الأسلحة والمعدات العسكرية عبر مناطق غير خاضعة للرقابة، مما يؤدي إلى تأجيج المزيد من الصراعات في دول مجاورة قد تكون غير مستعدة للتعامل مع تلك التهديدات.
من ناحية أخرى، يثير تزايد العنف في شرق الكونغو القلق أيضًا بشأن انتشار التجارة غير المشروعة، بما في ذلك الاتجار بالمخدرات والموارد الطبيعية. مع تصاعد الفوضى، يصبح من الصعب على السلطات المحلية مراقبة وحماية الحدود بشكل فعال، مما يؤدي إلى تكثيف أنشطة التهريب عبر مناطق غير آمنة. هذا يشكل تهديدًا ليس فقط على الدول المجاورة، ولكن أيضًا على الأمن الدولي، حيث يمكن أن تمتد هذه الأنشطة إلى أسواق ودول بعيدة، مما يعزز الأنشطة الإجرامية العابرة للحدود. تبقى هذه التجارة غير المشروعة أحد الأسباب التي تزيد من تعقيد الجهود الرامية إلى استعادة السلام والاستقرار في المنطقة.

   على المستوى الإنساني:
على المستوى الإنساني، يساهم استمرار النزاع في زيادة المعاناة الإنسانية في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية بشكل كبير. يتعرض المدنيون في المناطق المتأثرة بالصراع، مثل غوما وبوكافو، لانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، بما في ذلك القتل والاختطاف والعنف الجنسي. كما يعاني العديد من السكان من نقص حاد في الغذاء والرعاية الصحية الأساسية، مما يفاقم الظروف المعيشية الصعبة. بالإضافة إلى ذلك، يعاني ملايين الأشخاص من النزوح الداخلي نتيجة للقتال المستمر، حيث يفرون من القرى والمدن إلى أماكن أكثر أمانًا، مما يسبب زيادة في الضغط على الموارد المحلية والبنية التحتية في المناطق التي تستقبلهم.
مع تزايد أعداد اللاجئين، تواجه الدول المجاورة مثل رواندا وأوغندا تحديات كبيرة في تقديم الدعم الإنساني. حيث تشير التقارير إلى أن هذه الدول قد تواجه صعوبة في تلبية احتياجات اللاجئين، بما في ذلك توفير مأوى، غذاء، ورعاية صحية، بالإضافة إلى توفير التعليم والخدمات الأساسية الأخرى. تفاقم الوضع الإنساني قد يؤدي إلى خلق بيئة من التوترات المحلية، حيث يمكن أن يتسبب تدفق اللاجئين في تحميل المجتمعات المحلية عبئًا إضافيًا من حيث الموارد والخدمات. في ظل هذه الظروف، قد يصبح من الصعب على الدول المضيفة تأمين احتياجات السكان المحليين واللاجئين على حد سواء، مما يزيد من الأعباء الاقتصادية والاجتماعية على هذه الدول.
وأخيرًا، من المتوقع أن يزداد تدفق اللاجئين إلى الدول المجاورة مع استمرار النزاع. هذا قد يؤدي إلى تفاقم الضغط على هذه الدول التي تستضيف أعدادًا كبيرة من اللاجئين الكونغوليين منذ سنوات. ومع تضاعف أعداد اللاجئين بسبب الحرب المستمرة، ستواجه هذه الدول تحديات جديدة في تأمين حياة كريمة للاجئين. قد تتطلب الاستجابة للأزمة الإنسانية من المجتمع الدولي المزيد من الدعم المالي واللوجستي لضمان توفير الخدمات الأساسية والحفاظ على الاستقرار في هذه الدول المستضيفة.
 

مقالات مشابهة

  • النفط العُماني يتعافى من "كبوة الحرب التجارية".. والخامات العالمية تُبدد المكاسب
  • سؤال برلماني حول خطة تجنب المواطنين آثار التوترات العالمية
  • منظمة التجارة العالمية تحذر من عواقب تقسيم الاقتصاد العالمي إلى كتلتين
  • الصراع في الكونغو.. تهديدات جديدة للأمن الدولي والمخاطر الإنسانية المتزايدة
  • التجارة العالمية: الحرب التجارية قد تخفض الناتج الإجمالي العالمي بنحو 7%
  • اتصالات تركية مع إسرائيل لتجنب تصعيد الصراع في سوريا
  • هجينية الصراع
  • سلاح إيران السري.. كيف سيُسقط الاقتصاد العالمي في 24 ساعة؟
  • أسعار خام البصرة تتراجع بأكثر من 12٪ وسط مخاوف من تباطؤ الاقتصاد العالمي
  • بوتين يؤيد وقف إطلاق النار في أوكرانيا.. بهذه الشروط