حكم الشرع في دفع الزكاة للقريب المحتاج
تاريخ النشر: 1st, November 2023 GMT
يسأل الكثير من الناس عن حكم الشرع فى دفع الزكاة للقريب المحتاج اجابت دارالافتاء المصرية وقالت عن سلمان بن عامر رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَعَلَى ذِي الرَّحِمِ اثْنَتَانِ: صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ» رواه الترمذي وحسّنه والنسائي وابن ماجه وأحمد وغيرهم، والطبراني وغيره عن أبي طلحة رضي الله تعالى عنه.
وعليه: فيجوز الزكاة على القريب المذكور، بل ويستحب ذلك في كل الأمور المذكورة عند كل العلماء، وفي مسألة النكاح عند الحنابلة.
قال السدي : الأحبار من اليهود ، والرهبان من النصارى .
وهو كما قال ، فإن الأحبار هم علماء اليهود ، كما قال تعالى : ( لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت ) [ المائدة : 63 ] والرهبان : عباد النصارى ، والقسيسون : علماؤهم ، كما قال تعالى : ( ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون ) [ المائدة : 82 ] .
والمقصود : التحذير من علماء السوء وعباد الضلال كما قال سفيان بن عيينة : من فسد من علمائنا كان فيه شبه من اليهود ، ومن فسد من عبادنا كان فيه شبه من النصارى . وفي الحديث الصحيح : لتركبن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة . قالوا : اليهود والنصارى ؟ قال : فمن ؟ . وفي رواية : فارس والروم ؟ قال : ومن الناس إلا هؤلاء ؟ .
والحاصل : التحذير من التشبه بهم في أحوالهم وأقوالهم ؛ ولهذا قال تعالى : ( ليأكلون أموال الناس بالباطل ) وذلك أنهم يأكلون الدنيا بالدين ومناصبهم ورياستهم في الناس ، يأكلون أموالهم بذلك ، كما كان لأحبار اليهود على أهل الجاهلية شرف ، ولهم عندهم خرج وهدايا وضرائب تجيء إليهم ، فلما بعث الله رسوله - صلوات الله وسلامه عليه - استمروا على ضلالهم وكفرهم وعنادهم ، طمعا منهم أن تبقى لهم تلك الرياسات ، فأطفأها الله بنور النبوة ، وسلبهم إياها ، وعوضهم بالذلة والمسكنة ، وباءوا بغضب من الله .
وقوله تعالى : ( ويصدون عن سبيل الله ) أي : وهم مع أكلهم الحرام يصدون الناس عن اتباع الحق ، ويلبسون الحق بالباطل ، ويظهرون لمن اتبعهم من الجهلة أنهم يدعون إلى الخير ، وليسوا كما يزعمون ، بل هم دعاة إلى النار ، ويوم القيامة لا ينصرون .
وقوله : ( والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم ) هؤلاء هم القسم الثالث من رءوس الناس ، فإن الناس عالة على العلماء وعلى العباد وعلى أرباب الأموال ، فإذا فسدت أحوال هؤلاء فسدت أحوال الناس ، كما قال بعضهم :
وهل أفسد الدين إلا الملوك وأحبار سوء ورهبانها ؟
وأما الكنز فقال مالك ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر أنه قال : هو المال الذي لا تؤدى منه الزكاة .
وروى الثوري وغيره عن عبيد الله عن نافع ، عن ابن عمر قال : ما أدي زكاته فليس بكنز وإن كان تحت سبع أرضين ، وما كان ظاهرا لا تؤدى زكاته فهو كنز وقد روي هذا عن ابن عباس ، وجابر ، وأبي هريرة موقوفا ومرفوعا وعمر بن الخطاب ، نحوه - رضي الله عنهم - : أيما مال أديت زكاته فليس بكنز وإن كان مدفونا في الأرض ، وأيما مال لم تؤد زكاته فهو كنز يكوى به صاحبه وإن كان على وجه الأرض .
وروى البخاري من حديث الزهري ، عن خالد بن أسلم قال : خرجنا مع عبد الله بن عمر ، فقال : هذا قبل أن تنزل الزكاة ، فلما نزلت جعلها الله طهرا للأموال .
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: کما قال
إقرأ أيضاً:
رئيس جامعة الأزهر يبين سبب حذف حرف النفي في قول الله: وعلى الذين يطيقونه
أكد الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، خلال درس التراويح اليوم الأحد بالجامع الأزهر، أن الشريعة الإسلامية بُنيت على التيسير، حتى قال علماؤنا: «الشريعة لا يفارقها التيسير»، مشيرًا إلى أن آيات الصيام تحمل في طياتها معالم بارزة لهذا التيسير الإلهي، حيث قال الله تعالى في وسط آيات الصيام: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾.
وأوضح أن من مظاهر التيسير في تشريع الصيام أن الله تعالى بدأ بفرضه على الأمة كلها، فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾، ثم استثنى أصحاب الأعذار الطارئة، كالمريض والمسافر، فأباح لهما الفطر مع وجوب القضاء بعد انتهاء الشهر، فقال: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾. كما رخص الله تعالى لأصحاب الأعذار الدائمة، ككبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، فجعل لهم رخصة الإفطار مع دفع الفدية، فقال: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾.
وأشار إلى دقة التعبير القرآني في قوله: «وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ»، حيث لم يقل «لا يطيقونه»، وذلك تأدبًا مع الله، ولئلا يُشعر الإنسان بعجزه المطلق، فهو يريد الصيام لكنه لا يطيقه، فخفف الله عنه بهذه الصيغة الراقية، وهذا أدب قرآني راقٍ، يعلمنا كيف نخاطب الآخرين، ونتعامل بلطف مع كبار السن ومن لا يستطيع الصيام، فلا نقول لهم مباشرة: «أنت لا تطيق الصيام»، بل نخفف العبارة ونراعي مشاعرهم.
وبيَّن أن من معالم التيسير أيضًا، أن الله سبحانه وتعالى وصف أيام الصيام بأنها «أيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ»، واستخدام جمع القلة في كلمة «معدودات» يدل على قلة العدد، رحمةً من الله بهذه الأمة، كما أن الصيام فُرض في النهار دون الليل، حيث قال تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ﴾، ثم قال: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾. فبهذا أباح الأكل والشرب في الليل، مما يخفف عن الإنسان مشقة الامتناع التام لو كان الصيام ليلًا ونهارًا.
وبيَّن أن القرآن الكريم شبَّه النهار بالخيط الأبيض، والليل بالخيط الأسود، ليعلمنا أن أمور حياتنا ينبغي أن تُبنى على اليقين لا على الشك والتخمين، فالحياة التي تقوم على الشك حياة متزعزعة لا ثبات لها.
وضرب مثالًا آخر على التيسير في التشريع الإسلامي، وهو تخفيف الصلاة، حيث فرضها الله خمسين صلاة، ثم خففها إلى خمس في العدد، لكنها تبقى خمسين في الأجر والثواب. وكذلك الحج، فقد قال الله تعالى: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾، ثم خفف على المحصر ومن لا يستطيع، فقال: ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾.
وختم حديثه خلال درس التراويح بالجامع الأزهر في الليلة الثالثة من شهر رمضان المبارك بقول النبي ﷺ: «إنَّ هذا الدِّينَ متينٌ فأوغلوا فيه برِفق، فإنَّ المُنْبَتَّ لا أرضًا قطعَ ولا ظَهرًا أبقَى»، وقوله ﷺ: «إنَّ الدِّينَ يُسرٌ»، مؤكدًا أن التيسير سمة٥ أصيلة في التشريع الإسلامي، وأن الله سبحانه وتعالى أراد بهذه الأمة اليسر في كل أمورها، لا العسر والمشقة.