محاضرة حول «العولمة وأزمة الثقافة»
تاريخ النشر: 1st, November 2023 GMT
نظم معهد الدوحة للدراسات العليا، أمس المحاضرة الافتتاحية للعام الأكاديمي 2023- 2024 بعنوان: «العولمة وأزمة الثقافة» ألقاها البروفيسور أوليفييه روا، أستاذ في مركز روبرت شومان للدراسات المتقدمة، وقدّم لها الدكتور عبد الوهاب الأفندي رئيس معهد الدوحة للدراسات العليا.
وسلطت المحاضرة الضوء على تساؤلات مهمة حول الكيفية التي تؤدي بها العولمة الثقافية إلى تقويض الثقافات الوطنية أو الإقليمية، وفيما إذا كان لهذه العولمة أثر في تقويض مفهوم الثقافة بحد ذاته، إضافة إلى الحديث عن بعض المفاهيم والمصطلحات المهمة كالثقافة والأصالة والعولمة، بقصد رصد التفاعلات والتقاطعات بينها.
في مستهل محاضرته، قال البرفيسور أوليفييه روا إنه لا ينظر للثقافة على أنها منفصلة عن السياسة بشكل كامل، وإنما لكل منهما ديناميات ومنطق وطريقة عمل مختلفة، حيث ترتبط الثقافة بأمور اجتماعية ودينية من جهة، وأن هناك علاقة بين العولمة والفردانية والثقافة من جهة أخرى، مشيرًا إلى أن أزمة الثقافة تؤثر في السياسة والحراك الإنساني.
وتطرق المحاضر إلى ما سمّاه مفهوم الأصالة الثقافية، لافتاً في هذا السياق إلى أن هناك مجتمعات تدّعي أن بعض الثقافات المادية وغير المادية تعود إليها وأن تمتلكها دون غيرها من المجتمعات، مقدّماً في هذا السياق أمثلة من أمريكا اللاتينية وأوروبا وأفريقيا وأنحاء أخرى من العالم.
وتساءل البروفيسور روا هل يمكن العودة للأصالة الحقيقية؟ مبيّناً في هذا الجانب أن العولمة أمر لا مفر منه، وأنها حقيقة ماثلة لا يمكن تفاديها أو الهروب منها أو تجاهلها، وإنما يجب استخدامها والاستفادة منها بكافة الطرق الممكنة للقيام بأشياء أفضل تخدم الثقافة وتسعى لحلّ الأزمات المتلاحقة التي لحقت بها.
وفي نهاية المحاضرة التي شارك فيها أساتذة وطلبة المعهد وباحثو المركز العربي للأبحاث، جرى طرح أسئلة ومداخلات تمركزت حول ردود الأفعال في مختلف دول العالم على العولمة، إضافة لحوارات أخرى راهنة كمحاولات «تأميم» بعض الدول لقطاعات الاتصال والتقانة لديها واستخدام الهيمنة من أجل الالتفاف على آثار العولمة، كما يجري في الصين أو روسيا على سبيل المثال، وانعكاسات ذلك على الفنون والاتصال والسياسة. إلا أن الدكتور أوليفييه قلل من نجاعة هذه الإستراتيجيات في مقاومة العولمة.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطر معهد الدوحة للدراسات
إقرأ أيضاً:
الثقافة المالية في رؤية عُمان 2040..
تشهد سلطنة عُمان فـي السنوات الأخيرة تحولات استراتيجية عميقة، تتجلى بوضوح فـي رؤيتها الطموحة «عُمان 2040»، التي تستهدف بناء اقتصاد متنوع ومستدام، ومجتمع مزدهر يمتلك أدوات المعرفة والمهارة. ومن بين المحاور المهمة التي حظيت باهتمام كبير ضمن هذه الرؤية، تأتي الثقافة المالية كمرتكز أساسي لتعزيز الوعي الاقتصادي لدى الأفراد، وتمكينهم من إدارة مواردهم المالية بوعي واستقلالية.
إن تعزيز الثقافة المالية لا يُعد ترفًا فكريًا، بل هو ضرورة ملحّة لتحسين إدارة الموارد المالية الشخصية، وتقليل المخاطر المالية، ما ينعكس إيجابًا على استقرار الاقتصاد الوطني واستدامته، وقد حرصت الحكومة على دمج هذا الجانب الحيوي ضمن المحاور الأساسية للرؤية الوطنية، ليكون جزءًا من الحلول العملية التي تواكب التحديات المستقبلية.
ففـي المحور الاقتصادي، تسعى الرؤية إلى تعزيز كفاءة الإنفاق والارتقاء بجودة الحياة، من خلال تمكين الأفراد من اتخاذ قرارات مالية رشيدة، تقلل من اعتمادهم على الحكومة وتدفعهم للمشاركة الفاعلة فـي عجلة الاقتصاد.
أما فـي المحور المجتمعي، فالثقافة المالية تمثل إحدى الأدوات الرئيسة لتمكين المواطن معرفـيًا ومهاريًا، عبر إدراجها فـي المناهج الدراسية، وتوسيع نطاق التوعية لتشمل الشباب والنساء ورواد الأعمال، مما يسهم فـي إعداد جيل أكثر وعيًا وقدرة على التفاعل مع المتغيرات الاقتصادية.
ويتجلى دور الثقافة المالية أيضًا فـي محور الحوكمة والأداء المؤسسي، حيث تسعى سلطنة عُمان إلى بناء قطاع مالي متين وشفاف. فكلما ارتفع مستوى الشفافـية فـي التعاملات المالية، زادت الثقة فـي المؤسسات، وتحسن الأداء الاقتصادي على مختلف المستويات.
ولا يخفى على أحد أن التركيز على الثقافة المالية ينعكس بشكل مباشر على الأفراد، إذ يسهم فـي تقليل المديونية الشخصية، وتحسين قدرة الأسر على مواجهة الأزمات، وزيادة وعيهم بالفرص الاستثمارية، إضافة إلى دعم رواد الأعمال وتمكينهم من إدارة مشاريعهم بكفاءة واستدامة.
وفـي هذا السياق، أطلقت سلطنة عُمان الإطار الوطني لتعزيز الثقافة المالية فـي منتصف عام 2024م، ليكون مظلة استراتيجية تنطلق منها مبادرات نوعية مثل: هاكاثون ومعسكر الادخار والاستثمار، التي نُظّمت بالشراكة بين البرنامج الوطني للاستدامة المالية وتطوير القطاع المالي «استدامة»، ومركز الابتكار ونقل التكنولوجيا بجامعة السلطان قابوس، وهي المبادرات التي كان لي شرف المشاركة فـيها كموجهة.
وقد تميّزت هذه المبادرات بربط الثقافة المالية بالابتكار وريادة الأعمال، إذ طُبق التعليم المالي من خلال التجربة العملية، حيث انخرط الطلبة فـي مشاريع تتطلب منهم فهم المفاهيم المالية وتوظيفها بشكل مباشر، وهو ما ساعد على ترسيخها فـي سلوكهم وممارساتهم الحياتية.