يمانيون – متابعات
يبدو ان سلاح الردع هو وحده من يرهب الأعداء ويجعلهم يعيدون حساباتهم ويفكرون مليّاً قبل أي خطوة قد يقدمون عليها..

لا تصدقوا ان الشرعية الدولية أو حسن الجوار او المبادئ الإنسانية يمكن ان تردع دول الاجرام عن الاقدام على ارتكاب جرائم حرب في أي بلد وتحت أي ظروف ووفق أي مسمى..

وحدها القوة هي القادرة على جعل المجرم يفكر بعقلانية.

. هذا ما تعلمناه من حرب قوى العدوان علينا وهذا هو ما يقوله التاريخ لنا..

حينما لجأت السعودية لخديعة الهدنة طويلة الأمد والانخراط الماراثوني في المفاوضات التي ترى فيها السبيل الوحيد لإطالة امد هذه الحرب العدوانية فإن ذاك لم يكن من قبيل رغبتها في السلام او سعيها له..

استشعر ابن سلمان الخطر المحدق بمملكته في حال انتقلت نيران الحرب من اليمن الى الداخل السعودي..

وبالمقابل فإن اليمنيين ادركوا مبكراً بأن هذا العدوان لن يثنيه شيء عن المضي قدماً في تنفيذ المشروع الصهيو امريكي في بلادنا باستثناء محاصرته بما يمكن ان نطلق عليه معادلة “توازن الرعب”..

امتلاكنا للقوة الرادعة هي السبيل الوحيد الذي سيكبح جماح هذا العدو الذي لا يعرف أي خطوطٍ حمر باستثناء خط الضغط عليه وتحجيمه بالقوة وهو ما حصل بالفعل..

من هذا المنطلق فإن لجوء الرياض للانخراط في ماراثون التفاوض مع صنعاء كان بهدف حماية السعودية من أي هجمات قد تغّير وجه المملكة..

الحقيقة الأهم على هذا الصعيد ان النظام السعودي بمنظومته الحالية غير مؤهلٍ لتحمل آثار تكرار المشهد الذي تعرضت له منشآت نفط أرامكو من قبل صواريخ ومسيرات الجيش اليمني لأن ذاك لا يعني مجرد ضربة مؤلمة أخرى يمكن ان تتلقاها المملكة بل هو حدثٌ قد يغير وجهها..

ما يؤكد النظرية السابقة هو ما نشرته “مجلة فورين بوليسي” من ان ولي العهد السعودي كان يمكن ان يتودد بصورة اكبر للأمريكيين والصهاينة على صعيد الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة..

لكن المجلة الامريكية اكدت ان ابن سلمان يخشى من ان تقدم صنعاء على اطلاق هجمات صاروخية تستهدف منشآت الطاقة والمراكز الحيوية بالمملكة كرد فعلٍ على انحياز ابن سلمان لواشنطن وتل ابيب..

لا نشك على الاطلاق في ان السعودية تميل للمضي قدماً في تطبيع العلاقات مع إسرائيل وانها ترى في ما قامت به فصائل المقاومة الفلسطينية حقل الغامٍ قد يعرقل أو على الأقل يؤجل التحاقها بقطار التطبيع الرسمي مع الكيان الصهيوني..

لكن بالمقابل فإن مخاوف ابن سلمان من هجمات صاروخية تستهدف المملكة من اليمن رداً على انحيازها لإسرائيل في الحرب على غزة هو امرٌ واقعيٌ لا يمكن ان تجاهله..

ربما يشعر ابن سلمان بان واشنطن التي هرعت لإرسال حاملات طائراتها الى المنطقة لنصرة إسرائيل لن تفعل شيئاً للوقوف معه سوى تقديم المزيد من الوعود الزئبقية التي لا مفاعيل لها على الأرض..

بالأمس القريب سحبت واشنطن منظومات الدفاع الصاروخية المعروفة بالباتريوت من المملكة فيما هي اليوم على استعداد لإعادة نصب اكثرها تطوراً في الخليج ليس لحماية السعودية او الامارات بل لتكون جبهةً متقدمةً للدفاع عن ربيبتها إسرائيل..

كل هذه الحقائق يفترض بها ان تجعل هؤلاء المهووسين بالحماية الوهمية الامريكية يستيقظون من سكرتهم لكن الحقيقة ان حكام المملكة لا يزالون يلهثون وراء سراب الامن الذي يمكن ان توفره لهم واشنطن ان هي رضيت عليهم..

قد يكون توازن الرعب القادم من اليمن هو من جعل ابن سلمان يتوّرع عن الاصطفاف العلني الى جانب كيان العدو في حربه على غزة إسرائيل كما فعل ابن زايد..

لكن المؤكد ان قدرة اليمنيين على تطوير امكاناتهم الصاروخية وسلاح الجو المسيّر مثّل عاملاً مهماً في تفعيل معادلة توازن الردع التي دفعت المملكة الى سلامٍ لم تكن تريده في اليمن.

السياسية/ نصر القريطي

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: ابن سلمان یمکن ان على غزة

إقرأ أيضاً:

محللان سياسيان: إسرائيل تعيش صراعا على هويتها والجيش أدرك خطوة الوضع الراهن

قال محللان سياسيان إن التلاسن المتزايد بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته المتطرفة من جهة والمؤسسات الأمنية والعسكرية من جهة أخرى يعكس الصراع الكبير من أجل السيطرة على إسرائيل وتحديد هويتها المستقبلية.

ففي الوقت الذي يواصل فيه الجيش تسريب أنباء تفيد برغبته في وقف الحرب على قطاع غزة، يواصل نتنياهو الحديث عن الاستمرار بالقتال حتى تحقيق "النصر المطلق" على حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وكانت آخر الصدامات بين الطرفين ما نقلته صحيفة "نيويورك تايمز" عن قادة عسكريين إسرائيليين بشأن رغبة بعض القادة في البدء بوقف إطلاق النار في غزة حتى لو أدى ذلك إلى بقاء حماس في السلطة مؤقتا.

لكن نتنياهو رد على هذه التصريحات بقوله إنه لا يعرف من هي "المصادر المجهولة" التي تتحدث عن وقف الحرب، مؤكدا أن القتال لن يتوقف قبل تحقيق كافة الأهداف التي تم إعلانها وفي مقدمتها القضاء على حماس.

في الوقت نفسه سادت حالة من السجال بين وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير وجهاز الاستخبارات الداخلية (الشاباك) بسبب الإفراج عن مدير مستشفى الشفاء الدكتور محمد أبو سلمية، حيث قال بن غفير إن إسرائيل "فيها دولة داخل الدولة".

وتعليقا على هذه التطورات، قال الخبير في الشؤون الإسرائيلية أشرف بدر، إن ما يحدث الآن في إسرائيل هو كشف لشروخات كانت موجودة منذ عقود، وهي خلافات دينية وإثنية وطبقية ومصلحية.

وخلال مشاركته في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟"، قال بدر إن خلافا قديما موجودا داخل إسرائيل وقد ظهر بقوة خلال الاحتجاجات الكبيرة التي خرجت ضد التعديلات القضائية لكنه طفا بقوة بعد الحرب ليؤكد على حالة الفشل التي تعيشها إسرائيل.

ويرى بدر أن هذا التراشق لن يتوقف وربما يتفاقم مستقبلا طالما أن نتنياهو لم يشكل لجنة للتحقيق في أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مشيرا إلى أن عدم وجود تحقيق سيدفع كل طرف لتحميل الطرف الآخر مسؤولية الفشل.

وفسر الخبير في الشأن الإسرائيلي التسريبات التي تخرج عن الجيش بأنها محاولة لاستهداف نتنياهو من خلال القول إنه لم يستثمر النجاحات العسكرية التي تحققت في غزة سياسيا.

تغير في تفكير الجيش

بدوره، يرى المحلل السياسي ساري عرابي أن التصريحات الخارجة عن الجيش تعكس تغيرا كبيرا في أفكار القادة العسكريين بسبب إدراكهم للوضع الهش الذي أصبحت إسرائيل تعيشه ومعرفتهم أن المؤسسة العسكرية لن تكون قادرة على التعامل مع كل هذه التحديات التي خلقتها الحرب.

لذلك، فإن هذا التغير النابع من نظرة إستراتيجية عميقة لمصلحة إسرائيل ربما ينعكس بشكل كبير على العمليات في غزة، وفق عرابي الذي يعتقد أن الجيش يعاني نقصا في القوة والذخائر والدوافع.

ورغم فشل الجيش في منع هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول ثم الفشل في القضاء على المقاومة إلا أنه بدأ الآن التفكير بشكل إستراتيجي وأكثر مسؤولية من نتنياهو، وفق عرابي.

الرأي نفسه يدعمه بدر بقوله "إن الجيش يتحرك وفق نظريات أمنية وتجارب متراكمة ويعرف أن النصر المطلق الذي يتحدث عنه نتنياهو غير قابل للتحقق لأنه يعني محو الطرف الآخر تماما من على الأرض وعدم الإبقاء ولو على 50 مقاتلا منه لأنهم سيقضون مضجعه".

ومن هذا المنطلق، فإن الجيش -برأي بدر- تبنى إستراتيجية توجيه الضربات العنيفة للمقاومة والتي تجعلها غير قادرة على إعادة بناء قوتها بسهولة، وهو الآن يحاول إيصال رسالة إلى الداخل والخارج مفادها "ما الذي يمكننا فعله؟ لقد نفذنا حرب إبادة كاملة وقضينا على كل مقومات الحياة في غزة وقتلنا أكثر من 37 ألف إنسان في القطاع، لكن حماس لم تزل موجودة".

وبناء على ذلك، فإن الجيش الإسرائيلي الآن يرى أن على إسرائيل القبول بوجود حماس أضعف مما كانت عليه قبل الحرب بدلا من مواصلة الحرب.

خلاف كبير

وأكد بدر أن هناك أزمة كبيرة داخل إسرائيل لأن الكثير من القادة داخل الجيش لا يتفقون مع كل شيء، مشيرا إلى أن الجنرال السابق إسحاق بريك نقل عن ضباط في الجيش أنهم يخشون تحول الأمور لحرب استنزاف ضد إسرائيل، وطالب المسؤولين بحل سياسي.

ويتفق عرابي مع حديث بدر، بقوله إن ما يقوم به نتنياهو يعكس حجم الخلاف القائم بين المؤسسات الإسرائيلية، وإن الجيش يحاول تمهيد الرأي العام في الداخل والخارج للقبول بوقف الحرب.

وقال عرابي إن أي مسؤول سياسي في مكان نتنياهو لن يكون قادرا على اتخاذ قرار جريء بوقف الحرب لأن الأمر لا يتعلق فقط بالمستقبل السياسي ولا بالمسؤولية عن السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وإنما أيضا عن الفشل في تحقيق أهداف الحرب.

وفي جانب آخر من الخلاف، تحدث الضيفان عن صراع حقيقي وقديم -كشفته الحرب- بين اليمين المتطرف الذي يرى نفسه أمام فرصة تاريخية للسيطرة على إسرائيل ومؤسساتها الأمنية التي طالما كانت تحت سيطرة اليمين الليبرالي.

وخلص بدر إلى أن الخلاف الداخلي سيتفاقم لأن اليمينيين الليبراليين الذين يمكن وصفهم بالدولة العميقة من أمثال يائير لبيد وبيني غانتس يحاولون الحفاظ على "الصهيونية الليبرالية" من اليمين المتطرف وخصوصا بن غفير الذي يسعى لإنشاء "إقطاعية سياسية" من خلال سيطرته على الشرطة وحرس الحدود.

 

مقالات مشابهة

  • رفض عشائري لإدارة قطاع غزة.. وعجز إسرائيلي عن إيجاد بديل لحماس
  • من يجبر نتنياهو على وقف الحرب؟
  • محللان سياسيان: إسرائيل تعيش صراعا على هويتها والجيش أدرك خطوة الوضع الراهن
  • صحيفة أمريكية: قطاع غزة يشهد حالة من الفوضى بعد مرور تسعة أشهر من الحرب الإسرائيلية
  • قلق صهيوني من سلاح يمني «بحري» قد يصل للمتوسط
  • رويترز: نازحو لبنان دون عمل أو موارد وظروفهم تتفاقم مع الوقت
  • بعد أن يسدل الستار علي الحرب العالمية الثالثة في السودان يمكن اجراء مناظرة سياسية بين الجنرالين
  • رويترز: نازحو لبنان بدون عمل ويعانون ظروفا قاسية ويتمنون انتهاء الحرب
  • أبرز الوجهات التي يفرّ إليها الإسرائيليون منذ بداية الحرب علي غزة
  • ستدفع إيران ثمن حرب صنعتها