يمانيون:
2024-07-03@00:52:01 GMT

اليمن يدخل التاريخ بقصف الكيان الصهيوني

تاريخ النشر: 1st, November 2023 GMT

اليمن يدخل التاريخ بقصف الكيان الصهيوني

يمانيون – متابعات
أعلنت القوات المسلحة اليمنية رسميا، اليوم، انخراطَها في المواجهة مع كيان الاحتلال الإسرائيلي الذي يشن عدواناً غاشماً على قطاع غزة لليوم الخامس والعشرين على التوالي، مؤكدة “تنفيذَ 3 عمليات عسكرية نصرة لإخواننا في فلسطين”.

وأطل المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة، العميد الركن يحيى سريع، من جديد ليعلنَ البيان، مُشيراً إلى أنه “ولليوم الخامس والعشرين يشاهدُ العالمُ ما يجري في فلسطينَ المحتلّةِ وما يتعرضُ له قطاعُ غزةَ من عدوانٍ إسرائيليٍ أمريكيٍ غاشمٍ، حَيثُ المجازر اليومية والإبادة الجماعية والدمار الشامل، والحصار الخانق، كُـلّ ذلكَ أمامَ مرأى ومسمَعِ العالمِ وبدعمٍ أمريكيٍ غربيٍ لا محدود للكيانِ المجرمِ”.

وأضاف: “ثم ما يلاقيهِ قطاعُ غزةَ من ضعفِ النظامِ الرسميِ العربيِ وتواطؤِ البعضِ مع العدوّ الإسرائيليِّ وأمامَ كُـلّ ذلك كان لا بدَّ للشعوبِ العربيةِ والإسلاميةِ أن تقولَ كلمتَها وأن تنتصرَ لغزةَ ولأطفالها ونسائِها”، مؤكّـداً أننا “ومن واقعِ الشعورِ بالمسؤوليةِ الدينيةِ والأخلاقيةِ والإنسانيةِ والوطنيةِ واستجابة لمطالبِ شعبِنا اليمنيِّ ومطالبِ الشعوبِ الحرةِ ونجدةً لأهلنِا المظلومينَ في غزةَ كان لا بدَّ للقواتِ المسلحةِ اليمنيةِ أن تقومَ بواجبِها بالتوكلِ على اللهِ وانتصاراً للمظلوميةِ التاريخيةِ للشعبِ الفلسطينيِّ العزيز، مؤكّـداً أن القوات المسلحة قامت بإطلاق دفعةٍ كبيرةٍ من الصواريخِ البالستيةِ والمجنحةِ وعددٍ كبيرٍ من الطائراتِ المسيَّرةِ على أهداف مختلفةٍ للعدوِّ الإسرائيليِّ في الأراضي المحتلّةِ”.

وواصل بالقول: “إن القواتِ المسلحةَ اليمنيةَ تؤكّـد أن هذه العمليةَ هي العمليةُ الثالثةُ نصرةً لإخوانِنا المظلومينَ في فلسطينَ، وتؤكّـد استمرارها في تنفيذِ المزيد من الضرباتِ النوعيةِ بالصواريخِ والطائراتِ المسيَّرةِ حتى يتوقفَ العدوانُ الإسرائيلي”، مؤكّـداً أن “موقفَ شعبِنا اليمنيِّ تجاهَ القضيةِ الفلسطينيةِ ثابتٌ ومبدئيٌّ، وأنَّ للشعبِ الفلسطينيِّ الحقَ الكاملَ في الدفاعِ عن النفسِ ونيلِ حقوقِهِ المشروعةِ كاملةً، وأن ما يُزعزعُ المنطقةَ ويوسعُ من دائرةِ الصراعِ هو استمرار كيانِ العدوّ الصهيونيِّ في ارتكاب الجرائمِ والمجازرِ بحقِ أهالي قطاعِ غزةَ وكلِّ فلسطينَ المحتلّة”.

31 أُكتوبر.. تاريخٌ لن يُنسى:

ويثبت البيان بما لا يدع مجالاً للشك صحة الأنباء التي تحدثت منذ أَيَّـام عن تعرض فلسطين المحتلّة وعدد من المستوطنات الصهيونية للقصف الصاروخي الباليستي من اليمن، والذي سارعت بتأكيده وسائلُ إعلام غربية وعبرية، وادَّعت أنها تصدت لهذه الصواريخ، كما أن هذا الإعلانَ يُعد بمثابة الدخول الرسمي إلى قلب المعركة، ويؤكّـد أن الأيّام القادمة ستكون حبلى بالمفاجآت.

وتعد الجمهورية اليمنية الدولةَ العربيةَ الوحيدة التي ناصرت المستضعَفين في قطاع غزة بالقول والفعل، وهي تثبت مصداقية القيادة الثورية، التي أكّـدت في وقت سابق أن الكيان الصهيونيَّ إذَا تجاوز الخطوط الحمراء فَــإنَّ صنعاء ستتدخل بالإمْكَانات التي تمتلكها وبما تستطيع، وها هي الأقوال تتحول إلى أفعال.

وفي هذا الشأن يقول نائب مدير دائرة التوجيه المعنوي، العميد عبد الله بن عامر: إن “القواتِ المسلحة اليمنية مستعدة لشن المزيد من الهجمات على أهداف للعدو في الأيّام المقبلة”، مُشيراً إلى أن “عملية إطلاق الصواريخ والمسيَّرات جاءت بناءً على توجيهات السيد القائد عبد الملك الحوثي”، مُضيفاً أن “القوات المسلحة اليمنية مُستمرّة في إسناد الشعب الفلسطيني حتى يتوقف العدوان، وأن على العدوّ أن يدرك أن الصراع سيتوسع ما دامت مجازره ضد الشعب الفلسطيني مُستمرّة”، منوِّهًا إلى أن “قرار دخول اليمن في هذا الصراع لم يكن عشوائياً بل هو قرار مدروس جاء بناءً على نداء الشعب اليمني”.

ويؤكّـد ابن عامر في حديثه لقناة الميادين أن “معركة المقاومة هي واحدة على مستوى القرار والتقنيات وصواريخنا ستتجاوز المنظومات الأميركية والإسرائيلية”، لافتاً إلى أننا “عندما دخلنا في هذه المعركة كنا نتوقع مسبقًا الرد ونحن مستعدون وننسق مع قوى محور المقاومة”.

وكقراءة عسكرية أَيْـضاً يؤكّـد الخبير زين العابدين عثمان، أنه “مع استمرار كيان العدوّ الصهيوني ومعه الأمريكي في ممارسة القتل الجماعي بحق إخواننا الفلسطينيين في غزة ومع الحملات البرية التي يحاول عبرها جيش كيان العدوّ والقوات الأمريكية اقتحام غزة منذ أكثر من أربعة أَيَّـام تحت عمليات قصف شاملة تطال كُـلّ شيء كان المحتم أن يكون لهذا التصعيد العدواني تصعيداً مضاداً، وتصعيد العمليات الهجومية من قبل قوى محور الجهاد والممانعة لضرب كيان العدوّ واستهدافه في أعماقه الحيوية والاستراتيجية”.

ويقول في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة”: إن “قواتنا المسلحة وعبر الناطق الرسمي العميد يحيى سريع، أعلن يوم أمس عن هجوم هو الأضخم من نوعه -بفضل الله تعالى- لاستهداف شبكة من الأهداف الحيوية والحساسة في عمق كيان العدوّ الصهيوني كمنطقة “إيلات” وغيرها من المناطق وذلك بدفعة كبيرة من الصواريخ الباليستية الاستراتيجية والصواريخ الجوالة من نوع كروز وأسراب من الطائرات المسيَّرة الانتحارية”.

ويضيف: “وبالتالي فَــإنَّ إعلان هذه العملية بشكل رسمي من قبل قواتنا المسلحة والقيادة؛ كونها العملية الثالثة من نوعها هو إعلان عن دخول اليمن مرحلة جديدة في مسار تقديم المساندة والتعاون العسكري والاستراتيجي المباشر جنباً إلى جنب مع حركات المقاومة الفلسطينية في معركتها التاريخية التي تخوضها ضد كيان العدوّ الصهيوني والأمريكي، وهو إعلان عن واقع جديد لهُــوِيَّة المواجهة الشاملة، أَو بمعنى أدق “المواجهة ذات الجبهات المتعددة”، التي سيفرضها محور الجهاد والممانعة بشكل تصاعدي ضد كيان العدوّ الصهيوني والعدوّ الأمريكي والغربي”.

ويقول: “إن العمليات الهجومية التي تنفذها قوى محور الجهاد لن تقف عند سقف معين من القوة واتِّخاذ القرارات، فكلما اتجه كيان العدوّ الصهيوني والأمريكي في تصعيد عملياتهم الإجرامية ضد المقاومة وضد إخوتنا في غزة كلما أخذت عمليات دول محور الممانعة وقواتنا المسلحة نطاقاً أكبر وأوسع في اتِّخاذ إجراءات حربية غير مسبوقة”.

ويزيد بقوله: “ستكون أبعادها بعون الله تعالى ذات سقف استراتيجي يحقّق عمليًّا التدمير الكامل لكل القواعد الأمريكية في المنطقة (36) قاعدة وتوجيه ضربات قاصمة لم يسبق لها مثيل لعمق كيان العدوّ الصهيوني بشكل مباشر”، مؤكّـداً أنه “وبالمعطيات للعدو الصهيوني والأمريكي والغرب الكافر أن محور الممانعة واليمن في المقدمة حاضرون في الساحة وأن حرب الوزن الثقيل وسياسة استخدام القوة الكامنة لم تبدأ بعد”، موضحًا أن “ما يحصل الآن هي خطوة أولية إذَا لم يفهما كيان العدوّ الصهيوني والإدارة الأمريكية وستكون آخر خطأ تاريخي يرتكبه قبل الدخول في الحرب الإقليمية التي ستفتح أبوابَ جحيمها على كيان العدوّ والقوات الأمريكية بشكل كامل، كما أنها ستلقي بتداعياتها الاقتصادية المدمّـِرة على الغرب الكافر”.

عمليةٌ كسرت حاجز الخوف:

من جهته يقول مدير البرامج السياسية في قناة “المسيرة” حميد رزق: إن “اليوم هو تاريخي بما للكملة من معنى، وإن اليمن يعيد كتابة التاريخ”، مُشيراً إلى أن “اليمن اليوم يتحمل مسؤوليته الدينية والإسلامية والإنسانية والأخلاقية لا أشراً ولا بطراً ولا بحثاً عن شهرة، ولا عن بطولة، وإنما أمام ما يجري في غزة، وأمام المشاهد التي تابعها ولا يزال يتابعها العالم أجمع”، منوِّهًا إلى أن “اليمن يتحمل شعباً وجيشاً وقيادةً هذه المسؤولية التاريخية وهذه العملية البطولية، بالإضافة إلى قيمتها وأهميتها وحجمها عسكريًّا، وهي بمثابة كسر لحاجز الخوف لدى الأُمَّــة كلها، وهي بمثابة الخطوة الأولى، وبداية لحركة كُـلّ أبناء الأُمَّــة، وهذه المعجزة التي لطالما انتظرها الجميع نراها اليوم تتحقّق على أيادي اليمنيين”.

ويعتبر رزق “المشاركة اليمنية في ضرب كيان العدوّ الصهيوني دليلاً على صوابيه المسار القرآني الذي صدره الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي -رحمه الله- وتجسد انتماء الشعب اليمني وإرادته”.

ويلفت إلى أن “اليمن تجاوز كُـلّ العوائق والحواجز المكانية وعمل على كسرها حين تحقّق له الاستقلال والإرادَة الحرة، فقلب الموازين وغيّر الواقعَ؛ لينتصر على جراحاته ويتغلب عليها ليقدم للعالم ذات المشهد الذي نهض فيه الإمام علي -عليه السلام- يوم غزوة الخندق، ليتصدر المشهد وهو يذود عن فلسطين ويشاركه أحزانه وآلامه وجراحاته”.

ويؤكّـد رزق أن “فلسطين ليست لوحدها بل اليمنُ قولاً وفعلاً يقفُ إلى جانبها، ومعه محور المقاومة الممتد من العراق إلى لبنان إلى إيران واليمن”، مُشيراً إلى أن “تفرد كيان الاحتلال الصهيوني بالشعب الفلسطيني لن يظل دائماً كما كان، بل إن المصير لمحور المقاومة مشترك وواحد، وإن أيَّ تفريط بأي مكون من مكوناته يعتبر تفريطاً بكامل المحور المقاوم، وإن ثمنَ التفريط سيكون باهضاً حين ينتقل العدوّ الصهيوني والأمريكي من التفرد بغزة لينتقل إلى ما بعدها”.

ويلفت رزق إلى أن “عملية “طوفان الأقصى” والعمليات اليمنية تترجم إرادَة الشعوب وتطلعاتها، وتثبت أن إرادَة الشعوب لم تعد كما كانت تعبر عن تنديدها بمظاهرات إن سمح لها، بل ستترجم إلى مواقفَ وأعمال ومشاركة بالمال والسلاح والنفس، لتحرير الشعب الفلسطيني من دنس الغازي المحتلّ”.

‏بدوره يعتبر الناشط زيد الشُّريف، أن “إعلان القوات المسلحة اليمنية بكل وضوح أمام العالم مشاركتها الفعلية العسكرية الصاروخية والجوية الداعمة والمساندة لغزة وشعب فلسطين ومقاومته أمر استثنائي وحدث فريد لم يعد مألوفاً، خُصُوصاً بعد سبعة عقود من الخذلان العربي والإسلامي والعالمي لفلسطين وشعبها”.

ويؤكّـد الشريف في تصريحه لصحيفة “المسيرة” أن “القوات المسلحة أوصلت بمواقفَ ومعطيات عسكرية قوية رسالة للولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني المحتلّ وأنظمة التطبيع والخيانة أن اليوم غير الأمس وأننا لا نخشى إلا الله تعالى، وأننا لن نترك غزة فريسة لأمريكا وإسرائيل”.

ويوضح أن “بيان القوات المسلحة يثبت بأن اليمن أصبح جزءاً من المعركة في مواجهة الطغيان الصهيوني والهيمنة الأمريكية، وأن القوات المسلحة اليمنية تؤكّـد بالأعمال والمواقف العسكرية أن السيد عبدالملك الحوثي إذَا قال فعل وَإذَا وعد لا يخلف وعده وَإذَا توعد لا يتردّد في تنفيذ وعيده وتهديده”، مُشيراً إلى أن “القوات المسلحة اليمنية لمحت في بيانها أن المعركة مع الصهاينة والأمريكيين شاملة براً وبحراً وجواً، وأنها ستخوضها بعون الله مهما كانت التحديات”.

فرحةٌ عارمةٌ على مواقع التواصل:

وأثلج هذا الإعلان للقوات المسلحة اليمنية صدور أحرار العالم، وتصدرت البيان مواقع التواصل الاجتماعي، حَيثُ سارع الكثيرون للتعبير عن إعجابهم لشجاعة الشعب اليمني وقيادته ووقوفه إلى جانب محنة الفلسطينيين.

واعتبر الناشط براء نزار ريان، “دخولَ اليمن رسميًّا في سياق المواجهة مع الكيان الصهيوني َ موقف عربي رسمي منذ 50 سنة، وثمنه أكبر بكثير مما يتخيل”.

من جانبه كتب حسن فاخوري، على منصة إكس منشوراً قال فيه: “الإيمان والحكمة والنخوة والشرف والغيرة والحمية والبأس واليقين بنصر الله تراه في اليمن الحبيب، والمنتصر دائماً على أعداء الله اليهود وآل سعود وغيرهم من العبيد الأنذال”.

أما الإعلامي في قناة الميادين يحيى أبو زكريا، فقد كتب سلسلة منشورات في صفحته على منصة إكس، قائلاً: “علمتم الآن لماذا أمرت أمريكا وإسرائيل السعوديّة والإمارات العربية المتحدة بإحراق اليمن؟؛ بسَببِ إطفاء صوت اليمن المقاوم والداعم لمحور المستضعفين، ولكنهم خابوا وانتصر اليمن بحول الله وقوته، وها هو يشارك في دعم محور المقاومة”.

وواصل قائلاً: “السيد عبد الملك أطلق صواريخ باليستية باتّجاه الكيان الصهيوني، ويقيناً في جُعبة السيد حسن نصر الله الكثير، يبدو أننا ماضون إلى أَيَّـام حاسمة وساخنة، ونحن في المقاومة منتصِرون بحول الله وقوته حتى يسقُطَ الطغاةُ الصهاينة والطغاةُ العرب الداعمون لأمريكا وإسرائيل”.

المسيرة

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: القوات المسلحة الیمنیة الکیان الصهیونی الشعب الفلسطینی محور المقاومة کیان العدو المحتل ة ویؤک ـد مؤک ـدا م شیرا إلى أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

احتمالات الحرب الكبرى في الجبهة اللبنانية

 

للصراع مع الكيان الصهيوني ديناميكيته الخاصة، والتي تختلف من جولة لأخرى، باختلاف العوامل التي أدت إلى تفجيرها، ودوافع الأطراف التي ترغب أو تضطر للمشاركة فيها.
ولأن حركة حماس كانت هي الطرف المبادر إلى تفجير الجولة الحالية من الصراع المسلح مع الكيان الصهيوني، حين قامت بشن عملية “طوفان الأقصى” في الـ7 من أكتوبر الماضي، وبقرار منفرد لم يسبقه تشاور مع أي من حلفائها المحتملين، بمن في ذلك قادة فصائل المقاومة الفلسطينية المسلحة في قطاع غزة، كان المنطق يقضي بأن يظل الصراع فيها محصوراً بين طرفيها المباشرين، أي بين حركة حماس، من ناحية، والكيان الصهيوني، من ناحية أخرى، مثلما حدث من قبلُ في جولات سابقة.
غير أن عوامل متعددة دفعت أطرافاً أخرى كثيرة، بعضها غير متوقع على الإطلاق، إلى المشاركة فيها، الأمر الذي ساعد على تحول هذه الجولة بالذات إلى صراع بين محورين: الأول يقوده الكيان الصهيوني وتشارك فيه الدول الغربية الداعمة له، والثاني تقوده حماس وتشارك فيه كل فصائل المقاومة وحركاتها في المنطقة.
من هذه العوامل: حجم الإنجاز النوعي وغير المسبوق الذي حققته عملية “طوفان الأقصى”، من ناحية، وطبيعة رد الفعل المتوقع من جانب الكيان الصهيوني، من ناحية ثانية، ومسارعة الولايات المتحدة والدول الغربية إلى تقديم دعم غير محدود إلى الكيان الصهيوني، عسكرياً وسياسياً، من ناحية ثالثة.
ومن دون التقليل من أهمية الأدوار التي أدّتها كل أطراف محور المقاومة في تقديم الدعم والمساندة العسكرية إلى حركة حماس، يمكن القول إن دور حزب الله اللبناني بالذات كان حاسما في تحديد المسار الذي سلكه الصراع في هذه الجولة بالذات، ثم ستكون له تداعيات هائلة على مستقبل المنطقة برمتها.
كان حزب الله هو أول من بادر إلى التدخل العسكري لمساندة حماس، في اليوم التالي مباشرة لاندلاع طوفان الأقصى. وعلى رغم تعقد الأوضاع الداخلية في لبنان، والتي شكلت قيداً كبيراً على تحركات الحزب وحساباته، فإن وضوح رؤيته الاستراتيجية إلى طبيعة الصراع مع الكيان الصهيوني، جعلته يدرك على الفور أن الإنجاز النوعي الذي حققته حركة حماس في “معركة الطوفان”، عبر تمكنها من أخذ الكيان الصهيوني على غرة وإلحاق هزيمة كبرى به في هذه المعركة، سوف يستدعي رداً غاضباً وغير تقليدي من جانب الكيان، لن تقتصر آثاره على حماس أو على قطاع غزة وإنما ستمتد لتشمل المنطقة بأسرها.
لذا، أعتقد أن الحزب بنى حساباته على أساس أنه إذا استطاع الكيان تدمير حماس وإخراجها، عسكرياً وسياسياً، من معادلة الصراع، وهو الهدف الذي أعلن منذ اللحظة الأولى أنه لن يقبل أقل منه، فسوف يتيح له ذلك ليس المضي قدماً في طريق تصفية القضية الفلسطينية فحسب، وإنما أيضاً إحداث خلل جسيم في معادلات القوة وموازينها في المنطقة.
بعبارة أخرى، يمكن القول إن قرار حزب الله المسارعة إلى التدخل عسكرياً في اليوم التالي مباشرة لمعركة الطوفان، يدخل في إطار “الحرب الاستباقية” التي تستهدف إضعاف الكيان والحيلولة دون تمكينه من الإمساك بزمام المبادرة في إدارة الصراع. ويلاحَظ هنا أنه قرر أن يكون نمط تدخله محسوباً بدقة، كي يأتي منضبطاً ومؤثراً في الوقت نفسه.
فهو تدخل يريده منضبطاً، لأنه يجري تحت سقف محدَّد لا يسمح بتحوله إلى حرب شاملة لا يريدها، ويريده مؤثراً في الوقت نفسه، كي ينجح في تخفيف الضغط عن حركات المقاومة الفلسطينية المسلحة في قطاع غزة، وهو ما نجح فيه الحزب بامتياز.
استطاع حزب الله، على مدى ما يقرب من تسعة أشهر، توجيه ضربات عسكرية موجعة إلى الكيان الصهيوني، شملت إسقاط منطاد استراتيجي SKYDEW مخصص للكشف والتحذير من التهديدات المحتملة في منطقة واسعة جداً من العمليات، تم تجميع مكوناته داخل بالون عملاق على مدى أعوام من التعاون الأمريكي الإسرائيلي، ويقال إنه يُعَدّ واحداً من الأكبر من نوعه في العالم. كما شملت هذه الضربات إسقاط عدد من المسيرات المتقدمة تكنولوجيا والباهظة الثمن، وخصوصاً من نوع هرمز 900، وتدمير كثير من القواعد العسكرية ومعدات الرصد والتجسس المتاخمة للمنطقة الحدودية مع لبنان داخل عمق لا يقل عن 10 كم، الأمر الذي أدى إلى تهجير ما يقرب من مئتي ألف مستوطن.
وأجبر جيشَ الكيان، في الوقت نفسه، على الإبقاء على عدد من فرقه النوعية عند الحدود مع لبنان، تحسباً لأي تصعيد مفاجئ في هذه الجبهة. فإذا أضفنا إلى ما يقوم به حزب الله من جهد عسكري يومي في الجبهة الشمالية، ما يقوم به أنصار الله من جهد عسكري بحري لمنع السفن المتجهة إلى ميناء إيلات، وما تقوم الفصائل الإسلامية العراقية من جهد عسكري في جبهات أخرى، لتبين لنا بوضوح أن الحرب على قطاع غزة تحولت عملياً إلى حرب استنزاف حقيقية للكيان الصهيوني، الذي بات يواجه الآن مأزقاً يبحث عن طريق للفكاك منه، وقد يكون التصعيد في الجبهة اللبنانية هو إحدى الوسائل للإفلات منه.
وأشارت تقارير إعلامية متعددة، عربية وصهيونية وأمريكية وأوروبية، نُشرت على مدى الأسبوعين الأخيرين، إلى أن الكيان الصهيوني يستعد لشن حرب شاملة على لبنان. بل إن بعض هذه التقارير يشير إلى أن قرار الحرب اتُّخذ بالفعل، وأن ما يجري الآن من تحركات على الصعيد الدبلوماسي مجرد محاولات تستهدف تهيئة ظروف إقليمية وعالمية أفضل لضمان تحقيقها للأهداف المرجوة منها، والمتمثلة أساساً بإبعاد حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني.
ولأن معظم هذه التقارير واكب إقدام قيادات عسكرية وسياسية صهيونية متعددة على إطلاق تصريحات لم تكتف بالتحريض على شن الحرب على حزب الله، وإنما توعدت أيضا بإعادة لبنان إلى العصر الحجري، بدأ بعض المراقبين يروج حتمية خيار الحرب، وخصوصا بعد أن أكدت تقارير نشرتها مصادر إعلامية رصينة أن إدارة بايدن لن تكتفي بمنح الكيان الصهيوني ضوءاً أخضر لشن هذه الحرب، وإنما ستقف أيضا إلى جانبه في حال اندلاعها، مبررة ذلك بتحميل حزب الله المسؤولية عن فشل المهمة الأخيرة التي قام بها عاموس هوكستين، مبعوث بايدن الخاص إلى لبنان، والتي سعى خلالها لتحقيق الهدوء في الجبهة اللبنانية، عبر فصلها عن الحرب الدائرة حالياً في قطاع غزة.
والواقع أننا إذا احتكمنا إلى الحسابات العقلانية وحدها، فسوف نصل إلى نتيجة مفادها ترجيح استبعاد خيار الحرب في الجبهة اللبنانية، نتيجة أسباب متعددة، أولها: امتلاك حزب الله قوة نيران هائلة تمكنه من إلحاق دمار غير مسبوق بالقدرات العسكرية والاقتصادية وبالبنى التحتية للكيان الصهيوني، الأمر الذي يعني أن الدمار لن يكون مقتصرا على حزب الله أو على لبنان وحدهما، وإنما سيكون متبادلاً في جانبي المواجهة. وتشير مصادر إسرائيلية إلى أنه سيكون في مقدور حزب الله إطلاق ما يتراوح بين 2500 و3000 قذيفة صاروخية يومياً من مختلف الأنواع والأعيرة.
ثانيها: صعوبة تصديق التقارير الإعلامية التي تؤكد حصول الكيان الصهيوني على ضوء أمريكي أخضر لشن الحرب على حزب الله، وخصوصاً أن احتمال تحولها إلى حرب إقليمية شاملة ليس وارداً فحسب، وإنما هو مرجَّح أيضاً. ولأن إدارة بايدن تواجه مأزقاً مستحكماً في جبهة الحرب في أوكرانيا، كما تواجه في الوقت نفسه تحدياً استراتيجياً قاسياً في جبهة الصراع في بحر الصين الجنوبي، فسوف يكون من الحمق الشديد أن تسمح باندلاع حرب شاملة في منطقة لها فيها مصالح هائلة، لا شك في أنها ستصبح معرضة لخطر شديد، وتوجد فيها قواعد عسكرية أمريكية متعددة، لا شك في أنها ستصبح معرضة للتدمير الجزئي أو الكلي، وخصوصاً في حال دخلت إيران طرفاً مباشراً في هذه الحرب.
ثالثاً: غياب أي تصور لمرحلة ما بعد “اليوم التالي”، لا في قطاع غزة ولا في جنوبي لبنان، ثم فإن عودة الكيان إلى احتلال كل من قطاع غزة وجنوبي لبنان، في ظل المعادلات الإقليمية والدولية الراهنة، هو ضرب من جنون مطبق، لن تستطيع أي حكومة صهيونية، مهما بلغت درجة غرورها، أن تتعامل مع كل ما يترتب عليه من آثار أو تداعيات.
قد يقول قائل إنه يصعب إخضاع تصرفات الكيان الصهيوني، وخصوصا في المرحلة الراهنة من مراحل تطوره، لأي نوع من الحسابات العقلانية، وهو قول صحيح. فهو كيان تديره حالياً حكومة شديدة العنصرية وشديدة التطرف، في الوقت نفسه، بل تعتقد أنها تملك من أدوات القوة والتفوق التكنولوجي ما يمكنها من سحق أعدائها في كل الجبهات، حتى لو اضطرت إلى استخدام السلاح النووي في مواجهتهم.
لذا، من الحكمة ألّا نستبعد إقدامها على أي تصرف، مهما بلغت درجة جنوحه، بما في ذلك احتمال شن حرب شاملة على لبنان. صحيح أن خطوة كهذه تبدو مستبعدة كليا، وفقاً لأي حسابات عقلانية أو رشيدة، لكن المنطق يفرض على كل الأطراف العربية والإسلامية المنخرطة حالياً في الصراع مع الكيان الصهيوني أن تكون مستعدة لمواجهة مثل هذا الاحتمال، ليس لأنه كيان فاقد الرشد فحسب، بل أيضاً لأن إقدامه على خطوة كهذه قد يعجّل في نهايته.

أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة

مقالات مشابهة

  • كبرى شركات الشحن البحري الداعمة لكيان العدو تشكو عمليات القوات المسلحة اليمنية
  • بيان القوات المسلحة اليمنية بشأن تنفيذ عملية عسكرية مشتركة مع المقاومة الإسلامية العراقية استهدفت هدفا مهما للعدو الصهيوني في حيفا
  • القوات المسلحة تُنفذ عملية مشتركة مع المقاومة العراقية على هدف حيوي في حيفا
  • المرحلة الرابعة من التصعيد .. تطوّر في القدرات وتفوّق في الأهداف
  • الأحزاب المناهضة للعدوان تبارك إنجازات القوات المسلحة اليمنية
  • المرحلة الرابعة من التصعيد.. تطوّر في القدرات وتفوّق في الأهداف
  • تعدد مسارات المرحلة الرابعة من التصعيد
  • مصيدة سفن العدوان في اليمن
  • اليمن يدخل نادي الدول المصنّعة القليلة للصواريخ الفرط صوتية
  • احتمالات الحرب الكبرى في الجبهة اللبنانية