لا ترتبط حالة عدم الاستقرار السياسي في العراق مع معطيات التصعيد الذي تشهده المنطقة، والتي وضعت العراق جزءا منه، وجاءت على خلفية عملية “طوفان الاقصى” وتداعياتها المستمرة للأسبوع الثالث، حيث يعيش العراق انقسامات سياسية وخلافات مستمرة وحادة، ولم تنجح اطراف هذه الخلافات في رسم مسار موحد والالتفاف حوله، حتى مع موجات الارهاب التي مرت على البلد.

خلال الايام الماضية، انطلقت دعوات لجمع الشتات السياسي ومواجهة الازمة الكبيرة التي تتصاعد بسبب استمرار الجرائم الاسرائيلية التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني، وتداعياتها على الاوضاع الداخلية للعراق، والابتعاد عن الانقسامات، ووضع برنامج واضح لمواجهة المرحلة، تتبناه القوى السياسية وفعالياتها، وبالمقابل، تستمر الاصوات التي تكرس الانقسام حاضرة ايضا في المشهد.

عضو مجلس النواب، حسين حبيب قال  في حديث صحفي اطلعت عليه “تقدم” ان “توحيد الرؤى يصب في مصلحة البلد بصورة عامة، سيما وان الوضع الحالي لا يتسم بالاستقرار السياسي”، مبينا ان “الشعب العراقي يتطلع الى عمل ملموس في هذا الجانب، فضلا عن حاجته الى تحسين واقعه الاقتصادي والتعليمي والصحي والخدمي بصورة عامة”.

واضاف، ان “هذا الامر لا يتوفر مع غياب الاتفاق السياسي الحقيقي، ودعم الحكومة لكي تتمكن من القيام بواجبها، بعيدا عن المصالح الشخصية وتقاسم الحصص”، مبينا ان “المنطقة  بصورة عامة تمر بوضع غير مستقر، والمعطيات تشير الى استمرار التصعيد، وهذا امر في غاية الخطورة”.

واوضح حبيب، ان “هناك حاجة الى توحيد الرؤى وتظافر الجهود، لإبعاد الشعب والبلد عن دوامة الخطر، التي تعيشها المنطقة حاليا”، لافتا الى ضرورة ان “تعقد مؤتمرات تجمع القوى السياسية ضمن رؤية مشتركة لمواجهة الأزمة”.

من جهته، قال عميد كلية العلوم السياسية في جامع النهرين، اسامة السعيدي  في حديث صحفي اطلعت عليه “تقدم” اننا دائما ما نكون بحاجة الى مراجعة مواقفنا السياسية الخارجية في ضل الازمات والحروب.

واضاف السعيدي، ان “المنطقة تشهد مرحلة مهمة، بعد احداث عملية طوفان الاقصى، والتداعيات التي تلتها، سيما العمليات الارهابية والابادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني”.

واشار الى ان “العراق اليوم، من ضمن دول المواجهة مع الكيان الصهيوني والدول الداعمة له، وعلى رأسها الولايات المتحدة الاميركية، وان كان بصورة غير مباشرة، ولهذا هناك حاجة لتحديد كيف يكون تعامل الدولة وهذا يستدعي الاجماع والوحدة الوطنية”.

وبين السعيدي، انه “يجب ان تكون القوى السياسية على قدر من المسؤولية في هذه المواجهة، من خلال توحيد جهودها”.

المصدر: وكالة تقدم الاخبارية

إقرأ أيضاً:

معضلة العراق المستعصية .. وعود لم تر النور والإرادة السياسية العائق الأكبر- عاجل

بغداد اليوم -  بغداد

يواجه العراق معضلة فساد مستعصية منذ عام 2003، حيث تحولت المحاولات الرسمية لمكافحته إلى صراع معقد تحكمه الإرادات السياسية والمصالح المتشابكة.

ومع اقتراب الأشهر الأخيرة من عمر حكومة محمد شياع السوداني، يبرز التساؤل حول مدى قدرتها على فتح ملفات الفساد الكبرى، أم أن الإرادة السياسية ستبقى العائق الأكبر أمام أي تحرك جاد في هذا الاتجاه؟


عقدان من الفساد.. الضغوط السياسية وحدود التحرك الحكومي

منذ أكثر من 20 عاما يشهد العراق موجات متلاحقة من الفساد الذي تجذر في مفاصل الدولة، بدءًا من العقود الوهمية ومرورًا بتهريب النفط، وانتهاءً بسيطرة شبكات نفوذ على المناصب الإدارية العليا. ورغم وعود الحكومات المتعاقبة بمكافحة الفساد، إلا أن غياب المحاسبة جعل من العراق واحدًا من أكثر الدول تأثرًا بهذه الظاهرة وفق تقارير دولية.

يؤكد عضو لجنة النزاهة البرلمانية، باسم خشان لـ"بغداد اليوم"، أن مكافحة الفساد تتطلب إرادة سياسية حقيقية، مشيرًا إلى أن "الحكومة الحالية نتاج للطبقة السياسية ذاتها التي تحكم البلاد منذ سنوات، وبالتالي فإن فتح ملفات الفساد الكبرى لا يعتمد فقط على رئيس الوزراء، بل على توافق سياسي واسع".

ويضيف خشان أن غياب هذه الإرادة يجعل من غير المتوقع أن تشهد الفترة المتبقية من عمر الحكومة أي تحرك حقيقي ضد القيادات السياسية المتورطة في الفساد، مما يرسّخ الاعتقاد السائد بأن الملفات الكبرى ستبقى مغلقة إلى أجل غير مسمى.


الدعم الدولي لمكافحة الفساد.. واشنطن في المعادلة

في ظل تعقيدات المشهد الداخلي، يطرح البعض إمكانية الاستفادة من الولايات المتحدة لتعقب أموال الفساد المهربة إلى الخارج. المختص في الشأن المالي، ناصر الكناني، يرى في حديث سابق لـ"بغداد اليوم"، أن "أمريكا قادرة على تتبع أي دولار يخرج من العراق، مما قد يساعد في كشف قنوات تهريب الأموال". لكنه يشدد في الوقت ذاته على أن "القرار النهائي للقضاء على الفساد يبقى بيد القوى السياسية العراقية، والتي تكتفي برفع الشعارات دون إجراءات حقيقية".


هيمنة القوى المتنفذة و"حماية الفساد"

تكشف شهادات مسؤولين سابقين أن قضايا الفساد الكبرى غالبًا ما ترتبط بجهات سياسية رفيعة المستوى، ما يجعل محاسبة الفاسدين أمرًا شديد التعقيد. أحد أعضاء لجنة مراجعة السجلات الحكومية، تحدث لشبكة "ذا إنترناشيونال" بشرط عدم الكشف عن هويته، قائلاً: "أي تحقيق جاد في ملفات الفساد يقود في النهاية إلى شخصيات سياسية نافذة، فلا توجد سرقة كبيرة لم تحظَ بموافقة أو شراكة من جهات متنفذة".

ويرى المصدر أن المشكلة تتعمق مع الدرجات الخاصة، وهي المناصب العليا التي يعينها مجلس الوزراء، حيث يستحيل إزاحتهم دون موافقة مباشرة منه، ما يجعلهم محصنين حتى من قرارات الوزراء المعنيين. هذه البنية الإدارية تمنح الفاسدين حماية شبه مطلقة، خصوصًا إذا كانوا مدعومين من أحزاب نافذة.


استقرار محفوف بمخاطر سياسية

ويرى مراقبون، إن تورّط شخصيات سياسية كبيرة وأحزاب نافذة في عمليات الفساد في العراق، وتأسيس مافيات منظمّة تعمل بكل أريحية؛ حيناً بتجاهل أجهزة الدولة عنها، وأخرى بحماية أسلحة خارجة عن القانون، كما أن ارتباط عمليات الفساد في العراق بشبهات تنسيقٍ محكمٍ مع دول إقليمية، يجعل من أمر اجتثاثها أمراً ليس بالهين، إنْ لم يكن بالمستحيل في ظل طبيعة التركيبة القانونية والتنفيذية والتشريعية القائمة في العراق. 

ويبقى الفساد في العراق ملفًا شائكًا يتطلب قرارات جريئة وإرادة سياسية غير مشروطة. وبينما تستمر التصريحات حول ضرورة الإصلاح، فإن غياب الإجراءات الملموسة يجعل مكافحة الفساد أقرب إلى شعار انتخابي منه إلى استراتيجية حقيقية. ومع اقتراب انتهاء ولاية الحكومة الحالية، يبدو أن الملفات الكبرى ستظل مغلقة، ما لم يحدث تحول جذري في معادلة الحكم والقرار السياسي في العراق.

وبين المطالب الشعبية بمكافحة الفساد، وغياب الإرادة السياسية، يبقى السؤال الأهم: هل يمكن تحقيق توازن بين الحفاظ على الاستقرار السياسي ومحاربة الفساد؟ يرى مراقبون أن أي حملة حقيقية ضد الفساد ستؤدي إلى صدامات مباشرة بين الحكومة والقوى المتنفذة، وهو ما يجعلها معركة محفوفة بالمخاطر السياسية.


المصدر: بغداد اليوم+ وكالات

مقالات مشابهة

  • سياسي من واشنطن: إدارة ترامب لا تكترث لتداعيات العقوبات الإيرانية على العراق
  • معضلة العراق المستعصية .. وعود لم تر النور والإرادة السياسية العائق الأكبر
  • معضلة العراق المستعصية .. وعود لم تر النور والإرادة السياسية العائق الأكبر- عاجل
  • محلل سياسي: الإدارة السورية المؤقتة مُطالبة بالعدل تجاه الشعب
  • محلل سياسي: الإدارة السورية مُطالبة بأن تحكم بالعدل تجاه الشعب لأنها مؤقتة
  • مسعود بارزاني يبحث مع الكاظمي مستجدات العملية السياسية في العراق
  • محلل سياسي: العراق قلق من توترات سوريا ويدعو لوحدة أراضيها
  • الأحزاب السياسية تشيد بقرار قائد انصار الله بشأن غزة
  • سياسي منشق عن الشعب الجمهوري يؤسس حزب “المترددين”
  • الكوني: العمل بنظام المحافظات من شأنه أن يخفف العبء عن العاصمة التي أصبحت ساحة للصراعات السياسية