محللون: سكان غزة يواجهون مخططا إسرائيليا خطيرا وتواطؤا عربيا
تاريخ النشر: 31st, October 2023 GMT
مع دخول الحرب غير المسبوقة التي يشنها جيش الاحتلال على قطاع غزة والتي وصلت إلى حد الإبادة الجماعية حسب وصف كثير من المنظمات الدولية، بدأت العديد من علامات الاستفهام تثار بشأن موقف الدول العربية التي لم تفلح حتى في إدخال المساعدات الإنسانية للقطاع المحاصر منذ 2007، والمحروم أيضا من الماء والغذاء والدواء والوقود وكل مستلزمات الحياة منذ نحو شهر.
ورغم التوافق على إدخال مساعدات عبر معبر رفح البري فإن ما تم إدخاله فعليا خلال الأيام الماضية يعادل قطرة في محيط كما تقول سلطات القطاع رغم تكدس مئات الشاحنات على الجانب المصري من المعبر بسبب رفض إسرائيل دخولها رغم المناشدات الدولية المتزايدة.
وتزايدت علامات الاستفهام بشأن الموقف العربي الحقيقي مما يحدث في غزة، بعد حديث رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو عن "الأصدقاء العرب" الذين قال إنهم يعرفون أن الدور سيكون عليهم في حال انتصرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في هذه المعركة.
المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة هشام مهنا، قال إن المدنيين الذين يقصفون في غزة محميون بموجب القانون الدولي حتى في ظل النزاعات، لكنه قال خلال مشاركته في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟"، إنه غير مخول بإعلان ما يجري كجريمة حرب لأسباب تتعلق بطبيعة عمل اللجنة.
وعن إصرار الجانب الإسرائيلي دفع سكان القطاع للنزوح باتجاه شبه جزيرة سيناء، قال أستاذ العلوم السياسية خليل العناني إن الأمر هو جزء من سياسة إسرائيلية راسخة تقوم على افتعال أو استغلال أي أزمة مع غزة للتخلص من سكانها ورفع عبئهم النفسي والسياسي عن كاهلها.
تهجير بالقوةلكن الجديد في مسألة التهجير هذه المرة هو أنه طرح رئيسي منذ اللحظة الأولى للمعركة -بحسب العناني- فضلا عن أن إسرائيل لم تقف عند حد بالحديث عنه وإنما بدأت تدفع نحو تنفيذه عمليا من خلال استغلال الضغط الأميركي والأوروبي على مصر من أجل القبول بانتقال سكان غزة إلى سيناء مقابل تصفير ديونها التي تقدر بـ165 مليار دولار.
وتحاول إسرائيل -وفق العناني- لاستغلال الظرف الاقتصادي السيئ لمصر من أجل المضي قدما في تنفيذ مخطط النكبة الثانية، رغم أن مصر ما تزال ترفض هذا الأمر ليس فقط من أجل عدم تصفية القضية الفلسطينية وإنما أيضا لأسباب داخلية تتعلق بما يفرضه هذا الحل من ضغوط أمنية واقتصادية واجتماعية عليها.
ورغم الرفض المصري، فإن العناني يعتقد أن كل السيناريوهات واردة مع استمرار العملية البرية الموسعة في شمال غزة والتي تهدف بالأساس لدفع السكان دفعا نحو الوسط والجنوب ثم الضغط على الوسط لدفعهم نحو الجنوب وبعدها تتجه الأمور لدفعهم نحو الفرار إلى سيناء.
ويرى العناني أن نجاح هذا المخطط من عدمه يتوقف على أمرين أولهما تمسك مصر بموقفها الرافض للتهجير مهما كانت الظروف أو الضغوط، وثانيهما عدم قبول الفلسطينيين بهذا السيناريو ومدى صمودهم على أرضهم.
وقال العناني إن الموقف العربي يمثل تواطؤا بشكل أو بآخر وغيابا للإرادة، وهو أمر لا يتفق حتى مع مصالح الدول الوطنية بغض النظر عن روابط الدين والتاريخ والهوية.
الرأي نفسه ذهب إليه الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي، بقوله إن على العرب أن يغادروا مرحلة الكلام الذي لا يغير شيئا إلى مرحلة الفعل والضغط للحيلولة دون وقوع نكبة ثانية على مسمع ومرأى منهم.
وأضاف البرغوثي أن مخطط التهجير واضح لا لبس فيه، وقد تحدث عنه نتنياهو عندما وصف الأمر بأنه حرب استقلال ثانية للإسرائيليين، وهو مصطلح يعني النكبة الثانية للفلسطينيين، برأيه.
إلى جانب ذلك، تحدث البرغوثي عن الوثيقة الإسرائيلية التي تم تسريبها مؤخرا والتي تحدد 3 سيناريوهات مستقبلية لغزة لكنها تفضل واحدا منها وهو التهجير إلى مصر.
وقال البرغوثي إن التهجير ليس هدفا إسرائيليا فحسب لكنه هدف أميركي أيضا لأن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن حاول الحصول على موافقة عربية لهذا المخطط خلال جولته الأخيرة لكنه قوبل برفض كبير، حسب قوله.
وبالنظر إلى ما هو حاصل على الأرض، فإن على العرب -يقول البرغوثي- "مواصلة الرفض والبدء في استخدام ما لديهم من أوراق يمكنهم من خلالها قلب الأوضاع على الأرض، وذلك من خلال التهديد بوقف كافة إمدادات الطاقة إلى الغرب ما لم توقف إسرائيل مخططها وحربها على غزة".
وحذّر البرغوثي من أن نجاح مخطط تهجير الغزيين إلى مصر سيتبعه تهجير سكان الضفة الغربية إلى الأردن، وبالتالي، فإن على الدول العربية الانتقال من مرحلة الرفض إلى مرحلة الفعل من خلال إدخال المساعدات إلى قطاع غزة رغما عن إسرائيل.
وعن طريقة إدخال المساعدات دون موافقة إسرائيل، دعا البرغوثي لتكوين قافلة عربية تضم مؤسسات دولية من تلك المتكدسة عند المعبر من أجل دخول القطاع بشكل جماعي، ولتفعل تل أبيب ما تريد حتى لو قامت بقصف القافلة.
كما دعا البرغوثي إلى تحرك عربي لفرض عقوبات على إسرائيل، مؤكدا أن العرب يمكنهم تغيير المعادلة لو أنهم غادروا مرحلة الكلام إلى مرحلة الفعل.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
محللون: واشنطن تختبر إدارة الشرع وسوريا لا تتحمل الشروط الدولية
يجمع محللون سياسيون على أن الحراك الذي يقوم به المجتمع الدولي وخاصة الولايات المتحدة في سوريا يهدف إلى اختبار أداء السلطة الجديدة وخاصة "هيئة تحرير الشام" والقائد العام للإدارة الجديدة أحمد الشرع.
وقد أجرى وفد يضم دبلوماسيين رفيعي المستوى من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مباحثات مع الشرع في العاصمة دمشق -الجمعة- وقالت السفارة الأميركية إن باربرا ليف، مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط اجتمعت مع مسؤولين من "هيئة تحرير الشام" بمن فيهم الشرع لمناقشة المبادئ التي اتفقت عليها الولايات المتحدة وشركاؤها الإقليميون في مدينة العقبة الأردنية.
وأكدت مصادر للجزيرة أن الوفد الأميركي ناقش رفع العقوبات عن الشعب السوري، ومن بينها "قانون قيصر"، وكذلك رفع "هيئة تحرير الشام" من قوائم الإرهاب.
وتحدث الكاتب والباحث السياسي، محمود علوش -ضمن وقفة "مسار الأحداث"- عما أسماها مرحلة اختبار دولي لنيات "هيئة تحرير الشام" ولمدى قدرتها على ترجمة تصريحاتها ووعودها بشأن عملية الانتقال السياسي إلى أفعال، مشيرا إلى أن النهج الدولي في التعامل مع الملف السوري لمّا يتبلور.
وقال إن هناك حالة من عدم الانسجام في السياسات الدولية والإقليمية، فبينما سارعت قوى إقليمية إلى الاعتراف بالوضع الجديد في سوريا، هناك "قوى عربية فاعلة لا تزال مترددة ولديها هاجس من تيار الإسلام السياسي".
إعلانويتفق مدير المركز السوري للعدالة والمساءلة في واشنطن، محمد العبد الله مع ما ذهب إليه علوش من أن المجتمع الدولي يقوم باختبار لأفعال الشرع و"ليس موافَقة عليه أو اعترافا به"، وتحديدا مدى التزامه وتعامله مع المجتمع الدولي وفق بيان العقبة.
وقال إن "قانون قيصر" أعيد تمديده من مجلس الشيوخ الأميركي في انتظار توقيع الرئيس عليه، ليمتد حتى عام 2029، مبيّنا أن إعادة الإعمار غير ممكنة في ظل الإبقاء على "قانون قيصر"، وحتى موضوع رفع "هيئة تحرير الشام" من قوائم الإرهاب لم يتم الحسم فيه.
تعليق العقوباتورجّح العبد الله أن يتم تعليق -وليس رفع- العقوبات على سوريا وإنْ لفترة قصيرة ربما من 3 إلى 6 أشهر، من أجل السماح بتدفق المساعدات الإنسانية وعدم دفع الحكومة السورية الانتقالية للفشل.
وخلص إلى أن الإدارة الأميركية الحالية تتعامل مع أمر واقع في سوريا "وليس لديها خطة مرسومة لكي تستطيع الاعتراف بالشرع أو عدم الاعتراف به"، وقال إن العقوبات هي إحدى أوراق الضغط التي تملكها على سوريا، ولذلك طالب الكونغرس بعدم الاستعجال برفعها وانتظار سلوك "هيئة تحرير الشام"، وهو نفس رأي الرئيس المنتخب دونالد ترامب، بحسب العبد الله.
ومن جهته، يرى الباحث السياسي، الدكتور مؤيد غزلان قبلاوي أن السوريين لا يستطيعون تحمل الشروط الدولية في الفترة الحالية، حيث الاقتصاد منهار ومجتمع يحتاج إلى انتقال اجتماعي واقتصادي، ووصَف السياسة الأميركية إزاء سوريا بأنها "نصف خطوة مقابل خطوة"، أي أن الأميركيين يطلبون أكثر مما يقدمون.
وشدد على أن العملية السياسية الشاملة في سوريا والتي أشارت إليها مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط في بيانها "تحتاج إلى قاعدة زمنية غير ملزمة"، لأن المكونات في سوريا بحاجة لأن تعرف بعضها، ولا يمكن إنشاء عملية سياسية انتخابية حاليا وفقا لمكونات خرجت من إرث ومن تركة نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.
إعلانوعن الحوار الوطني الموسع الذي تعتزم الإدارة الجديدة إطلاقه خلال الأيام المقبلة، قال غزلان قبلاوي إن هذا الحوار هو عبارة عن مسارات للتفاعل والتفاهم وإرساء التعايش بين مختلف المكونات السياسية والطائفية والإثنية، وسيكون عنوانه: "الاستقرار السياسي وعدم التسريع بعملية سياسية تكون نتائجها كارثية، ولكن في نفس الوقت تكون مرضية لوصاية الشرعية الدولية".