لجريدة عمان:
2025-04-12@23:40:28 GMT

مآلات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي

تاريخ النشر: 31st, October 2023 GMT

ربما تكون الصورة الذهنية الشائعة في الأذهان هي «الصراع العربي الإسرائيلي» لا «الصراع الفلسطيني الإسرائيلي»؛ ولكن هذه الصورة ربما تكون متوارثة من الماضي حينما كان الصراع قائمًا بالفعل بين الدول العربية وإسرائيل، وهو ما بدا جليًّا في حرب 1973 التي كانت مصر رأس الحربة فيها، ولاقت دعمًا من سائر الدول العربية حينها؛ ولكن هذا أصبح شيئًا من الماضي غير القادر على التواصل في عالمنا الراهن.

وعلى مدى نصف قرن منذ اندلاع هذه الحرب التي حطمت أسطورة جيش إسرائيل الذي لا يُقهَر، سعت إسرائيل إلى تحطيم وحدة الصف العربي، الذي بدأ بمعاهدة كامب ديفيد، ثم بمحاولة استقطاب كثير من الدول العربية، وهو ما أفضى في النهاية إلى نجاح إسرائيل في التطبيع مع كثير من الدول العربية. ومع ذلك، فإن مواقف الحكومات من التطبيع لا تعكس مواقف معظم الشعوب العربية الرافضة لهذا التطبيع؛ لأن التطبيع لم يكن مشروطا بحل القضية الفلسطينية وتحقيق سلام دائم في المنطقة. ولكن هذا الرفض من جانب الشعوب العربية يظل رفضًا لا يترتب عليه مواقف حاسمة أو فاعلة في إدارة الصراع؛ لأن من يدير الصراع على أرض الواقع هو الشعب الفلسطيني نفسه؛ ولهذا فإن الصراع هو صراع مع هذا الشعب الذي يكاد يقف وحيدًا إلا من الدعم المادي الضئيل من جانب الحكومات العربية، والدعم المعنوي من جانب الشعوب العربية من خلال المظاهرات والهتافات.

الشعب الفلسطيني يكاد يكون هو القلب النابض للشعوب العربية. شعب جبار بالفعل، فلماذا هو شعب جبار؟ ببساطة لأنه شعب قادر على بعث الحياة وسط الموت والدمار، شعب قادر على خلق الحياة والوجود من الموت نفسه. شعب لا يملك من وسائل الحرب والدفاع عن النفس سوى أبسط أدوات الحروب الحديثة وأكثرها بدائية. هذا الشعب قادر على الانتصار بهذه الروح النادرة على شعب مغتصب يحرص على التواجد من خلال اغتصاب أرض الآخرين. وهذا الأمر يستدعي التأمل، حتى من الناحية الدينية.

حينما نتأمل الأمر من الناحية الدينية نجد أن الله عز وجل يقول واصفًا بني إسرائيل في القرآن الكريم بقوله: «ولتجدنهم أحرص الناس على حياة». لنتأمل هنا دلالة المفرد الذي يفيد التنكير هنا؛ فلم يقل الله: «على الحياة»؛ بل قال: «على حياة»، أي على أية صورة من صور الحياة، ولا شك أن من يتشبث بالحياة على أي نحو كان، لا يمكن أن يصمد أمام من يطلبون الموت في سبيل حياة شعبهم والحفاظ على أرضهم، وربما يُقَال هنا: إن الله نفسه في قرآنه الكريم قد كرَّم بني إسرائيل واصطفاهم من دون البشر، وهو ما روَّج له بنو إسرائيل باعتبارهم «شعب الله المختار»! ولكننا لا ينبغي أن نتناسى الأوصاف المضادة في القرآن التي تستنكر أن هؤلاء قد نقضوا عهد الله ومارسوا كل الأفعال الإجرامية التي تفضحهم باعتبارهم قوما ينقضون العهد؛ إذ يصفهم الله تعالى بقوله: (أوَ كلما عاهدوا عهدًا نبذه فريق منهم) (سورة البقرة، آية رقم 100). كما يصفهم المولى عز وجل بأنهم (يقتلون النبيين) ويجادلون في الحق؛ ولعل تصوير القرآن لهم في سورة البقرة يكون أبلغ تصوير في هذا الصدد. يجسد القرآن هذه الصورة البليغة بقول الله تعالى:

(وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين * قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك فافعلوا ما تؤمرون * قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين * قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون * قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث مسلمة لا شية فيها قالوا الآن جئت بالحق فذبحوها وما كادوا يفعلون * وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون * فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون»}البقرة:67-73{.

ربما يرى البعض أن هذا الطرح غير مشرع؛ لأنه يقوم على نوع من التأويل الديني لأمور تتعلق بالواقع السياسي الراهن؛ ولكن من يرى هذا الرأي عليه أن يبين لنا أن هذا التوصيف الديني يجافي الواقع ولا يبرره، لكن الواقع المعيش الراهن يؤكد لنا على الدوام أن شعب إسرائيل يحرص على الحياة ويهاب الموت، وحياة الفرد منهم أغلى من حيوات الآلاف من غيرهم؛ بينما شعب فلسطين لا يهاب الموت، بل يطلب الموت والشهادة دفاعًا عن أرضه، وهذا ما ينبغي أن تدركه إسرائيل إن تحررت من الغطرسة والغرور والمكابرة. ما أود قوله في النهاية هو أن إسرائيل إذا استمرت في ممارستها الحالية التي تقوم على الظلم والعدوان، فسيكون مصيرها الزوال، أو على الأقل ستبقى مهددة بالزوال. لا سبيل إلى حل هذا الصراع إلا بإيمان مغتصب الأرض بأن الحل الوحيد يكمن في التخلي عن عقيدة السياسات الاستعمارية التوسعية «من البحر إلى النهر»، والإيمان بأن السبيل الوحيد لحل الصراع هو حل الدولتين وتقسيمهما وفقًا لحدود يوم 4 يونيو (وهو اليوم السابق على حرب يونيو 1967)، وتلك الحدود هي الحدود التي تعترف بها المواثيق الدولية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الدول العربیة

إقرأ أيضاً:

أبو الغيط أمام منتدى أنطاليا للدبلوماسية: صعود اليمين المتطرف الإسرائيلي هو العائق الأكبر أمام تسوية الصراع

أكد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية أن حل الدولتين هو أول صيغة خرجت بها الأمم المتحدة في عام 1947 لتسوية الصراع بين العرب واليهود في أرض فلسطين التاريخية، وأنه يظل إلى اليوم الحل الوحيد العقلاني والقابل للتطبيق لهذا الصراع الطويل.
وقال جمال رشدي المتحدث الرسمي باسم الأمين العام إن كلمات أبو الغيط جاءت خلال ندوة ضمن فاعليات منتدى انطاليا الدبلوماسي الذي يشارك  في نسخته الرابعة هذا العام بدعوة من الجانب التركي. 
وعقدت الندوة تحت عنوان "السلام في الشرق الأوسط: حان الوقت لحل الدولتين" وشارك فيها إلى جانب الأمين العام للجامعة كل من فيليب لازاريني المفوض العام للأونروا، وسيجريد كاغ المبعوثة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لعملية السلام، ومتحدثون من جنوب إفريقيا وفلسطين.
وأضاف رشدي، أن أبو الغيط تحدث مطولا حول مسار تطور الصراع مؤكدا ان من المهم ان تعرف الأجيال الجديدة  كيف وصلنا إلى النقطة الحالية، لأن الصراع لم يبدأ في السابع من أكتوبر.
وشدد أبو الغيط على أن صعود اليمين المتطرف في إسرائيل ضيع فرصا كثيرة للسلام، وأن هذا التيار اليميني العنصري يمثل العقبة الأكبر اليوم امام تسوية الصراع.

مقالات مشابهة

  • اللجنة الوزارية بشأن غزة: الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يقوض جهود حل الدولتين
  • أبو الغيط أمام منتدى أنطاليا للدبلوماسية: صعود اليمين المتطرف الإسرائيلي هو العائق الأكبر أمام تسوية الصراع
  • بيان: الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يمرّ بواحدة من أسوأ مراحله منذ عقود
  • أبو الغيط: اليمين المتطرف في إسرائيل العقبة الأكبر أمام تسوية الصراع بفلسطين
  • أبو الغيط: صعود اليمين المتطرف الإسرائيلي هو العائق الأكبر امام تسوية الصراع
  • مسيرات في إيران تنديدا بجرائم العدو الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني
  • مسيرات في طهران تنديدا بجرائم العدو الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني
  • دعم الخطة العربية الإسلامية.. وزير الخارجية يلتقي نظيره الفلسطيني
  • عبد العاطي: اللجنة الوزارية العربية الإسلامية ترفض تهجير الشعب الفلسطيني
  • “ارجم دميتك وامضِ: أُمّة تُساق بالتكبير في مآلات بلا معنى”