خسائر أمريكا فى الحرب على غَزة!
تاريخ النشر: 31st, October 2023 GMT
كلنا يعرف أن الولايات المتحدة الأمريكية هى «أم إسرائيل» التى تُدافع عنها فى الحق وفى الباطل، والمبرر الأمريكى لهذا الدفاع، دائمًا، أمام العالم هو أن إسرائيل المسكينة، تعانى من خطر وتهديدات جيرانها العرب الأشرار. كانت الولايات المتحدة تقول هذا التبرير رغم أن إسرائيل كانت تعتدى على الجيران العرب وتغتصب أراضيهم وتهدد استقرارهم.
كان هذا عاديًا جدًا حتى يوم ٧ أكتوبر الماضى الذى شهد تحول مُصطلح تعريف أمريكا من «أم إسرائيل» إلى «ابنة إسرائيل» بسبب تنفيذ الولايات المتحدة لتعليمات إسرائيل وكأنها طفل صغير يلتزم بتعليمات أمه.. فلم تعد أمريكا أمًا لإسرائيل ولكنها تحولت إلى طفل وديع ينفذ تعليمات تل أبيب!!
الموقف الأمريكى كان مُخزيًا من البداية.. فقد ترددت السياسة الأمريكية كعادتها قبل التحرك لاتخاذ موقف يمنع آلة القتل الإسرائيلية من ذبح النساء والأطفال قبل الرجال فى غزة، ولم تُفرق أمريكا بين مقاتلى حماس وبين الشعب الفلسطينى، فلم نسمع منها إدانة واحدة لانتهاكات إسرائيل لكل قوانين الحرب وحقوق الإنسان، فقد كان العقاب الإسرائيلى جماعيًا، وكان القتل يطول الأبرياء قبل المُسلحين، والتدمير ينال من البيوت قبل الأنفاق، والحرائق تلتهم المستشفيات قبل المخابئ، حدث كل هذا وازداد بعد زيارة الرئيس الأمريكى جو بايدن لتل أبيب، فقد اعتبرت القيادة الإسرائيلية (السياسية والعسكرية) هذه الزيارة ضوء أخضر لقتل الشعب الفلسطينى وارتكاب جرائم حرب بلا مُحاسبة!!
واستمرت الولايات المتحدة فى أداء دورها بمجلس الأمن لتمنع أى قرار يوقف القتل الجماعى للفلسطينيين، رغم أن الدول من مجموعات رفض التصرفات الإسرائيلية سواء كانت ذات عضوية دائمة أو مُتغيرة فى المجلس الأممى لم تسع إلى إدانة إسرائيل أو اتهامها بارتكاب جرائم حرب، ولكنها فقط طلبت حماية المَدنيين الفلسطينيين، إلا أن الولايات المتحدة لم تهتم إلا بزيادة التسليح لإسرائيل لمزيد من قتل الفلسطينيين!!
لقد خسرت الولايات المتحدة -تمامًا- أى تقدير عربى لمواقفها فى المستقبل.. لقد خسرت علاقاتها الجيدة بكثير من الدول العربية..فقد اهتزت العلاقة.. بعد اهتزاز المصداقية فى السياسة الأمريكية لعدم إجبارها إسرائيل على وقف القتل الممنهج بأسلحة فتاكة تُدمر بلا تمييز وتقتل بلارحمة!!
خسرت الولايات المتحدة سيطرة كاملة على المنطقة وسوف تتحرك روسيا والصين بشكل أكثر حرية فى المنطقة على أنقاض بيوت غزة التى هُدمت فوق رؤوس أصحابها!!
الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج أصبحت فى حالة غليان ولم تعد تستطيع حكومات هذه البلدان مع ارتفاع حِدة الغضب الشعبى أن تعمل فى اتجاه منفرد نحو الولايات المتحدة ولا تعاون معها أكثر من النقطة الحالية.. وفى نفس الوقت لا تستطيع أمريكا توجيه اللوم لهذه الدول -فى ظل هذا الغضب الشعبى العربي- لتعاملها بشكل أكبر مع قوى عسكرية واقتصادية كبرى تنافس الأمريكيين على النفوذ فى منطقة الشرق الأوسط.
الولايات المتحدة سوف تواجه، من الآن فصاعدًا، تصديًا داخليًا كبيرًا من أصحاب الرأى الذين يريدون للولايات المتحدة ممارسة العدالة أو الانتباه لمصالح الولايات المتحدة فى منطقة الشرق الأوسط أو أنصار حقوق الإنسان الذين يرفضون التناقض الأمريكى بخصوص هذا المجال، بل إن المواجهات بين المتحمسين لإسرائيل أو ضدها سوف تزداد داخل الساحة السياسية الأمريكية بما سوف يؤثر على الانتخابات الرئاسية القادمة بالإضافة إلى انتخابات الكونجرس.. صحيفة الجارديان البريطانية قالت منذ أيام إن جماعات حقوق الإنسان فى الولايات المتحدة قد حذرت من «موجة من ردود الفعل المكارثية العنيفة» ضد انتقادات القصف الإسرائيلى لغزة بعد إقالة الأمريكيين الذين عبروا عن دعمهم للفلسطينيين، وواجهوا تهديدات بالعنف وملاحقتهم من قبل الجماعات المؤيدة لإسرائيل!! هذا التصرف الذى يأتى عكس مبادئ حقوق الإنسان -قطعًا- سوف يواجه انتقادات وردود أفعال المظلومين الذين سيعملون ضد هذه السياسة المُنحازة انحيازًا أعمى لصالح إسرائيل.
اللافت أن مجلس الشيوخ الأمريكى قد اصدر بالإجماع قرارًا يدين ما وصفتهم «المجموعات الطلابية المناهضة لإسرائيل والمؤيدة لحماس» بعد المظاهرات التى جرت فى الحرم الجامعى، والتى تضمن بعضها لغة معادية للسامية وهتافات تشيد بهجوم حماس (قطعًا المظاهرات كانت تُدين إسرائيل ولم تكن تؤيد حماس) لأن كثيرين آخرين فى الولايات المتحدة (تضامنوا مع المدنيين الفلسطينيين تحت القصف الإسرائيلى فى غزة) حسب تعبير صحيفة الجارديان. المهم أن لجنة الدفاع عن الديمقراطية أدانت قرار مجلس الشيوخ ووصفته بأنه «محاولة سافرة لإسكات وشيطنة وتجريم الانتقادات المشروعة والمعارضة المحيطة بالاحتلال الإسرائيلى والحرب على غزة».
الأصوات داخل الولايات المتحدة تتعالى لرفض المذابح الإسرائيلية.. ولكن بعد فوات الأوان.. لقد قُتل الأبرياء.. وتوحشت إسرائيل..ولكن فى النهاية لن تبقى خريطة السياسة فى الشرق الأوسط كما هى ولن تتغير بسهولة لصالح إسرائيل.. فسوف يحذر الجميع من تكرار ما حدث يوم ٧ أكتوبر.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الولايات المتحدة مجلس الشيوخ الأمريكي نور الولايات المتحدة الأمريكية الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
عاقبوا هاريس..عرب أمريكا يهدون ترامب الفوز رغم دعمه لإسرائيل
نجح الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، في تحقيق اختراق مفاجئ في نهاية حملته الانتخابية، إذ كسب تأييد عدد كبير من الناخبين العرب بتعهّده بوضع حد للعنف في الشرق الأوسط.
ويحتفل أنصاره الجدد الآن بفوزه وهم واثقون أنه سيحقق ما وعد به، في وقت تواصل إسرائيل عملياتها العسكرية في غزة ولبنان. رسمياً.. ترامب الرئيس الـ47 للولايات المتحدة - موقع 24فاز الجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية بمواجهة الديموقراطية كامالا هاريس، على ما أعلنت وسائل الإعلام الأمريكية اليومالأربعاء، محققاً بذلك عودة استثنائية إلى السلطة. تحول لافتوفي ديربورن، أكبر جيب في الولايات المتحدة للأمريكيين العرب، أظهرت النتائج الأولية فوز ترامب بفارق ضئيل، في تحوّل لافت عن 2020، عندما فاز الرئيس جو بايدن بفارق كبير. وهذه المرة، انقسمت أصوات اليسار بين نائب الرئيس كامالا هاريس، ومرشحة حزب الخضر جيل ستاين.
وقال رئيس البلدية الأمريكي اللبناني الأصل لديربورن هايتس، المجاورة بيل بزي أثناء تجمّع خلال الليل في مقهى للشيشة تحوّل إلى حفل في ساعات الصباح الأولى: "وصلت الرسالة للناس بأن ترامب يسعى لإحلال السلام في الشرق الأوسط والعالم".
ورفض بزي ما وصفه بتشويه الإعلام لـ "حظر المسلمين" الذي فرضه ترامب في ولايته السابقة، مشيراً إلى أن الأمر لم يكن أكثر من تشديد أمني مرتبط ببلدان تعاني من الاضطراب لمنع عناصر تنظيم داعش الإرهابي من دخول الولايات المتحدة.
وأضاف العنصر السابق في قوات المارينز، والذي دعم ترامب في تجمّعاته الانتخابية الأخيرة، إنه على اتصال مع شخصيات عالية المستوى في الإدارة المقبلة طمأنته أن "من بين الأمور التي يضغط ترامب من أجلها هي وقف الحرب.. يريد المزيد من الدبلوماسية".
وتبنى آخرون مثل الناشطة اليمنية الأمريكية التي تعمل في العقارات سمراء لقمان نبرة تحد. وعلى غرار غيرها من الأمريكيين العرب، شعرت بالغضب من دعم إدارة بايدن ونائبه هاريس العسكري والدبلوماسي الثابت لإسرائيل في حربي غزة ولبنان حيث تواصل حصيلة القتلى المدنيين ارتفاعها.
وقالت "بإمكانهم لومنا على خسارة هاريس. أريد ذلك.قالت جاليتي لهم، إذا ارتكبتم إبادة، فستحاسبون عليها"، نجح فريق ترامب أيضاً في ما فشلت فيه هاريس بشكل لافت، وهو تنظيم تجمّع في ديربورن.
وأثار قرار حملتها التحالف مع النائب الجمهورية السابقة ليز تشيني، المدافعة بشدة عن حرب العراق استياء العديد من العرب.
أما ترامب، فاستفاد من رابط عائلي ضمن الجالية إذ أن ابنته تيفاني ترامب زوجة الأمريكي اللبناني مايكل بولس. في حين كان لمسعد، والد بولس، دور أساسي في الحملة. مع ذلك، لا تزال الشكوك في ترامب قائمة.
فبينما يدعو إلى السلام، يشدد ترامب على أنه أقوى حليف لإسرائيل، حتى أنه وعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، بالسماح "بإنجاز المهمة" ضد حماس في غزة.
وقال رئيس حركة "عرب أمريكيون مع ترامب" بشارة بحبح: "نعم، قال إنجاز المهمة، لكن عندما سألت عما يعنيه ذلك على وجه التحديد، قيل لي إنه يعني وقف الحرب". وأضاف "قال ذلك وسينفذه. أثبت ترامب أنه يفعل ما يقول".