غزة.. الفاتورة التي يدفعها الجميع
تاريخ النشر: 31st, October 2023 GMT
تراجعت نغمة الضغط على أهل غزة في الشمال للنزوح نحو الجنوب، ذلك الضغط الذي بدأ بتصريحات إعلامية إسرائيلية شبه رسمية، حتى وصلت البجاحة بتلك التصريحات إلى أن أشار بعضهم نحو إمكانية استضافة أهل غزة في سيناء، عندما بدأت تلك التلميحات جاء الرد المصري الرافض واضحا وحاسما ومن ثم تراجعت النغمة الإسرائيلية ويبدو أنها قررت اقتحام غزة بريًا من منتصفها حتى تعزل الشمال عن الجنوب من خلال اختراق المدرعات الإسرائيلية منتصف شرق غزة، وهي منطقة يقول عنها العارفون بجغرافيا غزة أنها منطقة رخوة يغيب عنها نسبيا عناصر المقاومة الفلسطينية.
الحرب في غزة بدأت وكانت سيناء في ذهن متخذ القرار الإسرائيلي هي الجائزة الكبرى، لذلك شهدنا حدة الخطاب المصري الذي جاء استكمالًا لرفض قديم عندما طرحت إسرائيل فكرة تبادل الأراضي.
وإذا اعتبرنا هذه الجولة من الصراع هي جولة تحريك القضية الفلسطينية بعد جمود طويل يمكننا أن نقول أن غزة انتصرت بالفعل وذلك بالنظر إلى مئات التظاهرات الحاشدة في كل عواصم العالم التي تدعو إلى السلام العادل وحل الدولتين على حدود 4 يونيو 1967.
ولكن تكمن المشكلة عند عناصر حماس التي بدأت هذه الجولة فجر 7 أكتوبر الماضي حيث لا يخلو حديث لأي من قادتهم عن التحرير الشامل، وهذا سقف لا يتناسب أبدًا مع الإمكانيات المتاحة على الأرض، الخطوات القادمة تحتاج إلى عقل سياسي بارد، قادر على التفاوض بورقة الأسرى الإسرائيليين في غزة، ولكن هذا العقل البارد لم يظهر حتى الآن، ولا نرى إلا صرخات متقطعة من إسماعيل هنية المقيم في الدوحة مؤكدًا بصوت عجيب قائلا "غزة بخير".
الوقائع التي يراها القريب والبعيد تقول أن غزة ليست بخير وتقول أن إسرائيل تعيش الآن كما المجنون ولكنها واضحة الهدف: استعادة الأسرى وتدمير حماس، أما على الجانب الفلسطيني وطريقته في إدارة المعركة فيمكننا القول عنها أنها غير محددة الهدف ولا مطلب لديها سوى وقف إطلاق النار.
لذلك نجد أنه من المهم في حال نجاح انعقاد القمة العربية الطارئة والمنتظر عقدها في أقرب وقت أن يكون الإصرار على وضوح الهدف العربي المنطقي وكذلك إيجاد أوراق قادرة على إقناع حماس بهذا الهدف، وقتها يمكننا القول أن غزة انتصرت في حربها وذلك بتحريك القضية الفلسطينية.
الخطر على المنطقة بالكامل واضح لمن أراد أن يرى الحقيقة، صحيح أن حماس هي التي إختارت التوقيت دون تنسيق ولكن الفاتورة المرتفعة ستكون على كل دول الجوار وما حكاية التهجير نحو سيناء والأردن إلا قمة جبل الجليد الإسرائيلي، جاءت حاملات الطائرات الأمريكية ليس لنزهة في البحر المتوسط ولكن لدعم حرب تركيع للمنطقة وهو غير المسموح به خاصة مع الدول صاحبة الجيوش القتالية المحترفة مثل مصر.
هذه لحظة التقارب العربي الحقيقي، وليكن درس قبول المعارضة الإسرائيلية المشاركة في حكومة نتنياهو في هذه الأزمة نموذجًا يحتذى لدى العرب، وإذا لم تسفر القمة القادمة إلا عن تحديد هدف الحرب وهو إقامة الدولتين فهذه نتيجة كافية جدا.
ليتوقف شلال الدم وتسقط كل المخططات الإسرائيلية المعادية للمنطقة، وليتراجع خطاب الاندفاع نحو خطوات غير محسوبة، في ظني أن عيون مصر المفتوحة على اتساعها قد فحصت كل المعطيات على الأرض وتحسبت لذلك جيدًا، ولن يغمض لبلادنا جفن إلا بعد رسو الحرب على شاطىء، مرحلة المساعدات الإنسانية التي تقودها مصر مع دول العالم ومع المنظمات الدولية هي المرحلة الأبسط في هذه الجولة التي لم تشهد منطقتنا مثيلا لها منذ خمسين عاما، والقادم أصعب.
المصدر: البوابة نيوز
إقرأ أيضاً:
سائق التاكسي سامح رجب.. قصة أمانة وإنسانية تُلهم الجميع
الأمانة قيمة إنسانية عظيمة، ونادرة في كثير من الأحيان، لكن قصة سائق التاكسي "سامح رجب" جاءت لتُعيد الإيمان بأهمية هذه القيمة في حياتنا اليومية.
سامح، الذي يعمل سائق تاكسي في محافظة مطروح منذ 15 عامًا، أصبح حديث مصر بعد أن ضرب مثالًا يُحتذى به في الأمانة والإنسانية، بإعادته مبلغًا ضخمًا قدره 8 ملايين جنيه عثر عليه أثناء عمله.
بداية القصة: العثور على المالفي يوم عادي من حياته العملية، كان سامح يقود سيارته في طريقه المعتاد إلى العمل على الطريق الساحلي الدولي بين مرسى مطروح والإسكندرية.
وعند منطقة كوبري فوكا، لاحظ وجود كيس أصفر كبير يشبه "شيكارة الدقيق" ملقى بجانب الطريق. بدافع الفضول، توقف سامح للتحقق من الأمر.
عند فتح الكيس، وجد سامح بداخله رزمًا مالية مغلقة، وعاد إلى منزله لتفحص محتويات الكيس بشكل أكثر دقة، ليكتشف أن المبلغ يصل إلى 8 ملايين جنيه مصري، موزعة على 400 رزمة نقدية: 399 بفئة 200 جنيه، ورزمة واحدة بفئة 100 جنيه.
رغم ضخامة المبلغ، لم يتردد سامح لحظة واحدة في قراره. أكد أن المال ليس له، وأنه لن يستفيد منه بطريقة غير مشروعة، مؤمنًا بأن "المال الحرام لا يُنبت خيرًا".
رد الأمانة لصاحبهاقرر سامح أن يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي للإعلان عن المبلغ الذي عثر عليه، دون الإفصاح عن تفاصيل دقيقة مثل نوع الكيس أو عدد الرزم النقدية.
دعا من يعتقد أنه المالك الحقيقي للتواصل معه، بشرط تقديم دليل واضح يُثبت ملكيته.
خلال ساعات قليلة، تلقى سامح العديد من الاتصالات، لكن شخصًا واحدًا فقط استطاع أن يصف بدقة محتويات الكيس وعدد الرزم وطبيعة الأموال، ما أثبت ملكيته لها.
لحظة اللقاء وتسليم المبلغبعد التأكد من صحة المعلومات، اتفق سامح مع صاحب المال على موعد للقاء. جاء الرجل إلى منزل سامح في اليوم التالي، وكانت لحظة اللقاء مؤثرة للغاية.
لم يقتصر الموقف على تسليم المبلغ فقط، بل أظهر سامح أروع معاني النبل برفضه مكافأة مالية ضخمة قدرها مليون جنيه، عرضها صاحب المال تعبيرًا عن شكره.
قال سامح: "الأمانة كنز، وراحتي النفسية أهم من أي مكافأة. المال الحرام لا يُنبت خيرًا، وأنا أحرص على أن أطعم أسرتي بالحلال". وأكد أنه شعر بسعادة غامرة حينما رأى الفرحة في عيون صاحب المال.
ردود الأفعال على القصةبعد انتشار قصة سامح على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، حصدت تصرفاته النبيلة إشادة واسعة من الناس. كثيرون وصفوه بـ "رمز الأمانة والإنسانية"، مؤكدين أن قصته درسٌ عظيم يُعيد التذكير بأهمية القيم الأخلاقية في مجتمعنا.
سامح، الذي ينتمي إلى محافظة قنا ويعيش في مطروح منذ أكثر من عقد، قال في تصريحات لاحقة: "الحمد لله، الدنيا مستورة، وأنا مؤمن أن الرزق بيد الله، وما فعلته واجب ديني وأخلاقي".
لماذا تُعد هذه القصة مُلهمة؟قصة سامح رجب ليست مجرد حكاية عن إعادة مبلغ مالي كبير لصاحبه، بل تحمل في طياتها دروسًا عميقة:
الأمانة قوة أخلاقية: سامح أظهر شجاعة أخلاقية بالتمسك بالأمانة في موقف قد يغري الكثيرين بغير ذلك.الإيمان بالرزق الحلال: موقفه يعكس ثقته بأن الله هو مصدر الرزق، وأن المال غير المشروع لن يجلب إلا المشكلات.درس للأجيال القادمة: تصرف سامح يبعث برسالة قوية للشباب بأهمية التمسك بالقيم الأخلاقية حتى في أصعب المواقف.