أظهرت الحفريات الأثرية التي تم إجراؤها في عدد من المدن القديمة بولاية إزمير التركية (غرب البلاد)، إرثا تاريخيا وحضاريا فريدا، لا يزال مساحة خصبة للاكتشاف.

ويستعرض هذا التقرير بعض ما توصل إليه الخبراء من كنوز تاريخية في مدن أفس، وبرغاما، ومتروبوليس، وسميرنا وفي التلال الأثرية بينها يشيل أووه وأولوجق في إزمير؛ على إثر عمليات الحفر والتنقيب في المناطق القديمة.

رحلة إلى الماضي

مدينة "أفس" القديمة المدرجة على قائمة التراث العالمي لمنظمة التربية والعلم الثقافة (يونسكو)، تأخذ زوارها في رحلة إلى الماضي من خلال الآثار التي تضمها، والتي تعود لحضارات مختلفة.

وتعتبر "أفس" التي يعود تاريخها إلى 7 آلاف عام قبل الميلاد من بين 12 مدينة في إقليم إيونية، وهو اسم أطلق في العصور القديمة على الشريط الساحلي لولايتي إزمير وأيدين.

وكانت المدينة مأهولة خلال العصور الهلنستية والرومانية والبيزنطية والإمارات التركمانية في الأناضول والدولة العثمانية، كما تضم أيضا معبد آرتميس الذي يعتبر إحدى عجائب الدنيا السبع.

ومن بين الكنوز التاريخية التي تعج بها "أفس" هناك مكتبة "سيلسوس" التي يعود تاريخها إلى القرن الثاني الميلادي، وبوابة هادريان، ومعبد دوميتيان، وبوابة مغنيسيا، ونافورة تراجان، علاوة على المسرح القديم الكبير الذي يتسع لـ25 ألف شخص، وكلها آثار تجذب اهتمام الزوار بهندستها المعمارية الفريدة.

أطلال هيكل آرتميس كان معبدا لإلهة إغريقية ويعد إحدى عجائب الدنيا السبع القديمة (الأناضول) اكتشافات جديدة

وفي هذه الأثناء، يواصل خبراء من معهد الآثار النمساوي إجراء العديد من الدراسات وأعمال التنقيب في "أفس" بالتعاون مع وزارة الثقافة والسياحة التركية.

وتمكن الخبراء من اكتشاف مجمع من المباني القديمة، يرجع تاريخ بنائه لحوالي 1400 عام.

وخلال أعمال الحفر والتنقيب وصل الخبراء إلى أوعية فخارية تحتوي على محار وبلح البحر وبقايا أسماك مخللة إضافة إلى أطعمة أخرى بينها خوخ ولوز وزيتون وحمص.

وعثر الخبراء على هذه الحفريات والبقايا في منطقة سكنية تبلغ مساحتها 170 مترا مربعا، تضم بئرا ومطابخ ومخازن، ومطاعم، وورشا ومحلات تجارية.

المسرح القديم الكبير بجوار أطلال هيكل آرتميس (الأناضول) برغاما.. منطقة طبيعية وثقافية فريدة

بدورها، تضم "برغاما" آثارا من حضارات مختلفة، فضلا عن كونها مدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي باعتبارها منطقة ذات مناظر طبيعية وثقافية فريدة.

وتحتوي المدينة أول عيادة طبية تم فيها تطبيق أول طريقة للعلاج النفسي في العالم، وإحدى الكنائس السبع المذكورة في الإنجيل، وأكبر مكتبة أنشئت في قارة آسيا.

كما تشهد المدينة نشاطا ملحوظا في أعمال التنقيب، يجريها فريق من المعهد الأثري الألماني وخبراء أتراك، بالتعاون مع وزارة الثقافة والسياحة التركية.

وتمكن الخبراء عبر أعمال التنقيب من اكتشاف 8 مواقع دينية جديدة والعديد من التماثيل التي يعود تاريخها إلى ما قبل 2200 عام، في المدينة القديمة ومحيطها.

كهف ديكيلي الأثري

وعلى هذا النحو، كانت أعمال التنقيب في كهف منطقة ديكيلي شمال إزمير، من أهم أعمال التنقيب الأثري التي أثارت الأوساط العلمية والتاريخية، في منطقة غرب الأناضول.

وأجرى فريق من معهد الآثار الألماني وجامعة أنقرة التركية أعمال التنقيب التي انطلقت خريف 2021.

وكشفت أعمال التنقيب التي استمرت نحو 6 أسابيع، أن الكهف كان يستخدم مركز عبادة منذ القرن السادس قبل الميلاد حتى العصر الروماني.

وخلال أعمال التنقيب أيضا تم العثور على طبقات تعود إلى العصر الحجري القديم، واكتشاف أدوات حجرية وعظام يعود تاريخها إلى ما قبل 14 ألف سنة.

صورة من أعلى لجانب من مدينة "أفس" القديمة (الأناضول) "سميرنا" وقائمة التراث العالمي

وفي مدينة "سميرنا" الأثرية بولاية إزمير، تستمر أعمال الحفر والتنقيب فيما تستعد المدينة الأثرية لدخول القائمة الدائمة للتراث العالمي لليونسكو.

واستضافت "سميرنا أغورا" الموجودة بين بلدة "قديفة قلعة" وساحل بحر إيجة، عبر تاريخها الطويل ثقافات مختلفة ولعدة قرون، كما تضم المدينة كاتدرائية مهيبة ومسرحا وقناة مائية تاريخية.

وتعتبر "سميرنا" واحدة من المدن التي نجحت في الحفاظ على معالمها المعمارية، إذ تحتوي المدينة على تفاصيل رائعة بأعمدتها التاريخية ولوحاتها الفسيفسائية.

تل "يشيل أووه" الأثري

ويواصل فريق من الآثاريين برئاسة المحاضر في قسم الآثار بكلية الآداب بجامعة إيجة التركية، ظفر درين، أعمال الحفر والتنقيب في تل "يشيل أووه" الأثري، الذي يضم آثارا يعود تاريخها إلى قبل 8500 عام.

وخلال أعمال الحفر والتنقيب تم العثور على آثار تعود لآلهة يعود تاريخها إلى 5 آلاف سنة، مصنوعة من الرخام، ويعتقد أنها تمثل "آلهة السُّمنَة"، وكانت تستخدم لجلب الوفرة والصحة.

تل أولوجق الأثري

يقع "تل أولوجق" الأثري في منطقة كمال باشا بولاية إزمير، وقد عثر في التل الأثري من خلال أعمال الحفر والتنقيب، على آثار يعود تاريخها إلى حوالي 8500 عام.

ومؤخرا، تم العثور على تماثيل صغيرة لذكور وإناث يعتقد أنها تعود إلى 5700 قبل الميلاد.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: یعود تاریخها إلى أعمال التنقیب التنقیب فی

إقرأ أيضاً:

التنقيب في ماضي الخصوم.. هل يعرقل مستقبل حكومة السنغال؟

في أبريل/نيسان القادم سيكون الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي، ووزيره الأول عثمان سونكو قد أكملا سنة في قيادة البلاد بعد أن خاضا طريقا شاقا كان السجن والحرمان من الحقوق المدنية أحد منعرجاته البارزة.

وعلى وقع الوعود بتحقيق الرخاء، والوعيد بمحاسبة رموز النظام السابق، أمضى الرئيس ربع المأمورية البالغة 5 سنوات، والقابلة للتجديد مرة واحدة.

مطبات وانتخابات

ومع بداية تعيينه في منصب رئيس الوزراء بدأ عثمان سونكو في عرض مقترح تعديلات دستورية طفيفة أمام البرلمان لإلغاء بعض المناصب التي يرى أنها هدر للمال العام ولا تقدم خدمات ملموسة للمواطنين مثل المجلس الأعلى للجماعات المحلية والمجلس الاقتصادي والاجتماعي.

لكن البرلمان – الذي كان حينها محسوبا على الرئيس السابق ماكي صال – شكل عقبات ومطبات في وجه طموحات رئيس الوزراء وإصلاحاته، إذ أسقط مقترح التغيير الدستوري، وبدأ الخلاف بين السلطتين التنفيذية والتشريعية يتزايد حتى قرر تحالف نواب "بينو بوك ياكار" (التحالف من أجل السنغال) تقديم ملتمس لحجب الثقة عن الحكومة وإسقاطها.

وفي خطوة اعتبر مراقبون أنها جريئة، أصدر الرئيس فاي مرسوما رئاسيا يقضي بحل البرلمان ويدعو لانتخابات تشريعية مبكرة، وحقق فيها حزب "الوطنيون الأفارقة في السنغال من أجل العمل والأخلاق والأخوة" (باستيف) اكتساحا كبيرا للساحة، إذ حصل على 130 مقعدا من أصل 165.

إعلان

وإثر صدور نتائج الانتخابات التشريعية، أعاد رئيس الجمهورية تكليف سونكو بقيادة الحكومة من جديد، وأدخل فيها قيادات بارزة كانت معارضة للنظام المنصرف.

الأغلبية الحاكمة في السنغال تمتلك 130 مقعدا في البرلمان من أصل 165 (الفرنسية) اتهامات متبادلة

ينحدر سونكو من الطبقات الهامشية، وعاش جزءا من شبابه في منطقة كازامانس حيث الخلافات والتمرد وعدم الخضوع لأوامر الدولة.

وعندما أراد دخول المعترك السياسي، رفع شعار محاربة الفساد وضرورة محاسبة المسؤولين، فانجذب إليه الشباب، والحالمون بالتغيير وتحسين الأوضاع المعيشية.

وفي عام 2018 ألف كتابا تحت عنوان "البترول والغاز في السنغال.. النهب المزمن" ركز فيه على الفساد المتعلق بصفقات استخراج ثروة البلاد.

وقد ظلت هذه الشعارات لصيقة بذهنه وجزءا من أفكاره ومبادئ حزبه، وعندما أصبح رئيسا للوزراء بدأ في تجسيدها على أرض الواقع، فدخل في صدام مع رجال السياسة والنفوذ وأصحاب رؤوس الأموال.

قررت الحكومة تشكيل لجنة من الخبراء الماليين والقانونيين لمراجعة عقود النفط والغاز التي أبرمت في العهد السابق للنظر في مدى مطابقتها لمصالح الأمة.

تحسين الوضع الاقتصادي كان أحد أسباب فوز حزب باستيف في الانتخابات الأخيرة (الجزيرة)

وبعد فترة وجيزة أعلن رئيس الوزراء في نهاية سبتمبر/أيلول 2024 نتائج المراجعة والتدقيق، إذ زعم وجود خروقات مالية وتزوير للأرقام في سجلات الحكومة.

وفي 13 فبراير/شباط الجاري أصدر مجلس التدقيق في محكمة الحسابات تقريرا عن الوضع المالي للبلاد يشمل الفترة الممتدة من سنة 2019 وحتى 31 مارس/آذار 2024، وهي الولاية الأخيرة للرئيس السابق ماكي صال الذي كان خصما للنظام الحالي وأدخل قياداته إلى السجن.

وتحدث التقرير عن خروقات واسعة في التسيير، وتزوير الأرقام التي كانت تقدم للشركاء الدوليين، إذ كشف أن الديون المستحقة على ميزانية الدولة حتى 31 ديسمبر/كانون الأول 2023 تصل إلى 18 ألف مليار فرنك غرب أفريقي أي نحو 28 مليار دولار، وهو ما يمثل نسبة 99.67 من الناتج المحلي، وهي نسبة تفوق ما قدمته الحكومة السابقة إذ قالت إن الدين العام يمثل 74% من الناتج.

إعلان

كما قال التقرير إن العجز في الموازنة العامة لسنة 2023 وصل 12.3% وهو يخالف 4.9% التي تم إعلانها في الحقبة الماضية.

واتهم مالك أندور الوزير السابق والقيادي في حزب التحالف من أجل الجمهورية السلطات بالسعي إلى تشويه صورة الخصوم، واعتبر أن التقرير الصادر من محكمة الحسابات لا يتضمن إدانة لأي شخص رغم أن النظام هو من يقف خلفه.

أبواب المحاكم

وقال وزير العدل عثمان دياني إن التقرير المالي كشف عن تجاوزات قد تشكل جرائم غسيل الأموال، والإثراء غير المشروع، وكذلك الاحتيال على الأموال العمومية.

وأضاف الوزير أن المتورطين في هذه التجاوزات إذا أثبتت التحقيقات جرمهم سيعرضون على المحاكم من دون استثناء، رغم أنه لم يذكر أحدا باسمه.

وفي 16 فبراير/شباط الجاري عقد حزب التحالف من أجل الجمهورية المحسوب على ماكي صال مؤتمرا صحفيا، قال فيه إنه يطالب بعرض تقرير محكمة الحسابات على المحاكم القضائية العادية والمجلس الدستوري والمحكمة العليا، وكذا المحاكم الإقليمية والدولية.

وقال الحزب إنه سيتقدم بشكوى ضد محكمة الحسابات في السنغال بتهمة التزوير وتشويه شرف المواطنين الذين تولوا مناصبة عامة وحساسة في الدولة.

ويرى عضو الجمعية الوطنية "تيرنو حسن صال" أن تقرير محكمة الحسابات ليس سوى أداة لتنفيذ أمر السلطة التنفيذية الجديدة، لأنه قام بفرز الملفات بشكل انتقائي ليحاكم أشخاصا معينين، واعتبر أن التقرير ليس له مصداقية لأن محكمة الحسابات سبق لها أن صادقت على مشروع قانون تسوية الميزانية للسنوات المذكورة، وقد ناقضت نفسها.

سياسة الإلهاء

وتساءل عضو الجمعية الوطنية النائب تيرنو ألاسان عن الوعود التي قدمها رئيس الوزراء السنغالي للشعب قائلا إنه مضى أكثر من 8 أشهر على انتظار تحسن الأوضاع المعيشية وخلق فرص اقتصادية.

واعتبر النائب أن الوعود التي التزم بها سونكو تبين أنها ليست دقيقة، وأصبح النظام يبحث عن طرق لاستهداف خصومه عبر انتقاء ملفات معينة والانشغال بها بدلا من واجباته التي تتمثل في إحداث نهضة تنموية.

إعلان

من جانبه، قال النائب من كتلة " تاكو والو" عبدو أمبو إن الدول لا تتطور بالانتقام من الأشخاص والإساءة للرموز والقضاء على تاريخهم، معتبرا أن ما يقوم بها رئيس الوزراء الحالي ليس سوى نوع من سياسة الإلهاء، مقابل عجزه عن تقديم بديل لهجرة المواطنين الذين يموتون في البحر ويعاملون كعبيد في إسبانيا وأوروبا.

وشبه النائب التقرير الذي صدر مؤخرا عن الحالة الاقتصادية بأنه "غطاء للبؤس" الذي تعيشه البلاد ومحاولة للتستر على مشاكل المواطنين.

توسع المعارضة

وقد شهدت الأيام الأخيرة توسعا ملحوظا في صفوف المناوئين للحكومة، إذ تم تشكيل تحالف جديد أطلق عليه "جبهة الدفاع عن الديمقراطية والجمهورية"، ويتألف من 76 مكونا يضم أحزابا سياسية وهيئات نقابية وحقوقية، وتكتلات شبابية، وتسعى جميعها إلى رص الصفوف من أجل الوقوف أمام حزب باستيف.

ويضم التحالف الجديد شخصيات سياسية وازنة من بينها عمدة بلدية دكار السابق خليفة صال، ورئيس الوزراء الأسبق إدريسا سك، ورئيس حزب "البديل من أجل الوطن" أنتا بابكر.

ويقول أصحاب التحالف المذكور إنهم سيوحدون أصواتهم ضد هيمنة الحزب الحاكم الذي يسعى إلى التفرد بالساحة عبر استهداف الرموز السياسية في البلاد.

مستقبل الساحة

وفي حديث للجزيرة نت يقول المحلل السياسي والخبير في الشأن الأفريقي الحسين ولد حمود إن الخلافات السياسية والتباين في وجهات النظر من مظاهر الحكم الديمقراطي، لكن السنغال ليس في صالحه العمل على التأزيم والانسداد، حيث كان حديث عهد بالتوترات التي تسببت في مقتل وإصابة العشرات في سنة 2023.

خريطة السنغال (الجزيرة)

ويرى ولد حمود أن حزب باستيف عليه الاستفادة من أخطاء النظام السابق، وتركيز الجهود على إنجاز المشاريع التي على أساسها تم انتخابه من قبل الجماهير الشبابية العريضة في السنغال، حتى يبقى متحكما في الساحة السياسية على المدى البعيد.

إعلان

ويرى أمادو تيديان الباحث في معهد العلوم السياسية في بوردو بفرنسا أن الانتخابات الرئاسية والتشريعية الأخيرة برهنت على أن حزب باستيف بفضل شخصية سونكو يمتلك الكلمة في الميدان السياسي على الأقل في الوقت الحالي.

ويضيف في مقال نشرته صحيفة "أفريك كونفيدنتييل" أن سونكو تحول من رمز للأمل إلى عنوان للعجز وسوء التقدير، ولن يكون له حضور بعد هذه المأمورية، لأن الثقة التي تبنى على مدى عقود تنهار بسرعة إذا ما استمر السياسي في تكرير نفس الخطاب دون أن يجسده على أرض الواقع.

مقالات مشابهة

  • تفاصيل جديدة تكشفها أسرة الضحية الثالثة لسفاح الإسكندرية بعد العثور على سيارته التي كان يمتلكها
  • أبو الغيط: المنطقة العربية تعيش اللحظة الأخطر في تاريخها بسببب القضية الفلسطينية
  • محافظ المنيا: زراعة دفعة جديدة من الشتلات ضمن مبادرة 100 مليون شجرة
  • حدث في 8ساعات| زيادة جديدة في الإيجارات القديمة خلال أيام.. وغدًا طقس بارد نهارًا شديد البرودة ليلًا
  • خلال أيام.. زيادة جديدة في الإيجارات القديمة للأشخاص الاعتبارية
  • بتمويل من الحزب.. ملعب المدينة الرياضية يعود إلى الحياة
  • تركيا.. خبير زلزال يدعو لإدراج الثوران البركاني ضمن المخاطر المحتملة في إزمير
  • استمرار حبس عصابة التنقيب عن الآثار بالدرب الأحمر
  • غرق 6 مهاجرين في إزمير
  • التنقيب في ماضي الخصوم.. هل يعرقل مستقبل حكومة السنغال؟