البوابة نيوز:
2025-04-17@15:54:39 GMT

مأساة الإنسان الفلسطينى داخل غزة

تاريخ النشر: 31st, October 2023 GMT

لا شك أن الوضع فى غزة مأساوى؛ يشهد على ذلك الدمار الذى يلحق بالحجر والبشر؛ نحن أمام سيل من الجرائم اللاإنسانية تنقلها شاشات العالم صورًا وفيديوهات على الهواء مباشرةً، مشاهد الموت اليومى لا تتوقف. اليوم غزة تعانى من كارثة إنسانية كبرى، بفعل الآلة الحربية الإسرائيلية الوحشية التى طالت كافة القطاعات والمرافق والبنى التحتية والفوقية، حرب إبادة جماعية استهدفت كل أسباب الحياة من ماء وغذاء ودواء حتى أصبح الفلسطينيون لا يجدون مكانًا لدفن موتاهم، لا يوجد موضع آمنٌ داخل غزة.

ليس هناك أسباب منطقية أو سياسية أو عسكرية أو ثقافية يمكن أن تفسر كل هذه الجرائم الوحشية وعمليات التهجير التى تمارسها إسرائيل فى قطاع غزة ضد الشعب الفلسطيني. لقد ارتكبت جرائم حرب مروعة وأمرت بالتهجير من شمال قطاع غزة إلى جنوبه، ولا تخشى المحاسبة أو العقاب من أية جهة فى العالم. 

 يحدث هذا فى ظل انحياز الولايات المتحدة الأمريكية وكثير من دول الغرب لها بالكامل، فالغرب لا ينظر إلى الفلسطينيين والعرب عمومًا بوصفهم بشرًا لهم حقوق إنسانية. إن الفلسطينين والعرب هم فى نظر الإسرائيليين حشرات؛ أو فى أفضل الحالات  كما وصفهم وزير الدفاع الإسرائيلى الحالى «يوفى جانيت» هم «حيوانات بشرية» يعاملون نفس معاملة هذه الكائنات، أى بالقتل والإبادة. ولذلك فإن النتيجة المنطقية لهذا الفكر العنصرى هى إباحة ارتكاب الجرائم، وهى آليات أساسية لتحقيق السياسات والأهداف الإسرائيلية.

   وبرغم الحزن والأسى على كل ما يجرى من حرب مدمرة فى غزة، فإن هذا الهجوم الهائل «طوفان الأقصى» الذى شنته المقاومة الفلسطينية على إسرائيل هو بالقطع يمثل هزيمة كبرى لذلك الجيش الذى يردد قادته – كذبًا وبهتانًا – إنه لا يقهر، كما يكشف عن الفشل الذريع للموساد (جهاز الاستخبارات الإسرائيلي) الذى اكتسب سمعةً دولية بأنه «من أقوى أجهزة الاستخبارات فى العالم»؛ زعزع أبطال المقاومة الفلسطنية الأسس الأمنية الإسرائيلية. إن المقاومة الفلســطينية لم تنشأ من فراغ؛ بل كانت فى الأســاس رد فعل طبيعيًا وشــرعيًا علــى جريمــة الاحتــلال، لقد استمدت تنظيم حماس شرعيته وحقوقه من استمرار جريمة الاحتلال نفسها، وهــى بالإضافة إلى ذلــك حق إنسانى مشــروع. كشف «طوفان الأقصى» إيمان الفلسطينيين المتزايد بضرورة تبنى خيارات المقاومة والاهتمام بالعمل الفدائي، مما رفع من مكانة المنظمات الفدائية، من أجل مواجهة الخطر الإسرائيلي.

  واللافت للنظر والمثير للأسف موقف الحكومات العربية، التى لم تتحرك على الأرض لوقف إطلاق النار منذ اليوم الأول للعدوان، بل إن ما انتشر على لسان بعض الحكَّام العرب هو «عدم توسيع ساحة الصراع» بمعنى عدم دخول إيران وحزب الله، وهو مطلب يتماهى مع المطلب الأمريكي. بالرغم من أن هؤلاء القادة فى وسعهم القيام بدور مهم للغاية فى تغيير حسابات إسرائيل ومن يقف وراءها، خاصة إذا تبنوا موقفًا مشتركًا وجادًا؛ قد يبدأ باغلاق السفارات مثلًا. إن هؤلاء الحكَّام العرب يخطئون عندما لا يضعون فى الاعتبار موقف الشارع العربى الداعم والمؤيد للقضية الفلسطينية، والمعادى للاستعمار بكل أشكاله. 

    إن صمت الدول الكبرى تجاه كل هذه الانتهاكات الإسرائيلية الإجرامية إسرائيل واستخدامها القوة الغاشمة فى هجماتها على قطاع غزة، يترك لها صورة سلبية أمام كافة الدول والمنظمات الإقليمية والدولية، فى عدم اتخاذها قرارًا رادعًا أو فرض عقوبات ضد إسرائيل؛ لوقف هذه الأعمال الوحشية، التى تتعارض مع القانون الدولى الإنساني. أين العدالة وحقوق الإنسان التى تنادى بها الدول الكبرى؟!

     لقد أصبح التقاعس الدولى فى هذه القضية هو الأساس، دون أن تتخذ هذه الدول طريقًا لوقف استخدام القوة الغاشمة من جانب إسرائيل، مما يزيد الأمور تعقيدًا هو فشل مجلس الأمن الدولى فى وقف إطلاق النار، من أجل إعطاء هدنة لتقديم المساعدات الإنسانية إلى أهالى غزة، إن الدعم الأمريكى لإسرائيل جعلها تستخدم حق النقض «فيتو» ضد أى قرار يدين إسرائيل. وفى مقابل هذا الدعم الأمريكى السياسى والعسكرى والمادى والمعنوي؛ فإن وسائل الإعلام الغربية تدعم أيضًا إسرائيل وتروج أكاذيبها. لكن ما ضاع حق وراءَه. سينتصر الشعب الفلسطيني؛ وسوف يقيم دولته المستقلة على أرضه؛ طال الزمن أو قصر.. شاء من شاء وأبى من أبى.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: غزة

إقرأ أيضاً:

العقل كشبكة العنكبوت.. الإنسان وخيوط الارتباط الخفية

بقلم- موسى العنزي

 

في ركنٍ قصيّ من الطبيعة، في تلك الزوايا التي تمرّ بها أعيننا ولا تراها، تنسج العناكب شبكاتها بهدوءٍ ودقة، في مشهد لا يخلو من الشاعريةٍ لو تأملناه. وقد يكون في هذا الخلق الصغير ما يكشف سرًّا كبيرًا عن أنفسنا، نحن بني البشر، وعن طبيعة عقولنا التي نظنها حكرًا على جماجمنا، بينما هي، في حقيقة الأمر، تمتدّ وتتوزع، تتناثر وتتشبّك.

كشف باحثون من معهد ماساتشوستس للتقنية (MIT) أن عقل العنكبوت لا يُختزل في جسده، بل يمتد خارجًا، ليعيش داخل شبكته المصنوعة من الحرير والتوتر والاهتزاز. فإن مُسّت تلك الشبكة بسوء، اضطرب العنكبوت وارتبك، كما يضطرب الإنسان عند إصابته بجلطة؛ كأنما فُقد جزء من وعيه، لا لأن ضررًا أصاب دماغه، بل لأن موضعًا من ذاته قد تمزّق خارج جسده.

تلك الرؤية تقودنا إلى تأمل حالنا نحن. ألسنا نحن أيضًا كائنات منفتحة على العالم؟ ألسنا نعيش بما نلمسه ويَلمسنا؟ إن أفكارنا لا تتوقف عند حدود بشرتنا، بل تفيض إلى من حولنا، إلى اللغة التي نسمعها وننطقها، إلى الذكريات التي ورثناها، إلى إيماءات الأيدي، ونظرات العيون، وإحساس اللحظة العابرة التي لا تُقال. نحن لسنا جُزُرًا منعزلة، بل شبكات من خيوط لا تُرى، نعيش من خلالها وبها.

ومن هنا، يبدو لي أن النموذج القديم للعلاج النفسي- شخصان في غرفة بيضاء، يحاولان تفكيك النفس بالكلمات- يبدو قاصرًا أمام هذه الحقيقة. فكيف نُصلح جرحًا في الروح إن كانت الروح ذاتها مشتتة في غابة من العلاقات والروابط؟ كيف نردّ نهرًا إلى مجراه بشفاء قطرة مطر؟

العقل- إذًا- ليس آلة تعمل بمعزل، بل شبكة حيّة كشبكة الفطريات تحت التربة؛ لا صوتًا منفردًا بل جوقةً تعزف معًا، لا جدارًا صامتًا بل أرضًا خصبة ترتجف تحت وقع الخطى، تتفاعل مع ما حولها، وتتشكل منه.

لهذا، إن أردنا الفهم والشفاء، فلننظر لا إلى داخل النفس وحدها، بل إلى ما يحيطها: إلى حكايات الأسلاف، إلى حزن الطيور التي هاجرت ولن تعود، إلى الاسم الذي لم يُنطق فغاب، وإلى اليد التي امتدّت يومًا ثم انسحبت.

لعلّ الشفاء ليس في إصلاح ما انكسر، بل في إعادة نسج ما تمزّق. في الإنصات لا للكلمات وحدها، بل لكل ما يرتجف عند حافة الإدراك. لكل من مرّوا فينا وتركوا فينا أثرًا. لكل الأرواح التي تسكننا، ولكل العوالم التي تتذكّرها نيابةً عنّا.

مقالات مشابهة

  • رؤساء سابقون للمؤسسات الأمنية الإسرائيلية التقوا الرئيس الإسرائيلي وحذروا من أن سلوك نتنياهو يقود لكارثة جديدة
  • شاهد| إسرائيل وعملائها ومحاولة نزع سلاح المقاومة
  • الاتحاد الأوروبي يسمي سبع دول آمنة ضمن خطة لتسريع عودة المهاجرين
  • العقل كشبكة العنكبوت.. الإنسان وخيوط الارتباط الخفية
  • مقترح بلا ضمانات… لماذا ترفض المقاومة الفلسطينية المقترحات “الإسرائيلية”؟
  • مفتي عمان يهاجم مواقف بعض الدول العربية المتماهية مع إجرام الكيان الصهيوني
  • ماعت تطلق تقريرها السنوي عن أوضاع حقوق الإنسان بالمنطقة العربية خلال 2024
  • استشهاد 71 مدنيًا لبنانيًا جراء الغارات الإسرائيلية منذ بدء وقف إطلاق النار
  • بـ "الريشة".. كتاب جديد يرصد مأساة غزة والوجع الفلسطينى
  • القوات الإسرائيلية تقتحم مستشفى جنين وتعتقل فلسطينيًا .. وحماس: المقاومة مستمرة رغم بطش الاحتلال