من جبهة تبعد حوالي ألفي كيلومتر، أعلن الحوثيون في اليمن إطلاق "دفعة كبيرة" من الصواريخ البالستية والمجنحة، وعدد من الطائرات المسيرة على أهداف في إسرائيل.

وبينما أكدت السلطات الإسرائيلية، خلال الأيام الماضية، وقوع بعض تلك الهجمات،  تثور تساؤلات عدة بشأن أسباب وطبيعة تلك التطورات وتداعياتها.

ويأتي إعلان الحوثيين، الذي جاء على لسان الناطق باسمهم، يحيى سريع، الثلاثاء، بعدما أعطت إسرائيل "أمر الهجوم للقوات البرية" في غزة، وفي أعقاب سلسلة دعوات متكررة وجهتها حركة "حماس" لفتح جبهات أخرى لتخفيف الضغط عن القطاع المحاصر، وفي وقت أشار مسؤولون فيها إلى أنهم "كانوا ينتظرون الكثير من حزب الله في لبنان".

ومنذ بدء الحرب في غزة ردا على هجوم "حماس"، في السابع من أكتوبر الحالي، شهدت الساحتين اللبنانية والسورية تبادلا بالقصف والاستهداف مع الجيش الإسرائيلي، لكن هذه الحوادث لم تأخذ طابعا تصعيديا، على مستوى الجغرافيا أو حتى بإحداث ضرر مادي أو بشري على الطرف المقابل.

وبقيت التطورات بين الجيش الإسرائيلي من جهة، و"حزب الله" والجانب السوري من جهة أخرى، ضمن إطار القذائف والصواريخ المتبادلة، على عكس ما أشارت إليه نبرة البيان الذي تلاه الناطق باسم الحوثيين، يحيى سريع، مهددا بمواصلة القصف بالصواريخ البالستية والطائرات المسيّرة.

كما قال أيضا إنهم نفذوا 3 عمليات "نصرة لإخواننا في فلسطين"، مؤكدا "استمرارهم بالمزيد من الضربات النوعية حتى يتوقف العدوان الإسرائيلي في غزة"، وفق تعبيره.

ماذا وراء إعلان الحوثيين؟

تتلقى جماعة الحوثي التي تسيطر على مناطق واسعة في اليمن دعما إيرانيا منذ سنوات، ولطالما سلطت تقارير غربية الضوء على قدراتها العسكرية، من ناحية الصواريخ بعيدة المدى أو حتى الطائرات المسيّرة، التي كانوا يستهدفون بها المملكة العربية السعودية، وفي بعض الأحيان العاصمة الإماراتية أبوظبي.

وبعدما تنصلت ونفت طهران مرارا مسؤوليتها عن دعم الحوثيين، ذكر الناطق باسم قواتها، أبو الفضل شكارجي، في سبتمبر 2020 إنهم "وضعوا تقنيات إنتاج الصواريخ والطائرات المسيرة تحت تصرف اليمن"،  في إشارة إلى جماعة الحوثي.

وقال شكارجي حينها: "نحن لا نرسل الصواريخ إلى اليمن، لكنهم باتوا يصنعونها بأنفسهم ليطلقوها على أعدائهم"، مضيفا أن اليمنيين يمتلكون خبراء تمكنوا من صناعة طائرات مسيرة "متطورة" في زمن قياسي.

ويعتبر الخبير الأمني والسياسي اليمني، حامد البخيتي، أن "التاريخ لن يرحم أحدا إذا لم يدخل في المعركة الحاصلة في غزة، وعلى هذا الأساس دخلت اليمن في قلبها".

ويقول لموقع "الحرة": "في قادم الأيام ستشهد الإعلان عن تطورات في العمليات ضد إسرائيل"، وإن "كل بعيد يمكن أن يضرب. لدى اليمن البحار التي يمكن استخدامها للإبحار أو القصف"، في إشارة منه إلى بعد المسافة. 

ويحاول الحوثيون في الوقت الحالي "صنع تأثير" على إسرائيل، رغم المسافة الطويلة التي تفصل اليمن عن فلسطين، حسبما يقول نصر الدين عامر رئيس مجلس إدارة وكالة الأنباء اليمنية "سبأ"، ونائب رئيس "الهيئة الإعلامية لأنصار الله".

ويضيف لموقع "الحرة": "لدينا الأسلحة المناسبة التي تمكنا من التدخل في أي لحظة.. وقد جاءت هذه اللحظة"، معتبرا أن فتح جبهة اليمن "جاء من منطلق عروبي وإنساني وإسلامي تجاه القضية الفلسطينية".

ويشير الباحث والمحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور ماجد عزام، إلى أن "الرد من اليمن في الوقت الحالي متأخر وأقل مما ينبغي، لأننا نتحدث بعد الأسبوع الرابع من الحرب عن أكثر من 10 آلاف شهيد و20 ألف جريح، وتم تدمير نصف أحياء غزة".

ويقول عزام لموقع "الحرة": نتمنى الرد من اليمن أن يكون حقيقيا، وجزءا من تفعيل ما وصفوه دائما بوحدة الساحات أو الجبهات"، لكنه يعتقد أن إعلان الحوثيين "طريق التفافي"، متسائلا: "أيهما أقرب؟ أي ساحة يجب تفعيلها؟"، قاصدا سوريا ولبنان والعراق.

ولا يشكل الرد من اليمن "خطرا حقيقيا" في الوقت الحالي، بينما يؤكد عزام أن "ما حصل لحفظ ماء الوجه وطريق التفافي على الرد الحقيقي"، تابع مستدركا: "سأكون سعيدا لو أنه حقيقي".

وأوضح أن "الرد من اليمن يفتقد للمفاجأة. الحشد الحوثي قال إنه وجه 3 ضربات. يتم تنقيط الصواريخ بعدد محدود لألفي كيلو متر، والبعض منها سقط في طابا المصرية".

"حالتان ولا تهديد"

وبعدما اشتعلت غزة بفعل الضربات الإسرائيلية المكثفة بعد يوم السابع من أكتوبر، سارعت طهران إلى نفي مسؤوليتها عن هجوم "حماس" أو أنها كانت تعرف مسبقا بتوقيت الضربة المفاجئة.

لكن، ومع تصاعد التطورات على الأرض، بدأ كبار المسؤولين فيها بالتهديد بإشعال جبهات أخرى، مع تأكيدهم على أن الهجمات التي استهدفت القوات الأميركية في العراق وسوريا مؤخرا جاء "قرارها بشكل مستقل من جماعات تنتشر هناك".

وهذه المرة الثالثة التي يتدخل فيها الحوثيون، منذ بداية الحرب في غزة، وهي المرة الأولى التي يعقبها إعلان رسمي وتبني للعملية.

ويعتقد الباحث في الشؤون الإيرانية، الدكتور محمود البازي، أن "اشتداد المعارك في غزة والتوغل البري هو السبب بالظهور الرسمي للحوثيين".

وفي حين يشير إلى المسافة البعيدة جدا بين اليمن وإسرائيل، التي تصل إلى 1600 كيلو متر، يقول لموقع "الحرة" إن المشهد أمام حالتين، الأولى "استخدام الحوثي لتكنولوجيا الصواريخ البالستية والمسيرات الإيرانية، لأنها الوحيدة القادرة على قطع كل هذه المسافات الحالة".

والثانية تتعلق بـ"تخفيف حمولة الرؤوس الحربية (كما فعل صدام سابقا) كي تصل الصواريخ إلى إسرائيل".

وفي جميع الأحوال يرى البازي أن "القبة الحديدية الإسرائيلية وأنظمة الدفاع الجوي الأميركية المنتشرة في المنطقة كلها قادرة على تفادي وتحييد هذه الهجمات".

ويضيف أن "ما يستطيع الحوثيون فعله هو فتح جبهة مع الولايات المتحدة وليس إسرائيل بسبب قرب القواعد الأميركية من اليمن، وبسبب العنصر اللوجستي اللازم لهذه المعارك".

وقبل بيان الناطق باسم الحوثيين، يحيى سريع، قال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي عبر موقع التواصل "إكس" إن "سلاح الجو أحبط تهديدا جويا في منطقة البحر الأحمر؛ ولأول مرة منذ بداية الحرب نُفذ اعتراض عملياتي من خلال منظومة حيتس الدفاعية للمدى الطويل".

وأضاف أدرعي: "تم اعتراض صاروخ أرض أرض أطلِق باتجاه أراضي دولة إسرائيل من منطقة البحر الأحمر من خلال منظومة السهم-حيتس للمدى الطويل".

وقبل هذا الإعلان أشار الجيش الإسرائيلي إلى أنه اعترض "تهديدات من الجو" ممثلة بطائرات مسيّرة قادمة من الحوثيين من اتجاه البحر الأحمر. وكانت عملية اعتراض إحداها قد حصلت في أجواء مدينة طابا المصرية.

ويقول المحلل السياسي الإسرائيلي، يوآف شتيرن، إن "إطلاق الصواريخ من جانب الحوثيين يأتي بناء على طلب وتوجيهات ومصالح إيران، مثل ما يحدث في الجنوب اللبناني".

ويضيف شتيرن لموقع "الحرة: "الحوثيون في اليمن ليسوا تحت الاحتلال. ليس لهم حدود مشتركة مع إسرائيل، وليس لديهم تاريخ أسود معها. ما حصل بناء على مطالب طهران".

ويعتقد المحلل الإسرائيلي أن "ما حصل من اليمن إثبات إضافي ودليل على ترتيب الأوراق في المنطقة"، وأنه "يخدم إسرائيل لأن الضربات لا تشكل تهديدا حقيقيا لها".

"في مثل هذه المسافات إسرائيل تعرف كيف تواجه هذه التهديدات، ودول الجوار تعرف ذلك مما يعزز التعاون مع إسرائيل"، ويؤكد شتيرن أن "جبهة اليمن لا تشكل أي تهديد، سواء على المصالح الإسرائيلية أو على حياة المواطنين الإسرائيليين".

"مؤشرات في الأفق"

وخرجت الكثير من التحذيرات، خلال الأيام الماضية، من أن تتخذ الحرب في غزة طابعا إقليميا، لكن المؤشرات لا تقود إلى تثبيت هذه الفرضية حتى الآن.

لكن في المقابل يواصل الجيش الإسرائيلي، تهديد "حزب الله" على جبهته الشمالية، بينما يستمر الأخير بالمناوشات التي انحصرت منذ السابع من أكتوبر في إطار الاستهداف بصواريخ موجهة وقذائف.

ويعتقد الباحث البازي أن "استخدام الحوثيين لصواريخ بالستية يعني رفع مستوى النزاع إلى مستوى أعلى".

و"قد يكون الهجوم الباليستي للحوثيين غير دقيق". ومع ذلك يوضح الباحث أن "استخدام الصواريخ الباليستية متوسطة المدى يعد مسألة مهمة في النظام الدولي، ومن حيث المستوى الأمني، لا يمكن مقارنتها بهجمات الطائرات من دون طيار وحتى صواريخ كروز".

ويواجه التدخل الحوثي في الوقت الحالي "مشكلة في الوصول إلى إسرائيل، إما أن يخرق الأجواء السعودية أو المصرية للوصول إلى المدن الإسرائيلية".

وذكرت وكالة "بلومبيرغ" نقلا عن أشخاص مطلعين لم تكشف عن هويتهم، الثلاثاء أن السعودية "اعترضت صاروخا أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل، وحلق فوق أراضيها".

وقال أحد الأشخاص إن "البروتوكولات المرتبطة بحالة الاستعداد القصوى تم تفعيلها في الجيش السعودي، بعد إطلاق الحوثيين للصواريخ".

ويعتقد البازي أن "إيران ستنصح الحوثي بتفادي استهداف السعودية بشكل كامل"، بينما يوضح في المقابل أن "تفادي اختراق الأجواء، عن طريق البحر الأحمر ومن ثم خليج العقبة سيكون له سلبيات، تتعلق بسهولة تصدي إسرائيل للصواريخ والمسيرات".

وعند الحديث عن اليمن هناك "بعد جيوسياسي وجيو استراتيجي يتعلق بموقعها، وآخر يرتبط بجانب نفسي وتضامني"، وفق ما يقول أستاذ العلوم السياسية بـ"جامعة الأمة" في قطاع غزة، الدكتور حسام الدجني.

ويضيف الدجني لموقع "الحرة": "دائما نقول إنه إذا دخلت إسرائيل في مرحلة العمل البري الواسع وليس المحدود سيكون شرارة الحرب الإقليمية".

"الحرب الإقليمية لا تعني أن تكون بإطار مربع محور المقاومة، بل قد تصل إلى حد المفاجآت، بدخول متدحرج لعواصم عربية، خاصة إذا ما قررت إسرائيل تهجير سكان القطاع إلى سيناء، وتحويل غزة إلى محمية طبيعية، وممر لقناة بن غوريون".

ويتابع أستاذ العلوم السياسية: "القمة العربية المتوقع عقدها في 11 نوفمبر بالسعودية وخطاب حسن نصر الله الجمعة المقبلة، وهو الأول له منذ بدء الحرب في غزة، وواقع تطور العمليات، قد تعطي مؤشرات إلى أن الحرب الإقليمية تلوح في الأفق".

ويشير إلى ذلك الباحث البازي، بقوله: "بعد يوم الجمعة يمكننا قراءة الموقف بشكل أوضح، إذ من الممكن أن يتخذ نصر الله موقفا واضحا من الحرب الحاصلة في غزة".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی فی الوقت الحالی إعلان الحوثیین البحر الأحمر الحرب فی غزة الناطق باسم إلى أن

إقرأ أيضاً:

الاستهداف الإسرائيلي للبنية التحتية في اليمن يخدم الحوثيين ... الإقتصاديون يكشفون الذرائع الحوثية

قال اقتصاديون يمنيون إن الضربات الإسرائيلية باتجاه المرافق الخدمية في اليمن، تخدم ميليشيا الحوثيين أكثر مما تضرهم، وتخلق لهم الذرائع للتنصل من التزاماتهم تجاه المواطنين القاطنين في المناطق الخاضعة لسيطرتها، علاوةً عن كونها تُضاعف حجمَ معاناة الشعب الاقتصادية وتفاقم سوء معيشتهم.

وتركزت الضربات الإسرائيلية التي استهدفت مناطق نفوذ ميليشيا الحوثي، على بُنى تحتية ومنشآت مدنية حيوية ومرافق خدمية، في كلٍّ من صنعاء شمالًا والحديدة غربًا، فيما تظل المعاقل العسكرية للميليشيا في مأمن ومنأى عن صواريخ وقاذفات المقاتلات الإسرائيلية.

ومع تصاعد هجمات ميليشيا الحوثيين مؤخرًا باتجاه إسرائيل، ارتفعت نبرة التهديدات الإسرائيلية بقصف البنى التحتية اليمنية في المناطق الخاضعة لهم.

الهجمات تضاعف الوضع الإنساني

رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي في اليمن مصطفى نصر، يقول إن: "استهداف المنشآت المدنية والخدمية والبنية التحتية، في الحقيقة لا يؤثر في جماعة الحوثي، وإنما يؤثر بصورة مباشرة في مواطِني اليمن، ويفاقم الوضع الإنساني والمعيشي الذي يعانيه معظم سكان اليمن".

وذكر نصر، في حديثه أن: "استهداف المنشآت المدنية والخدمية وتدمير البنية التحتية، هي جرائم ترتكب بحق الشعب اليمني، تُضاف إلى جرائم التدمير الممنهجة التي مارستها ميليشيا الحوثي بحق اليمن خلال سنوات الحرب".

وأوضح: "أي استهداف لِمنشآت مدنية وخدمية، لا يؤثر في جماعة الحوثي، بل يساعدها على مزيد من الحشد في أوساط القبائل، ويعطيها الشرعية بأنها تواجه حربًا مباشرة مع إسرائيل وأمريكا".

الهجمات تخلق المبررات للحوثيين

ولفت نصر، إلى أن "ميليشيا الحوثي، تواجه ضغوطًا متزايدة للالتزام بواجباتها باعتبارها سلطة أمر واقع في مناطق نفوذها، من أجل توفير الخدمات وتسليم المرتبات والكشف عن الإيرادات التي يتم جبايتها دون أن تنفق على المواطنين، إلا أن استهداف المنشآت المدنية والخدمية، يجعلها تجد المبرر لعدم الالتزام بذلك".

في غضون ذلك، كشفت مصادر يمنية مُطلعة، لـ"إرم نيوز"، عن أن خسائر اقتصادية جسيمة تتجرعها الدولة اليمنية إزاء الضربات الإسرائيلية، إذ بلغت كُلفة الخسائر نحو 3 مليارات دولار أمريكي، نجمت فقط عن الضربتين الإسرائيليتين على محافظة الحديدة شمالي غرب البلاد في الـ20 من يوليو/تموز، والـ29 من سبتمبر/أيلول.

فيما أعلنت ميليشيا الحوثي، عبر مؤسسة موانئ البحر الأحمر التي تُشرف على تشغيل ميناء الحديدة، في مؤتمر صحفي عقدته السبت الماضي، عن الخسائر المادية التي تعرض لها الميناء الرئيس في المحافظة، جراء الغارات الإسرائيلية الثلاث على الحديدة، بإجمالي خسائر قُدّرت بنحو 313 مليون دولار أمريكي.

تدمير الأصول الاقتصادية

بدوره، يقول الباحث والمحلل الاقتصادي وحيد الفودعي إن "اليمن يشهد انعكاسات اقتصادية ومعيشية متفاقمة، جراء الغارات الجوية التي استهدفت المنشآت المدنية والمؤسسات الخدمية والبنى التحتية".

ولفت الفودعي، إلى أن "استهداف المنشآت المدنية والبنية التحتية، يؤدي إلى تدمير الأصول الاقتصادية الحيوية، مثل: الطرق، والموانئ، وشبكات الطاقة، والمؤسسات الإنتاجية"، مُبيّنًا، أن: "هذه الأضرار تؤدي إلى تعطيل الأنشطة الاقتصادية بشكل كبير؛ ما ينعكس على انكماش الناتج المحلي الإجمالي وارتفاع تكاليف إعادة الإعمار، إلى جانب تفاقم معدلات البطالة والفقر".

وأضاف، لـ"إرم نيوز": "أن تدمير البنية التحتية يؤدي إلى تعطيل الخدمات الأساسية مثل الكهرباء، والمياه، والرعاية الصحية؛ ما يجعل حياة المواطنين أكثر صعوبة"، متابعًا: أنه "بالإضافة إلى ذلك، يؤدي الانقطاع في الإمدادات والنقل إلى ارتفاع حاد في أسعار السلع الأساسية؛ ما يفاقم الأوضاع المعيشية للسكان الذين يعانون أصلاً أزمةً إنسانيةً خانقةً".

وأكد الفودعي، أن "استهداف البنية التحتية والمنشآت المدنية في أي نزاع، لا يؤدي سوى إلى تعميق الأزمات الإنسانية والاقتصادية، ويزيد معاناة المواطنين، خاصة في بلد مثل اليمن الذي يواجه بالفعل إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم".

وتكشف الكثير من التقارير عن اعتماد ميليشيا الحوثيين على مصادر أخرى أكثر أهمية بالنسبة لها للحصول على العائدات المالية لرفد مخزونها الاقتصادي وتمويل مجهودها الحربي، التي لن تتأثر كثيرًا باستهداف البُنى التحتية، كما يُعلن الإسرائيليون.

 الاعتماد على اقتصاد الحرب

إزاء ذلك، قال المحلل الاقتصادي وحيد الفودعي: "بينما قد يكون الهدف المعلن من الاستهداف هو الضغط على ميليشيا الحوثيين، إلا أن الضرر الأكبر يقع على المدنيين والبنية الاقتصادية الوطنية"، موضحًا: "أن ميليشيا الحوثيين تعتمد على مصادر تمويل غير رسمية، مثل: الجمارك والضرائب المحلية، التي قد تستمر بغض النظر عن الأضرار التي تلحق بالبنية التحتية المدنية، وبالتالي، فإن هذا النوع من الاستهدافات، قد يعمّق معاناة المدنيين دون أن يُضعف بالضرورة النفوذ الحوثي".

من جهته، يُشير الصحفي والمحلل الاقتصادي ماجد الداعري، إلى أن الاستهدافات الإسرائيلية لها تأثيرات اقتصادية محدودة جدًّا على ميليشيا الحوثيين لأسباب عديدة، منها أن الميليشيات تعتمد على اقتصاد الحرب في تمويلها ماليًّا؛ أي مصادر تمويل سرية غير مشروعة، كالأسواق السوداء والمضاربة بالعملة والتجارة الممنوعة وتهريب وغسل الأموال وتجارة المخدرات والممنوعات إلى دول الجوار".

وفي سرده لمحدوية تأثير الضربات على ميليشيا الحوثيين، يشير الداعري في حديثه لـ"إرم نيوز"، "إلى الجبايات المختلفة والجمارك والضرائب المضاعفة واحتكار استيراد وتجارة المشتقات النفطية والغاز، وغيرها من أنشطة الحرب لتحقيق الملايين يوميًّا من الأموال، وفوارق بالمليارات أسبوعيًّا من تلك الأنشطة التجارية التي تنشط فيها الميليشيات بشكل رئيس، لتمويل صرفيات ومرتبات مقاتليها ودعم أنشطتها العسكرية وتمويل حروبها وتطوير قدراتها التسليحية المختلفة".

استثمار الغارات

وبيّن الداعري، أنه "وباعتبار أن الغارات الإسرائيلية تستهدف محطات وقود كهرباء متوقفة أو تحولت إلى مشاريع تجارية مخصصة لصالح مستثمرين، وخزانات وقود تجارية بميناء الحديدة ورأس عيسى، وليست مباشرة للميليشيات"، لافتًا إلى أن: "هذا الأمر يجعلها تستغل شحّ الوقود بالسوق، لإخراج كمياتها المخزنة وبيعها في السوق السوداء بضعف سعره وتعويض خسارتها مع المكاسب".

وقال الصحفي الاقتصادي: "إن الميليشيا الحوثية تسارع لاستثمار تلك الغارات، بفتح باب التبرعات من التجار والمواطنين لدعم قواتها الصاروخية تارة والمسيرات تارة أخرى، ولفتح مخازنها لتعويض النقص عبر البيع في السوق السوداء بأسعار مضاعفة".

وكشف تقرير الخبراء الأمميين التابع لمجلس الأمن الدولي، الصادر منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عن "تمكن ميليشيا الحوثيين من جني نحو 180 مليون دولار أمريكي شهريًّا، عبر فرض جبايات غير قانونية، على وكالات الشحن البحري لقاء السماح لسفنها بالإبحار عبر البحر الأحمر وخليج عدن دون أن يتم التعرّض لها".

وفي السياق ذاته، ذكر موقع "Loadstar" المتخصص في الشحن البحري، أنه "مع استمرار الهجمات طيلة 12 شهرًا، نجحت الميليشيات اليمنية المدعومة من إيران، في تحويل مضيق باب المندب إلى إقطاعية خاصة بها".

                              

مقالات مشابهة

  • وزير الدفاع الإسرائيلي السابق: يجب أن تعمل إسرائيل وأمريكا معا ضد الحوثيين
  • حيرة في إسرائيل.. غاراتنا تفتح شهية الحوثيين لإطلاق الصواريخ
  • تحليل عبري: هل تحارب إسرائيل الحوثيين أم دولة اليمن.. وما الصعوبات التي تواجه السعودية والإمارات؟ (ترجمة خاصة)
  • الاستهداف الإسرائيلي للبنية التحتية في اليمن يخدم الحوثيين ... الإقتصاديون يكشفون الذرائع الحوثية
  • إسرائيل تحضر لشن هجوم جديد على الحوثيين في اليمن
  • تصاعد الهجمات الحوثية على إسرائيل.. الاحتلال يتعهد بعدم السماح بمواصلة إطلاق الصواريخ من اليمن.. وإعداد استراتيجيات للرد تتضمن اغتيالات وتدمير البنية التحتية
  • ‏وزير الدفاع الإسرائيلي: سنلاحق قادة الحوثيين في صنعاء وكل مكان في اليمن
  • هآرتس: الحرب مع إسرائيل تعزز قبضة الحوثيين على الداخل وتثير قلق دول الخليج (ترجمة خاصة)
  • اليمن في بؤرة الاستهداف الإسرائيلي ولا أحد مستعد لإسناده
  • نتنياهو يهدد الحوثيين: ماذا وراء التصعيد؟