مسقط- الرؤية

ناقشت جامعة السلطان قابوس ممثلة بقسم التاريخ في كلية الآداب والعلوم الاجتماعية، أطروحة دكتوراه للطالبة مريم بنت سعيد البرطمانية، بعنوان: " طريق الحرير البحري بين عُمان والصين وأدواره الحضارية من القرن 2-9هـ/ ق 8-15م.

سعت الدراسة إلى تتبع دور طريق الحرير البحري بين عُمان والصين وأدواره الحضارية ما بين القرون 2 -9هـ/8-15م، من خلال دراسة محطاته وأهم موانئه، والأخطار المرافقة له، وذكر لأهم الرحالة والتجار العمانيين والصينين الفاعلين فيه، وما نتج عن استغلاله من تأثيرات حضارية ما بين البلدين.

وتمحورت إشكالية الدراسة الإجابة على سؤال محوري يتلخص في إبراز إسهامات طريق الحرير البحري، وموانئه العمانية والصينية، والسفن المبحرة فيه، وإسهامات الرسل، والرحالة وتجار البلدين في بناء علاقات سياسية، وتجارية، وحضارية بين عُمان والصين من القرن 2هـ/9م إلى القرن 8هـ/15م.

 تم الاعتماد على المنهج التاريخي القائم على وصف الحدث وتحليله في إطار تتبع مسار طريق الحرير البحري بين عُمان والصين وأدواره الحضارية لأهميته. كما استخدمت الدراسة المنهج المقارن عند التطرق إلى نصوص المصادر العربية والصينية والإنجليزية، يضاف إلى ذلك تم استثمار تقارير نتائج البحث الأثري للوصول إلى الحقائق التاريخية. وقد قسمت الدراسة على مقدمة وتمهيد وأربعة فصول وخاتمة، ركز الفصل الاول على الطرق والموانئ البحرية في عُمان والصين من القرن 2هـ/9م إلى القرن 8هـ/15م. بينما تناول الفصل الثاني السفن العمانية والصينية والملاحة البحرية في ثلاثة مباحث. وعالج الفصل الثالث الرحلات البحرية العربية والعمانية مع الصين في ثلاثة مباحث وتناول الفصل الرابع مظاهر العلاقات السياسية والتجارية والحضارية بين البلدين وذلك في ثلاثة مباحث.

وتوصلت الدراسة إلى عدد من النتائج أهمها: أن الطريق البحري قد اختصر المسافات مُقارَنةً بالطرق البَرِّيَّة، متجنبًا صراعات سياسية، واثنية، ودينية بين المناطق التي تسلكها الطرق البرية، والحرص على نقل أنواع مُعيَّنة من البضائع التي تتضرر عند نقلها على الطرق البَرِّيَّة.

          ثبت من خلال تقارير المسح الأثري في سلطنة عمان وجود تأثيرات فنية صينية في زخرفة بعض محاريب المساجد العمانية بأشكال مختلفة من الأواني الصينية المدمجة في الجدران حول محاريب بعض المساجد العمانية في عدة ولايات عمانية، مثل: مسجد العين في ولاية منح، وفي مسجد الصواوفة في ولاية سناو.

أشرف على الرسالة الدكتورة فاطمة بلهواري- أستاذ مساعد بقسم التاريخ، وشارك في الإشراف الدكتور بدر بن هلال العلوي- أستاذ مساعد بالقسم نفسه. ترأس اللجنة الدكتور مصعب محلا، وعضوية الممتحنين الخارجيين: الأستاذ الدكتور محمد صادق معين من جامعة تورانتو بكندا، والأستاذ الدكتور طارق فتحي سلطان من جامعة الموصل، والممتحن الداخلي الدكتور علي بن سعيد الريامي- رئيس قسم التاريخ بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية.

 

الجدير بالذكر أن جزءا من هذه الأطروحة حصل على منحة من اليونسكو للباحثين الشباب في طريق الحرير، وقد تم تقديم نتائج المنحة البحثية في أبريل عام 2022 الماضي.

 

 

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ترامب واستكمال "صفقة القرن"

 

عبدالنبي العكري

توج دونالد ترامب انتصاره وانتصار الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية والكونجرس باحتفال ضخم في بالم بيتش بفلوريدا حيث منتجعه ومقره الفخم، حضره كبار قيادات ومسؤولي الحزب الجمهوري وقيادات حملته الانتخابية.

في هذا الاحتفال ردد ترامب عباراته المشهورة "دعونا نجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى "وعرض ملامح من برنامجه لتحقيق ذلك على الصعيد الداخلي والخارجي، ودعا للمنصة أبرز هؤلاء لمخاطبة المحتفلين. وكان ذلك مؤشرا لتعيين بعضهم في إدارته القادمة مثل سوزي ويليز، مديرة الحملة الانتخابية والبليونير إيلون ماسك أكبر ممولي الحملة.

بعد ذلك بدأت مكالمات وبيانات التهنئة تتدفق على الرئيس ترامب حيث جرى إعلان أو تسريب محتواها كمؤشر على طبيعة العلاقات المتوقعة ما بين بلدان وزعماء هذه الدول والولايات المتحدة في ظل قيادة ترامب. لكن الأهم هو سلسلة المشاورات والاتصالات المكثفة ما بين ترامب وفريق عمله مع قيادات الحزب الجمهوري وخصوصا أولئك الذي احتفظوا بمواقعهم أو الذين فازوا في مجلس الشيوخ ومجلس النواب وحكام الولايات، وذلك من أجل اختيار أعضاء إدارته القادمة وكبار المسؤولين واختيار الفريق الانتقالي قبل اجتماعه مع الرئيس بايدن يوم الأربعاء 13 نوفمبر الجاري والذي ستنتهي ولايته في 20 يناير 2025.

ومن خلال تصريحات الرئيس المنتخب ترامب ونائبه فانس، ومكالماته مع زعماء منطقة الشرق الأوسط والبلدان العربية، وتعييناته للمناصب ذات العلاقة بإدارة السياسية الخارجية والأمنية والاقتصادية والتجارية مع هذه البلدان يمكن أن نتبين ملامح سياسة أمريكا في ظل رئاسة ترامب تجاه حرب الإبادة الصهيونية على الشعبين الفلسطيني واللبناني وعملياتها العدوانية ضد محور المقاومة والسياسة الأوسع تجاه الصراع "الإسرائيلي "الفلسطيني وأبعاده العربية والإقليمية والدولية.

ترامب وصفقة القرن

تستند العلاقات الأمريكية الإسرائيلية على قاعدة ذهبية هي أن الولايات المتحدة الأمريكية أهم حليف وداعم للكيان الصهيوني منذ قيامها في 1948 وأنها تصيغ وتفرض سياستها في منطقة الوطن العربي والشرق الأوسط بل والعالم لضمان تفوق "إسرائيل" عسكريا وانتصاراتها في حروبها المتتالية وقضمها لفلسطين وتوسعها في المحيط العربي لفلسطين، وفرض الخضوع والتطبيع العربي مع الكيان المحتل، وبالتالي فإن الاستراتيجية الأمريكية والصهيونية متطابقتان في تمزيق وإخضاع الوطن العربي للهيمنة الأمريكية والصهيونية. وآخر تجليات هذه الاستراتيجية هي حرب الإبادة الصهيونية الحاليه بشراكة أمريكية كاملة.

خلال فترة رئاسته الأولى (2017- 2020) قدم الرئيس ترامب "لإسرائيل" وللحركة الصهيونية ما لم يقدمه رئيس أمريكي في التاريخ. لقد تبنى ما يُعرف بصفقة القرن ومفادها تصفية القضية الفلسطينية نهائياً ودعم الكيان الصهيوني في الاستيطان والضغط لتهجير الفلسطينيين من فلسطين المحتلة وترجمة لذلك عمد ترامب لدعم سياسة التهويد ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة واعترف بسيادة "إسرائيل" على الجولان المحتل. وفي سبيل فرض اعتراف وتطبيع الدول العربية بالكيان المحتل فقد قاد مايعرف بالاتفاق الإبراهيمي والذي طبعت فيه أربع دول عربية هي الإمارات والبحرين والمغرب والسودان علاقاتها مع "إسرائيل" والعمل لتوسيع التطبيع ليشمل دولا عربية وإسلامية أخرى. لقد تم ذلك في ظل حكومة "إسرائيلية "يمينية عنصرية متطرفة، يرأسها الصهيوني المتطرف نتنياهو حيث جمعته مع ترامب رؤية مشتركة واحتفظ بعلاقات خاصة حتى بعد أن فشل ترامب في تجديد رئاسته.

استكمال صفقة القرن

طوال حملته الانتخابية فقد كانت صفقة القرن وما قدمه ترامب "لإسرائيل" وتأكيده بأنه الصديق المؤتمن "لإسرائيل" واليهود والحركة الصهيونية في العالم في مركز اهتمام حملته الانتخابية. وبالمقابل فقد تدفقت على حملته الانتخابية التبرعات السخية من اللوبي "الإسرائيلي" والاغنياء اليهود. من هنا موقفه الشرس ضد الحركه الاحتجاجية الطلابية الجامعيه والأهلية المعارضه للسياسه الأمريكية وحرب "إسرائيل" والمناصرة لشعب فلسطين، ووصمه المقاومة الفلسطسنسة واللبنانية وإيران بالإرهاب.

لاشك أن اللوبي "الإسرائيلي" لعب دورا حاسما في انتصاره وحزبه الجمهوري في هذه الانتخابات. كما إن نتنياهو يفضل ترامب والحزب الجمهوري بتوجهاته الحالية على هاريس والحزب الديمقرطي ولذلك أفشل جميع مبادرات الإدارة الأمريكية لوقف حرب الإبادة في غزة ولبنان رغم أنها لصالح الكيان المحتل لئلا تضاف إلى لرصيد هارس والحزب الديمقراطي.

وبالمقابل، فقد كان التحالف العربي الإسلامي التقدمي منقسماً على نفسه وفي مأزق ما بين التصويت لمرشحة الديمقراطيين كمالا هاريس نائبة الرئيس جو بايدن التي شاركت حكومتها "إسرائيل" في حرب الإبادة لأكثر من عام ورفضها حتى الدعوة بإيقاف تسليح الكيان الصهيوني وإيقاف الحرب، ودونالد ترامب المرشح الجمهوري الذي طالب نتنياهو بإنهاء الأمر بسرعة وانتقد مساعدوه الإدارة الديمقراطية ما يدعونه تقصيرا في دعم "إسرائيل" وضغوطا على نتنياهو، وأيد توسع "إسرائيل" على حساب العرب وإكمال صفقة القرن. واكتفى ترامب بالقول إنه يسعى للسلام في الشرق الأوسط دون التزامات محددة.

من خلال مكالمات التهنئة مع المنتصر ترامب، فقد كان نتنياهو أول الزعماء ممن هنأوا ترامب وتم التأكيد على التحالف الاستراتيجي بين الكيان الصهيوني وأمريكا والعلاقات الشخصية التي تربط الصديقين وإنجازات ترامب لصالح "إسرائيل" في ظل قيادتهما. وذكر أن نتنياهو عين سفيرا جديدا "لإسرائيل" الملائم لمرحلة ترامب. أما مكالمات ترامب مع بعض الزعماء العرب فإنها أكدت على العلاقات الاستراتيجية لدولهم مع أمريكا وتطلعهم لتعزيزها في عهده دون المطالبة بوقف حرب الإبادة "الإسرائيلية" ومشاركة أمريكا فيها. وبالنسبة لمكالمة الرئيس الفلسطيني أبو مازن فقد كشف الجانب الفلسطيني عن فحواها ومطالبته ترامب بالعمل لوقف حرب الإبادة وتحقيق سلام دائم وشامل في الشرق الأوسط لكن ترامب وفريقه لم يذكروا ما قاله ترامب لأبي مازن في تجاهل متعمد لذلك.

الكيان الصهيوني بقيادة نتنياهو يتصرف بثقة أكبر بعد انتصار ترامب في الاستمرار بحرب الإبادة وتوسيعها بدعم ومشاركة أمريكية. ورغم حديث ترامب العابر عن السلام في المنطقة فقد وجه تهديدات لإيران باعتبارها المسؤول الأول عن تهديد الاستقرار في المنطقة وأكد ليس على بقاء القوات الأمريكية في العراق بل تدعيمها لمواجهة احتمال الحرب معها، وهو ما تسعى إليه "إسرائيل". كما إنه ليس صدفة زج إيران فيما يدعى بمؤامرة لاغتيال ترامب حيث ادعي بأنه كلف فرهاد زخاري لوضع خطة بذلك لصالح الحرس الثوري، لتبرير شن هذه الحرب، رغم نفي فرهادد لذلك وعدم الحصول على مثل هذه الخطة. كما إن ترامب يعتبر المقاومة الفلسطينية واللبنانية منظمات إرهابية ولم ينتقد أبدًا عمليات حرب الإبادة ضد المدنيين ولم يبدِ تعاطفا مع عشرات الآلاف من الضحايا أو خطط "إسرائيل" لاقتلاع الفلسطينيين وتهجيرهم.

في ظل مواقف ترامب وتوجهات إدارته القادمة، فإن "إسرائيل" لم تعرض حتى هدنة للحرب بل أفصحت عن خططها الأكثر خطرا ودموية، فهي ماضية في مجازرها في غزة وحصار التجويع لإجبار الفلسطينين للتهجير لصحراء سيناء وقد أقامت مجمعاً عسكريًا ضخمًا عند محور نتسريم لشق قطاع غزة. وبالنسبة للبنان، فلم يعد مطلب"إسرائيل" الالتزام بالقرار الأممي 1701 بل هزيمة حزب الله وضمان تجريده من السلاح بضمانة دولية مقابل هدنة وليس وقفا لإطلاق النار والانسحاب من لبنان. وهي مستمرة في حرب الإبادة في كل لبنان حيث الضحايا بالآلاف وقد تفاخر نتنياهو بأنه هو من أمر بمجزرة البيجر، رغم معارضة المسؤولين الأمنيين، فيما تفاخر رئيس الأركان هاركابي بأن "إسرائيل" هزمت حزب الله وقتلت قائده ولذا فهي من يفرض شروط وقف الحرب.

يبدو أنَّ حرب الإبادة "الإسرائيلية" ستستمر حتى تسلم دونالد ترامب للرئاسة في 20 يناير 2025، في ظل مباركة ترامب والحزب الجمهوري وتواطؤ بايدن والإدارة الديمقراطية.

لكن هل هذا قدر مكتوب على المقاومة الفلسطينية واللبنانية وحلفائهما؟

بالطبع لا، فإنه بالرغم من خسائر المقاومة والشعبين الفلسطيني واللبناني الجسيمة، فإن خسائر الكيان الصهيوني لاسابق لها، ومن هنا فإنَّ نجاح المخطط الصهيوني الأمريكي ليس قدرًا، ولا شك أن الحرب مفتوحة على مختلف الاحتمالات.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • ترامب واستكمال "صفقة القرن"
  • ستارمر وشي يريدان علاقات متينة بين بريطانيا والصين
  • العلاقات الثقافية والاجتماعية بين سوريا والصين
  • مشيدًا بنهضتها الحضارية.. البرلمان العربي يهنئ سلطنة عمان بعيدها الوطني
  • وزير الزراعة يشارك في مناقشة رسالة دكتوراه حول تأثير التحول الرقمي على المنتجات البنكية
  • مؤتمر «الدعوة الإسلامية» يدعو إلى إنشاء مركز بحثي للدراسات الحضارية والدعوية
  • رئيس جامعة قناة السويس يشهد مناقشة رسالة دكتوراه لباحثة صينية
  • آفاق واعدة وروافد لوجستية لطريق "أدم- ثمريت"
  • «بايدن»: العلاقة بين الولايات المتحدة والصين يجب أن تكون حول المنافسة
  • اليابان والصين تتفقان على إقامة علاقات مستقرة