خلال مشاركته في الجمعية العامة السنوية الأربعين للجمعية الوطنية للبلديات الإيطالية ANCI في مدينة جنوى، تطرق رئيس مجلس أساقفة إيطاليا، الكاردينال ماتيو زوبي، إلى الأوضاع الراهنة في الشرق الأوسط، مشددا على ضرورة وضع حد للصراع الدائر ومؤكدا أن حركة حماس هي العدو الأسوأ للفلسطينيين. فيما يتعلق بالحرب الأوكرانية لفت نيافته إلى أنه سيتابع جهود الوساطة مسلطًا الضوء على أهمية الحوار، الكفيل وحده في حل المشاكل والخلافات.


اسهتل رئيس مجلس أساقفة إيطاليا ورئيس أساقفة بولونيا مداخلته أمام المشاركين في أعمال الجمعية العامة متوقفا عند يوم الصوم والصلاة الذي شاءه البابا فرنسيس على نية السلام في الأرض المقدسة، والمصادف هذا الجمعة. وقال إنه لا بد من التغلب على العنف، معتبرا أننا لا نستطيع أن نعتاد على الحروب والوحشية والمآسي، كما ينبغي أن نجد حلولا للأسباب الكامنة وراء هذا الصراع، كي لا نعتاد أبدًا على نتائجه. 
بعدها ذكّر نيافته الحاضرين بأن البابا فرنسيس تحدث في أكثر من مناسبة عن حرب عالمية ثالثة مجزّأة، مشيرا إلى أهمية السعي إلى إيجاد حلول تضمن حقوق الطرفين المتنازعين ولفت إلى أنه لا توجد صراعات أو مشاكل لا تعنينا، حتى عندما تبدو أنها لا تمت لنا بصلة. ثم شدد الكاردينال زوبي على ضرورة تواجد قيادة فلسطينية نافذة، تكون قادرة على الدفاع عن شعبها، معتبرا أن حركة حماس هي أسوأ عدو للشعب الفلسطيني نفسه. ورأى أنه لا بد من حل كل العقد المستعصية تفاديًا للمزيد من إراقة الدماء، وهذا الأمر يتطلب معالجة كل الأسباب الكامنة وراء هذا الصراع، مع التأكيد على ضرورة عدم التسامح مع العنف وفي الوقت نفسه ينبغي فهم المبررات التي تقود إليه
تابع رئيس مجلس أساقفة إيطاليا مداخلته مسلطًا الضوء على أهمية الحوار، وقال إنه قد يبدو مستحيلا في الوقت الراهن، لكن لا بد أن يدرك الجميع أن ثمة حاجةً قصوى لبناء الجسور، لا الجدران، والبحث عن القواسم المشتركة التي توحد، والقضاء على عوامل التفرقة. وأضاف أن العالم يحتاج اليوم إلى التوافق بشأن الحوار، معتبرا أن الصراعات لم ولن تتوقف لأنها جزء من الحياة، لكن لا بد من السعي إلى احتوائها قدر المستطاع. كما يجب التصدي للاستقطاب، في خضم الصراعات التي تنتهي مع الحوار، وكلما بدأ هذا الحوار بشكل مبكر تُحل الأسباب الكامنة وراء تلل الصراعات. ويبقى الهدف متمثلا في التوصل إلى سلام عادل وآمن، تماما كما هي المساعي اليوم في أوكرانيا. مع العلم أن البابا فرنسيس كلف الكاردينال زوبي بالقيام بمهمة سلام في أوكرانيا فزار نيافته لهذه الغاية كلا من كييف، موسكو، واشنطن وبكين. وعن هذه المهمة، قال رئيس مجلس أساقفة إيطاليا إنه عازم على مواصلتها.
في ختام مداخلته ذكّر نيافته المشاركين في الجمعية العامة بجائحة كوفيد ١٩ التي جعلتنا ندرك أننا موجودون جميعًا على متن المركب نفسه، وقال إنه إزاء العديد من الصراعات والحروب الدائرة حول العالم يسعى البابا فرنسيس بشغف إلى إيجاد حلول لها، وهو يبذل كل المستطاع ليجد إلى ذلك سبيلا. وأضاف زوبي أن الحرب لا تندلع لحظة بداية المواجهات إذ هناك المرحلة السابقة لذلك، وعلينا أن نصب جهودنا هناك لتحقيق السلام. وأضاف في ختام مداخلته أنه لا يسعنا ألا نقلق حيال ما يجري في أوكرانيا والأرض المقدسة، وثمة الكثير الذي ينبغي فعله، مشيرا إلى الانطباع بأن الجماعة الدولية لا تبذل الجهود الكافية.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: البابا فرنسیس

إقرأ أيضاً:

الكيزان والحرب: مشروع التمكين الدموي وتجارة المأساة في السودان

بقلم: عمر سيد أحمد

أبريل 2025

O.sidahmed09@gmail.com

لم يكتفِ الكيزان بثلاثة عقود من القمع والفساد، بل اختاروا تفجير حرب أهلية جديدة لإعادة تمكين أنفسهم على أنقاض السودان. أطلقوا العنان لميليشياتهم، وتركوا المدن تنهار تحت ضربات النهب والاغتصاب والقتل، بينما احتمى الجيش ـ المختطف منذ سنوات ـ داخل معسكراته، تاركًا الشعب فريسة لصنيعتهم: الدعم السريع.

عندما انسحب الدعم السريع من بعض المناطق، لم يعد الأمان. عاد الجيش ذاته، ومعه مليشيات مسلحة وتجار حرب من حركات مُدجّنة، لا لحماية المواطنين، بل لإكمال مشروع الفوضى تحت مسمى “التحرير”. كل ذلك جرى تحت غطاء سياسي وإعلامي مموّل، هدفه تزييف الحقائق وتحويل المجرمين إلى أبطال.

من الفوضى إلى إعادة التمكين

استغل الكيزان الحرب كأداة ذكية لتحويل غضب الشعب ضدهم إلى صراعات بين مكونات المجتمع. بدلاً من أن تتوحد القوى المدنية والثورية، تم جرّها إلى خلافات داخلية، بينما واصل الكيزان اختراق مؤسسات الدولة: سيطروا على الجيش عبر البرهان، وعلى الإعلام عبر أبواق مأجورة، وعلى الاقتصاد عبر شبكات فساد مزروعة بعناية منذ سنوات.

لم تكن الفوضى عبثية، بل جزء من خطة لإعادة التمكين. أُفرغت السجون من المجرمين، أُطلقت الكتائب الإرهابية، واستُخدم العنف العرقي والجنسي كسلاح سياسي. أُحرقت القرى، وقُسّمت المجتمعات على أساس إثني وجهوي، لإنتاج واقع لا يُمكن الخروج منه إلا عبر بقاء الكيزان في السلطة.

ماكينة الكذب الإعلامي

كان للإعلام دور محوري في استمرار هذه الكارثة. غرف إلكترونية بتمويل ضخم تبث الشائعات وتعيد تصوير الكيزان كـ"منقذين"، في حين أنهم أصل الكارثة. إعلاميون مرتزقة يبررون القصف، ويشيطنون دعوات السلام، ويُهاجمون كل من يكشف الجريمة.

تُستخدم وسائل التواصل كسلاح. تُنشر الكراهية على مدار الساعة، ويُعاد تشكيل الوعي العام ليُصدق أن هذه الحرب هي “معركة كرامة”، رغم أن الكرامة بالنسبة للكيزان تعني فقط: العودة إلى السلطة بأي ثمن.

تجارة المأساة

بعد أن دمروا المدن، خرج تجار الحرب من أوكارهم ليتحدثوا عن “إعادة الإعمار”. نفس الوجوه من نظام الإنقاذ تعرض اليوم خدمات "الصيانة" و"التنظيف" للعقارات التي نُهبت تحت أعينهم، بل وأيديهم. هذا الاستثمار في جراح الناس ليس فقط وقاحة سياسية، بل جريمة أخلاقية واقتصادية، تُظهر كيف تحوّل الخراب إلى سوق رائجة للمجرمين.

الكيزان والجنجويد: تحالف الإجرام

رغم وحشية الدعم السريع وجرائمه في القتل والاغتصاب والنهب، يبقى الكيزان أكثر خطورة، لأنهم لا يمارسون العنف فقط، بل يصنعون بيئته، ويبررونه باسم الدين والوطن، ويُديرونه من فوق الطاولة وتحتها. استخدموا السلطة لتدمير مؤسسات الدولة، والدين لتبرير الجرائم، والإعلام لتسويق القتلة.

الرسائل واضحة

- إلى قادة الجيش المختطف: أنتم واجهة لمليشيا تحمي مشروع التمكين، لا جيش وطني.
- إلى القوى المدنية: لا أمل دون وحدة حقيقية، ولا انتصار دون مواجهة الكيزان أولًا.
- إلى الدول التي تموّل الحرب: أنتم شركاء في الجريمة، وسيُحاسبكم التاريخ.
- إلى الشعب السوداني: الحرب لها تجار، ولا مخرج إلا بإسقاطهم جميعًا.

الخاتمة: لا عدو غيرهم

ما يحدث ليس قدراً محتوماً، بل مشروع إجرامي واضح. العدو واحد: الكيزان وأدواتهم في الجيش والميليشيات. لا نهاية لهذه الحرب إلا بإسقاط من صنعها وتاجر بها، ولا مستقبل لهذا الوطن إلا إذا استعاد الشعب سلطته، وعدالته، وذاكرته.  

مقالات مشابهة

  • رئيس أساقفة الكنيسة الأسقفية يهنئ البابا تواضروس بمناسبة عيد القيامة
  • رئيس أساقفة الكنيسة الأسقفية يهنئ البابا تواضروس بمناسبة عيد القيامة..صور
  • البابا فرنسيس يظهر بزي غير رسمي خلال زيارة مفاجئة لكاتدرائية القديس بطرس
  • رسوم ترامب الجمركية والحرب تنهكان اقتصاد إسرائيل
  • لقاء "على انفراد" بين البابا فرنسيس وملك بريطانيا
  • البابا فرنسيس يلتقى ملك بريطانيا
  • البام يدعو إلى الحوار السياسي و يرفض التسابق الإنتخابي
  • إيران تتحدث عن مفاوضاتها مع أميركا وتعلن: ندعم السلام لكن لن نستسلم
  • الكيزان والحرب: مشروع التمكين الدموي وتجارة المأساة في السودان
  • السامعي يدعو إلى تغليب لغة الحوار والمصالحة الوطنية بين كافة الفرقاء السياسيين