بابا الفاتيكان يقدم أحدث كتبه تحت شعار اسئلة عن ومع الله
تاريخ النشر: 31st, October 2023 GMT
البابا فرنسيس: إنَّ كلمة الله لا تزال تحدِّثنا من خلال أسئلته
صدر اليوم الثلاثاء ٣١ أكتوبر عن دار النشر التابعة للكرسي الرسولي كتاب الأبوين الدومينيكانيين تيموثي رادكليف ولوكاس بوبكو تحت عنوان أسئلة عن الله، أسئلة إلى الله. في حوار مع الكتاب المقدس، وقد كتب مقدّمته البابا فرنسيس.
كتب الأب الأقدس لقد كان يسوع يطرح الأسئلة.
تابع الحبر الأعظم يقول كان يسوع يحب أن يطرح الأسئلة. لأنه كان يحب أن يحاور رجال ونساء عصره الذين احتشدوا حول هذا المعلم الغريب الذي كان يتكلم عن الله وعن الزرع وعن ملكوت الله وعن الكنوز في الحقل وعن الملوك الذين يذهبون إلى الحرب وعن الولائم الغنية بالطعام. والذين كانوا يصغون إلى يسوع كانوا يفهمون أن محادثته لم تكن مسرحية بلاغية، بل نداء إلى قلوبهم، وأسلوب لمساءلة أعماق كل فرد. محاولة لاختراق قشرة الأنا للسماح لبلسم الحب بأن يتغلغل فيها.
أضاف الأب الأقدس يقول هذا الكتاب، الذي أشكر مؤلفيه، يفحص ثمانية عشر سؤالًا من الأسئلة المختلفة التي يطرحها الله على الرجل والمرأة في الكتاب المقدس، والتي توجّهها شخصيات مختلفة إلى الله ويسوع. السؤال هو لفتة إنسانية، إنسانية جدًا: فهو يُظهر الرغبة في أن نعرف، إنَّ طبيعة كل واحد منا بعدم الاكتفاء بما هو موجود، وإنما للذهاب إلى أبعد من ذلك، لبلوغ شيء ما، وللتعمق في موضوع ما. إنَّ الذين يطرحون الأسئلة لا يكتفون، لأنَّ الذين يطرحون الأسئلة يحركهم قلق يلمع كعلامة حيوية. إنَّ القلوب المُطمئِّنة لا تطرح الأسئلة. من يملك الإجابات على كل شيء لا يشكك في أي شيء. يعتقد أنّه يملك الحقيقة في جيبه مثلما يحتفظ الشخص بقلم في جيبه، جاهز للاستخدام. لقد كان الطوباوي بيير كلافيري، أسقف الجزائر والراهب الدومينيكاني مثل مؤلِّفي هذا النص، شهيد الصداقة والحوار مع إخواتنا المسلمين، يحب أن يردد: أنا مؤمن، أؤمن بأن الله موجود. ولكنني لا أدعي بأنني أمتلكه، لا من خلال يسوع الذي يكشفه لي، ولا من خلال عقائد إيماني. إن الله لا يمكن امتلاكه. والحقيقة لا يمكن امتلكها.
تابع البابا فرنسيس يقول وبالتالي فإنَّ هذا البحث، وهذه الرغبة، وهذا التوق يتجسدون في طرح الأسئلة، في الاصغاء إلى أسئلة الآخرين. نحن نعرف ذلك جيدًا: لقد ولدت الفلسفة من أسئلة الوجود الكبرى: من أنا؟، لماذا توجد الأشياء وليس العدم؟، من أين أتيت؟، إلى أين تتجه حياتي؟. ولهذا السبب، وضعت المسيحية نفسها دائمًا بقرب الذين يسألون أنفسهم، لأنني مقتنع بأن الله يحب الأسئلة، هو يحبها حقًا. وأعتقد أنه يحب الأسئلة أكثر من الإجابات. ولأن الإجابات مغلقة، أما الأسئلة فتبقى مفتوحة. وهكذا فإن الله – كما كتب أحد الشعراء – هو فاصلة، وليس نقطة: لأنَّ الفاصلة تشير إلى شيء أكثر، وتدفع المحادثة إلى الأمام، وتترك إمكانية التواصل مفتوحة. أما النقطة فتغلق النقاش، وتنهيه، وتوقف الحوار. نعم، الله هو فاصلة. ويحب الأسئلة.
أضاف الحبر الأعظم يقول يعلمنا هذا الكتاب أهمية أن نفحص أسئلتنا. إن الأسئلة الموجودة في الكتاب المقدس هي جميلة، ومثيرة، وتقلقنا. سأل الله آدم: أين أنت؟. وسأل العليُّ قايين: أين أخوك؟. وسألت مريم الملاك: كيف يكون ذلك؟. وسأل يسوع تلاميذه: من أنا في قولكم؟. وأخيرًا استفز بطرس قائلًا: أتحبني أكثر من هؤلاء؟. وبالتالي أن نطرح الأسئلة يعني أن نبقى منفتحين على قبول شيء يمكنه أن يتخطانا. أن نُعطي الإجابات فقط يعني أن نبقى متمسكين برؤيتنا الخاصة للأشياء.
تابع البابا يقول إن الأسئلة التي يبحثها المؤلفون بين صفحات الكتاب المقدس تنقل لنا أيضًا تعليمًا آخر: نوعيّة أسئلتنا وصدقها. هناك من يطرح الأسئلة لكي يضع محاوره في موقف صعب، وهناك من يصغي بصدق إلى محاوره، مثل طفل يتحدث إلى والديه، وهو يعلم أنه لا يعرف. في بعض الأحيان نستجوب الأشخاص بالتجريح، ونحاول أن نعرِّض محاورنا للخطر - فإذا أجاب بطريقة ما، ستكون سمعته على المحك، وإذا أجاب بطريقة أخرى سيخون نفسه. ولهذا السبب قام المؤلفان أيضًا بفحص بعض أسئلة الكتاب المقدس التي ليست صادقة كما ينبغي لأي سؤال أن يكون.
أضاف الحبر الأعظم يقول إنَّ كلمة الله هي معلّم عظيم في هذا، لأنها – كما يقول القديس بولس – سيف ذو حدين، وتكشف حقيقة القلب. وبينما تكشف لنا الكلمة كياننا الداخلي، هي تُظهر أنها قادرة على أن تكون آنيّة على الدوام: إنَّ الله، في الكتاب المقدس، لا يتكلم ولا يتواصل مع رجال ونساء العصر الذي كُتب فيه وحسب، بل يتكلم مع الجميع، ومعنا أيضًا. هي تتكلّم إلى قلوبنا المضطربة، إذا كنا نعرف كيف نصغي إليها. إن الأسئلة التي يحللها ويناقشها المؤلفان لا تزال آنية اليوم أيضًا، هي تهزنا في العمق حتى في مجتمعنا الرقمي، لأنها الكلمات التي يمكن لكل قلب غير مخدر أن يفهمها ككلمات حاسمة لحياته: أين أنا في حياتي؟ الحياة؟ ماذا فعلت مع إخوتي وأخواتي في الإنسانية؟ كيف يمكن أن يدخل الله في حياتي؟ بالنسبة لي، من هو يسوع؟ ماذا يهمني من ذلك الرجل الذي كان يقول إنّه الله والذي بذل حياته من أجلي؟
تابع الأب الأقدس يقول إنَّ كلمة الله لا تزال تتحدث إلينا بأسئلتها. لكنها ليست الوحيدة. وكما يوضح هذا الكتاب جيدًا، فإن كل كلمة بشرية، بشرية أصيلة، هي مشبعة بكلمة إلهية. كتب كارل رانر أن المؤلف، يكون تحت تأثير دعوة نعمة المسيح، ولذلك يجب أن يكون مسيحيًا؛ أن تكون كاتبًا بالنسبة لرجل ما هي حقيقة مسيحية مُهمّة وتشهد على ذلك صفحات هذا الكتاب: إن غنى مراجعه الأدبية والشعرية والسينمائية تشير إلى وفرة تعبيرية تُثري نظرتنا إلى الإيمان. وهي تجعلنا نفهم بشكل أفضل مقولة اللاهوتي الألماني: عندما يكون التعبير الفني بشريًّا حقًا، عندما يكون تعبيرًا عن الباطن الحقيقي للإنسان، يصبح التعبير الفني إلهيًا، لأنه يعرف كيف يفهم الجوهر، ويعرف كيف يعطي صوتًا للنعمة، ويكون قادرًا على نقل السر. كما أنّه أمام ليلة مرصعة بالنجوم أو غروب للشمس، لا يمكن لقلبنا إلا أن يحمد الله، كذلك أمام لحنٍ لباخ أو صفحة لدوستوييفسكي نصبح على يقين من أن العالم جيد وأن لحياتنا معنى. هذه هي قوة الخيال البشري: أن يجعلنا على تواصل مع الإلهي.
وختم البابا فرنسيس بالقول وأخيرا، ملاحظة صغيرة، هذا الكتاب مليء بالفكاهة. أعتقد أن هذا عنصر مهم ويجب أن نكون ممتنين عليه للمؤلفين بشكل مضاعف. أولًا، لأن الفكاهة هي تعبير بشري قريب جدًا من النعمة. الفكاهة هي خفّة وحلاوة، وتُفرِّح الروح وتمنحنا الرجاء. والذين يتمتعون بروح الدعابة نادرًا ما يكرهون الآخرين، ومن المُرجَّح أن يكونوا أيضًا أسخياء، وقادرين على جعل أنفسهم نسبيين - كتب أحدهم بذكاء: طوبى للذين يعرفون كيف يضحكون على أنفسهم، لأنهم لن يتوقفوا أبدًا عن الاستمتاع. وفي الوقت عينه، تُظهر الفكاهة، عندما يختبرها المؤمن، كيف أن الإيمان المسيحي ليس شيئًا كئيبًا أو متحذلقًا، وليس رجعيًا ولا مهينًا. إنَّ الإيمان ينير وجوه الأشخاص الذين يتبعونه. والإنجيل يمنح الفرح، الفرح الحقيقي، ليس الفرح الزائل بالطبع، وإنما الفرح الحقيقي: إنَّ الذين يؤمنون يكونون سعداء، ولا تكون عليهم أبدًا ملامح الحزن. إنهم أشخاص سعداء، ويمك رؤية ذلك على وجوههم! لذلك، من هذا الكتاب أسمع ثلاث نداءات يتردد صداها: أن نبقى نحن المؤمنين قلقين، وقادرين على الدوام على أن نطرح أسئلة على أنفسنا، وكذلك أن نكون خبراء قليلًا في الفكاهة.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: البابا فرنسیس الکتاب المقدس هذا الکتاب الکتاب ا یقول إن على أن
إقرأ أيضاً:
الأزهر العالمي يقدم نصائح قيمة للمسلمين في استقبال شهر شعبان
أصدر مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية مجموعة من التوجيهات القيمة للمسلمين بمناسبة قرب حلول شهر شعبان، داعيًا إلى الحفاظ على نعم الله تعالى بالشكر، والاغتنام الكامل لأجر هذا الشهر المبارك من خلال عدة أعمال عبادية تقرب العبد إلى الله.
وأكد المركز على ضرورة أن يتوجه المسلمون بالشكر لله على النعم التي لا تحصى، معتبرًا أن الشكر هو طريق لاستدامة هذه النعم وزيادتها.
وأضاف المركز أن الشكر ليس بالكلام فقط، بل يجب أن يكون في الأعمال، من خلال العبادة والطاعة في جميع الأوقات.
كما دعا مركز الأزهر إلى ضرورة استقبال أقدار الله تعالى بالرضا والصبر، مشيرًا إلى أن هذه الفضائل تجعل المسلم قادرًا على التغلب على صعوبات الحياة وأزمات الزمان. وأكد المركز أن الصبر والرضا يعينان المسلم على تخطي المحن بل ويزيدان من درجاته عند الله.
ومن النصائح الأخرى التي وجهها المركز للمسلمين، التوجه إلى الله تعالى بالتجارة في أموالهم من خلال الصدقة، موضحًا أن الصدقة هي طريق لطهارة النفس وزيادة البركة في المال والرزق، وأداة للتقرب إلى الله عز وجل.
كما شدد المركز على ضرورة التزكية الذاتية بالخلق الحسن، وأن يتقرب المسلم إلى الله بحسن معاملته مع الناس.
فحسن الخلق هو أساس بناء المجتمعات الصالحة وهو من أعظم الأعمال التي يحبها الله، ويعتبر من أسباب دخول الجنة.
وأوصى مركز الأزهر المسلمين بالزهد في الدنيا، فالدنيا فانية وما عند الله خير وأبقى. وبذلك يطمئن المسلم قلبه ويعلم أن ما لديه من نعم ومكانة دنيوية هي ابتلاء من الله، وأن الخير الأعظم في طاعته ورضاه.
أدعية استقبال شهر شعبان
في سياق متصل، دعا مركز الأزهر المسلمين إلى ترديد أدعية استقبال شهر شعبان، وهي فرصة للتقرب إلى الله استعدادًا لشهر رمضان المبارك. ومن أبرز هذه الأدعية:
"اللهم بارك لنا في شعبان، وبلّغنا رمضان، واغفر لنا فيه ما مضى من ذنوبنا، وتقبل منا صيامنا وقيامنا."
"اللهم اجعل هذا الشهر شهر خير وبركة، واجعلنا فيه من المعتوقين من النار."
"اللهم اجعلنا من أهل الصيام والقيام، ووفقنا لقراءة القرآن في هذا الشهر الفضيل."
"اللهم اجعلنا من الذين يشكرونك في كل حال، ويذكرونك بالليل والنهار."
"اللهم ارزقنا الإيمان والتقوى، وزيّنا بحسن الخلق، وتقبّل أعمالنا في هذا الشهر المبارك."
تجدر الإشارة إلى أن شهر شعبان يمثل مرحلة تحضيرية لرمضان، لذا يجب على المسلم أن يتخذ من هذا الشهر فرصة لتنقية نفسه، والاقتراب أكثر من الله عز وجل من خلال الأعمال الصالحة والتوبة النصوح.