روت جومانا عماد، وهي من سكان غزة، قصتها في المراحل الأخيرة من الحمل، وكانت تشارك بسعادة صور بطنها الحامل، في انتظار وضع خطة ولادتها موضع التنفيذ.

فلسطينية تروي تفاصيل الولادة في المستشفى

وكانت تعلم أنها ستنجب فتاة، وكان زوجها متحمسًا، وكانت حقيبة المستشفى الخاصة بها مكتظة بالأشياء التي تحتاجها المولودة الجديدة، وكانت ابنتها تولين الكبرى البالغة من العمر أربع سنوات في الانتظار لمقابلة أختها الرضيعة.

وفي حديثها لـ بي بي سي: «كنت خائفة.. كنت في حالة مخاض وسط القصف المستمر، وهي تعمل صحفية وتبلغ من العمر 25 عاما، واتبعت الأوامر الإسرائيلية بمغادرة منزلها في الشمال واتجهت جنوبًا، خوفًا على الجنين وطفلتها، وهي حامل في شهرها التاسع، حيث أخذت جمانة ابنتها إلى منزل أحد أقاربها».

وأوضحت في رسالة صوتية أن الوضع كان صعبا، ولم ننم في الليل.. كان هناك الكثير من القصف واضطررنا للذهاب إلى مكان آخر.. كان على النساء الحوامل مثلي الخروج للتنزه، لكن بسبب الحرب لم نتمكن من الخروج حتى لشراء الطعام».

وتروي تفاصيل انقطاع الكهرباء في المستشفى وانقطاع الإنترنت ونقص المياه، بالإضافة إلى خوفها وقلقها من الولادة في مثل هذه الظروف الصعبة، ومع دخولها في المخاض وحان وقت الولادة خططت في الأصل للذهاب إلى مستشفى الشفاء في مدينة غزة، وهو مستشفى كبير، ولكن قيل لها إنه يتعرض لضغوط هائلة، وبدلًا من ذلك، ذهبت جمانة إلى مستشفى العودة في النصيرات، وهو مستشفى أصغر حجمًا يقع في وسط قطاع غزة.

ولكن حتى الوصول إلى هناك كان صعبا، جومانا تعاني من الألم والمخاض، وتكافح للعثور على شخص ليأخذها، مشيرة إلى أن سائقي سيارات الأجرة خائفون، وسيارات الإسعاف ليس لديها وقت للمرأة التي على وشك الولادة.

ووصفت ساعات العمل بالصعبة والمرعبة، وكان هناك قصف مكثف على منزل مجاور للمستشفى، وكان الصوت مرتفعًا قائلة «لدرجة أنني اعتقدت أن القصف وصل إلى المستشفى نفسه.. وواصل الجرحى التوافد.. وكنت أسمع الصراخ من كل اتجاه.. وكنت أفكر أيضًا في ابنتي الأولى.. كنت قلقة عليها لأنها كانت بعيدة عني.. كل ما فكرت فيه هو أنني أريد ولادة طفلي مهما كان الأمر».

وصفت جومانا شعورها بالصدمة عندما أنجبت بعد ساعات من ذلك المساء طفلة قررت أن تسميها تاليا، وتتذكر قائلة.. بكاءها يعني أننا ما زلنا على قيد الحياة.

ولم يكن هناك سرير متاح لجومانة بعد الولادة مباشرة، وبسبب الألم والنزيف، اضطرت إلى الانتظار حتى يتم العثور على سرير في غرفة صغيرة.

تاليا - غزة

وتقول: «كنت محظوظة لأنني حصلت على واحدة، حيث كانت النساء الأخريات يستلقين على الأرائك وعلى الأرض في ممر المستشفى بعد الولادة مباشرة».

وفي اليوم التالي للولادة، أرسلت جمانة مقطع فيديو لها وهي تحمل ابنتها الرضيعة في سيارة أجرة ملفوفة ببطانية بيضاء، ولقد غادرت المستشفى للانضمام إلى عائلتها، لكنها تقول إن ذلك كان بمثابة محنة.

وتقول: "توقف المصعد عن العمل بسبب مشكلة في الطاقة.. لذلك اضطررت، للنزول من الطابق الرابع من المستشفى، ومع حمل الطفل عدة مجموعات من السلالم للوصول إلى المخرج.

وبمجرد خروجها من المستشفى، واجهت محاولة إعادة وسائل النقل إلى المكان الذي كانت تقيم فيه.

وتضيف: «أمضينا ساعة نبحث عن سيارة أجرة، ولم يوافق أحد من السائقين على اصطحابنا، كانوا خائفين بعد قصف قريب في الصباح. وفي النهاية، وجدنا سيارة أجرة».

تقول جومانا إن الولادة في مثل هذه الظروف الصعبة كان لها أثرها السيء علي وعلى عقلي ولم تعد لدي الرغبة في فعل أي شيء، كما أن الطفلة تاليا في صحة جيدة، وتقول: إنها مزيج من ميزاتي وملامح أختها وملامح والدها.

وتشير إلى أنه لولا الحرب، لوددت أن أحتفل بحدث جميل بعد أسبوع من الولادة.. كنت سأدعو جميع أفراد عائلتي وأقيم لها العقيقة.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الولادة فی

إقرأ أيضاً:

الجزيرة نت ترصد واقع المحاصرين في مستشفيي العودة والإندونيسي

غزة- على سرير متهالك وتحت سقف متداع من هول الانفجارات، يجلس المريض السبعيني نزار أبو المعزة، وقد أنهكه المرض والجوع، فلا دواء ولا طعام في المستشفى الإندونيسي المحاصر في بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، والذي لا يزال يتعرض لقصف أسفر اليوم الاثنين عن إصابة ممرض، حيث يطالب جيش الاحتلال طاقم المستشفى بإخلائه بالكامل، بالتزامن مع حصار وتهديد مماثلين لمستشفى العودة.

وكان أبو المعزة من بين قلة لم تعتقلها قوات الاحتلال الإسرائيلي، وأجبرتها على النزوح نحو المستشفى الإندونيسي، إثر اقتحام مستشفى كمال عدوان القريب منه في البلدة ذاتها، التي تتعرض -أسوة بمخيم جباليا وباقي بلدات محافظة شمال القطاع- لعملية عسكرية برية شرسة منذ الخامس من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وتحامل أبو المعزة ورفاقه من المرضى على آلامهم حتى وصلوا للمستشفى الإندونيسي، وهو بحسب وزارة الصحة الأول من بين مستشفيات شمال القطاع الذي يخرج عن الخدمة مع بدايات العملية البرية.

وتقول وزارة الصحة إن 3 مستشفيات حكومية في شمال القطاع خرجت عن الخدمة تباعا، هي "الإندونيسي" و"بيت حانون"، وآخرها كمال عدوان الذي ناله دمار هائل وأضرمت فيه قوات الاحتلال النيران، واعتقلت نحو 240 شخصا منه، أبرزهم مديره الدكتور حسام أبو صفية.

إعلان

وبالنسبة لأبو المعزة ومن معه، فإنهم يعيشون بحسب وصفه "أياما مرعبة" داخل الإندونيسي، تحاصرهم الدبابات، ولا تغادر الطائرات الحربية والمسيرات أجواء المستشفى، وسط قصف جوي ومدفعي لا يتوقف، يتزامن مع عمليات تجريف وإضرام النيران في المنازل والمباني المتاخمة للمستشفى.

لا تتوفر للمريض النزيل بالمستشفى الإندونيسي نزار أبو المعزة سوى وجبة طعام واحدة والقليل من الماء والدواء (الجزيرة) حصار الإندونيسي

ولا تتوفر لهذا المريض وغيره من المرضى والمحاصرين في المستشفى الإندونيسي سوى وجبة طعام واحدة يوميا، ويقول للجزيرة نت إن "كل دقيقة تمر علينا هنا ونحن على قيد الحياة هي عمر جديد (..) نشعر أن الموت قريب منا وقد يخطف أرواحنا في أي لحظة".

ويوجَد داخل هذا المستشفى الحكومي الصغير 18 شخصا، من بينهم 10 كوادر طبية، و8 مرضى وجرحى، أصغرهم الطفلة الجريحة سارة نصار.

وتقول سارة (4 أعوام) للجزيرة نت إنها لا تجد الماء للشرب إلا قليلا، وحتى الماء للنظافة غير متوفر، وتضطر لاستخدام المحلول الطبي لغسل وجهها وجسدها، حيث دمرت قوات الاحتلال محطة وخزانات المياه بالمستشفى.

وعلى صغر سنها، فإن هذه الطفلة التي تعاني هي ووالدتها من جروح وكسور نتيجة غارة جوية إسرائيلية، تدرك أنها محاصرة في المستشفى، وأن الخطر يحيطها من كل جانب، وتقول "بدي أروح (أنزح) على غرب غزة"، وهي المنطقة التي يبدو أنها اعتادت سماعها من كثرة تكرارها من قبل الاحتلال، خلال مطالبته سكان الشمال بمغادرة منازلهم والنزوح نحو المناطق الغربية من مدينة غزة.

وتشير التقديرات المحلية إلى أن مدينة غزة، وهي كبرى مدن القطاع الساحلي الصغير، تكتظ حاليا بزهاء نصف مليون فلسطيني، من بينهم حوالي 180 ألفا من مخيم جباليا وبلدتي بيت لاهيا وبيت حانون، أجبروا على النزوح على وقع المجازر المروعة التي ارتكبتها قوات الاحتلال خلال الأشهر الثلاثة الماضية.

سارة نصار أصغر المحاصرين في مستشفى الإندونيسي ببلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة (الجزيرة) صمود طبي

وتتمسك إدارتا مستشفيي الإندونيسي، والعودة (جمعية أهلية)، بالبقاء وعدم النزوح، وبينما خرجت الأولى عن الخدمة تماما، فإن مدير العودة محمد صالحة يقول للجزيرة نت "سنبقى هنا ولن نخلي المستشفى حتى لو بقي مواطن واحد في الشمال يحتاج الخدمة الطبية".

إعلان

ويقول المدير العام لوزارة الصحة في غزة، الدكتور منير البرش، للجزيرة نت "جرت محاولة سابقة لإجلاء بعض المرضى والنازحين من مستشفيات الشمال، ورغم التنسيق مع منظمة الصحة العالمية وهيئات دولية مختصة، فإن الاحتلال أوقف سيارتين تقلان 10 أشخاص واعتقل 4 منهم، ومن بعدها بات الناس يخشون المغادرة ويتمسكون بالبقاء داخل المستشفيات حتى آخر نفس".

وفي سبيل إجبار مستشفى العودة على الإخلاء القسري، تحكم قوات الاحتلال حصارها عليه، ووصل الأمر للتهديد بقصفه على رؤوس من فيه، وبحسب صالحة فإن "أسيرا لدى الاحتلال حمل لنا قبل يومين رسالة مكتوبة بإخلائه وإلا سنتعرض للموت، ورفضنا لأن لدينا مرضى وإخلاء المستشفيات لا يتم بهذه الطريقة، وعاد إلينا مجددا بعد ساعة ونصف تقريبا ووقف أمام مدخل مبنى الاستقبال ومسيرة "كواد كابتر" تحلق فوق رأسه، وقد حمل رسالة تهديد شفهية بأنه سيتم قصف المستشفى فوق رؤوسنا".

ويوجد داخل المستشفى 112 شخصا -من بينهم 38 مريضا- ويضيف صالحة "في الفترة ما بين الرسالتين ألقت مسيرة إسرائيلية قنبلة على باب مبنى الاستقبال وأصيب موظفان"، وليلا دمروا خزان الوقود الوحيد ويحوي كمية قليلة، وبإصرار يؤكد "مهما حدث، لن نتخلى عن المرضى، ولن نخلي المستشفى بهذه الطريقة".

وتمعن قوات الاحتلال في إحكام الخناق على مستشفى العودة قصفا وحصارا، وقد دأبت منذ العملية البرية على مخيم جباليا ومحافظة الشمال على رفض وصول أي مهمة إنسانية لمنظمة الصحة العالمية والهيئات المختصة إليه لإمداده بالوقود والأدوية والمستلزمات الطبية.

ووفقا لصالحة، فإنه على ضوء خروج كمال عدوان والإندونيسي عن الخدمة، بات "العودة" وحيدا في تلك المناطق، "وتواصلنا مع الصحة العالمية من أجل تزودينا بالإمدادات الضرورية لضمان استمرارية عملنا كمستشفى وحيد لا يزال قائما في الشمال المحاصر والمدمر".

إعلان

ويشير صالحة إلى أن العودة ليس بإمكانه تغطية كل الخدمات الصحية الضرورية، خاصة أن 70% من الإصابات الناجمة عن القصف الإسرائيلي تحتاج لجراحة عظام، في الوقت الذي يوجد فيه بالمستشفى وكل مناطق الشمال طبيب جراح وحيد يُجري العمليات الجراحية المنقذة للحياة فقط، في حين اعتقل الاحتلال رئيس قسم جراحة العظام في مستشفى العودة الدكتور محمد عبيد، أثناء وجوده في مستشفى كمال عدوان وقت اقتحامه.

الطفلة سارة نصار ووالدتها تعانيان من جروح وكسور نتيجة غارة جوية إسرائيلية (الجزيرة) حكم بالإعدام

وتبدو الصورة أكثر قتامة في المستشفى الإندونيسي ومحيطه، ويقول مديره، الدكتور مروان السلطان، للجزيرة نت، إنه جرى تحييد المستشفى عن الخدمة منذ الأيام الأولى للعملية البرية الأخيرة ضد مخيم جباليا ومحافظة الشمال.

وإمعانا في عدم تمكين المستشفى من استئناف العمل أو تقديم أي خدمة طبية للمرضى، عمدت قوات الاحتلال قبل بضعة أيام إلى تدمير مولدات الكهرباء ومحطات الأكسجين ومحطة وخزانات المياه، وإزاء ذلك يؤكد السلطان "أوضاعنا هنا صعبة ومعقدة، حيث لا ماء ولا طعام ولا دواء، وليس لدينا أي مقومات لتقديم الخدمة الطبية".

ويرى السلطان فيما يتعرض له المستشفى الإندونيسي حاليا "حكما بالإعدام" على الموجودين بداخله، ويقول "خاطبنا الصحة العالمية لوضعها أمام مسؤولياتها وإيجاد بديل كإنشاء مستشفى ميداني بالقرب منا لتقديم الخدمة الطبية".

وأفاد مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة بأنه "بعدما أخرجت كمال عدوان عن الخدمة كليا، فإن قوات الاحتلال تستكمل جريمتها عبر تصعيد التهديد ضد مستشفيي الإندونيسي والعودة، في إمعان وسياسة ممنهجة تهدف إلى تدمير البنية التحتية الصحية في القطاع".

ورغم مزاعم الاحتلال الواهية باستخدام المستشفيات لأغراض عسكرية، فإنه فشل فشلا ذريعا في تقديم أي دليل يثبت صحة ادعاءاته وأكاذيبه، ويضيف المسؤول الحكومي "لقد بات واضحا أن هذه الجرائم تأتي في سياق سياسة التطهير العرقي وخطة الجنرالات الإجرامية التي تسعى إلى تهجير شعبنا من محافظة الشمال".

إعلان

ويقدر الثوابتة أن 40 ألف فلسطيني محرومون من الرعاية الصحية في مناطق الشمال، جراء سياسة الاستهداف الممنهجة بحق المستشفيات والمرافق الصحية التي لم تتوقف منذ اندلاع حرب الإبادة ضد القطاع والمتصاعدة في عامها الثاني على التوالي.

مقالات مشابهة

  • ممرضة تتسبب في إصابات وكسور غريبة وغامضة لرضّع في مستشفى بأمريكا
  • هددوا بالتصعيد.. احتجاجات غاضبة في لحج تنديدا بإنقطاع الكهرباء منذ أسبوعين
  • حرائق كاليفورنيا.. انقطاع الكهرباء عن أكثر من 400 ألف منزل وشركة
  • ما هي فلورا الأمعاء وتأثير البيئة الاجتماعية عليها؟
  • مسؤول إسرائيلي يدعو لوقف حرب غزة وإطباق الحصار عليها
  • بسبب الطقس.. انقطاع الكهرباء وارتباك حركة القطارات والطائرات بواشنطن وشرق الولايات المتحدة
  • الجزيرة نت ترصد واقع المحاصرين في مستشفيي العودة والإندونيسي
  • ارتفاع وفيات الأطفال الناتجة عن البرد وانعدام المأوى في قطاع غزة إلى 7 حالات
  • "العامل أجبرني على ممارسة أمور غير أخلاقية".. سيدة قعيدة تروي تفاصيل تعرضها للتحرش داخل دار مسنين
  • لا انقطاع في الكهرباء خلال 2025.. وعقوبات مشددة تواجه هؤلاء الموظفين| تفاصيل