لَمْ تكُنِ الهزيمة الوحيدة الَّتي تلقَّاها العدوُّ الصهيونيُّ على الصعيد العسكريِّ فقط في عمليَّة طوفان الأقصى، بل إنَّ الهزيمة الأكبر والأكثر مفاجأة كانت على الصعيد الإعلاميِّ. فرغم ما يملكه هذا الكيان الصهيونيُّ من آلة إعلاميَّة هي الأكثر سيطرة على الإعلام العالَمي بشتَّى أنواعه، خصوصًا الإعلام الغربيَّ، إلَّا أنَّ ما نشهده من تظاهرات كبرى حاشدة في معظم عواصم المعمورة، الَّتي خرجت بالملايين دُونَ مبالغة دعمًا للقضيَّة الفلسطينيَّة، هو صفعة أخرى على وَجْه العدوِّ الصهيونيِّ لا تقلُّ عن الصفعة العسكريَّة، بل إنَّنا شاهدنا العَلَمَ الفلسطينيَّ والتضامن في قَلْبِ عددٍ كبير من الأحداث الرياضيَّة الكبرى، لِتسطِّرَ المقاومة الفلسطينيَّة نصرًا جديدًا غير مسبوق في الصِّراع المستمرِّ مع كيان الاحتلال الصهيونيِّ منذ أكثر من (75) عامًا، يُضافُ إلى أدلَّة عدالة القضيَّة الفلسطينيَّة.

فللمرَّة الأولى نستطيع إيصال الحقائق، وتفنيد روايات الاحتلال الكاذبة الَّتي دأبت طوال عُمر الصراع على تزييف الحقائق لكسب التعاطف وتبرير العدوان الهمجيِّ.
فكما كانت عمليَّة طوفان الأقصى منظَّمة على صعيد التخطيط العسكريِّ رغم ضعف الإمكانات مقارنةً بإمكانات العدوِّ الصهيونيِّ، جاءت المعركة الإعلاميَّة بكفاءة كبيرة عَبْرَ توثيق الإعلام العسكريِّ للمقاومة لكُلِّ عمليَّة بطوليَّة مباركة ضدَّ العدوِّ، واستخدام الإعلام البديل المتمثل في منصَّات التواصل الاجتماعيِّ، لاستعراض الإرهاب الصهيونيِّ في الأراضي الفلسطينيَّة عمومًا وقِطاع غزَّة، وكشف محاولات الكيان الإرهابيِّ في استخدام الذَّكاء الاصطناعيِّ في فبركة مرئيَّات تتحدَّث عن ضحايا «مَدنيِّينَ» في سَعيٍ لِكسْبِ التعاطف مع إرهابه، بالإضافة إلى التمرُّس الَّذي وجدناه في المتحدِّثين الفلسطينيِّين والعرب، خصوصًا الَّذين عاشوا في الدوَل الغربيَّة، واكتسبوا المهارات اللازمة لكيفيَّة تبنِّي الرؤية الفلسطينيَّة، لكن وفقَ الطريقة الَّتي يُمكِن أنْ يفهمَها الغربيُّ، وعرض الحقائق على المتابع الغربيِّ المُضلَّل على مدَى عقود.
إنَّ عبقريَّة النصر الإعلاميِّ الفلسطينيِّ في العمليَّة الأخيرة، جعلت ـ وللمرَّة الأولى في تاريخ الصراع العربيِّ ـ الصهيونيِّ ـ صوت الحقِّ أبلَغَ وأقوَى من صوت وصورة الباطل، الَّتي دأب العدوُّ الصهيونيُّ دائمًا وحتَّى الآن على تصديرها للعالَم، وإظهار جرائمه كرَدَّة فعل على العمليَّات الفلسطينيَّة، ومحاولة التدليس بصوَرٍ مزيَّفة تُظهر قطع رؤوس الأطفال واغتصاب النِّساء من قِبل أبطال المقاومة، لِتكُونَ فيديوهات الأسيرات والأسرى أبلَغَ ردٍّ فلسطينيٍّ على تلك الادِّعاءات الزَّائفة والأكاذيب الَّتي حاول الإعلام الصهيونيُّ بثَّها في بداية عدوانه الإرهابيِّ. فقَدْ وثَّق أبطال المقاومة لقاءات مع الأسرى والأسيرات أكَّدوا فيها حُسن المعاملة الَّتي حظوا بها، خصوصًا العجوز يوخفيد ليفشيتز (85 عامًا) الَّتي فضَحتْ زَيْف الرواية الصهيونيَّة في الإعلام الصهيونيِّ قَبْلَ الغربيِّ، وتحدثت في وسائل الإعلام الصهيونيَّة عن المعاملة الطيِّبة لرجالات المقاومة.
ومن هذا المنطلق جاءت قوَّة الإعلام الفلسطينيِّ، وأضحى أقوى وأكثر تأثيرًا من الإعلام الصهيونيِّ والغربيِّ رغم الفارق الكبير في الإمكانات، وكان للصورة وللكلمة الفلسطينيَّة تأثير أقوى حتَّى من قنابل العدوِّ وصواريخه، الَّتي جعلت شمال غزَّة يُسوَّى بالأرض، فيما تتعرض جميع أنحاء القِطاع للقصْفِ من دُونِ ترك أيِّ ملاذ آمنٍ للمَدنيِّين، وهو تأكيد جديد على حالة فقدان الصواب الَّتي يعيشها قادة الاحتلال نتيجة الهزيمة المُذلَّة على كافَّة الأصعدة، والَّتي جعلت كثيرًا من حلفائهم الغربيِّين يتخلَّون عَنْهم ولو حتَّى على المستوى المُعلَن. ولعلَّ تجاهل الكيان الصهيونيِّ لمطالب المُجتمع الدوليِّ والعمل على تكثيف العدوان الإجراميِّ ضدَّ الشَّعب الفلسطينيِّ، أبرَزُ تأكيدٍ على ما تعرَّض له الصهاينة من هزيمة، جعلت قنابل الحقد والإرهاب والهجمات العشوائيَّة تزداد جوًّا وبحرًا وبرًّا، وعمَدَتْ على قطْعِ جميع الاتِّصالات مع غزَّة، بمَنْ في ذلك عن العاملين في المجال الإنسانيِّ، في محاولة مِنْ كيان الاحتلال الصهيونيِّ لارتكاب جرائم الإرهاب والحرب، بعيدًا عن أنظار العالَم.

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: الإعلام الصهیونی ة الفلسطینی

إقرأ أيضاً:

«التضامن» تستعرض تجربتها في بناء أول منظومة إعلامية حكومية بالذكاء الاصطناعي

استعرض الدكتور محمد العقبي مساعد وزيرة التضامن الاجتماعي للاتصال الاستراتيجي والإعلام والمتحدث الرسمي باسم الوزارة، تجربة الوزارة الرائدة في بناء أول منظومة إعلامية في الحكومة المصرية تدار بالذكاء الاصطناعي في النسخة الخامسة من المنتدى العالمي لصحافة الذكاء الاصطناعي (AIJWF) لعام 2025.

وشهد المنتدى مشاركة نوعية ضمّت أكثر من 60 متحدثًا وخبيرًا دوليًا، وحضور ما يزيد عن 200 إعلامي وباحث من مختلف أنحاء العالم، حيث ناقش المشاركون أبرز المستجدات في مجالات الإعلام المدعوم بتقنيات الذكاء الاصطناعي، وأحدث الابتكارات المؤثرة في مستقبل صناعة المحتوى الإعلامي.

واستعرض الدكتور محمد العقبي -عبر تقنية الزوم- في الجلسة الأولى من المنتدى بعنوان «النماذج الإبداعية في صناعة الإعلام المعزز بتقنيات الذكاء الاصطناعي»، تجربة وزارة التضامن الاجتماعي مقدما الشكر للدكتورة مايا مرسي وزيرة التضامن الاجتماعي على دعمها فكرة دمج الذكاء الاصطناعي بصورة كبيرة وأكثر تفاعلية بين كافة القائمين بالاتصال داخل الوزارة.

وقال «العقبي» إن الوزارة تتبنى الأفكار الجديدة وهذا نهج الدولة المصرية حاليا، بهدف تعزيز التواصل مع أكثر من 100 مليون مواطن تشملهم كافة برامج وزارة التضامن الاجتماعي، مشددًا على أهمية الذكاء الاصطناعي في الاتصال الحكومي، وفي خلق نماذج جديدة أكثر ديناميكية وحيوية ووصولا للجمهور المستهدف في أقل وقت ممكن وبأقل تكلفة.

وقال «العقبي» إن وزارة التضامن الاجتماعي تحولت إلى أول مؤسسة خدمية في مصر توظف الذكاء الاصطناعي في عملها الإعلامي كأداة للتغيير الاجتماعي، لا مجرد تقنية رقمية، حيث ساهمت التقنيات الحديثة في تسريع وتيرة العمل، وإنتاج فيديوهات، وسرعة في إصدار البيانات وتحليلها، والرصد الإعلامي لما يُنشر عن الوزارة وتحليل الصورة الذهنية عن الوزارة والتواصل الذكي، جزء لا يتجزأ من صناعة القرار والتفاعل مع المواطن.

وقدم الدكتور العقبي، الشكر لمؤسسة صحافة الذكاء الاصطناعي ورئيسها التنفيذي الدكتور محمد عبد الظاهر، على الجهود في تحويل هذا الحلم إلى واقع ملموس الآن، ساهم في تعزيز مهارات الاتصال الحكومي وزيادة التفاعل وإعداد العديد من أنواع المحتوى بصورة آلية وأكثر ابتكارا، اعتمادا على الذكاء الاصطناعي في كافة المراحل.

يُذكر أن المنتدى العالمي لصحافة الذكاء الاصطناعي (AIJWF)، هو أول منصة عالمية وحدث سنوي ومؤتمر أكاديمي يجمع الأكاديميين ومحترفي الإعلام ومصنعي الذكاء الاصطناعي والمؤسسات التعليمية والكيانات الحكومية لاستشراف مستقبل الإعلام وصناعة المحتوى و تقنيات الثورتين الصناعيتين الرابعة والخامسة وتأثيراتها على وسائل الإعلام والترفيه.

المنتدى العالمي لصحافة الذكاء الاصطناعي (AIJWF) هو واحد من المبادرات العالمية التي تطلقها وتديرها مؤسسة صحافة الذكاء الاصطناعي للبحث والاستشراف (AIJRF)، انطلقت دورته الأولى في مارس 2021، برئاسة عالم الفضاء المصري البروفيسور فاروق الباز مدير مركز الاستشعار عن بعد بجامعة بوسطن الأمريكية.

مقالات مشابهة

  • البرش”: العدو الصهيوني يتعمد إبادة النسل الفلسطيني
  • “البرش”: العدو الصهيوني يتعمد إبادة النسل الفلسطيني
  • «التضامن» تستعرض تجربتها في بناء أول منظومة إعلامية حكومية بالذكاء الاصطناعي
  • الإعلامي الحكومي بغزة: العدو الصهيوني يُفاقم تجويع الأطفال وسط تفشٍ غير مسبوق لسوء التغذية الحاد
  • العدو الصهيوني يواصل عدوانه على طولكرم ومخيميها لليوم الـ93 على التوالي
  • 65 % من شهداء العدوان الصهيوني على قطاع غزة من النساء والأطفال
  • العدو الصهيوني يستعين بـ”الروبوتات” لتعويض نقص جنوده بسبب هروبهم من المعركة
  • العدو الصهيوني يستعين بالروبوتات لتعويض نقص جنوده بسبب هروبهم من المعركة
  • بأس “الحوانين” يواصل كسر “السيف” الصهيوني.. ملاحم انتصار أجــدّ في غزة
  • العدو الصهيوني يصعّد انتهاكاته في الضفة والقدس: إخطارات بالهدم واعتداءات على المواطنين