صدى البلد:
2024-09-19@17:00:33 GMT

محمد الغريب يكتب: فتنة بني اسرائيل

تاريخ النشر: 31st, October 2023 GMT

 

وَاهمٌ من يظن أن المعاناة تولد أملًا فقط، أو تخلق عزمًا، أو تصنع رجالًا، فلقد اعتاد المرء أن يعيش كبَدٍ فوق كَبد، فقد تُرك لتيارٍ جارف، أمواج ورياح عاتية، فُرش طريقه بأشواك دون ورد، وطأت أقدامه الحفر والمستنقعات دون كوكب ثلثيه الماء الطهور والأنهار، حتى بات أقصى أمانيه الرحيل الآمن.

نفذت طاقتي في الاستمرار، عقم تفكيري عن النظر إلى نصف الكوب مليئه أم فارغه، تشابهت بل تساوت عندي الحياة مع الموت مع تغليب الكفة للأخير، تملكني اليأس، ذهبت عني روح المقاومة والتفاؤل، لم أعد أنشد شيئا من الدنيا.

لم تبق لي فرصة أن أواصل السعي مع ما يشاع من إمكانية الوصول، حالة من التخبط والترنح والتيه تغلب الأمل والتفاؤل، لم يذهب عني اليقين ولن يفارق موقعه من القلب، إلا أن النهايات دائمًا ما ترجح أنه وإن ذهبت عني المعاناة بمرارتها إلا أنها لا تطفئ أو تميت من قلبي أمورًا لربما بقيت إلى ما بعد التسعين.

شبابٌ شاخت أعماقه وإن حاول الادعاء، زمان تجري عقاربه كجريان مياه الطوفان، السيل، بل أحيان أخرى كعواصف تتجاذبها دوامات أعاصير لا تعرف معانٍ للتقدم أو العودة، أمر قد يتصوره البعض يأسًا -حاشا أن يكون ذلك – إلا أنه منطقية التعاطي مع المقدمات قبل رؤية النتائج.

أحداث اختلطت فيها الموازين لتنقلب رأسًا على عقب، أرض بات مُغتصبها صاحبًا للحق والأجدر بالدعم والأظهر في زمن الصمت، أضحى البلطجي مُرشدًا للقوم، متزعمًا بل رسولًا للسلم، وقتٌ خارت فيه السواعد، حارت أمامه العقول، فارقته الطمأنينة عن القلوب، إلا أنه وسط هذا وذاك لم تفارقني تلك الآية:" يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ" يوسف (87)  

أقف أمامها مذهولًا كيف لأبٍ عاش حالة من ألم الفقد، وتجرع قسوة الفراق حتى أبيضت عيناه من شدة الحزن على ابنه أن يطالب من أفقده إياه وتسبب في معاناته ألا ييأسوا في البحث عنه، وليست معاناة واحدة بل ضاعفها هؤلاء العصبة في نجليه ولم يصيبهم أي شعور بالذنب عما فعلوه بشقيق الدم واللحم، وما سببوه بأحد أسباب الوجود.

إلا أن لتدابير وحكمة الله تعالى بأن جعل لعودة يوسف وأخيه، هي ذاتها على يد من أخطأها في الماضي، فلا تيأسوا فعودة الأرض المغصوبة بات وشيكًا بل إن وعد الله حق فلا تخار عزيمتكم ولا يدخلن الحزن بابًا لليأس في قلوبكم وإن كثر الشهداء فهم مصابيح الدنيا والآخرة، فصدق القائل جل في علاه حين قال:" إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ۚ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ" هود (81)، وصدق الحبيب صلى الله عليه وسلم في قوله:" إن الدنيا حلوة خَضِرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء".

ختامًا رجائي من كل مسلم أن يجعل اليقين بمراد الله فيهم أقرب فقد حذرهم جل وعلا وكتب لنا من البشرى والآيات والوعيد فيهم ما تقر به الأعين، فقال سبحانه: "سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ ۗ وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" (211) البقرة، وأيضا: "لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) المائدة.

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

اسرائيل تحرق مراكب التسويات وتدفع حزب الله إلى خيار الحرب الشاملة


السؤال البديهي الذي لا بد من طرحه بعد هذا الحدث غير المسبوق، والذي طال بمفاعيله الحسية بيئة "المقاومة الاسلامية"، وبالأخص الأشخاص الذين على تماس مع تطورات الجنوب، هو: هل سيكون الوضع ما بعد ١٧ ايلول كما كان قبله، أم أن المرحلة المقبلة ستشهد ما يتخطى بواقعيته ما يُعرف ب "قواعد الاشتباك"، خصوصا أن تل أبيب، التي حمّلها "حزب الله" مسؤوليتها عن التفجيرات السيبيرانية لأجهزة "البايجر"، كسرت هذه القواعد؟

وهذا يعني بالمفهوم المتعارف به لدى القيادتين السياسية والعسكرية والأمنية في "حزب الله" أن ما كان يُعرف ب "الخطوط الحمر" قد سقط من حسابات " حارة حريك"، التي كانت تعلن على لسان الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله أن تعاطي "المقاومة" مع الاعتداءات الاسرائيلية المتمادية كان يأخذ في الاعتبار " المصلحة اللبنانية قبل أي شيء آخر، وكان الحزب  "يدوزن" ردات فعله على هذه الاعتداءات بما يؤمن خلفية متينة في خاصرة الوطن. أما وقد بلغ الأمر بالعدو الاسرائيلي حدّ استباحة كل المحرمات، واللجوء إلى هذا الاسلوب في حربه المفتوحة فإن ذلك قد أعطى القيادة الحزبية هامشًا واسعًا من خيارات الرد، والتي كانت مضبوطة على ساعة المصلحة اللبنانية. وهذا ما يمكن انتظاره من خلال رصد ما ستقوم به "المقاومة الاسلامية" من رد ميداني قد يصل، كما هو مرتقب ومتوقع،  إلى مرحلة حرق كل المراكب ونسف الجسور، والذهاب بعيدًا في الخيارات المتاحة، والتي تتخطى القدرة على ضبط النفس.

فهل سيقود هذا الأمر، في حال حصوله، إلى ما تسعى إليه اسرائيل منذ اليوم الأول لفتح جبهة الجنوب الاسنادية، لجهة توسعة الحرب الشمالية وفق ما تم تسريبه من سيناريوهات عسكرية اسرائيلية قبل أن تلجأ تل ابيب إلى هجومها السيبراني الدموي؟

ولعل أخطر ما في هذا الهجوم المعدّ سلفًا و"غب الطلب" أنه جاء بعد فشل الموفد الأميركي آموس هوكشتاين في اقناع تل أبيب بعدم الذهاب بعيدا في حربها الشمالية. وهذا يعني أن المساعي الأميركية قد وصلت إلى طريق مسدود، وأن ما كانت واشنطن تحذّر منه باستمرار قد اقترب إلى دائرة الخطر.

فهل ستدفع حرب اسرائيل الشمالية إلى ما تخشاه الديبلوماسيتان الأميركية والأوروبية لناحية ما يمكن ان ينتج عنها من فوضى شاملة في المنطقة، خصوصًا أن طهران، التي لم تردّ بعد على اغتيال اسماعيل هنية، ستجد نفسها مضطرة لخوض غمار الحرب الشاملة، وقد جاء إطلاق الحوثينن الصاروخ الباليستي بمثابة جرس انذار عما يمكن أن تشهده المنطقة في حال ركبت اسرائيل رأسها.   المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • نصر الله: اسرائيل كانت تنوي قتل 4 آلاف إنسان بدقيقة واحدة
  • د. محمد عثمان يكتب: مستقبل إنتاج الألبان (1-2)
  • جديد هجوم البيجر.. اسرائيل فجرتها بعد اكتشاف المؤامرة
  • محمد مغربي يكتب: كيف تم تفجير أجهزة اتصالات بيجر في لبنان؟
  • تفجير اسرائيل الـpagers .. لتجنب التوغل البري
  • اسرائيل تحرق مراكب التسويات وتدفع حزب الله إلى خيار الحرب الشاملة
  • المكاري: ما نخشاه ليس حزب الله بل اجرام اسرائيل في غزة ولبنان
  • قلت مصر وقالت الدنيا نعم.. أمير سعودي يعلق على لقاء محمد بن سلمان ومدبولي
  • محمد مغربي يكتب: مصر الأفضل عالمياً في الأمن السيبراني
  • د. حامد بدر يكتب: في يوم مولده.. اشتقنا يا رسول الله