تحطيم نشوة النصر على فلسطين ومقاومتها
تاريخ النشر: 31st, October 2023 GMT
تحاول البروباغندا الصهيونية الاستفادة من الدعم الهائل الذي توفره دعاية وسائل الإعلام الغربي والأمريكي المنسجم معها، والذي وقع في نفس الحفر المظلمة والمخجلة منذ عقود في حمى الإسلاموفوبيا ومكافحة الإرهاب، واليوم في شعار مخاطر "حماسوفوبيا" لإثارة شهية غربية وصهيونية للابتعاد شيئاً فشيئاً عن أسس الصراع في المنطقة العربية، وفي القلب منها قضية فلسطين، ومقاومة أصحاب الأرض فيها المشروعَ الاستعماري الصهيوني المقام على أرضهم منذ النكبة الأولى عام 1948، ثم احتلال بقية فلسطين في حزيران 1967، ثم توالت التواريخ المؤسسة لمشاريع التمدد الاستعماري والاستيطاني في بقية المدن الفلسطينية مع بداية "عهد السلام" في مدريد 1991 وأوسلو 1993، ومثّل الضربة على مستوى الطموح التاريخي العريض في مشروع المقاومة وحركة التحرر الوطني الفلسطيني.
لكن عملية "طوفان الأقصى" وقدرة حركة "حماس" وذراعها العسكري كتائب القسام على تحطيم الصورة الاستعمارية لإسرائيل المتفوقة بكل شيء على أصحاب الأرض ومحيطهم العربي كما تسوق الدعاية الغربية عنها، أصابت العالم كله وخصوصاً الولايات المتحدة والغرب بحالة ذهول وصدمة من الصفعة التي تلقاها مشروعهم الاستعماري الصهيوني، وظهوره لأول مرة بحالة العجز المؤدي يوماً ما إلى هزيمة محققة إن تغيرت الظروف والمعطيات السائدة حتى لو كانت قليلة.
ضربة السابع من تشرين الأول/ أكتوبر شكلها الأول عسكري، إلا أنها ستأخذ الشكل الاجتماعي والسياسي والفكري في فترات لاحقة، بغض النظر عن مآل جولة العدوان الأخير على غزة، فيكفي أنها أظهرت المفاجأة الكبيرة للمقاومة الفلسطينية التي يحاول الجميع تحطيمها
فضربة السابع من تشرين الأول/ أكتوبر شكلها الأول عسكري، إلا أنها ستأخذ الشكل الاجتماعي والسياسي والفكري في فترات لاحقة، بغض النظر عن مآل جولة العدوان الأخير على غزة، فيكفي أنها أظهرت المفاجأة الكبيرة للمقاومة الفلسطينية التي يحاول الجميع تحطيمها.
الهوس الأسطوري بربط المقاومة بالإرهاب، كان ديدن القوى الاستعمارية على مر التاريخ، وفي الحالة الفلسطينية طرأ تبدل كبير في المواقف بعد عملية طوفان الأقصى، ظهر خوف كبير من الضربة التي وجهتها المقاومة لإسرائيل، فتوقفت الصورة والتاريخ على تخوم غلاف غزة عند القوى الغربية وعلى رأسها الادارة الأمريكية، أصبح هذا التاريخ (السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023) كمبتدأ لبروباغندا جديدة قديمة تُقدم رؤيه للمنطقة المبتلية بـ"إرهاب حماس" لا بإرهاب الاحتلال ووجوده فوق ما تبقى من أرض الفلسطينيين لتهويدها، ومحاصرتهم وقتلهم دون أن يكترث العالم، فالقضية معروفة ببيانات القلق مما يجري في المنطقة ومعروفة أكثر بالنفاق الهائل والكيل بمكيالين إذا تعلق الأمر بضحية فلسطيني وآخر صهيوني.
هذا الهوس وصل لبعض الأصوات العربية في عواصم التطبيع التي بدت مستاءة من "بربرية شنيعة" من حماس، ولم تصب بقشعريرة مقتل آلاف الأطفال في قطاع غزة، ولا قتل النساء وعملية التدمير الممنهج التي يقوم بها الاحتلال من خلال الاستهداف المنظم لأحياء المدنيين، وتدخل في تصنيف الإبادة الجماعية وجرائم الحرب واستهداف المشافي والمدارس مع كل البنى المدنية للسكان، ولم تطالب برفع الحصار ووقف العدوان فوراً.
يمكن أن يفهم المرء في بعض الأحياء جذور بعض المواقف الغربية وعودتها للعزف على وتر الحروب الصليبية أو الضخ في الخطاب الديني كتبرير للاصطفاف مع الاحتلال كـ"صهيوني" أو "يهودي" كما عبر بايدن ووزير خارجيته بلينكن، لكن لا يُفهم تبدل مواقف عربية رسمية تستعير مفردات صهيونية لتوصيف الشعب الفلسطيني ومقاومته؛ إلا لنفس الأسباب التي جعلت القوى الغربية في حالة استنفار منقطع النظير لحماية المشروع الاستعماري الذي يمثله الاحتلال الإسرائيلي، والتي دفعت الرئيس الفرنسي ماكرون لتقديم اقتراح إنشاء تحالف دولي لمحاربة "حماس" على غرار التحالف المقام لمحاربة تنظيم "داعش".
ومحاولة الربط بين حماس وبين تنظيم داعش كانت منذ اللحظة الأولى للعبور، لكنها لم تواجَه بخطاب عربي يعترف ويقر بأن للفلسطينيين حركة مقاومة، وحماس هي أحد أطرافها ولها حضور في المجتمع الفلسطيني وتمثيل برلماني وخاضت انتخابات في الهيئات التشريعية والطلابية وغيرها وفازت بكثير من المقاعد.
ولا ننسى الموقف الأهم الذي كان على السلطة الفلسطينية أن تأخذه برفض هذا التصنيف والهجوم على حركة حماس "الإرهابية" على اعتبار أن أي حركة مقاومة وتحرر وطني للاحتلال هي حركة "إرهابية " وفق منطق المستعمر ومنطق القوى التي تدعمه.
لكن بعد كل هذه البروباغندا التي استعرت منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر وحاول العالم الغربي أن يقف متحداً خلف مشروعه الاستعماري في فلسطين، خرجت الأصوات والمواقف في الشوارع الغربية والدولية من واشنطن ونيويورك إلى سيؤول وطوكيو مرورا بلندن؛ رفضاً لسياسة الإرهاب الصهيوني والتطهير العرقي والتمييز العنصري، سقطت الدعاية الصهيونية في البربرية على قطاع غزة وفي الوحشية المنفلتة لعصابات بن غفير ونتنياهو ولمجلس الحرب في الضفة والقدس.
لا أحد يستطيع أن يصف حقيقة إسرائيل وإرهابها في المعسكر العربي والغربي، ليس لأنها أغرب من الخيال في ارتفاع منسوب الدم الفلسطيني، بل لأن أحدا من المعسكرين يحلم بالهزيمة الفلسطينية التي يُمكن أن تؤسس من غزة حسب أوهام الكل، برفع منسوب الدم والحطام إلى أعلى منسوب.. لكن الأصح أيضاً، أنه كلما تأخر الاحتلال باعترافه بالحقوق الفلسطينية وكلما تأخر العالم المتحضر بالتراجع عن سياسة النفاق الاستعمارية وتراجع "السلام" فستكون الأثمان كبيرة
لا أحد يستطيع أن يصف حقيقة إسرائيل وإرهابها في المعسكر العربي والغربي، ليس لأنها أغرب من الخيال في ارتفاع منسوب الدم الفلسطيني، بل لأن أحدا من المعسكرين يحلم بالهزيمة الفلسطينية التي يُمكن أن تؤسس من غزة حسب أوهام الكل، برفع منسوب الدم والحطام إلى أعلى منسوب.. لكن الأصح أيضاً، أنه كلما تأخر الاحتلال باعترافه بالحقوق الفلسطينية وكلما تأخر العالم المتحضر بالتراجع عن سياسة النفاق الاستعمارية وتراجع "السلام" فستكون الأثمان كبيرة، ليس لأن الفلسطينيين قوة عظمى يمتلكون سلاحا فتاكا سيهزمون المشروع الاستعماري عسكرياً، بل لقوة الحق الذي يسانده كل الأحرار في المعمورة ولأن مقاومة إبادته والدفاع عن أرضه وطرد المحتل منها حقوق مشروعة.
فالسلام ليس أمناً واتفاقات تطبيع وتحالف ومشاريع اقتصادية، ولا هو وقف لإطلاق النار فقط، للسلام أسس لا مناص منها ولا مفر. فدون تفكيك البنية الاستعمارية للمشروع الصهيوني ودون الاعتراف الكلي بحقوق الشعب الفلسطيني ووجوده التاريخي فوق أرضه وبحقه في العودة وبالإقرار بالقوانين الدولية ذات الشأن، فإن البربرية الصهيونية الشنيعة ستبقى مصدراً لكل شر على أرض فلسطين وحولها مهما حاول أعداء فلسطين تزوير وقلب الحقائق؛ وحاول بعض أذناب التصهين القراءة من نفس الرواية الصهيونية لإشاعة هزيمة عربية وكأنهم في نشوة نصر على فلسطين ومقاومتها، لكن الرد مستمر من غزة ومن أرض فلسطين ومن الشوارع الحرة الثائرة في القارات الخمس ومُحطماً لهذه النشوة.
twitter.com/nizar_sahli
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإرهاب فلسطين المقاومة غزة الإسرائيلي إسرائيل فلسطين غزة الإرهاب المقاومة مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السابع من تشرین الأول الفلسطینیة التی
إقرأ أيضاً:
ثروت الخرباوي: الجولاني ساعد إسرائيل في تحطيم مقدرات الجيش السوري
قال ثروت الخرباوي، الكاتب والمفكر السياسي، إن هناك من يحاول أن يُجمل المشهد السياسي في سوريا ويقول إنه عبارة عن عمليات استبداد وطغيان من الشعب ضد السلطة.
وأضاف الخرباوي، خلال لقائه مع الإعلامية فاتن عبد المعبود ببرنامج «صالة التحرير» المذاع على قناة صدى البلد، أنه تم تجميد المشهد السياسي في سوريا؛ حيث ظهر الجولاني على أساس أنه رجل سياسي ويتحدث بأنه رجل حداثي يقدم كل فروض الولاء والطاعة لأمريكا».
عمرو أديب يعلق على لقاء "الجولاني" مع رئيس جهاز المخابرات العراقي (فيديو) الفيشاوي يكشف الشرط الوحيد لتجسيد شخصية الجولاني| حقيقة انضمامه لجماعة الإخوان المسلمينوتابع ثروت الخرباوي: قوات الاحتلال الإسرائيلي هي من حطمت جميع مقدرات الجيش السوري، ومن ساعدهم في هذا الأمر هو الجولاني الذي فتح الباب أمامهم لتحقيق أغراضهم.
وأوضح أن هناك أذرع سياسية وعسكرية وفكرية لجماعة الإخوان الإرهابية؛ والتي لم يكن لديها أي أذرع في بداية نشأتها، حيث باتت حاليًا على رأس جماعات التطرف في المنطقة العربية.
واختتم: «لا يوجد أي قيادات حاليًا في سوريا؛ تحاول الحفاظ على الأسرار القومية، بعكس الدولة المصرية؛ والتي تمكنت من الحفاظ على أرضها بفضل أمنها القومي وقيادات جهاز المخابرات المصرية».
تستضيف العاصمة السورية دمشق، الأسبوع المقبل، مؤتمر وطني للقوى السورية، والذي سيشهد إعلان حل مجلس نواب الشعب السوري وجميع الفصائل المسلحة، ومن بينها هيئة تحرير الشام التي يقودها أحمد الشرع الملقب بأبي محمد الجولاني، والتي أطاحت بنظام الأسد.
وأكدت وسائل إعلام سورية أنه من المقرر دعوة 1200 شخصية سورية من الداخل والخارج على مستوى الأفراد وليس الكيانات، بجانب ما بين 70 إلى 100 شخص من كل محافظة، من كافة الشرائح، مشيرة إلى أن المؤتمر "سينبثق عنه تشكيل لجنة لصياغة الدستور الجديد للبلاد، بجانب أفكار لتشكيل حكومة جديدة خلال شهر من المؤتمر الوطني".
وسيشارك في المؤتمر الوطني بدمشق، ممثلون عن الشباب السوري والمرأة ورجال دين، وممثلون عن المجتمع المدني".
ورجح مراقبون أن يتم تشكيل هيئة استشارية للرئيس المؤقت، من مختلف الأطياف على أساس الكفاءة، والإعلان عن لجنة لصياغة الدستور، مؤلفة من الخبرات تراعي التنوع السوري، وتشكيل هيئة استشارية للرئيس المؤقت، لتقديم الدعم والمساندة للسلطة التنفيذية في أداء مهامها.
وتواجه الإدارة الحالية في سوريا مطالب دولية بضرورة إشراك جميع الأطياف السورية في إدارة البلاد، في ظل تشكيل حكومة مؤقتة يقودها أشخاص ينتمون للفصائل المسلحة التي أطاحت بالأسد، أو مقربون منهم.
وقال قائد الفصائل أحمد الشرع في تصريحات تلفزيونية، إن هذا التشكيل من طيف واحد "كان مطلوبا من أجل إدارة المرحلة الحرجة الحالية"، في إشارة إلى تكوين حكومة أوسع بعد المؤتمر الوطني المزمع.
كما أشار إلى أن البلاد "بحاجة إلى 4 سنوات تقريبا لإجراء انتخابات، بسبب مشاكل داخلية، بينها عدم وجود تعداد حقيقي للسكان في سوريا، وذلك في ظل ملايين اللاجئين والنازحين".
في سياق آخر، أكد رئيس جهاز الاستخبارات العامة في سوريا، أنس خطاب، أنه ستتم إعادة تشكيل المؤسسة الأمنية بعد حل كافة الفروع التي كانت موجودة في عهد النظام السابق.
وقال خطاب في تصريح له إن الشعب السوري عانى بمختلف أطيافه وفئاته من ظلم وتسلط النظام السابق عبر أجهزته الأمنية المتنوعة التي "عاثت في الأرض فساداً وأذاقت الشعب المآسي والجراح".
وأشار إلى أن الفروع الأمنية "تنوعت وتعددت لدى النظام السابق واختلفت أسماؤها وتبعياتها، إلا أنها اشتركت جميعاً في أنها سلطت على رقاب الشعب المكلوم لأكثر من خمسة عقود من الزمن، ولم يقم أي منها بدوره المنوط فيه، ألا وهو حفظ الأمن وإرساء الأمان".
وأضاف خطاب: "وعلى صعيد الأمن والاستخبارات، سيعاد تشكيل المؤسسة الأمنية من جديد بعد حل كافة الفروع الأمنية وإعادة هيكلتها بصورة تليق بشعبنا وتضحياته وتاريخه العريق في بناء الأمم".
إلى ذلك، اقتحم جيش الاحتلال الإسرائيلي، الإثنين، مدينة البعث في محافظة القنيطرة جنوبي البلاد، وطرد عدداً من الموظفين من الدوائر الحكومية.
وأكدت وسائل إعلام محلية سورية أن جنوداً من جيش الاحتلال الاسرائيلي دخلوا إلى الدوائر الحكومية في المدينة وطردوا الموظفين بحجة التفتيش، في حين ما تزال قوات الاحتلال متمركزة داخل المدينة.
ومع تصاعد حدة الصراع السوري وإطاحة المعارضة بنظام الأسد، ازدادت الهجمات الإسرائيلية على سوريا، وأسفرت هذه الهجمات عن تدمير البنية التحتية العسكرية للنظام ومنشآته المتبقية، إلى جانب توسيع الاحتلال سيطرته على مرتفعات الجولان، بما في ذلك الأجزاء المتبقية من قمة الشيخ، ودخوله مناطق في حوض اليرموك بدرعا والقنيطرة، مع ارتكاب انتهاكات بحق السكان المحليين.
في موسكو، انتقد وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، السياسات التي انتهجها نظام بشار الأسد في الفترات السابقة، واصفاً إياها بالفاشلة لعدم تحقيقها أي رؤية شاملة لإدارة الأزمات المتفاقمة في البلاد، مؤكدا أن بلاده تتابع تطورات الأوضاع في سوريا عن كثب.
وأضاف لافروف أن التدهور الحالي يعود إلى عجز النظام السوري السابق عن تلبية احتياجات الشعب الأساسية وسط صراع داخلي طويل الأمد، وفقاً لوكالة "تاس".
واعتبر لافروف أن النجاحات العسكرية ضد الإرهاب الدولي التي تحققت بدعم من القوات الجوية الروسية، لم تُترجم إلى تحسين حقيقي في حياة السوريين.
ووفقاً للوزير الروسي، فإن بلاده قدمت دعماً متعدد الأشكال للسوريين، شمل المساعدات الإنسانية، وإعادة إعمار البنية التحتية، وتسهيل عودة اللاجئين. لكنه أشار إلى أن "القيادة السورية السابقة فشلت في إطلاق حوار شامل مع المعارضة والجيران الإقليميين، الأمر الذي أعاق معالجة القضايا الاقتصادية والاجتماعية".