يتساءل الكثير: لماذا المرأة العربيَّة تركض وتلهث خلف الصَّيحات الغربيَّة والأجنبيَّة في حياتها الشخصيَّة، ومبتعدة كُلَّ البُعد عن مبادئ دِيننا الحنيف والسِّيرة النبويَّة الشريفة، ناسين أو يتناسون هذه المبادئ السَّامية الَّتي هي أُسُس الحياة العصريَّة الكريمة الراقية بفنِّ الإتيكيت الاجتماعي والَّتي يتميَّز بها مُجتمعنا العربي الإسلامي.
لقَدْ أدَّت الطفرة التكنولوجيَّة ووسائل الاتِّصال والتواصل الاجتماعي دَوْرًا مُهمًّا في انتشار كثير من فنِّ الإتيكيت الأجنبي والَّتي بدأت تنتشر بَيْنَ أخواتنا وبناتنا، سواء في مجال العمل اليومي الحكومي أو في حياتهنَّ الشخصيَّة. سوف أتطرَّق إلى ثلاثة تفرعات بفنِّ الإتيكيت الاجتماعي والَّتي تُعدُّ البصمة الرئيسة بحياة المرأة العربيَّة وهي إتيكيت (مستوى نبرة الصوت، الجلوس، والمكياج). ونتناول اليوم
مستوى نبرة الصوت الَّذي هو في غاية الأهمِّية لكاريزما للمرأة والَّتي تعكس شخصيَّتها وثقافتها وتربيتها؛ لأنَّ هدوء نبرة الصوت عِند المرأة يُسمَّى في العُرف الدبلوماسي (الصوت الملكي أو السُّلطاني) لكونه منخفض المستوى وهادئ النبرة ومعبِّرًا بنَفْسِ الوقت، وهذا ما يُدرَّس بمختلف المدارس الدبلوماسيَّة الأجنبيَّة، وخصوصًا البريطانيَّة، سواء الدبلوماسيون أو عامَّة الشَّعب من خلال إدخاله في برامج التعليم بمختلف مستوياتها حَوْلَ طبيعة إتيكيت مفاهيم واستخدامات نبرة الصوت، سواء على المستوى الشَّخصي للمرأة أو على مستوى فنِّ الإتيكيت الاجتماعي لبقيَّة شرائح المُجتمع، وكيف يتبارون في وضع المفاهيم لِتصلَ إلى أرقى مراحل كاريزما المرأة المثاليَّة، خصوصًا للكادر الدبلوماسي في حياتها العمليَّة، وكلٍّ حسب مستواها وطبيعة العلاقة بتعاملها مع المُجتمع، سواء الرَّسمي أو الشَّخصي. كانت مدرستنا الإسلاميَّة سبَّاقة وهي الأولى في هذا المجال، حيث حثّت على الصوت الهادئ المنخفض، وهناك آيات قرآنيَّة كريمة بهذا الخصوص، واضعين بعَيْنِ الاعتبار المكانة الاجتماعيَّة والدينيَّة والعلميَّة والعمريَّة لكُلِّ شخص، وكانت هذه الآية الكريمة ذات دلائل كبيرة في مستوى نبرة الصوت حيث قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ…) (الحجرات ـ 2)، وهو مثال ودرسٌ ربَّاني راقٍ وكامل، عَلَيْنا الاقتداء والعمل به جميعًا، حيث نبرة ومستوى الصوت له دلالات جوهريَّة في حياتنا ابتداءً من الأُسرة الصغيرة من الابن والوالدين، الرعيَّة والمسؤول بَيْنَ الأدنى والأعلى، الموظف ومديره إلى آخره، المرأة ومكانتها الاجتماعيَّة والرسميَّة، والأمثلة كثيرة الَّتي يُمكِن تطبيقها. ويؤكِّد علماء النَّفْس الاجتماعي، وكذلك المدارس المتخصِّصة بالدبلوماسيَّة وفنِّ البروتوكول والإتيكيت، أنَّ الابتسامة أثناء الحديث ومستوى نبرة الصوت الهادئة الرَّقيقة مع الآخرين تُعطي انطباعًا جيِّدًا عَنْكِ؛ لأنَّها تعكس جَمال الروح وطِيبة القَلْب وبساطة وتواضع المرأة، وهي سببٌ من أسباب النجاح والتفوُّق، بالإضافة إلى أنَّها تكُونُ أكثر جاذبيَّة وقدرة على إقناع الآخرين وهي أهمُّ مُقوِّمات إتيكيت نبرة الصوت. اهتمَّ علماء عِلْم النَّفْس وعلماء عِلْم الاجتماع كثيرًا بالدلائل ومعاني مستوى نبرة الصوت، ووضعوا لها ستَّة مستويات استنادًا إلى (الحدَث والمكان والزمان والوقت). فعلى سبيل المثال، مستوى نبرة الصوت والكلام في المؤتمرات تختلف اختلافًا كُلِّيًّا عن مستوى نبرة الصوت في الأسواق أو المطارات أو الأماكن العامَّة، بالإضافة إلى نَوْع الحدَث وقوَّته، لذلك تمَّ تقسيمه إلى ستَّة مستويات كما يلي: أوَّلًا: مستوى نبرة الصوت صفر (Non voice) وهو ما يجري في الاجتماعات والمؤتمرات الرَّسميَّة، حيث يكُونُ مستوى نبرة الصوت (صفر) وإنَّما تكُونُ لغة الجسد والعيون هي الدلائل والمعاني للتعبير عن شيء معيَّن والصوت ممنوع نهائيًّا. وثانيًا: مستوى نبرة الصوت الهمس (Whisper Voice) وهو صوت منخفض جدًّا بَيْنَ شخصَيْنِ ولا يتعدَّى سماعه إلى الشخص الثالث ولا يزيد مسافة سماعها عن (50 سم) بَيْنَ أُذن كُلِّ شخص، وهو الصوت الخفيُّ الَّذي لا يسمعه الشَّخص الثالث. وثالثًا: الصوت المتبادل (Tablevoice ) وهو صوت متوسِّط المستوى بَيْنَ ثلاثة أو أربعة أشخاص قَدْ يكُونُونَ جالسين على طاولة الطعام في جلسة أصدقاء بحيث الطاولة الجانبيَّة لا يسمعون شيئًا. ورابعًا: الصوت المسموع (Presenting voice) وهو مستوى الصوت الواضح المعتدل في إلقاء المحاضرات وبنغمات ومستويات مختلفة بَيْنَ المنخفض والمتوسِّط، وكما هو في تجويد أو ترتيل القرآن الكريم، وكذلك في وسائل الإعلام بالمقابلات المرئيَّة والمسموعة. وخامسًا: الصوت العالي (Outside voice) وهو الصوت العالي المسموع من الجميع المتوافر في المناطق المفتوحة كملاعب كرة القدم وأنواع الرياضات الأخرى، وفي ساحات وفرص استراحة الطلبة. وسادسًا: الحالات الطارئة (Emergency Voice) وهو الصوت العالي جدًّا ويستخدم في الحالات الطارئة كالحريق ومشجِّعي المباريات وطلب المساعدة وغيرها، وسوف نتطرَّق بالمقالات القادمة إلى فنِّ إتيكيت الجلوس وطبيعة المكياج.
د. سعدون بن حسين الحمداني
دبلوماسي سابق والرئيس التنفيذي للأكاديمية الدولية للدبلوماسية والإتيكيت
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
القومي للمرأة يستقبل الوفد الرئاسى الكيني للإطلاع على جهود المجلس
استقبل المجلس القومي للمرأة ،أمس، الوفد الرئاسى الكيني ، بحضور الدكتورة نسرين البغدادي نائبة رئيسة المجلس ، والدكتورة بريسكا اولوتش محاضر رئيسي أول في مجال البحث وايفانز اياو مستشار بكلية كينيا للحكومة ودكتورة حنان رزق مديرة التنمية بالمعهد القومي للحوكمة والتنمية المستدامة، بهدف التعرف على جهود المجلس في مجال تمكين المرأة وبحث سبل التعاون المستقبلية بين الجانبين.
فى البداية رحبت الدكتورة نسرين البغدادي بالوفد ، وأكدت على أن المجلس هو الآلية الوطنية المنوط بها تمكين المرأة فى مصر، واستعرضت تشكيله واختصاصاته وفروعه بجميع المحافظات، كما استعرضت جهود مصر في مجال تمكين المرأة والتي كان من بينها إطلاق الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030 في اطار أهداف التنمية المستدامة، وبما يتماشى مع رؤية مصر 2030، وما تحقق من تقدم محرز بمحاورها.
كما تطرق اللقاء الى عرض البرامج والمشروعات التى ينفذها المجلس لتمكين المرأة منها مشروع دعم تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد المرأة ، وبرنامج التمكين الاقتصادى والتوعية للمرأة المصرية والوافدة ، وبرنامج مجموعات الإدخار والإقراض الرقمي "تحويشة"، وبرنامج نورة والذي يحظى برعاية السيدة انتصار السيسي، ويستهدف تمكين الفتيات وتنمية مهاراتهن وقدراتهن بمحافظات سوهاج وأسيوط وبنى سويف والدقهلية، وبرنامج “نور” الذي يُعد استكمالاً لمشروع “نورة”، ويهدف إلى تعزيز تمكين الفتيان في الفئة العمرية من 10 إلى 14 عامًا من خلال إشراكهم ودمجهم في مجتمع يحرص على منحهم الفرص الكاملة لتحقيق إمكاناتهم من أجل بناء ثقافة داعمة لقيم المساواة بين الجنسين.
كما تم عرض جهود مكتب شكاوى المرأة فى تقديم الدعم القانوني والنفسى للسيدات، وحمايتهن من العنف والتحرش، علاوة على عرض جهود المجلس فى ملف تمكين المرأة اقتصاديا من خلال تدريب السيدات على الحرف اليدوية وتنمية قدراتهن في ريادة الأعمال والتسويق، وجهود مشروع معالجة الدوافع الاقتصادية للهجرة غير الشرعية في محافظات الاقصر والمنيا والغربية والبحيرة.
وبدورها أشادت الدكتورة بريسكا أولوتش بجهود مصر والمجلس في تمكين المرأة المصرية، معربة عن رغبتها فى الإستفادة من تجربة المجلس فى هذا الملف الهام.
وعلى هامش اللفاء تفقدت الدكتورة بريسكا أولوتش والوفد المرافق لها يرافقها الدكتورة نسرين البغدادي معرض منتجات الحرف التراثية التى تم انتاجها بايدي سيدات مصريات، ومكتب شكاوى المرأة للتعرف على آليات عمله فى تلقى الشكاوى.