كانت تتسابق الكلمات مع دموع فتى فلسطيني فقد عائلته قبل أيام بقصف الاحتلال المتواصل على غزة.

وبينما كان من حوله يحاولون تهدئته انطلقت جمل خرقت جدار الحزن المحيط بغزة، لتمثل السؤال الفخ القائل:
"وين العرب وين المسلمين بيحكو فينا ولا بيسوولنا أشي".

طفل يصرخ بسبب استشهاد عائلته ????
وين العرب ! pic.twitter.

com/TKwK74oh0V — خواطر الشعراوي (@Rf_563) October 22, 2023

لم يسبق العدوان الأخير على قطاع غزة سابقاته، فلم يأت كما المعتاد بتفوق "إسرائيلي" عسكري، بل جاء بضربة مفاجئة للمقاومة صدمت الاحتلال وأجهزته الأمنية والعسكرية، جعل رده الانتقامي يركز على إيقاع أكبر عدد ضحايا من المدنيين لذا كانت غالبية الشهداء من الأطفال والنساء.

حجم الحدث يظهر واضحا في تداعي الغرب على دعم الاحتلال وتقاطر زعمائه على "تل أبيب" بدءا بالرئيس الأمريكي جو بايدن ولس انتهاءا بنظيره الفرنسي ماكرون، حيث اتفقت خطاباتهم جميعا على نقطة واحدة، دعم مطلق للاحتلال، وإدانة للمقاومة، وتجاهل متعمد لمجازر الاحتلال في فلسطين عموما، في السابق واللاحق.

وحده الموقف العربي الرسمي، لم يرق لمستوى الحدث، تدرج من بيانات التهدئة وضبط النفس إلى الاستنكار والإدانة، ولم يراوح مكانه حتى الآن.

وما زاد الأمر قتامة، إعلان الاحتلال غلق معبر رفح المصري مع القطاع، وعجز الأنظمة العربية مجتمعة على إرغام الاحتلال على القبول بدخول المساعدات التي هدد بقصفها إلى قطاع غزة، إلا بعد وساطة من بايدن.

تباينت المواقف العربية من المقاومة بين ممتنع عن الإدانة، ومستنكر لدفاعها عن الشعب الفلسطيني كما الحال مع الإمارات والبحرين والمغرب.

ولعل موقف البلدان الثلاثة يفسر لماذا لم تقم إحداهن حتى باستدعاء سفير الاحتلال على خلفية المجازر الدامية في غزة، خصوصا مجزرة مستشفى المعمداني الذي راح ضحيتها 500 شهيد.



لغة البيانات
يقول الكاتب والباحث الفلسطيني صلاح الدين عواودة، إن الموقف العربي من القضية الفلسطينية منذ كامب ديفيد وحتى الآن، وهو يتراجع وكان في هذه الحرب الأسوأ في تاريخه، فالانظمة العربية بين مطبع ولاهث للتطبيع
إضافة إلى موقفها العدائي للمقاومة الفلسطينية المتمثلة بحركة حماس.

وأضاف في حديث لـ "عربي21”, "بناءا على مواقفهم فإن بيانات التنديد والاستنكار مجرد ذر الرماد في العيون ومحاولة لتخدير الشعوب المتعاطفة وفي حقيقتها لا تندد بل تدعم وتؤيد العدوان وإن كانت ربما كالولايات المتحدة منزعجة من كثرة الضحايا الأبرياء من النساء والأطفال".

من جهته يرى الباحث السياسي العراقي حسين السبعاوي، "أن هناك فرق بين موقف الشعوب العربية وبين مواقف حكامها، بالنسبة لمواقف الأنظمة العربية هي مواقف مخزية وغير مقبولة ولا تمثل الحد الأدنى لتطلعات الشعوب بل منهم متواطئ مع الإحتلال ضد المقاومة الفلسطينية، أما مواقف الشعوب فهي مع المقاومة الفلسطينية لكنها مغلوب على أمرها ولا تستطيع ترجمت هذه المواقف على الأرض سوى بعض المظاهرات في بعض الدول".

المشكلة هيكلية
كان أحد أهم الأسئلة حول الموقف العربي من العدوان على غزة، عن عدم رغبة بعض الزعماء بتسجيل موقف تاريخي في هذا الأزمة ينعكس إيجابيا على شعبيتهم في دولهم.

وحول ذلك يؤكد السبعاوي في حديث لـ "عربي21”, أن هذه الأنظمة لا تمثل شعوبها، التي لم تخترها للحكم، فهي مجرد أنظمة وظيفية تسعى للحفاظ على مصالح من اوجدها في السلطة".

وتابع، "هي لا تعبأ بمشاعر شعوبها ولا يمكن أن يكون لها موقف مشرف من القضية الفلسطينية وهذا حالها مع جميع الحروب العربية الفلسطينية سابقا منذ 1948 وإلى الآن، إضافة لمواقفها المخزية  ضد المقاومة الفلسطينية وفي نفس الوقت تطبّع مع الإحتلال الصهيوني".

يتفق الباحث الفلسطيني عواودة بهذا الرأي قائلا، "لو كانت الأنظمة العربية أنظمة وطنية وافرزتها انتخابات ديمقراطية ومخولة من شعوبها لتحولت إلى قوة عظمى يخطب العالم ودها ولما بقيت اسرائيل يوما واحدا".

وأردف، "الأنظمة للأسف تستمد شرعيتها من الخارج وبالتالي فقرارها من الخارج ولا تملي أي ورقة ضغط فضلاً عن أنها لا ترغب بالضغط أصلا على الاحتلال أو الدول الراعية له".

واستدرك، "وهذا لا يمنع أن يكون هناك بعض الدول العربية التي تتعاطف مع الفلسطينيين لكنها أقلية وبعيدة عن فلسطين جغرافيا عموما".



نجدة الغرب وعجز العرب
لم تتأخر الولايات المتحدة وحلفاءها عن إعلان تضامنها مع الاحتلال، ثم ما لبثت حتى بدأت بإرسال المساعدات العسكرية، التي تطورت لاحقا لحاملتي طائرات ترابط إحداهما قبالة سواحل شرق المتوسط والأخرى في الخليج العربي.

وتكرر الأمر على الصعيد السياسي، بالدعم المعلن للاحتلال وتبني مواقفه كلها حتى تلك التي ظهر زيفها، كما جرى مع مجزرة مستشفى المعمداني، مقابل موقف عربي لم ينجح حتى بالدعوة لقمة طارئة.

يقول، السبعاوي، "منذ الساعات الأولى لمعركة طوفان الأقصى قد أعلنت الحكومات الغربية وأمريكا دعمهما للإحتلال الصهيوني فمنها الدعم العسكري ومنها الدعم السياسي والإعلامي وقد شاهدنا كيف انحازت كبرى المؤسسات الإعلامية للعدو الصهيوني وهي تفبرك الصور الكاذبة وتتبنى رواية العدو".

وأضاف، "بينما النظام العربي عاجز عن تقديم المساعدات الإنسانية لغزة وعاجز من أن يعلن موقف رسمي داعم للمقاومة الفلسطينية بل حتى يحاربون الناشطين الداعمين للمقاومة من داخل شعوبهم فهناك فرق كبير بين مواقف الحكومات الغربية الداعمة للإحتلال وبين مواقف الحكومات العربية وما مؤتمر القاهرة إلا نموذجا عن المواقف العاجزة للحكام العرب تجاه ما يجري في غزة".

غليان الشارع
تتسع رقعة التظاهرات في العالم وخصوصا المنطقة العربية، مع توحش العدوان الإسرائيلي على غزة، وربما ذلك يدفع بعض الحكومات العربية لمواقف أكثر صرامة تجاه الأحداث في فلسطين.

وكان نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي فشل بمحاولة الإمساك بزمام التظاهرات التي اجتاحت مصر في الـ 20 من الشهر الجاري، بعد أن وصفها بأنها مسيرات تمنحه التفويض لمعالجة الموقف خصوصا بعد ظهور نية الاحتلال تهجير سكان غزة نحو سيناء المصرية.

وباتت الشعارات التي تنتقد الموقف الرسمي العربي من العدوان على غزة، واضحة في عدة عواصم عربية، ما يضع تلك الحكومات في موقف محرج ولحظة انفجار متوقعة.

يرى الباحث صلاح الدين عواودة، "إذا استمرت المجازر وتمادى العدو فأظن أن حراك الشعوب سيتصاعد بشكل يقلق الأنظمة مما يدفعها للحراك لدى الغرب والاحتلال لوقف العدوان حرصاً على أمنها واستقرارها وبالتالي أمن واستقرار الاحتلال".



أوراق لم تستخدم
شكلت عملية "طوفان الأقصى" صدمة  للاحتلال، بدت واضحة في التخبط بقراره السياسي، فضلا عن الفشل العسكري الذريع، حتى مع دخول الحرب أسبوعها الرابع من دون أي نتائج على الأراض، فما زالت المقاومة تمطر الأراضي المحتلة يوميا بعشرات الصواريخ، وما زال الأسرى ورقة التفاوض الأبرز.

كان من المرجح أن تمنح قوة المقاومة الموقف الرسمي العربي قوة تماثلها، خصوصا في ظل الأوضاع الجيوسياسية التي يشهدها العالم، باضمحلال فكرة القطب الواحد والصراع المشتعل شرق أوروبا والتنافس مع الصين.

إلا أن ذلك لم يحدث، نظرا لمواقف الدول العربية بشكل عام والتي لم يطرأ عليها تغير يذكر رغم تصاعد العدوان.

تمتلك الدول العربية، عدة أوراق ضغط من شأنها أن تغير المعادلة في غزة والمنطقة عموما، وعلى رأسها ورقة إمدادات الطاقة التي ستمثل أزمة عالمية في حال لوحت بها الدول العربية المصدرة للنفط، لاسيما أن الاحتلال يمنع إدخال الوقود اللازم لإمداد مشافي غزة بالطاقة الكهربائية.

كذلك تتمتع الدول العربية المصدرة للغاز بالقدرة على التأثير عالميا، خصوصا أن إمدادات الغاز الروسي قد توقفت بعد الحرب الأوكرانية، يساعد على ذلك فصل الشتاء القادم.

كما لا تقل أهمية المضايق البحرية عن باقي أوراق الضغط العربية، بدءا من هرمز وباب المندب وصولا لقناة السويس المصرية، هذا فضلا عن إغلاق الأجواء أمام طائرات الاحتلال وتلك التي تقدم الدعم العسكري له.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية غزة العدوان المساعدات المواقف العربية غزة المساعدات العدوان المواقف العربية طوفان الاقصي سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأنظمة العربیة الدول العربیة على غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

مركز ميموريال سلون كيترينغ لعلاج مرضى الأورام يعزز التزامه تجاه المرضى في الخليج العربي والشرق الأوسط قبيل مشاركته بمؤتمر الصحة العربي

يسر مركز ميموريال سلون كيترينغ الرائد عالميًا في علاج المرضى، وتعليم الأطباء، واجراء الأبحاث العلمية للأورام، الإعلان عن التوسع في خدمة ورعاية مرضى الأورام في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط تأكيدا لالتزامه الراسخ بالمنطقة وأهلها.
وفي أطار هذا الالتزام يعمل مركز إيهلمر وممدوحة السيد بوبست الدولي في ميموريال سلون كيترينغ لعلاج مرضي السرطان على توفير كل ما يلزم من خدمات تسهم في تسهيل الوصول والحصول على الرعاية الطبية الرائدة عالمياً للمرضى من خارج الولايات المتحدة الأمريكية. تشمل هذه الخدمات الجديدة تبسيط وتسريع عملية مراجعة السجلات الطبية للإسهام في معالجة أكثر فعالية. ذلك يتضمن إزالة كل العقبات في جدولة المواعيد للوصول إلى الأطباء المتخصصين فوراً، إضافة إلى جهود التشاور الحي الدائم والمتواصل ما بين الخبرات المتخصصة لنوعية مرض معين بهدف تسهيل عملية حجز المواعيد، التخطيط للعلاج، وتنظيم السفر إلى نيويورك. ميموريال سلون كيترينغ تكمل جهودها التي بدأتها عام 1884 لضمان حصول المرضى من الخليج العربي والشرق الأوسط على أعلى معايير الرعاية الصحية من دون أي تعقيدات.
كما يستكمل مركز ميموريال سلون كيترينغ فرص تعزيز التبادل العلمي وفرص الأبحاث بين الولايات المتحدة الأمريكية والإمارات العربية المتحدة. هدف هذا الاتحاد المساعدة في تطوير علم الأورام وابتكار حلول جديدة. على سبيل المثال، يتشرف البرفسور الدكتور لاري نورتن، المدير الطبي المؤسس لمركز إيفلين لودر لعلاج سرطان الثدي، والبرفسور الدكتور غسان أبو علفا، استشاري أورام الجهاز الهضمي في مركز ميموريال سلون كيترينغ لعلاج مرضي الأورام، بإلقاء محاضرات رئيسية في مؤتمر الصحة العربي الاسبوع القادم في دبي.
يقول البرفسور الدكتور غسان أبو علفا الذي ساعد على إيصال ما لا يقل عن سبع علاجات في الحصول على اجازة وكالة الأدوية الفدرالية الأمريكية “نفتخر في ميموريال سلون كيترينغ في تقديم العلاج الصائب لمريض معين في جو حميم ودافئ للمريض واهله. في ميموريال سلون كيترينغ نحن نعالج المرضى وليس الأمراض”
واضاف البرفسور الدكتور لاري نورتن: “على مدار أكثر من 140 عامًا، كان مركز ميموريال سلون كيترينغ رائدًا في مجال رعاية مرضى السرطان. من خلال دمج جميع جوانب الرعاية من المريض نفسه إلى المعرفة والدراسات المخبرية والسريرية الحديثة، نواصل توسيع فهمنا للأورام. بهذه الطريقة، نحقق اكتشافات تغير مفاهيم التشخيص والعلاج، كما تحسن جودة الحياة للمرضى. من خلال علاقاتنا وأبحاثنا في المنطقة، نسعى متحدين وسويا إلى تطوير نماذج جديدة للرعاية الصحية وتقديم علاجات جديدة تعود بفائدة أكبر على المرضى في الخليج العربي، و الشرق الأوسط، و حول العالم.”
كما سيجتمع البرفسور الدكتور غسان أبو علفا والبرفسور الدكتور لاري نورتن مع الأطباء وقادة الرعاية الصحية في دولة الامارات للاطلاع على الاحتياجات المحلية واستكشاف فرص التعاون المحتملة. تأتي هذه الجهود ترسيخاً وتأكيدًا على التزام مركز ميموريال سلون كيترينغ بتقديم رعاية طبية تتماشى مع جميع الاحتياجات الصحية lلتي تضمن حصول المرضى جميعاً على علاج فعال.


مقالات مشابهة

  • فهمي بهجت: موقف القاهرة الثابت تجاه فلسطين يكشف المخططات التي تستهدف الدولة
  • مركز ميموريال سلون كيترينغ لعلاج مرضى الأورام يعزز التزامه تجاه المرضى في الخليج العربي والشرق الأوسط قبيل مشاركته بمؤتمر الصحة العربي
  • حماس: مشاركة السلطة الفلسطينية في العدوان الصهيوني على جنين جريمة بحق شعبنا
  • حماس تدين مشاركة السلطة الفلسطينية في العدوان الصهيوني على جنين وتعتبرها جريمة بحق شعبنا
  • حركة الجهاد تندد بعمليات القتل والتهجير التي يمارسها العدو في جنين
  • الجهاد الاسلامي تندد بعمليات القتل والتهجير التي يمارسها العدو في جنين
  • «الصحة الفلسطينية»: 9 شهداء ونحو 40 مصابا في العدوان الإسرائيلي على جنين
  • الصحة الفلسطينية: 8 شهداء و35 جريحاً حصيلة العدوان الإسرائيلي على جنين اليوم
  • الصحة الفلسطينية: ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على جنين إلى 6 شهداء و35 مصابا
  • الرئاسة الفلسطينية تدين العدوان الإسرائيلي المتواصل على شعبها