قصف غزة والإبادة الجماعية … لن تحقق لليهود غاية
تاريخ النشر: 31st, October 2023 GMT
شمسان بوست / عفاف سالم
ما يرتكب في غزة من مجازر وحشية بحق المدنيين العزل من أطفال ونساء وعجزة وهدم البنايات على رؤوس المدنيين المسالمين وصمة في جبين الحكام والرؤساء وقيادات كل الدول الراعية للسلام والمدافعة عن حقوق الانسان التي يجب عليها أن تكبح جماح العدوان الهمجي الذي يقطع كل أسباب الحياة عن شعب اعزل من دون رحمة
قبل أسابيع قرأنا أن اليهود سيدكون المستشفيات التي تضم مئات الضحايا من القتلى والاشلاء الذين يفتشون لهم عن اكفان بعد أن ملأوا الثلاجات بما فيها ثلاجات الايسكريم حينما انعدم الدواء ويضم الجرحى الذين يحتاجون للاسعافات الطارئة جراء المجازر الوحشية فضلا عن اوجاع اهاليهم والباحثين عن مفقوديهم
في ظل هذه الأوضاع الكارثية في غزة المنكوبة بالخذلان المخزي يفرضون الاخلاء للمشفيات ولما ما وجدوا من يحدد موقفه من ذلك التهديد الغير إنساني بقصف للمشفيات دكوها من دون تردد
فمشفى المعمداني الذي شهد الثلاثاء اكبر مجزرة بحق الفلسطينيين عندما تم قصفه والقضاء على اغلب من فيه فأين المنظمات الإنسانية والحقوقية والأخلاقية من جريمة الإبادة الوحشية للبشر والشجر والحجر في غزة
ماالذنب الذي ارتكبه الأبرياء وهم يتعرضون للعقاب الجماعي والقتل البشع بهدم المباني على رؤوس الساكنين بل حتى المشفيات تنتهك حرماتها ليل نهار والصمت المطبق سيد الموقف ولم يحركوا ساكنا وكل ما فعلوه هو تكبيل الأفواج الغاضبة والأفواه المنددة التي هبت لنصرة المستضعفين في غزة الصامدة المثخنة بالجراح اليومية الدامية من الشعوب التي تعاف الظلم وتندد بانتهاك الحرمات التي خرجت ومازالت رافضة للعنف
الجدير أنه كلما ازداد ضعف حكامنا ازداد النهم وفتحت شهية الصهاينة أكثر للتدمير لكن مؤكد أن الضغط سيولد الانفجار وسيتحول أبناء غزة خصوصا وفلسطين عموما لثوار يخوضون المواجهة للثأر والانتقام فكل من فقد أهله وذويه وكل من ضاق ذرعا بالحصار ولم يعد لديه شيئا يخاف عليه لا اهل ولا منزل ولا مأوى آمن يلجأ إليه ولا غذا يطفئ جوعه فسيكون الموت اهون عليه من وطن سلبت فيه منه كرامته
اشتداد وحشية الصهاينة ضد المدنيين سيؤدي للتجييش للدفاع عن غزة والاقصى ولن يتمكن الحكام من كبح جماحه مهما احكموا القبضة وشددوا الخناق فالله سينتصر لتلك الفئة المستضعفة المرابطة رغم روائح الموت التي غدت تكتسح ثلاجات الايسكريم بعد امتلاء ثلاجات الموتى فضلا عن أشلاء بشرية مكومة بمنتهى الوحشية تحت ركام البنايات تردفها انات الجرحى المغمسة بالاوجاع والدماء وايات وملاحم الصمود البطولي الاسطوري المتشبث بالأرض التي تدك يوميا لتجبرهم للبحث عن وطن بديل من دون جدوى فهنيئا لهم الصبر والشهادة
أما كان يجب على كل القوى المحبة للسلام أن تتدخل بقوة لنزع فتيل الحرب وحقن الدماء
أما كان على الحكام العرب أن يحددوا موقفا موحدا للضغط بقوة لوقف الانتهاكات الصارخة للحفاظ على ماء الوجه أمام شعوبهم المقهورة
بالمناسبة سمعنا عن ادعاءات باطلة للتمهيد لقصف مشفيات أخرى بحجة أن معسكرات حماس تحتها لكبر مساحتها وهذا جنون وافلاس فكبر المساحة لأن العدوان متوقع ومتكرر ونتساءل إن كانت حتى المشفيات مستهدفة فما الذي تبقى لأبناء غزة من سبل العيش ومؤكد لن يظلوا مكتوفي الأيدي ولعل ذلك مااربك وزير خارجية اسرائيل حينما سئل أليس من حقهم الدفاع عن النفس
الهجمة البرية على غزة نكبت اليهود الذين اعجبتهم كثرتهم فقد أسفرت عن عشرات القتلى منهم وإحراق دباباتهم فضلا عن الجرحى والاسرى الذين وقعوا في قبضة حماس طبعا عدا من تم نقلهم عبر المروحيات مايعني أن الحصيلة تتجاوز الارقام المعلن عنها بكثير ولذا ازداد جنون الاكتساح وطمس معالم الحياة في غزة بحثا عن إبرة في كومة قش لكن مؤكد سيهزم الجمع ويولون الدبر فقد القى الله في قلوب اليهود الرعب والخوف والذلة وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله وماالنصر الا من عند الله
وقتلى غزة والمسلمين شهداء وفي نعيم مقيم وقتلى الكفار في جحيم ابدي فقد اخبر الرسول الكريم أن جنة الكافر دنياه وجنة المسلم اخرته فما بالكم بالشهداء فضلا عن المرابط الصابر الذي له أجر خمسين شهيدا والحديث صحيح وخير الرباط رباط عسقلان كما قال نبيكم في حديث صحيح اخر
بقي أن نقول لكل غيور إن تم تكبيل اجسادكم وايديكم وعجزتم عن نصرة اخوتكم فألسنتكم مازالت حرة طليقة فدعوا المساجد تضج بالدعاء في كل فرض فرب أشعث اغبر من بين تلك الجموع لو أقسم على الله لأبره
ولعل خسوف الامس كان لحكمة إلهية حتى يفزع المسلمون للصلاة في وقت واحد وكي ينصرون اخوتهم بالدعاء وتذكيرا أن الساعة قد اقتربت فقد كثرت علاماتها فالخسوف والكسوف انذار بعقوبات قادمة قد تكون عاجلة أو آجلة ولذا قال رسولكم اذا رأيتم الكسوف فافزعوا إلى الصلاة
وللحديث تتمة وماتنسوا الصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين
المصدر: شمسان بوست
إقرأ أيضاً:
عبد الخالق محجوب: فضلاً أن صلاح أحمد إبراهيم شاعر حقيقي
عبد الخالق محجوب: فضلاً أن صلاح أحمد إبراهيم شاعر حقيقي
كمال الجزولي
(اجتمع نفر من أصدقاء كمال الجزولي ومحبيه يوم الاثنين الماضي في لقاء زوم للحفاوة بمأثرته الثقافية والسياسية في مناسبة صدور روايته "قيامة الزئبق" عن دار الروزنامة في النشر (وهي دار نشأت في تخليد ذكره) في يناير الماضي. وبجانبي وعبد المنعم الجزولي عن الأسرة تحدثت في اللقاء الدكتورة لمياء شمت حديثاً استفاضت فيه عن جغرافيا مأثرة كمال التي بلا ضفاف رحمه الله. وأعيد نشر كلمة سبق لكمال نشرها في روزنامته في يوم ما).
بين كمال الجزولي وبيني أستاذنا عبد الخالق محجوب. عرفنا منه عن كثب ما ربانا معاً على معنى للزمالة صمد لعاتيات تحولاتي السياسة ولعاتيات كمال الكثيرة. كان إذا جاءت سيرته بيننا أشرق فانوس من المثاليات من رجل أخذ رسن القيادة بحقها. وكان هذا الرباط أيضاً ما وثق بيني وبين المرحوم عبد الله محمد الحسن في آخر الستينات. ولا أعرف مثله من أحب عبد الخالق. وأحب هو عبد الخالق جداً. وله كتابات في الرد على صلاح أحمد إبراهيم حين أطلق سخريات مرة عن عبد الخالق البرلماني في 1968.
وحكاية عبد الخالق وصلاح أحمد إبراهيم مما كان كمال يؤنسني بها. ووقعت في أيام المبارزة المعروفة بين صلاح وعمر مصطفي المكي، رئيس تحرير جريدة الميدان وعضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي، على صفحات جريدة الصحافة في شتاء 1968. وكانت لها عناوين جهادية مثل "الأقنعة الزائفة لا تبدل من الحقيقة شيئا" (عمر مصطفي المكي) و "هيها يا مسيلمة فشرف المبارزة قاصر على الشرفاء" (صلاح أحمد إبراهيم). ودخل عبد الخالق على تلك الخصومة بدماثة قيادية قد لا يصدق أحد أنها مما يحدث ماضياً وحاضراً.
وفي ليلة في ذكرى صلاح أحمد إبراهيم بالنادي الدبلوماسي حكى كمال الجزولي كشاهد عيان مأثرة لأستاذنا تأخذك منك. قال للحضور:
ولأنَّني أحسُّ بأن معظمكم ربَّما كان متشوِّقاً لسماع إفادة في هذا المحور، فلا أغادر دون أن أدلي بما يقع في حدود علمي:
رغم ما قد يبدو على صلاح أحمد إبراهيم أحياناً من خشونة مظهريَّة في معاركه الفكريَّة، وفي خلافه، بالأخص، مع الحزب الشِّيوعي، إلا أنه يتَّسم، مع ذلك، بدماثة متناهية، ولين مزاج اجتماعي رائق. جاء من باريس بعد الانتفاضة، لأوَّل مرَّة، وكنت، وقتها، عضواً بهيئة التَّحقيق والاتِّهام ضد عمر محمد الطيب، نائب رئيس الجُّمهوريَّة، ورئيس جهاز أمن الدَّولة، ومجموعة من ضبَّاطه، في قضيَّة ترحيل اليهود الفلاشا إلى إسرائيل، فرجاني ألا أخاطبهم بغير ألقابهم العسكريَّة! قال: ذلك لن يضير عملكم في شيء، لكنهم خارجون لتوِّهم من "دنياهم المجيدة" إلى ظرف استضعاف لم يعتادوه، فيجدر "التَّرفُّق" بهم مهما كانت أفعالهم! قال ذلك رغم أنه، شخصيَّاً، كان قد تضرَّر من معاملة جهاز الأمن له، ولأسرته، وأصدقائه، على مدى سنوات طوال حرم خلالها حتَّى من زيارة السُّودان!
في عام 1968م كنت صحفيَّاً بجريدة "الضِّياء"، لسان حال الحزب الشِّيوعي بعد حله، وكان يرأس تحريرها عمر مصطفى المكي، وكنت أشاركه، وسمير جرجس، مكتباً داخليَّاً واحداً. كانت الجَّريدة متوقِّفة عن الصُّدور بسبب تعثُّرها في سداد مستحقَّات المطبعة. فكان عمر مشغولاً، معظم الوقت، بكتابة مقالاته الهجوميَّة ضدَّ صلاح، في إطار سجالهما المشهور بجريدة "الصَّحافة"، يغلظان على بعضهما البعض بصورة غير مسبوقة، وكان يشرف على "تسخين" تلك السِّجاليَّة الصـَّحفي النَّشط مبارك الرفيع!
وأذكر أن غالبيَّة المبدعين داخل الحزب كانوا غير راضين عن محاولة عمر التعريض بإبداع صلاح (!) علماً بأننا كنا نوقِّر مكانة الأخير المرموقة في خارطة الشِّعر السُّوداني، بل والعربي. وكانت لبعضنا علاقات طيِّبة معه في المستوى الشَّخصي، لذلك تأثُّرنا بالغاً حين علمنا بارتفاع السُّكر في دمه بسبب تلك السِّجاليَّة حسبما أبلغه الطبيب!
وذات مرَّة توعَّده عمر بأنه، في مقال قادم، سيتناول "شعره المزعوم"، على حدِّ تعبيره! وبحكم وجودي في نفس المكتب كنت شاهد عيان على مجيء عبد الخالق، في ذلك اليوم، إلى مقرِّ "الضِّياء"، برفقة الرَّشيد نايل، ليطلب من عمر التَّوقُّف عند ذلك الحدِّ، قائلاً له ما يعني أن النَّاس، عادة، لا يقبلون الأحكام النَّقديَّة تصدر من غير المتخصِّصين، وأنت لم تُعرف كناقد أدبي، فضلاً عن أن صلاحاً شاعر حقيقي، والخلاف السِّياسي معه ليس تكأة لأن نحشر موضوع شعره فيه!
وكان قد سبق لعبد الخالق موقـف مماثل، تأسيساً على احتجـاج كـان أبداه زميلنا عـبد الله علي إبراهيم إزاء هجوم صحيفة الحزب، في مناسبة سلفت، على صلاح الشَّاعر، ولعلّه أشار لذلك قبل فترة، إن لم تخنِّي الذاكرة!
الشَّاهد أنني، في محاولة لإقناع صلاح بأن عبد الخالق لا يقف خلف مقالات عمر كما كان يعتقد، استشهدت له بتلك الواقعة مرَّتين: الأولى مساء نفس اليوم، عندما التقينا، وبعض الأصدقاء، في مكتبة ومقهى "سدرة المنتهى" بالمحطة الوسطى بالخرطوم. لكنه لم يكن ليصدِّق، فقد كان يجزم أن عمراً لا يكتب إلا بتحريض من عبد الخالق، وسبحان من كان يستطيع أن يقنعه بخلاف ذلك!
أمَّا المرَّة الثَّانية فقد حدثت بعد ذلك بعشرين سنة، حين التقينا عام 1988م، على مائدة عشاء بمنزل صديقنا المؤرِّخ العسكري عصمت زلفو. كان صلاح هناك، بالإضافة إلى علي المك ومحجوب عثمان. وحاولوا جميعاً أن يؤكدوا له أنه مخطئ في اعتقاده بأن عبد الخالق كان يحرِّض ضدَّه. بدا، ليلتها، ميَّالاً للتَّصديق، لا سيَّما وقد أشرت إلى طلب عبد الخالق الاستماع إلى "الطير المهاجر" في سهرة إذاعيَّة استضيف فيها بمناسبة فوزه في انتخابات الدَّائرة الجنوبيَّة التَّكميليَّة بأم درمان، وذلك كي أؤكِّد له أن الرَّجل لا يضمر موقفاً شخصيَّاً ضدَّه! فأبدى دهشته، قائلاً إنه لم يسمع بذلك من قبل! لكنني أذكر، ونحن عند حوض غسيل الأيدي، أنه قال لي، فجأة، بانفعال شديد: "لكين ياخ يخليني أتكلم زي المجنون ميَّة سنة ما يقول لي عينك في راسك"؟! فتيقَّنت، ساعتها، من أن ذلك هو لبُّ الضَّغينة! لكن، بعد سنوات من ذلك، جاءت استضافة حسين خوجلي له في مقابلة تلفزيونيَّة، خلال سنوات الإنقاذ الأولى، ومحاولته جرجرته لمهاجمة الشِّيوعيين، وربَّما عبد الخالق نفسه، لكنه رفض بعناد أسال منه دمعاً تلألأ في عدسات الكاميرات، ورآه كلُّ المشاهدين، مِمَّا ينطوي، دون شكَّ، على دلالة لا تفوت على فطنة الفطنين!
رحمة الله ورضوانه على صلاح، وعلى جميع الرَّاحلين مِمَّن مرَّ ذكرهم في هذه الكلمة، وأطال أعمار الأحياء ومتَّعهم بالصَّحَّة والعافية، والشُّكر أجزله لكم على حسن الاستماع!
ibrahima@missouri.edu
////////////////////////////