مقاومة الاحتلال كيف تُصان عن تهم الإرهاب..؟ أفغانستان وفلسطين نموذجا
تاريخ النشر: 31st, October 2023 GMT
مقاومة الاحتلال بكل الوسائل الممكنة والمتاحة حق مشروع، كفلته المواثيق الدولية والأعراف الإنسانية، وهو دفاع مشروع في كل الشرائع والأديان السماوية كذلك، ومن حق الشعوب المحتلة أن تهبَّ وتتصدى لمواجهة قوى الاحتلال المعتدية على أرضها ومقدراتها وإنسانها وكرامتها.
وعادة ما تلجأ حركات وقوى مقاومة الاحتلال في سياق مواجهتها لجيوش الاحتلال إلى انتهاج حرب العصابات، بحكم اختلال موازين القوى، فهي تخوض معارك طويلة المدى لاستنزاف قدرات العدو، لتكبيده خسائر كبيرة وفادحة في المعدات والأرواح، ما يجبره على التفكير جديا في الانسحاب العسكري.
هذا ما حدث في حرب أمريكا في فيتنام، والتي استمرت لعشرين سنة (1955 ـ 1973)، لم تستطع أمريكا خلالها بكل ترسانتها وقدراتها العسكرية الهائلة، كسر إرادة الفيتناميين، واستمرت مقاومتهم حتى أرغموا أمريكا على الانسحاب من فيتنام، وهو ما حدث للغزو السوفيتي لأفغانستان (1979)، وتصدي المجاهدين الأفغان له ومواجهته ببسالة، حتى أرغموه على الانسحاب (1989).
وكان الحال كذلك مع حركة طالبان بعد سقوط دولتها سنة 2001 على إثر الغزو الأمريكي لأفغانستان، فشرعت في مقاومة الاحتلال الأمريكي إلى أن أجبرته على سحب قواته العسكرية من أفغانستان في 2021، بعد أن تكبدت أمريكا خسائر مادية وبشرية فادحة، بلغت ترليونات الدولارات، وآلاف من القتلى والجرحى.
وفي قضية المسلمين الأولى، قضية فلسطين مرت المقاومة الفلسطينية المسلحة ضد الاحتلال الصهيوني بعدة أطوار، إلى أن تسلمت راية المقاومة المسلحة حركات إسلامية جهادية، كحركة المقاومة الإسلامية حماس، وحركة الجهاد الإسلامي، وهي التي تخوض اليوم غمار تلك المواجهات وكان آخرها، معركة "طوفان الأقصى" التي ما زالت مشاهدها وتداعياتها الدامية ماثلة أمام العالم بأسره.
وتُظهر تجارب الاحتلال ما تقوم به الدول الاستعمارية والمحتلة في إطار مواجهتها لقوى وحركات المقاومة إلى شيطنتها، فتسارع إلى وصفها بقوى الشر والإرهاب، في سياق حربها الإعلامية والنفسية الرامية إلى تشويه صورتها، وتنفير الرأي العام منها، وعدم وقوفه إلى جانبها في مقاومتها المشروعة ضد الاحتلال.
ووفقا للباحث الفلسطيني، وعضو جمعية المؤرخين الفلسطينيين واتحاد الكتاب، عبد العزيز عرار فإن ما "يسترعي الانتباه في عصرنا شيوع وصم المنظمات الإسلامية بالإرهاب الدولي، وتصوير عملها ونضالها ودورها بأنه مخالف للقانون الدولي الإنساني، وأنه عمل إرهابي، وأقرب الأمثلة حركة طالبان وتنظيم القاعدة في أفغانستان، وحركة حماس في فلسطين، مع أن الأمم المتحدة أقرت حق تقرير المصير للشعوب بالاستقلال والتحرر".
عبد العزير أمين جرار، باحث ومؤرخ فلسطيني.
وأضاف: "لقد انطلقت تلك الدول التي تصف حركات المقاومة بالإرهاب من كونها ليست عضوا في الأمم المتحدة، وأنها تستخدم الإرهاب في عملها ونشاطاتها كالأعمال الاستشهادية (والانتحارية)، وهي طريق محتم للموت، بينما يعتمد القتال على النسبية والمثلية".
وواصل حديثه لـ"عربي21" بالقول: "وفي المقابل استغلت أمريكا ـ وحليفتها إسرائيل ـ حق النقض الذي تتمتع به في مجلس الأمن، فمارست إرهابها الذي شاهده العالم على شاشات القنوات الفضائية، وممارستها للإبادة الجماعية في أفغانستان والعراق وفلسطين، واستخدامها للأسلحة المحرمة دوليا كغاز الأعصاب في أفغانستان، وفي العراق، كما استخدمت إسرائيل القنابل الفسفورية وغيرها في غزة".
وطبقا لعرار فإن "خطورة الحرب الإعلامية تكمن في أن الدول الكبرى، ومعها ربيبتها وحليفتها إسرائيل، تمتلك قنوات ووكالات إعلامية عالمية، مما يجعل إعلامها هو الأقوى في الساحة العالمية، لا سيما أن الوكالات العالمية الكبرى مثل اليوناتيد برس وغيرها، هي أمريكية وأوروبية ولها تأثير كبير في صناعة الإعلام، إذ تبيع أخبارها للوكالات الأصغر في العالم، في ظل تبعية العديد من دول العالم للدول الكبرى، ومنها الدول العربية".
وخلص الباحث الفلسطيني عرار إلى القول "إن نضالنا العادل والمشروع ليس بحاجة لشهادة من أعدائنا، حتى يمنحنا شهادة حسن سلوك، وهو الذي ثبت بالدليل القاطع كذبه في أكثر من مناسبة، وآخرها ادعاء قتل الأطفال من قبل حماس، وحرقهم وقطع رؤوسهم، وهو ما ثبت كذبه وتلفيقه".
لكن كيف يمكن لحركات وقوى المقاومة الإسلامية صيانة مقاومتها من تهم الإرهاب في ظل الحملات الإعلامية التي لا تتوقف عن وصمها بذلك؟ في إجابته نبَّه الداعية والباحث الإسلامي، عضو رابطة علماء الأردن، الدكتور محمد سعيد بكر إلى أن "كل من يدافع عن حقه بأسلوب ناعم أو خشن في زمان انقلاب الموازين يمكن أن يُتهم بالإرهاب، ولهذا فإن من تستبد به هواجس تلك التهمة والفرية لن يخطو خطوة واحدة في سبيل تحقيق الحرية والعدالة".
محمد سعيد بكر، داعية وباحث إسلامي، عضو رابطة علماء الأردن.
وأضاف لـ"عربي21": "لكن ما نراه ونشاهده من خلال المتابعة الحثيثة لما يجري وجود أجنحة سياسية، وأخرى إعلامية فلسطينية تقف بقوة وراء المقاومة، وهي تسعى وتجتهد في تفنيد تلك الافتراءات، والحد من استخدام تلك التهم وإلصاقها بالمقاومة".
وتابع "كما نلاحظ ونرى محاولة حركات المقاومة القيام بهجوم معاكس بهذا الشأن، فتفضح إرهاب الصهاينة، ومن يقف إلى جانبهم، وما يقومون به من تدمير وإبادة بلا رحمة، فهي حرب مفاهيم ومصطلحات إلى جانب كونها حرب عقيدة ومصالح"، على حد قوله.
وفي سياق متصل رأى الكاتب والإعلامي المصري، أحمد عبد العزيز أنه "في ظل المعايير المزدوجة التي باتت تحكم العالم وتحركه، لم يعد ممكنا تعريفا الإرهاب تعريفا معياريا يقبل به الجميع، فما يراه طرف ما إرهابا، يراه الطرف الآخر حقا مشروعا للدفاع عن النفس".
أحمد عبد العزيز، كاتب وإعلامي مصري.
وأردف: "في تقديري أن هذه الإزدواجية في المعايير سببها الأول والأخير (الكفر) بالله، فالإنسان الكافر بالله، المتمرد عليه، يصنع لنفسه موازينه ومعاييره وتعريفاته الخاصة التي ما تصطدم بالفطرة الإنسانية، والشرائع السماوية الصحيحة، وإذا كان ذا قوة ونفوذ وتأثير فهو قادر على فرضها وتعميمها، بمنطق القوة لا بقوة المنطق، بطبيعة الحال".
وتابع حديثه لـ"عربي21" بالقول "فوجود القوات الأمريكية في فيتنام والصومال، وأفغانستان، والعراق، وسوريا، يندرج تحت مسمى (الأمن القومي)، وليس تحت مسمى (الاحتلال)، ومن يقاوم هذا الاحتلال هو (إرهابي)؛ لأنه يهدد الأمن القومي الأمريكي، على الرغم من أن القانون الدولي، والفطرة الإنسانية يخالفان ذلك جملة وتفصيلا، إذ يكفلان للشعب الواقع تحت الاحتلال حق مقاومة الاحتلال بكل الوسائل الممكنة".
وقال عبد العزيز "وبناء على ما سبق ذكره فإن حركات المقاومة والتحرير، لديها شرعيتان، الأولى دينية، إذا كانت مسلمة، والثانية فطرية إنسانية بغض النظر عن الدين الذي تعتقده.. وبالنسبة لنا (نحن المسلمين) لا تنفك الشرعيتان.. أما الشرعية الدينية فالأدلة عليها أكثر من أن تحصى في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، وأما الشرعية الإنسانية فتتمثل في الالتزام بقواعد الحرب، وهي عندنا من لب الدين".
وأضاف: "فالأطفال والنساء والشيوخ والمرضى ليسوا هدفا.. والمتفرغون للعبادة (من أي دين)، ولا يحملون السلاح ليسوا هدفا.. والأشجار والأنهار والزروع ليست هدفا، والتمثيل بالجثث ليس مسموحا به، والأسير له حق الرعاية حتى يُبت في أمرة.. فإذا التزمت حركات المقاومة والتحرير بهذه الضوابط فقد حازت الشرعيتين (الدينية والإنسانية) رغم أنف الاحتلال".
وشدد في ختام حديثه على أهمية "إظهار حركات المقاومة التزامها التام بهذه الضوابط للعالم بكل وسيلة ممكنة، مقابل إظهار عدم التزام الاحتلال بها؛ لأنه يتحرك بمنطق القوة ولا يبالي، وقد استطاعت المقاومة الإسلامية في غزة قصف السردية الصهيونية الراسخة رسوخ الجبال منذ قرن إلا ربعا من خلال الفيديو، الأمر الذي أكسبها تعاطفا عالميا لم تعرفه من قبل".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير تقارير مقاومة فلسطين فلسطين مقاومة افغانستان آراء تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مقاومة الاحتلال حرکات المقاومة عبد العزیز
إقرأ أيضاً:
تعرف على الدول التي تضم أطول الرجال والنساء في العالم
كشفت بيانات حللتها جامعة أكسفورد، عن البلدان التي تضم أطول الرجال والنساء.
وتعد تركيا موطناً لأطول رجل في العالم، وهو سلطان كوسين، الذي يبلغ طوله 8 أقدام و3 بوصات، وأطول امرأة، هي رميسة جليجي، التي التي يبلغ طولها 7 أقدام و 1 بوصة.
ورغم ذلك، فإن تركيا لا تتمتع بأطول متوسط طول، بل يذهب هذا اللقب إلى هولندا ولاتفيا، موطن أطول الرجال والنساء على هذا الكوكب، وفق "دايلي ميل".
وفي المتوسط، تُظهر الأرقام أن الرجال الذين ولدوا في هولندا، عام 1996 في الدولة الأوروبية، يبلغ متوسط طولهم 182.54 سم - ما يعادل 6 أقدام تقريباً، بينما يبلغ طول النساء الهولنديات 168.72 سم، أو 5 أقدام و5 بوصات.
ولاتفيا هي موطن أطول النساء بمتوسط طول 169.80 سم (5 أقدام و5 بوصات)، ويحتل الرجال في الدولة الواقعة في شمال أوروبا المرتبة الرابعة بمتوسط طول 181.42 سم (5 أقدام و9 بوصات).
وتتخلف المملكة المتحدة كثيراً عن بقية الدول، حيث يبلغ متوسط طول الذكر البريطاني المولود في نفس العام 177.49 سم، أو حوالي 5 أقدام و10 بوصات، وهو ما يجعلها في المركز 31 في ترتيب الطول العالمي.
ويبلغ متوسط طول النساء البريطانيات 164.40 سم، وهو ما يعادل 5 أقدام و3 بوصات - وهو ما يجعلها في المركز 38 في الترتيب.
وبالمقارنة، يبلغ متوسط طول الرجال في الولايات المتحدة حوالي 177.13 سم (5 أقدام و8 بوصات) والنساء 163.54 سم (5 أقدام و3 بوصات).
وتعد تيمور الشرقية، وهي جزيرة في جنوب شرق آسيا، موطناً لأقصر الرجال، حيث يبلغ متوسط طولهم 159.79 سم (5 أقدام و2 بوصات)، والنساء في دولة غواتيمالا في أمريكا الوسطى، من بين أقصر النساء في العالم بمتوسط طول يبلغ 149.39 سم - حوالي 4 أقدام و 9 بوصات.
وبيانات الطول، التي تشاركها Our World in Data، وهي منصة مدعومة من جامعة أكسفورد، متاحة لجميع البلدان الـ 195 وتشمل ملايين المشاركين، وتم حساب النتائج عن طريق قسمة مجموع الطول الإجمالي على عدد السكان الذكور، وتم استخدام نفس الطريقة لحساب متوسط طول السكان الإناث.
وكتب فريق Our World in Data في مشاركة نتائجهم: "إن سوء التغذية والمرض في مرحلة الطفولة يحدان من النمو البشري، نتيجة لذلك، يرتبط متوسط طول السكان ارتباطاً وثيقاً بمستويات المعيشة في السكان، وهذا يجعل دراسة الطول ذات صلة بالمؤرخين الذين يريدون فهم تاريخ ظروف المعيشة، ولكن لا يمكن استخدام الطول كمقياس مباشر للرفاهية".
ويعتقد الباحثون أن طول الفرد يتحدد إلى حد كبير من خلال العوامل الوراثية.
وبعد هولندا، تأتي بلجيكا (181.70 سم)، وإستونيا (181.59 سم)، ولاتفيا (181.42 سم)، والدنمارك (181.39 سم) في المراكز الخمسة الأولى لأطول الرجال.
وبالنسبة للنساء، تأتي لاتفيا (169.80 سم)، وهولندا (168.72 سم)، وإستونيا (168.67 سم)، وجمهورية التشيك (168.46 سم)، وصربيا (167.69 سم) في المراكز الخمسة الأولى لأطول الرجال.
ووفقاً لموسوعة غينيس للأرقام القياسية، كان أطول رجل في العالم على الإطلاق هو روبرت وادلو، المولود عام 1918 من سانت لويس، إلينوي، والذي بلغ طوله 272 سم (8 أقدام و11 بوصة)، وكانت أطول امرأة في العالم هي الصينية زنج جين ليان التي بلغ طولها 246.3 سم (8 أقدام و1 بوصة) عندما توفيت في 13 فبراير (شباط) 1982.