عربي21:
2024-09-19@11:18:17 GMT

فلسطين الجامعة.. وما كشفته الحرب

تاريخ النشر: 31st, October 2023 GMT

تكشف الحرب المفتوحة على غزّة بمستوييها؛ الفلسطيني المُفتتح يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر، والمستمرّ قتالا وصمودا على طول الوقت، والثاني العدوان المنفلت من أيّ كابح، والمحمي من الغرب برأسه الأمريكي، والمدفوع بإحساس التفوق العنصري.. هذه الحرب تكشف عن الموقع الفريد للقضية الفلسطينية في الوعي العربيّ والإسلاميّ العام، بحيث لا يبعد القول إنّها القاسم المشترك الأوسع والأكثر عمقا بين العرب والمسلمين.



وهذا ما يمكن ملاحظته أولا من كون حضورها متجاوزا لجميع دواعي الاختلاف القومية والأيديولوجية والثقافية، فتحضر بالقدر نفسه في مجالي التنوّع الهائل في الأمّة، وتبدو كمن ينتشل جماهيرها من حال وينقلهم إلى آخر، وثانيا أنّها قادرة على مغالبة إرادة الطمس وقدرته، فتثبت أنّها بأهلها وإرادتهم قادرة على أن تَصدّ قوى نفيها، وتُبطِل سحر إخفائها، وتُثبت من جهة أخرى؛ فرادتها باستظهارها من عمق الأجيال العربية والإسلامية جيلا خلف جيل، حتّى تبدو غضّة طريّة كأنّها بدأت للتوّ، بينما هي حقّا تُطلّ برأسها من تحت ركام الطمس وغبار المؤامرة من بعد عقود من إلحاح التجهيل وجهود الإهمال والسعي لفصلها تماما عن وعي اللاحقين من أجيال العرب والمسلمين، على قاعدة "أنّ الكبار يموتون والصغار ينسون"، وهي المقولة التي نُسبت لبعض رؤوس مؤسسي الكيان وقُصِدت بها أجيال الفلسطينيين، ولكن بدا لاحقا أن الإرادة الاستعمارية وما لحقها من إرادة تخاذلية قد سعت لفرضها في المجال العربي والإسلامي.

تملك فلسطين هذه الطاقة الهائلة على جمع العرب والمسلمين، بالرغم من جبروت النفي الإسرائيلي والغربي، وما يتصل به من انحطاط أخلاقي عالمي، ويلحقه من تبعية التواطؤ العربي الرسمي؛ لتتضافر جميع عوامل الجمع والتقريب والصهر فيها، ابتداء من نصوع عدالتها بلا أيّ غبش، واتضاحها بلا أيّ التباس، وليجدُ فيها المؤمن تاليا ضالته قضية إحيائية بمجرّدها، فكيف وفيها أصلا كلّ ما يمكن التأسيس عليه لمقولة إسلامية جامعة لا تنحصر في مقدسات المسلمين التي فيها، ويجد فيها العروبيّ فرصته للعودة بالتبشير بوحدة الحال والجامع العربي
تملك فلسطين هذه الطاقة الهائلة على جمع العرب والمسلمين، بالرغم من جبروت النفي الإسرائيلي والغربي، وما يتصل به من انحطاط أخلاقي عالمي، ويلحقه من تبعية التواطؤ العربي الرسمي؛ لتتضافر جميع عوامل الجمع والتقريب والصهر فيها، ابتداء من نصوع عدالتها بلا أيّ غبش، واتضاحها بلا أيّ التباس، وليجدُ فيها المؤمن تاليا ضالته قضية إحيائية بمجرّدها، فكيف وفيها أصلا كلّ ما يمكن التأسيس عليه لمقولة إسلامية جامعة لا تنحصر في مقدسات المسلمين التي فيها، ويجد فيها العروبيّ فرصته للعودة بالتبشير بوحدة الحال والجامع العربي وإمكان التحقّق بذلك والإشارة للسرّ الاستعماري المتجسّد بـ"إسرائيل" المزروعة في القلب العربي، ويجد فيها حتى الوطني ضالّته للسؤال عن موقع دولته وموقف نظام الحكم فيها، ويختبر بها حقائق الدعاوى حينما يتبين هُزال نظام حكمه الذي غيّب دولته عن أيّ تأثير في أيّ هامش فيها. إنّها الجرح الكبير الممتدّ على ضمائر هؤلاء كلّهم، والسؤال الذي يمتحن الواجب ويحذر من الخيبة والعار الوقت كلّه ومهما تقادم الزمن.

هذه الاعتبارات المحرّكة والبواعث المُحيية والدواعي النهاضة، قابلة للتشابك في نموذج واحد تتعاظم فيه قدرة الصهر والبعث من جديد لهذه الأمّة، لتنشغل سياسات الحكم المتعاقبة على بلاد العرب والمسلمين في التخلّص من هذه القدرة التأثيرية لفلسطين، سواء بالشعارات التي تدفعها إلى الخلف بحيث لا تُرى، كشعارات الأولويات من قبيل "بلدنا أولا"، أو بالدعايات المُشوّهة للقضية وأهلها، حتى لم تكتف باتهام أهلها ببيع أرضهم لعدوّهم، وشيطنتهم وتنميطهم وتجسيد الرذائل والقبائح فيهم كوصفهم بالحقد ونكران الجميل وجعلهم سببا للفتن في بلاد العرب، بل وبتبنّي السرديات الصهيونية حول فلسطين والصراع فيها كما يُرى ذلك كثيرا في خطابات الموصوفين بالمتصهينين العرب، وفيما صار يُعرف بالذباب الإلكتروني الذي تُدار حملاته رسميّا وتوجّه مركزيّا من هذه الحكومة أو تلك، ثمّ بالسياسات التي ذهبت أقصى ما لم يتصوّره يوما المخيال العربي، بمدّ التطبيع إلى درجات التحالف والتخندق مع الإسرائيلي.

القضية التي تتّسم بحدّة كهذه في عدالتها بحيث لا تقبل التحريف والتدوير والتلاعب، وتملك عناصر الإحياء والتثوير والاستنهاض والجمع والتقريب والصهر هذه، لا بدّ وأن تكون امتحانا قاسيا للأخلاق والضمير والإرادة والقدرة، فإنّ العدالة الملتبسة وعناصر الإحياء الرخوة قابلة للتلاعب، ومن ثمّ تكون أضعف في التمحيص والامتحان
قضية هذا شأنها لا يمكن أن تُفعّل عناصر التأثير فيها إلا بأهلها، صمودا وقتالا، وقد تبيّن فيما مضى من تاريخ قريب؛ كيف أن جهد النفي للقضية وسعي الاجتثاث لعناصر التأثير التي فيها، قد بنى على الاختيارات المدمّرة لقيادة منظمة التحرير، فتبعت اتفاقية أوسلو أنماط متعدّدة الصيغ من الاقتراب العربي من "إسرائيل"، وارتفعت بذلك شعارات من قبيل "لن نكون فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين"، وتغطّت سياسات التطبيع بسياسات التنسيق الأمني، ثمّ كيف سهّلت مصادرة القدرات النضالية للفلسطينيين وملاحقتها؛ ابتداء من الاتفاقيات المكبّلة وتاليا من هيمنة الاحتلال الحتمية على سلطة ناشئة في ظلّه وبعد ذلك من سياسات هذه السلطة.. كيف سهّلت إغفال القضيّة الفلسطينية حتى ظنّ الجميع أنّها بين أن تكون قد ماتت أو يكون صوتها قد سكت.. حتى كان نضال أهلها وحده الذي يعيدها على جادّتها الأولى، ويحيي بذلك أمّة من خلفها، ليكون نضال الفلسطيني بالضرورة وفي النتيجة نضالا لأجل قضيته ولأجل أمّته.

وأخيرا فإنّ القضية التي تتّسم بحدّة كهذه في عدالتها بحيث لا تقبل التحريف والتدوير والتلاعب، وتملك عناصر الإحياء والتثوير والاستنهاض والجمع والتقريب والصهر هذه، لا بدّ وأن تكون امتحانا قاسيا للأخلاق والضمير والإرادة والقدرة، فإنّ العدالة الملتبسة وعناصر الإحياء الرخوة قابلة للتلاعب، ومن ثمّ تكون أضعف في التمحيص والامتحان. أمّا فلسطين، فلحدّة عدالتها وقوّة عناصر التأثير التي فيها فلا بدّ وأن تكون فاضحة أقصى ما تكون الفضيحة عن مواقع المرض والعفن والفساد والوهن في الأمة، ومن ثمّ فلا غرابة أن يحصل بها الامتياز الدائم بالكشف عن الوضاعات والجهالات وأهلها، وهذا بقدر ما هو محزن فإنّه ممّا لا بدّ منه، وبذلك تخدم فلسطين الأمّة خدمة بتمييز الخبَث لتسهيل نفيه ومحاربة خطابه.

twitter.com/sariorabi

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطيني العرب المسلمين فلسطين غزة العرب المسلمين الدعم مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العرب والمسلمین التی فیها أن تکون بحیث لا بلا أی

إقرأ أيضاً:

عن أخطر قرار تواجهه إسرائيل ويخصّ الحزب.. هذا ما كشفته صحيفة إسرائيلية

يبدو أن الوقت الحالي، هو أقرب ما وصلت إليه إسرائيل من حرب شاملة مع "حزب الله" منذ السابع من تشرين الأول، وفق ما أفادت صحيفة صحيفة "يديعوت أحرونوت".

 

وأشارت الصحيفة في تقرير لها، إلى أن "الآن هو أقرب ما وصلت إليه إسرائيل من حرب شاملة مع حزب الله منذ السابع من تشرين الأول، حتى بالمقارنة بالفترة بين 30 تموز (يوم اغتيال إسرائيل للقيادي الكبير في "حزب الله" فؤاد شكر"، و25 آب يوم رد "حزب الله" على اغتيال شكر، والتي ربما تكون ثاني أخطر فترة بين الجانبين".

 

وتحدثت الصحيفة عن "الثقة في عملية كبرى لحزب الله"، لافتة إلى أن هذه هي العلامات الواضحة والصريحة، وأن جزءا كبيرا من الطبقة السياسية والعسكرية في إسرائيل كان يهدد بإعادة حزب الله إلى العصر الحجري منذ أواخر ربيع عام 2024".

 

وعن "الأسباب التي قدموها تظهر كيف تغيرت الحقائق كثيرا طوال الحرب"، قالت الصحيفة إنه "خلال معظم الحرب، كان السبب الرئيسي لعدم الدخول في معركة كبيرة مع "حزب الله" هو تجنب الانحرافات التي قد تعيق جيش الدفاع الإسرائيلي عن تفكيك جميع كتائب "حماس" البالغ عددها 24 في غزة، واعتبارا من 21 آب، أعلن غالانت هزيمة آخر كتيبة لحماس في رفح. وكان السبب الرئيسي الآخر وراء عدم احتمال وقوع حرب كبيرة مع حزب الله حتى الآن هو أن رئيس الوزراء كان خائفا في السر من عدد الإسرائيليين الذين قد يموتون نتيجة للهجوم المتوقع من حزب الله والذي يتراوح بين 6000 و8000 صاروخ يوميا في حالة اندلاع مثل هذه الحرب".

 

وتشير المصادر للصحيفة إلى أن "نتنياهو كان مترددا في البداية خلف الأبواب المغلقة في كل من الغزوات الثلاث لغزة، شمال غزة في أواخر تشرين الأول، وخان يونس في كانون الاول، ورفح في أيار، ولكن في الخامس والعشرين من آب لم يهزم جيش الدفاع الإسرائيلي حزب الله فحسب"، بل قام أيضا بـ"تطهير البيت"، على حد تعبير التقرير.

 

وحسب صحيفة، "جيروزاليم بوست"، فإنه "رغم الانتصارات الجوهرية التي حققها الجيش الإسرائيلي على حماس والانتصارات التكتيكية الصغيرة ضد "حزب الله"، فقد كانت هذه هي المرة الأولى التي يحقق فيها جيش الدفاع الإسرائيلي انتصارا استراتيجيا كبيرا ومعقدا على حزب الله خلال هذه الحرب، حيث فجر الجيش الإسرائيلي الغالبية العظمى من الصواريخ والطائرات بدون طيار التي كان حزب الله يعتزم استخدامها لمهاجمة إسرائيل قبل أن تتمكن حتى من إطلاق هذه التهديدات، ولم يقتل حزب الله أحدا أو يلحق الضرر بأي شيء ذي أهمية، في حين دمر جيش الدفاع الإسرائيلي آلاف الصواريخ التي أطلقها حزب الله"، على حد زعم إسرائيل.

 

وفقا للصحيفة، "كان هناك عامل آخر وهو أن هناك حتى الآن فرصة جيدة لموافقة "حماس" على وقف إطلاق النار وأن مثل هذه الصفقة من شأنها أن تدفع حزب الله إلى التوقف من جانب واحد عن مهاجمة إسرائيل، كما فعل خلال وقف إطلاق النار مع "حماس" في الفترة من 23 إلى 30 تشرين الثاني، وبينما لا يعد هذا مستحيلا، فإن فرص التوصل إلى وقف إطلاق النار مع "حماس" الآن أصبحت أقل مما كانت عليه منذ عدة أشهر بعد أن تمسك الجانبان بمواقفهما بشأن قضايا مختلفة بعد أن بدا أنهما نجحا في تجاوز 90% من العقبات".

 

وأخيرا، يأتي الشتاء ليلعب دوره، وقد صرحت مصادر للصحيفة أنه إذا مرت أكثر من 4-6 أسابيع دون عملية، فقد يكون من المستحيل أو الأصعب بكثير تنفيذ مثل هذه العملية حتى ربيع عام 2025، وهذا يعني بقاء سكان الشمال لمدة 6 أشهر أخرى خارج منازلهم، وهو أمر أصبح غير مقبول على نحو متزايد في الداخل الإسرائيلي.

 

"يديعوت أحرونوت" أوضحت أن "أيا من هذا لا يعني أن حربا أوسع نطاقا جديدة مع حزب الله مؤكدة، ولا يزال هذا اقتراحا محفوفا بالمخاطر بالنسبة لإسرائيل وحزب الله، وكذلك بالنسبة لرعاة الجانبين: الولايات المتحدة وكذلك إيران".

 

ورأت "جيروزاليم بوست" أن "إيران قد تفقد "حزب الله" باعتباره التهديد المحتمل الرئيسي الذي قد تشكله على إسرائيل إذا ما تجرأت الدولة اليهودية على التفكير في مهاجمة المنشآت النووية للجمهورية الإسلامية، ولا شك أن "حزب الله" سوف يظل اللاعب الرئيسي في لبنان، ولكنه قد يخسر العديد من قدراته الأكثر إثارة للخوف". واعتبر تقرير الصحيفة الإسرائيلية أن "هذه هي اللحظة الأكثر خطورة في الشمال منذ السابع من تشرين الأول". (روسيا اليوم)

مقالات مشابهة

  • أسعار خدمة ‘‘ستارلينك’’ والاشتراك الشهري بالريال اليمنية.. والكشف عن المناطق التي تتوفر فيها الخدمة
  • انطلاق الدورة السادسة لجائزة الألكسو للإبداع للباحثين في الوطن العربي
  • السعد: نأمل أن تكون الدماء التي سقطت اليوم مدخلا لتمتين الوحدة الوطنية
  • بعد أن أثارت ضجة واسعة بتصريحاتها الأخيرة بشأن الشقة التي كانت تسكن فيها وتمت زيادة الإيجار لها.. الممثلة المصرية مروة عبد المنعم: “ما قولتش أنه هيأجرها للسودانيين”
  • مقال بنيويورك تايمز: القضية التي أصبح فيها أقصى اليمين الإسرائيلي تيارا سائدا
  • الجامعة الأمريكية بالقاهرة تستضيف مؤتمر الجامعات الرقمية في العالم العربي 2024
  • بالفيديو.. «أردوغان» يظهر في أغنية دعما لدولة فلسطين
  • مسعود: أي مباراة يلعب فيها الهلال تكون ممتعة .. فيديو
  • النهج النبوي حارب الأنانية والرأسمالية التي يتغول فيها الأغنياء على حساب الفقراء
  • عن أخطر قرار تواجهه إسرائيل ويخصّ الحزب.. هذا ما كشفته صحيفة إسرائيلية