هل راهنت حماس على دعم روسيا والصين؟
تاريخ النشر: 31st, October 2023 GMT
رأى الباحث سيث فرانتزمان، زميل مساعد في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات إن حركة حماس ربما تكون راهنت على الدعم من الصين وروسيا، عندما شنت هجوماً كاسحاً مفاجئاً على إسرائيل أسفر عن مقتل 1400 شخص.
ربما تراهن روسيا والصين بالفعل على أن التحالف مع حماس سيقوض الولايات المتحدة
كانت حماس تعلم أنها ستتلقى المساعدة من إيران، وقد توجه وزير الخارجية الإيراني إلى الدوحة في الأسبوع التالي للهجوم لمناقشة التعاون.
وقال فرنتزمان في مقاله بمجلة "ناشونال إنترست" إنه يمكن لحماس التعويل على الدعم أو التعاطف من تركيا وقطر. وهذا من شأنه المساعدة على حمايتها من بعض ردود الفعل الدولية على هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول). ولربما تساءلت حماس كيف ستتجلى ردود فعل روسيا والصين. وفيما مضى أدانت روسيا والصين الإرهاب بسبب صراعات الأولى مع الجماعات المتطرفة في سوريا، وصراعات الأخيرة مع الجماعات في منطقة سنجان الصينية. تغيرات في الأجواء وأوضح الباحث في تحليله بموقع مجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية أن حماس كانت تعلم أن هناك تغيرات في الأجواء، حيث تقاربت روسيا والصين بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، فكلتاهما تريد تقويض النظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة. وقد عمدتا في العام الماضي إلى توسيع منظمات مثل البريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون لتشمل دولاً مثل إيران. فهل تستطيع حماس التعويل على دعمهما؟ حماس تنشد مساعدة روسيا والصين
يُظهر مقطع فيديو تُرجم في معهد بحوث إعلام الشرق الأوسط "زعيم حماس في الخارج خالد مشعل ينقل عن الروس قولهم إن عملية 7 أكتوبر سيتم تدريسها في الأكاديميات العسكرية، ويضيف أن الصينيين ينظرون في تنفيذ هجوم مماثل في تايوان. وقال مشعل في المقابلة إن الهجوم ساعد روسيا؛ لأنه صرف انتباه العالم عن الحرب الدائرة في أوكرانيا.
Fmr Hamas leader Khaled Mashal talking about how happy Russia & China are with the attack on Israel.
He says Russia is thankful for Hamas pulling away America's attention from Ukraine and that China is preparing something for Taiwan.
He spoke to the Islamists in Kerala y-day pic.twitter.com/CW6513NSA5
وجاء حديث مشعل في 26 أكتوبر، وبالتالي فهذا تأطير لواقع 3 أسابيع من الصراع مع إسرائيل. وربما يكون الأمر ببساطة أن حماس تتيح الآن قناة للتعبير عن النجاح الذي حققته في روسيا والصين. لكن هذا ربما يعكس أيضاً الخطة الاستراتيجية الأكبر، التي كانت لديها بالفعل قبل 7 أكتوبر.
عندما نفذت حماس هجومها، أخذت 230 شخصاً على الأقل كرهائن، بينهم يحملون جنسية أجنبية، بينها الروسية.
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية بتاريخ 28 أكتوبر أن "حركة حماس قالت يوم السبت إنها تحاول تحديد مكان ثمانية مواطنين روس إسرائيليين أُخذوا كرهائن خلال الهجوم على إسرائيل، من أجل إطلاق سراحهم بناء على طلب موسكو، حسبما أفادت وكالات الأنباء الروسية يوم السبت".
ولفت فرانتزمان إلى أن قول حماس إنها "تحاول تحديد مكان"، معتبراً أنها "نفذت مذبحة ضد الناس، لكنها تحاول التحوط من الفظائع".
كما تواصلت حماس أيضاً مع روسيا. ويأتي هذا بعد التواصل مع إيران عبر الدوحة وأيضاً مع حزب الله. كما حصلت حماس أيضاً على موافقة تركيا لتبرير هجومها. فأنقرة لن تدين أيضاً حماس على الرغم من حديثها المستمر عن التهديدات "الإرهابية" الآتية من سوريا.
وأفادت "وكالة أسوشيتد برس" بأن "مبعوثاً إيرانياً رفيع المستوى التقى ممثلي حماس في موسكو بعد محادثات مع دبلوماسيين روس سلطت الضوء على جهود موسكو لتوسيع نفوذها كوسيط قوة في الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحماس، حسبما ذكرت وسائل الإعلام الروسية والإيرانية يوم الجمعة".
وينوه هذا التقرير إلى أن ممثل حماس موسى أبو مرزوق التقى نائب وزير الخارجية الإيراني علي باقري كني في روسيا. وهذا يعني أن روسيا تتوسط الآن في المحادثات بين إيران وحماس، مثلما استضافت محادثات النظام السوري مع تركيا وإيران. فروسيا الآن هي المفتاح لمحور حماس وإيران.
وأدانت روسيا الضربات الجوية الإسرائيلية على غزة، حتى فيما كانت روسيا تنفذ هجمات على أوكرانيا، وتنفذ هجمات في سوريا. وتحاول روسيا استغلال الصراع في غزة لاستخدامه كإسفين ضد الولايات المتحدة، وتوجه موسكو انتقادات شديدة إلى إسرائيل لأن روسيا تعتبر إسرائيل حليفاً وثيقاً للولايات المتحدة. وعلى الرغم من الجهود التي بذلتها الإدارات الإسرائيلية السابقة للعمل مع موسكو، وعدم التورط مع أوكرانيا، فإن العائد على الاستثمار من وراء ذلك أسفر الآن عن دعم موسكو لحماس.
ويبدو أن رفض روسيا إدانة عملية القتل التي راح ضحيتها 1,000 مدني يقوض القواعد العالمية لمكافحة الإرهاب. وتعرضت روسيا لهجمات إرهابية في الماضي، ومن ضمنها الهجمات التي وقعت في بيسلان وحصار المسرح في موسكو، لكنها صارت الآن تنظر من زاوية جديدة.
وتلفت مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي أنه "على الرغم من مقتل 16 مواطناً روسياً، وحتى فيما وضع سكان موسكو زهوراً في السفارة الإسرائيلية"، امتنع الكرملين عن إدانة تصرفات حماس، مكتفياً بالتعبير عن "قلقه البالغ ".
وقد يرى البعض أن مبادرات روسيا للتقارب مع الجماعة هي محاولة لبث الفوضى، والواقع أن هدف موسكو هو تعزيز مكانتها كصديق لبلدان الجنوب". ويبدو أن تجاهل مقتل 1,000 شخص من أجل إرضاء بلدان الجنوب عذر غريب لدور موسكو الحالي.
ويورد "تشاتهام هاوس" تقريراً مماثلاً عن موقف الصين، قائلاً إن وزير الخارجية الصيني وانغ يي ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، واصفاً القصف الإسرائيلي للمدنيين في غزة بأنه أفعال تتجاوز حدود "الدفاع عن النفس". وفي الوقت نفسه، تجنبت إدانة حماس. وكما هو الحال في أوكرانيا، تطرح الصين نفسها كقوة عظمى تسعى للسلام ومحايدة"، على النقيض من الولايات المتحدة، التي تصور بكين دعمها الراسخ لإسرائيل على أنه تأثير عنيف مزعزع للاستقرار في المنطقة" كما نوه التقرير.
China is supporting Hamas because of its 'economic ties with Iran' and we should be trying to eliminate 'Chinese influence' around the world: Gordon Chang pic.twitter.com/KSfUDhD5LU
— Mornings with Maria (@MorningsMaria) October 30, 2023
ويزعم هذا التقرير أيضاً أن بكين "تشدد على موقفها المحايد ودورها كصوت لبلدان الجنوب، وتريد الصين التحقق من الموقف الأخلاقي الأمريكي وشرعنة تدويل القضية، داعيةً إلى مؤتمر عالمي لاستهئناف عملية سلام، وبالتالي إقصاء واشنطن عن موقعها الذي تبوأته منذ عقود من الزمن، باعتبارها الحكم الذي لا ينازعه أحد في هذا الصراع".
ويرى فرانتزمان أن الادعاء بأن عدم إدانة الهجوم الذي راح ضحيته 1,000 شخص هدفه هو الانضمام إلى صفوف بلدان الجنوب على ما يبدو يتجاهل حقيقة أن بلدان الجنوب غالباً ما تكون الضحية الأولى للهجمات الإرهابية الجماعية. فعلى سبيل المثال، وقعت هجمات كبيرة في الصومال وكينيا ونيجيريا، وهناك تهديدات يشكلها المتطرفون في جميع أنحاء منطقة الساحل الأفريقي. فهل صحيح أن بلدان الجنوب لا ترى في هجوم أودى بـ 1,000 مدني أمراً غير مقبول؟ يبدو هذا الجزء من التحليل إشكاليّاً.
وفي سوريا، يدعم كلا البلدين النظام الحاكم لأنه "الحكومة"، ويميلان إلى اتخاذ موقف ضد الجماعات المتمردة. ويبدو أن حماس، التي طردت السلطة الفلسطينية بصورة غير قانونية من غزة، ليست هي الحكومة الشرعية. وبالتالي يبدو أن الأمر هنا ينطوي على ما أكثر بكثير من بلدان الجنوب ووجهات النظر التقليدية لروسيا والصين. فتاريخياً لم تدعم روسيا ولا الصين الجماعات المتطرفة المرتبطة بجماعة الإخوان الإرهابية أو "الإسلام السياسي"، وهي الأيديولوجية التي تستمد منها حماس جذورها.
الأمر الواضح، برأي الباحث، أن حماس تواصلت مع روسيا، ولديها أيضاً تعاون مع إيران. ودأبت أنقرة على نقل رواية حماس، وصارت أكثر تطرفاً في إداناتها لإسرائيل. وربما تراهن روسيا والصين بالفعل على أن التحالف مع حماس سيقوض الولايات المتحدة. أما لماذا ستقوضان الجهود العالمية ضد التطرف والإضرار بالمدنيين فهو أمر أقل وضوحاً، باستثناء أن روسيا فعلت الشيء نفسه بمهاجمتها أوكرانيا وقصفها سوريا.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل الولایات المتحدة روسیا والصین أن حماس
إقرأ أيضاً:
"لو كنت أعلم".. عبارة نصرالله التي كررها أبومرزوق
أعاد حديث للقيادي في حركة حماس، موسى أبو مرزوق، الذي أبدى فيه ندما على هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تصريحات سابقة للأمين العام السابق لتنظيم حزب الله حسن نصرالله، التي قال فيها "لوكنت أعلم"، بسبب الدمار الكبير الذي حل بلبنان في حرب عام 2006.
وفي مقابلة مع وسائل إعلام غربية، أكد أبو مرزوق أنه "لو كنت أعلم حجم الدمار الذي سينتج عن هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 لكنت عارضته".
والجملة ذاتها يبدو أن أبومرزوق اقتبسها من حديث سابق نصرالله الذي قال "لو كنت أعلم أن خطف الجنديين الإسرائيليين كانت ستؤدي إلى الحرب لما قمنا".
وأثارت تصريحات نصرالله غضباً في لبنان.
قال المحلل السياسي محمود واصل لـ"24"، إن تصريحات أبو مرزوق تؤكد وجود خلافات بين الجناحين السياسي الذي لا يستطيع إنكار الدمار في غزة، وبين العسكري الذي يطالب بمواصلة المواجهة.
وقال أبو واصل إن "حماس أدركت أخيراً أن حساباتها ورهاناتها على الهجوم لم تكن دقيقة"، مضيفاً: "التداعيات كانت أكبر من التوقعات".
ويرى أبو واصل أن حماس تعيش وضعاً مشابهة لحزب الله بعد حرب 2006.
من جهته، يرى الباحث اللبناني سليم يوسف أن هذه التصريحات قد تعكس صراعًا داخليًا بين قيادات حماس حول كيفية التعامل مع تداعيات المعركة الأخيرة.
وأضاف لـ"24": " باتت تداعيات المواجهة واضحة على المستويات السياسية والعسكرية والإنسانية"، مبيناً أنه "رغم عدم تبني حماس لحديث أبو مرزوق إلا أنه يكشف عما يدور بين صفوف الحركة الآن".
ويشير يوسف إلى أن الضغوط الإقليمية والدولية تلعب دورًا أساسيًا في إعادة تشكيل أولويات حماس، حيث تسعى بعض الدول إلى إدخال الحركة في معادلة سياسية جديدة تتناسب مع المتغيرات في المنطقة.
واستكمل حديثه: "هنا، تكمن معضلة حماس في كيفية الحفاظ على شرعيتها أمام جمهورها دون تقديم تنازلات كبيرة قد تُفقدها هويتها كمقاومة، لذا، فإن المرحلة القادمة قد تشهد تباينًا أكبر في المواقف داخل الحركة بين من يدعو إلى التكيف مع المتغيرات ومن يتمسك بالنهج التقليدي".
ويؤكد الباحث سليم يوسف أن حماس اليوم ليست في وضع يسمح لها بالاستمرار في النهج ذاته دون إعادة تقييم، خاصة بعد الدمار الواسع الذي لحق بغزة والخسائر البشرية الكبيرة.
ويرى أن هناك عدة سيناريوهات قد تواجهها حماس خلال المرحلة المقبلة، فإما أن تسعى إلى تهدئة طويلة الأمد ضمن ترتيبات سياسية جديدة، وهو ما يتطلب منها تغييرًا في خطابها، أو أن تحاول التمسك بموقفها الحالي مع الاستعداد لجولات أخرى من التصعيد.