حرب أنفاق غزة.. ماذا يقول العلم عن القنابل الإسفنجية؟
تاريخ النشر: 31st, October 2023 GMT
قبل أيام كانت كتابة جملة "قنابل إسفنجية" باللغة الإنجليزية (Sponge Bombs) على محرك البحث "غوغل" تأتيك بنتائج تتعلق بلعبة أطفال، وهي عبارة عن كرات مائية مصنوعة من شرائح من الإسفنج، ولكن أجواء الحرب في غزة طالت هذه اللعبة، وأصبحت اسما لما قالت صحيفة بريطانية، إنه أحدث سلاح كيميائي سيستخدمه الاحتلال الإسرائيلي في الحرب بقطاع غزة.
وقالت صحيفة "تلغراف" البريطانية إن الاحتلال الإسرائيلي سيدخل هذا السلاح الكيميائي في حربه البرية بالقطاع، لمهاجمة الأنفاق التي يستخدمها مقاتلو كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وسارعت وسائل إعلام غربية وعربية لنقل مضمون ما ذكرته الصحيفة البريطانية، لتتراجع نتائج لعبة الأطفال على محرك البحث، لصالح الحديث عن هذا "السلاح المزعوم".
رغوة سريعة التصلب والتمددولم يستشهد تقرير "تلغراف" المنشور يوم الأربعاء الماضي، بأي مصادر، سواء كانت مسجلة أو مجهولة، وقال صراحة إن "جيش الاحتلال الإسرائيلي لم يتحدث عن استخدام هذا السلاح"، إلا أن آلية عمله التي ذكرها التقرير، تتحدث عن إنتاج رغوة سريعة التصلب والتمدد، كالتي تستخدم تجاريا على نطاق واسع منذ زمن بعيد في العديد من التطبيقات السلمية، وأصبحت تدخل مؤخرا في بعض الاستخدامات العسكرية، لذلك فإنه، كما أكد خبراء استطلعت "الجزيرة نت" آراءهم، ليس سلاحا جديدا، كما أن استخدامه عسكريا يحتاج لشروط، قد لا تجعله السلاح المناسب لحرب الأنفاق.
ويقول أحمد إسماعيل، الأستاذ بقسم البوليمرات والمخصبات في المركز القومي للبحوث بمصر، في تصريحات هاتفية، إن "الرغوة سريعة التصلب والتمدد، تنتج عن طريق خلط مادتي (البولي أوليفين) و(الإيزوسيانيد)، وتستخدم في تطبيقات تجارية متنوعة منذ الحرب العالمية الثانية، حيث تدخل في بناء المادة العازلة بالأجهزة الكهربائية، كما تدخل في تصنيع أجزاء مختلفة بالسيارة مثل التابلوه وعجلة القيادة (المقود)، كما أنها تدخل أيضا في الأعمال الإنشائية، لسد الفراغات عند تركيب أبواب جديدة، أو لإصلاح بعض العيوب التي تظهر عند البناء".
ولا ينكر إسماعيل أن هذه الرغوة تنتج مادة بصلابة الصخور تحتاج إلى مطرقة من أجل إحداث خدوش بها، إلا أنه يرى أن استخدامها في سياق العمليات العسكرية بالأنفاق، قد يكون صعبا، هذا فضلا عن أنها قد لا تكون الاختيار المناسب.
ويوضح أن من نواتج التفاعل بين مادتي "البولي أوليفين" و"الإيزوسيانيد"، يكون غاز ثاني أكسيد الكربون، الذي سيصبح أكثر كثافة في بيئة الأنفاق تحت الأرض، لذلك فإن استخدام الرغوة، قد يكون من نتيجته الإضرار بمن يستخدمها.
وتحدث تقرير تلغراف عن إصابات محتملة في العين، وصلت إلى حد فقدان البصر بين بعض الجنود أثناء التدريب على استخدام تلك الرغاوي في معسكر تدريب عبارة عن نظام أنفاق وهمي في قاعدة " تسئليم" العسكرية بالقرب من الحدود مع غزة، غير أن إسماعيل يتحدث عما هو أخطر من ذلك، وهو الإصابة باختناق يفضي إلى الوفاة، نتيجة ارتفاع نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون تحت الأرض.
بين الهندسة المدنية والتطبيقات الأمنيةورغم أن دراسات في الهندسة المدنية منذ التسعينيات، مثل تلك التي نشرها غرانت فونداو، الأستاذ بقسم الهندسة الصناعية بجامعة تكساس التقنية بأميركا، على موقع مركز المعلومات التقنية الدفاعية في مارس/آذار عام 1993، قد ترد على ما أشار إليه إسماعيل، حيث تتحدث عن فاعلية استخدام مثل هذه الرغاوي في إنتاج بطانة للتخفيف من موجات الصدمة في الأنفاق، بما يشير إلى أن ما يمكن أن يقدم عليه الاحتلال الإسرائيلي، هو إعادة توظيف لهذا التطبيق الإنشائي في أنفاق غزة، فإن محمود حسانين، الأستاذ بقسم الهندسة المدنية بجامعة جنوب الوادي المصرية، يرد على ذلك، بأن السياق في التطبيق العسكري سيكون مختلفا.
ويقول حسانين في تصريحات هاتفية للجزيرة نت "عندما نستخدم الرغاوي في التطبيقات الإنشائية يكون ذلك في بيئة محكومة للغاية، تمنع حدوث الأضرار، لكن في السياق العسكري، لن يسمح الطرف الآخر بتنفيذ ذلك دون تدخل، هذا فضلا عن الحاجة إلى رغوة تكون أسرع في التصلب من التركيبات التجارية المتاحة حاليا، وهذا تحد ليس مطلوبا في الأعمال الإنشائية".
وقد يكون الحل في مواجهة تلك التحديات التي أشار إليها حسانين، في الرغاوي سريعة التصلب التي يتم استخدامها، أو على الأقل اختبارها، من قبل القوات العسكرية والأمنية، في الولايات المتحدة.
واستخدم سلاح مشاة البحرية الأميركي أجهزة ميدانية مصممة لإطلاق تيارات من الرغوة اللزجة كأداة غير مميتة لشل حركة الأفراد المعادين، وكانت بعض وحدات مشاة البحرية التي أُرسلت إلى الصومال في التسعينيات تستخدم هذه التقنية.
وفي عام 2009، منح الجيش الأميركي عقدا "أيدرنت تكنولوجيز" (Adherent Technologies)، التي تنتج المواد اللزجة، للعمل على مادة مشابهة لتلك التي استخدمها مشاة البحرية، وادعت تلك الشركة في ذلك الوقت، أنها توفر رغوة قوية بما يكفي لاستخدامها لإيقاف السيارات والشاحنات التجارية في مساراتها.
ومن المعروف أيضا أن الموزعات المليئة برغوة التثبيت فائقة الالتصاق من بين الميزات الدفاعية الموجودة في شاحنات تستخدمها الإدارة الوطنية للأمن النووي التابعة لوزارة الطاقة الأميركية، لنقل الأسلحة النووية وغيرها من الشحنات الحساسة ذات الصلة.
كما طورت مختبرات سانديا الوطنية، التابعة لوزارة الطاقة الأميركية مادة رغوية، للتعامل مع القنابل المملوءة بمواد كيميائية، حيث تشبه رغاوي مكافحة الحرائق الشائعة، ولكنها مصممة خصيصا لاحتجاز الجزيئات المشعة التي قد تكون موجودة في القنبلة، كما تعمل أيضا عند تغليف القنبلة بها على قمع الانفجار عن طريق امتصاص قوة موجة الصدمة داخل هيكل الفقاعة المصمم كيميائيا.
تحدي العثور على الأنفاقولا تدرج التطبيقات العسكرية للرغوة السريعة التصلب، تحت فئة الأسلحة الكيميائية، بحسب أوليفر ترزيتش، من قسم التفتيش بمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية بلاهاي بهولندا، التي قالت في تصريحات عبر البريد الإلكتروني عن القنبلة الإسفنجية المزعومة إنها "لا تندرج ضمن فئة ما يسمى (أسلحة الحرب الكيميائية)، حيث يتم تصميم الأسلحة الكيميائية لإيصال حمولتها إلى الهدف، وهي تؤثر على الأشخاص في المقام الأول من خلال إحداث تأثيرات فسيولوجية".
وأضافت أنه يبدو أن القنبلة الإسفنجية المزعومة "مصممة لإنشاء حاجز مادي، أي أنها أشبه بسلاح هندسي، ومن المؤكد أنها لا تندرج ضمن تصنيف الأسلحة الكيميائية، كما هو منصوص عليه في الاتفاقية المنظمة لهذا النوع من الأسلحة".
ولم يهتم ثيودور بوستول، أستاذ الهندسة والتكنولوجيا وسياسة الأمن القومي في برنامج العلوم والتكنولوجيا والمجتمع في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا بأميركا، بتفاصيل السلاح الفنية، وإن كان يمكن تشغيله في بيئة الأنفاق أم لا، لكنه أشار إلى ما هو أهم، من وجهة نظره، وهو تحدي المعلومات، وقال في تصريحات هاتفية إن "مجرد العثور على الأنفاق يمثل تحديا كبيرا، قبل الحديث عن آلية تدميرها".
ويعتقد بوستول أن الفرق المتخصصة في سلاح الهندسة التابع لجيش الاحتلال الإسرائيلي والمجهزة بأجهزة استشعار أرضية وجوية، ورادار اختراق للأرض وأنظمة حفر خاصة، قد فشلت إلى الآن في تحديد مواقع الأنفاق.
وإضافة لذلك، فإنه في حال العثور عليها، فإن التساؤل الذي يطرحه بوستول هو كيف يمكن ضمان سلامة الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في تلك الأنفاق؟.
بدوره يقول مازن قميصة، مدير ومؤسس متحف فلسطين للتاريخ الطبيعي ومعهد فلسطين للتنوع الحيوي والاستدامة بجامعة بيت لحم، في تصريحات عبر البريد الإلكتروني إنه لن يكون من المفيد إغلاق الأنفاق باستخدام هذا السلاح المزعوم.
ويعلل قميصة ذلك بأنه "لن تكون هناك صعوبة على الأشخاص الموجودين تحت الأرض أن يفتحوا فتحات جديدة، بالنظر إلى التربة الناعمة لجزء كبير من قطاع غزة".
وبناء على ذلك فإنه يرى أنه "سواء كان جيش الاحتلال الإسرائيلي يمتلك سلاح القنابل الإسفنجية أم لا، فإنه محكوم عليه بالفشل، لأن بيئة الأنفاق تبدو أبعد ما يكون عن استخدامه، وقد يكون الحديث عن وجوده من قبيل الحرب النفسية التي يتم توظيف الإعلام الغربي فيها".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائیلی الأسلحة الکیمیائیة فی تصریحات قد یکون
إقرأ أيضاً:
الخليل بن أحمد الفراهيدي
نابغة علوم اللغة العربية وأستاذها أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي، ولد الخليل في ودام الساحل بالمصنعة سنة مائة هجرية وفيها تعلم ونشأ، ثم قرر شق عصا الترحال إلى البصرة للاستزادة في العلم من جانب وطلبا للرزق من جانب آخر، فالبصرة في تلك الفترة كانت مركزا اقتصاديا مهما، ويشكل الأزد فيها النسبة الأكبر من السكان، وكانوا يمتلكون التجارة وخاصة البحرية منها. سافر الخليل بن أحمد إلى البصرة وفيها التقى بعلماء البصرة وجالسهم وناقشهم في علوم اللغة، كان الخليل كثير التدبر في العلم والتفكر فيه وكان كثيرا ما يقول (كن على مدارسة ما في قلبك أحرص منك على حفظ كتابك). حضر الخليل بن أحمد العديد من حلقات العلم في البصرة، فكان يجلس ليتعلم في حلقات كبار علماء البصرة في تلك الفترة مثل أيوب بن أبي العلاء ، وأبي عمرو بن العلاء ، وعيسى بن عمر الثقفي ، وعثمان بن حاضر، وغالب القطان ، والعوام بن الحوشب.
كان الخليل بن أحمد حريصا على طلب العلم، يقضي الساعات الطوال في المطالعة والمذاكرة وفي التأمل والتفكر فيما يقرأ ويتعلم، وكان دائما يقول: أحث كلمة على طلب العلم، قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه:" قَدرُ كُلِّ امرِئٍ ما يُحسِنُ".
يُعد أعظم إنجازات الخليل بن أحمد اكتشافه لعلم العَروض، وهو العلم الذي يُعنى بوزن الشعر وتحديد بحوره. استنبط هذا العلم من ملاحظته للأوزان الشعرية وسماع إيقاعات الألفاظ. قسم الخليل الشعر العربي إلى خمسة عشر بحرًا، أضاف عليها تلميذه الأخفش الأوسط بحرًا آخر ليصبحوا ستة عشر بحرًا معروفة حتى اليوم.
ويُقال إن فكرة علم العروض جاءته أثناء مشيه في السوق، حيث لاحظ وقع الأقدام والأصوات المتكررة، فبدأ في تأليف هذا العلم لضبط الشعر وتقييم وزنه، ما أنقذ الشعر العربي من التلاعب وأتاح للناس فهم قواعده . . وحتى في زيارته لبيت الله الحرام ، كان دعاؤه أن يشرح الله صدره للعلم وأن يهديه إلى علوم جديدة ، فكان أن ابتكر علم العروض، ووضع أسسه وقواعده، وكان الكثير من العلماء ينسبون الخليل إلى علم العروض فيقولون هو الخليل بن أحمد العروضي، تقديرا لدوره الكبير في تأسيس هذا العلم وتنظيره، وكان كثيرا ما يغني الأبيات لتحديد بحورها الشعرية، وكان يستغرق في ذلك الساعات الطوال حتى كان يظن من يدخل عليه أن الخليل قد مسه الجنون، وما ذلك إلا من استغراقه في العلم وعدم انشغاله بغيره، وفي إحدى المرات دخل عليه ولده فلم يفهم ما يقول والده، فخرج إلى الناس صائحا بأن والده قد جُنّ، فدخل عدد من الأشخاص بيت الخليل للاطمئنان عليه فوجدوه مشتغلا بعلمه، فأخبروه بما فعل ولده فقال الخليل مرتجلا بيتين يعذر فيها ولده:
لو كُنت تَعلمُ ما أَقول عذرتني أو كنت تَعلمُ ما تَقُولُ عَذلتُكا
لكن جَهلتْ مَقالتي فَعَذلتني وعَلمتُ أنكَ جَاهلٌ فَعَذرتُكا
إن الخليل بن أحمد مفخرة كل عماني وكل مسلم، لاجتهاده في العلم وتفرغه له بشكل كلي وبعده عن المال والمناصب، هذا الاجتهاد مكنه من أن يكون فريد عصره فلقد أسس لعدد من العلوم، فهو واضع أول معجم لغوي عربي وهو “معجم العين”، وسُمّي بذلك لأنه بدأ بحرف العين، أصعب الحروف نطقًا. تميز المعجم بمنهجيه الفريد في ترتيب الكلمات حيث رتبت الكلمات وفق مخارج الحروف من الحلق إلى الشفتين، على عكس الترتيب الأبجدي التقليدي. هدف الخليل من هذا العمل إلى الحفاظ على اللغة العربية من الضياع، خاصة بعد انتشار اللحن بفعل اختلاط العرب بالأعاجم بعد الفتوحات الإسلامية.
رتب الخليل معجمه ترتيبا صوتيا على حسب مخارج الحروف حيث بدأ المعجم بحروف الحلق فكان أولها حرف العين، ثم الحاء ومن بعدها الهاء ثم الخاء ثم الغين ، وشكلت حروف الحلق هذه حوالي نصف الكتاب، وبعدها يبدأ بحرف القاف ثم الكاف وهي حروف اللهاة، ثم ينتقل إلى حروف الشفتين وهي الفاء والباء والميم، ثم يتناول الحروف المعتلة ، وفي كل باب من هذه الأبواب نظم ترتيب الكلمات على النحو التالي: باب الثنائي المشدد ثانيه، باب الثلاثي الصحيح ، باب الثلاثي المعتل، باب اللفيف، باب الرباعي، باب الخماسي.
ويذكر الفراهيدي في مقدمته السبب وراء الابتداء بحرف العين حيث يقول:" فلم يمكنه أن يبتدأ التأليف من أول أ، ب، ت، ث، وهو الألف لأن الألف حرف معتل فلما فاته الحرف الأول كره أن يبتدأ بالحرف الثاني وهو الباء إلا بعد حجة واستقصاء فدبر ونظر، فدبر ونظر إلى الحروف كلها وذاقها فوجد مخرج الكلام كله من الحلق" وفي موضع آخر من المعجم يقول:" بدأنا في مُؤلَفنا هذا بالعين وهو أقصى الحروف، ونَضُمُّ إليه ما بعده حتى نستوعب كلام العرب الواضح والغريب".
عرف الخليل بتواضعه وزهده، فكان عفيف النفس، رافضًا قبول العطاء من الخلفاء رغم فقره وحاجته للمال. وقد روي أن الخليفة هارون الرشيد عرض عليه مالًا فرفضه، مؤكدًا قناعته بعيش الكفاف.
كما أرسل له والي الأهواز رسولا يعرض عليه راتبا مجزيا في مقابل تعليم ولده، فرفض الخليل هذا العرض وفضل ألا يترك طلابه، وقال للرسول:
أبلغ سليمان أني عنه في سعة وفي غنى، غير أني لست ذا مالِ
سخي بنفسي أني لا أرى أحدا يموت هزلا، ولا يبقى على حالِ.
تخرج على يديه العديد من العلماء، أبرزهم:
سيبويه: الذي يعد كتابه “الكتاب” من أعمدة النحو العربي ولقد اعتمد فيه كثيرا على محاضرات الخليل التي كان يلقيها على طلابه، ومن طلبة العلم لدى الخليل الأخفش الأوسط الذي أكمل عمل الخليل في بحور الشعر و الكسائي أحد أعلام النحو والقراءات.
كان الخليل يُلقب بأستاذ الأساتذة” لما خلفه من إرث علمي ضخم لم يسبق له مثيل في مجاله. مات هذا النابغة سنة 170هـ ودفن في البصرة. وحضر جنازته جمعا غير من أهالي البصرة وأعيانها، ويقال أن سبب موته أنه اصطدم بعمود مسجد في البصرة لأنه كان غارقا في التفكير حول إيجاد طريقة حسابية تسهل على الناس معاملاتهم التجارة.
أشاد العلماء بالخليل فها هو سفيان بن عُيينة يقول عنه (من أحب أن ينظر إلى رجل خلق من الذهب والمسك فلينظر إلى الخليل بن أحمد). وقال عنه الثعالبي:" كان يقال أربعة لم يُلحقوا، ولم يُسبقوا: أبو حنيفة في فقهه، والخليل في أدبه، والجاحظ في تأليفه، وأبو تمام في شعره". وقال عنه أبو بكر الزبيدي: «الخليل بن أحمد أوحد عصره، وجهبذ الأمة، وأستاذ أهل الفطنة الذي لم يُر نظيره، ولا عرف في الدنيا عديله".
ترك الخليل إرثًا علميًا خالدًا، إذ لا تزال بحور الشعر التي وضعها حجر الأساس لدراسة الأدب العربي، ويُعتبر معجم العين من أعمدة المعاجم اللغوية. تظل مساهماته مرجعًا رئيسيًا في الجامعات والمعاهد إلى يومنا هذا. وحرصت سلطنة عمان على إدراج الخليل بن أحمد كشخصية عالمية مؤثرة في التراث الإنساني ومساهمة في تطور علوم البشرية، فكان ذلك في عام 2006م حين أعلنت منظمة اليونسكو أن الخليل بن أحمد الفراهيدي شخصية استثنائية مؤثرة عالميا وملهمة وجدانيا.