الفترة المقبلة تستدعي وجود خطة دعم موسعة ومستهدفة لإدارة التضخم المحلي

الإنفاق الحكومي ونمو عرض النقد من العوامل الداخلية لتحديد معدل التضخم

التضخم ظاهرة مستوردة في ظل الاعتماد الكبير على الواردات

كشفت دراسة حديثة حول "ديناميكيات التضخم في سلطنة عمان" الصادرة عن البنك المركزي العماني عن أن مستوى التضخم في سلطنة عمان ظل عند مستوى أقل بكثير عن المستويات العالمية؛ نتيجة السياسة النقدية ونظام سعر الصرف الثابت وتدابير السياسات المالية بما في ذلك التدابير الإدارية لضبط الأسعار والإعفاءات الضريبية ودعم الوقود.

وأفادت الدراسة أن معدل التضخم في أسعار المستهلكين لعام 2022م كان ضمن النطاق المتوقع وبلغت نحو 2.8% وأقل من توقعات صندوق النقد الدولي البالغة 3.7%.

ولفتت الدراسة إلى أن التضخم في سلطنة عمان سجل معدل أعلى بنسبة 5.2% لمجموعة الأغذية والمشروبات غير الكحولية بينما ظل معدله منخفضا بالنسبة لسلع الاستهلاكية كالكهرباء والمياه والغاز وغيرها.

وبيَّنت الدراسة أنه في الفترة المقبلة قد يستدعي المشهد العالمي الذي يتّسم بارتفاع أسعار الطاقة والغذاء مصحوبا بضعف الدولار الأمريكي بعد ارتفاعه التاريخي في عام 2022م إلى وجود خطة دعم موسعة ومستهدفة لإدارة التضخم المحلي في سلطنة عمان.

وقالت الدراسة إن الاقتصاد العماني يعد اقتصادا مفتوحا على العالم الخارجي ويتبع نظام ربط العملة حيث إن الريال العماني مربوط بالدولار الأمريكي بسعر صرف ثابت، ونظرا للاعتماد الكبير على الواردات يعتبر التضخم ظاهرة مستوردة إلى حد كبير، ويظل دور السياسة النقدية المحلية في التضخم محدودا عندما يكون أحد المكونات الكبرى للتضخم المحلي هو التضخم المستورد.

وأشارت الدراسة إلى أن سعر الصرف يعد عاملا أساسيا في تحديد التضخم المحلي، فبسبب ربط الريال العماني بالدولار الأمريكي، أية تغييرات في سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل العملات الأخرى تؤدي إلى تغير في سعر الصرف الاسمي الفعال للريال العماني. عليه، سيساعد ارتفاع سعر الصرف الاسمي الفعّال على احتواء التضخم بينما سيسهم انخفاض القيمة في زيادة مستوياته. وعلى الرغم من الاعتماد الكبير على الواردات، فهناك بعض مكونات سلة مؤشر أسعار المستهلكين التي من المرجح أن تستجيب بشكل أكبر للعوامل المحلية. وترتبط هذه المكونات بإيجارات المساكن والفنادق والمطاعم والخدمات التعليمية والصحية والاتصالات والخدمات المتنوعة. وبالنظر إلى المساحة المحدودة للسياسة النقدية، يصبح التدخل من جانب السياسة المالية أمرا مهما للمساهمة في عملية إدارة التضخم.

محددات التضخم المحلي

وذكرت الدراسة أنه يتم تحديد معدل التضخم في سلطنة عمان من خلال عوامل داخلية وخارجية، ومن بين العوامل الداخلية التي قد تؤثر على مستوى التضخم في السلطنة هي الإنفاق الحكومي، ونمو عرض النقد والقدرة الإنتاجية للاقتصاد، وفي المقابل من بين أهم العوامل الخارجية ذات الصلة بالاقتصاد هو معدل التضخم عند الشركاء التجاريين الرئيسيين وقوة أو ضعف سعر الصرف. وقد انتقلت الفترة الأخيرة من التضخم العالمي المرتفع إلى سلطنة عمان من خلال القنوات التجارية نظرا للاعتماد الكبير للسلطنة على الواردات. كما قد يكون للإصلاحات الهيكلية المتعلقة بضريبة القيمة المضافة والضرائب الأخرى والدعم وأسواق العمل تأثير على التوقعات التي من شأنها أن تؤدي دورا في تحديد مستوى التضخم.

ولفتت الدراسة إلى أن سلطنة عمان تتبنّى نظام ربط عملتها بالدولار الأمريكي، ويؤدي سعي الاحتياطي الفيدرالي لتحقيق أهداف التضخم عموما إلى تغيرات في سعر صرف الدولار الأمريكي مما يؤدي إلى تغيرات في سعر الصرف الاسمي الفعال للريال العماني حيث يؤدي ارتفاع سعر الصرف الاسمي الفعال إلى انخفاض التضخم في السلطنة بينما يعمل انخفاض سعر الصرف الاسمي الفعال للريال العماني على زيادة التضخم.

الإنفاق الحكومي

وبينت الدراسة أن الإنفاق الحكومي محرك رئيسي للطلب الكلي في سلطنة عمان، ومن المتوقع أن يؤدي النمو المتزايد في مستويات الإنفاق الحكومي إلى ارتفاع التضخم المحلي والذي قد لا يحدث بشكل فوري، ويرتبط أحد الجوانب المهمة لديناميكيات التضخم والإنفاق الحكومي بحركة دورة الأعمال وخصائص الإنفاق الحكومي إذا كان مسايرا لدورة الأعمال أو معاكسا لها. وغالبا ما يكون سلوك الإنفاق المساير لدورة الأعمال تضخميا، في حين أن الإنفاق المعاكس لدورة الأعمال قد لا يكون كذلك. ونظرا لزيادة الحكومة العمانية لمستوى إنفاقها تاريخيا مع ارتفاع أسعار النفط، فإن الإصلاحات المالية الأخيرة قد تؤدي دورا في تغيير سلوك الإنفاق الحكومي المساير لدورة الأعمال.

وأكدت الدراسة أن التأثير الإيجابي لارتفاع سعر الصرف الاسمي الفعال والتدابير الحكومية التي تبنّتها حكومة سلطنة عمان ساهمت في التخفيف من تأثير ارتفاع التضخم العالمي على مستوى التضخم المحلي في السلطنة، وأن جهود دعم الأنشطة الاقتصادية من خلال السياسة المالية وتدابير دعم السيولة من البنك المركزي العماني قد تحتاج إلى قدر كبير من الدقة والوضوح لتحقيق التوازن بين التضخم ومعدلات النمو.

وبينت الدراسة حاجة الحكومة إلى إعداد حزمة من السياسات الفاعلة للسيطرة على التضخم (على سبيل المثال، وضع تدابير للتسعير محددة بفترات زمنية تستهدف فئات محددة وذلك في سبيل المحافظة على الحيز المالي بدلا عن فرض تدابير إدارية واسعة النطاق لتحديد الأسعار) والتي من المحتمل أن تعالج احتمالات انتقال أثر سعر الصرف من خلال انخفاض قيمة الدولار الأمريكي على التضخم المحلي.

وأشارت الدراسة إلى أهمية التنسيق بين السياسة المالية والسياسة النقدية، حيث تتطلب عملية التصدي لموضوع التضخم التعاون الوثيق والمثمر بين وزارة المالية والبنك المركزي العماني. علاوة على ذلك، فإن إدارة التضخم بشكل سليم تتطلب الاستمرار والمثابرة في تنفيذ الإصلاحات الحكومية في إطار خطة التوازن المالي متوسطة المدى.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التضخم فی سلطنة عمان الدولار الأمریکی الإنفاق الحکومی التضخم المحلی مستوى التضخم معدل التضخم الدراسة إلى الدراسة أن من خلال فی سعر

إقرأ أيضاً:

دراسة: أغلب الأوربيين يساورهم الشك في قدرة أوكرانيا على هزيمة روسيا في الحرب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

كشفت دراسة جديدة أجراها المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، أنه في الوقت الذي يرجح فيه أغلبية الأوكرانيين انتصار بلادهم في الحرب على روسيا، يتشكك قطاع كبير من الأوروبيين في قدرة النظام الأوكراني على هزيمة القوات الروسية في ساحة القتال. 

وأظهرت الدراسة، التي بثها المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية عبر موقعه الإلكتروني، أن الأوروبيين يميلون إلى التصديق بأن أوكرانيا لن تهزم روسيا في ساحة المعركة- إذ يرى ما يقرب من ثلث إلى نصف الذين شملهم الاستطلاع- أن الحرب ستنتهي بتسوية يتم التفاوض عليها بين الطرفين. 

وأشارت أيضًا إلى أن 31% (من نسبة الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع في اليونان) يرون أن انتصار روسيا هو الاحتمال الأكثر إمكانية، بينما رجح 38 % من المشاركين في الاستطلاع في إستونيا (إحدى دول الاتحاد الأوروبي)، انتصار أوكرانيا في الحرب. 

وعلى عكس ذلك تمامًا، فإن غالبية الشعب الأوكراني بنسبة بلغت 58 % لا يزالون على ثقة من قدرة قواتهم على إلحاق الهزيمة بروسيا والانتصار في الحرب، وأنهم بإمكانهم الاستمرار في الحرب اعتمادًا على الدعم المقدم لهم من جانب حلفائهم الدوليين، في حين يرى فقط 1 % فقط من الأوكرانيين أن روسيا هي التي ستنتصر في الحرب، ويرى 30% أخرون أن تسوية الأزمة عبر التفاوض هي النهاية الأكثر احتمالًا لهذا الصراع.

وأظهرت نتائج الدراسة أيضًا وجود اختلافات كبيرة في الآراء داخل دول الاتحاد الأوروبي حول عدد من القضايا أبرزها طرق تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا وانضمام كييف للمنظمات الأوروبية والدولية، التي تشمل الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي "الناتو".

كما أوضحت النتائج أنه يبدو من غير المرجح أن يجد قادة الناتو دعمًا محليًا لفكرة نشر قوات لهم في أوكرانيا، إذ تراوحت نسبة المؤيدين لفكرة نشر القوات من 4 إلى 22 % فقط بين مواطني الدول الأعضاء داخل الاتحاد الأوروبي. 

وتعارض أغلب دول الاتحاد زيادة مساهماتها في الإنفاق الدفاعي على أوكرانيا، باستثناء بولندا حيث يؤيد 53 % من الشعب البولندي زيادة الإنفاق الدفاعي، كما بلغت نسبة المؤيدين في إستونيا 45 %، بينما في السويد 41 % وألمانيا 40 %، بحسب البيانات. 

وتشير الدراسة أيضًا إلى أن معظم الأوروبيين لا يزالون يدعمون المشاركة في الحرب ولكن بوسائل أخرى تشمل تقديم المساعدة التقنية وزيادة إمدادات الأسلحة والذخائر، إلا أن في بلغاريا واليونان وإيطاليا، يعتقد أغلبية شعوب هذه الدول أن تسليح أوكرانيا "فكرة سيئة".

كما انقسم الأوروبيون أيضًا حول انضمام أوكرانيا في الاتحاد الأوروبي، وأشارت الدراسة هنا إلى أن الدول الأكثر دعمًا هي البرتغال وإستونيا والسويد وإسبانيا وبولندا، بينما أكثر الدول تشككًا في انضمام أوكرانيا للتكتل الأوروبي هي ألمانيا وبلغاريا وجمهورية التشيك وفرنسا.

أما بالنسبة للأوكرانيين أنفسهم، فيرى ما يقرب من ثلث الشعب الأوكراني بنسبة بلغت 64 % أن عضوية الاتحاد الأوروبي تشكل أمر حاسم بالنسبة لمستقبل بلادهم مثلها مثل عضوية الناتو، بحسب ما أوضحته الدراسة الأوروبية. 

يُشار إلى أن أوكرانيا طلبت للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في أعقاب العملية العسكرية الروسية في فبراير 2022 وحصلت على صفة المرشح للاتحاد الأوروبي في يونيو من العام نفسه. وفي 25 يونيو الماضي، بدأ الاتحاد الأوروبي محادثات الانضمام الرسمية مع كل من أوكرانيا ومولدوفا. 

وتأتي هذه الدراسة قبيل أيام من انطلاق قمة حلف شمال الأطلسي في واشنطن من 9 إلى 11 يوليو الجاري، لبحث الموقف الراهن في أوكرانيا وموقف دول الاتحاد الأوروبي من الصراع.

مقالات مشابهة

  • دراسة: أغلب الأوربيين يساورهم الشك في قدرة أوكرانيا على هزيمة روسيا في الحرب
  • المبعوث الاممي: اجواء ايجابية بمفاوضات مسقط
  • وزير الخارجية يتسلّم نسخا من أوراق اعتماد سفراء إسبانيا وكازاخستان والصومال
  • سلطنة عمان تحتفي بذكرى الهجرة النبوية الشريفة
  • فرنسا تسحب مشروبًا غازيًا؛ فماذا عن وضعه في سلطنة عمان؟
  • مناقشة جهود سلطنة عمان في تحقيق الاستدامة البيئية
  • إيراداتها تجاوزت الـ 65 مليونًا؛ كيف تحتسب سلطنة عمان رسوم الطائرات العابرة والقادمة والمغادرة؟
  • أول رد من سلطنة عمان حول حقيقة إيقاف التأشيرات السياحية للمصريين
  • سفارة سلطنة عمان بالقاهرة: لا صحة لإيقاف التأشيرات السياحية للمصريين
  • إيقاف التأشيرات السياحية للمصريين.. نفي رسمي من دولة خليجية