الجزيرة:
2024-07-01@15:48:14 GMT

المسؤولون العرب وأحاديث الغرف المغلقة

تاريخ النشر: 31st, October 2023 GMT

المسؤولون العرب وأحاديث الغرف المغلقة

تصريحاتٌ في مُنتهى الخطورة أدَلى بها السياسيّ الأميركي اليهوديّ المخضرم والمعروف للعالم العربيّ؛ دينيس روس- في مقالٍ في "النيويورك تايمز" الأميركية يوم الجمعة الماضي ٢٧/١٠/٢٠٢٣م- تحتاجُ إلى ردود عربية رسمية من الدول التي نقل عن مسؤوليها هذه التّصريحات، وبالأخصّ الدول العربية التي تربطُها علاقاتٌ مع الكيان الصهيونيّ.

أظهرت تصريحات دينيس روس بوضوحٍ تام أنَّ الموقف الدبلوماسي العربي الداعي إلى وقف فوريّ للإبادة الجماعية، وفتح ممرات إنسانية، ولا يدين ما قامت به حماس باعتباره حقا مشروعا يكفله القانون الدولي لمواجهة الاحتلال هو مجرد حِبر على ورق، وأنّ الحقيقة غير ذلك، وأن وراء الأكمة ما وراءَها.

يتوجّب على جامعة الدول العربية أن تصدر فورًا بيانًا توضيحيًّا يردّ على ما جاء في مقال روس، وتؤكد فيه رفضها الكامل لما تحمله تصريحاته من دلالات ورسائل

هل تطالبُ الدول العربية فعلًا بتدمير "حماس"؟!

وردت تصريحاتُ دينيس روس في مقاله بعنوان: "ربما أيدت مرّة وقف إطلاق النار مع حماس، لكن ليس الآن"، وجاء فيه: "إسرائيل ليست وحدها التي تعتقد أنّها يجب أن تهزم حماس، فخلال الأسبوعَين الماضيين، عندما تحدثت إلى مسؤولين عرب في جميع أنحاء المنطقة- أعرفهم منذ فترة طويلة- قال لي كلُّ واحد منهم: إنه يجب تدميرُ حماس في غزّة. وأوضحوا أنّه" إذا اعتبرت حماس منتصرة، فإنَّ ذلك سيضفي الشرعية على أيديولوجية الرفض التي تتبنّاها الجماعة، ويعطي نفوذًا وزخمًا لإيران والمُتعاونين معها، ويضع حكوماتهم في موقف دفاعي". وأوضح روس أنَّ هذا الكلام قيل له على انفراد، مضيفًا: "عدد قليل من الدول العربية أدانت علنًا مذبحة حماس التي راح ضحيتها أكثر من 1400 شخص في إسرائيل. لماذا؟ لأنّ القادة العرب أدركوا أنه مع انتقام إسرائيل وتزايد الخسائر والمعاناة الفلسطينية، فإن مواطنيهم سيغضبون ويحتاجون إلى أن ينظَر إليهم على أنّهم يدافعون عن الفلسطينيين، خطابيًا على الأقلّ".

وبغض النظر عن الموقف الشخصيّ الذي عبّر عنه روس من الحرب الهمجية التي يشنّها الكيان الصهيوني على قطاع غزة، فإن ما يعطي أهميةً كبرى لهذه التصريحات هو الوزن الذي يحتله روس في الأوساط السياسيّة، وخاصة العربية، حيث اضطلع لأكثر من اثني عشر عامًا بدورٍ ريادي في رسم معالم الدور الأميركي في عمليّة السلام في الشرق الأوسط، وقادَ عمليَّة السلام خلال حكم إدارتَي الرئيسين: جورج بوش الأب، وبيل كلينتون، كما أدّى دورًا محوريًا في مساعدة الجانبَين: الفلسطيني والإسرائيلي على التوصل إلى "اتفاقية أوسلو الثانية" عام 1995م؛ و"اتفاق الخليل" عام 1997م، ومعاهدة السّلام بين الأردن وإسرائيل عام 1994م، كما عمل على التّقريب بين إسرائيل وسوريا.

فضلًا عن خبرته الطويلة في السياسات السوفيتية والشرق أوسطية لأكثر من عقدَين، عمل خلالهما مع وزراء الخارجية الأميركية: جيمس بيكر، ووارن كريستوفر، ومادلين أولبرايت. وقد شغل منصب مدير "فريق التخطيط للسياسات" في وزارة الخارجية الأميركية خلال فترة حكم الرئيس الأسبق بوش الأب، حيث اضطلع بدورٍ بارزٍ في السياسة الأميركية تجاه الاتحاد السوفيتي السابق، وفي توحيد ألمانيا وانضمامها إلى حلف "الناتو"، وفي تحالف القوّات خلال "حرب الخليج" عام 1991م.

إنَّ شخصًا بوزن دينيس روس، يُحسَب لحديثه ألفُ حساب في الأوساط السياسية: الأميركية، والصهيونيّة، والغربية، وعندما ينقل عن المسؤولين العرب أنّهم يرغبون في تدمير حماس، فإنّ ذلك يزيد من تشجيع الإدارة الأميركية والكيان الصهيوني على المضي قُدمًا في تنفيذ مخطط تدمير حماس، ويعطي لهما الضوءَ الأخضر بألا تتراجعا وألا تهتمّا للحشود الجماهيرية الكاسحة التي تملأ الشوارع تأييدًا للقضية الفلسطينيّة، وحركة حماس وحقوق الشعب الفلسطيني، ولا للبيانات الرنَّانة التي تصدر عن الدول العربية مجتمعة أو فرادى. كما يسوّغ للولايات المتحدة والكيان الصهيوني مواصلة ذرف دموع التماسيح على الوضع الإنسانيّ، والتصريح بضرورة مراعاة القانون الإنسانيّ أثناء تدمير قطاع غزة على رؤوس ساكنيه.

حديث دينيس روس عن رغبة الأنظمة العربية في تدمير حماس، يشجع الإدارة الأميركية والكيان الصهيوني على المضي قدمًا في تنفيذ مخططاتهما، ويعطيهما الضوء الأخضر ألا تتراجعا، وألا تهتمّا للجماهير التي تملأ الشوارع دعما للقضية الفلسطينية وحركة حماس وحقوق الشعب الفلسطيني

ظواهر غريبة تؤيد رواية دينيس روس

ما يجعلنا نعطي أهمية أكثر لتصريحات دينيس روس، ما نشاهد من ظواهر عربية غريبة تتماهى مع تصريحات روس، وإن كانت ليست بالصراحة والوضوح الموجود عنده، ومن ذلك على سبيل المثال:

فشل الزعماء العرب حتى الآن في الضغط لإيقاف إطلاق النار وإدخال المساعدات؛ رغم أوراق الضغط القوية التي بأيديهم، ورغم العدوان الصهيوني البربري الذي لم يسبق له مثيل. ما يصدرُ عن بعض المسؤولين الفلسطينيين والعرب من تصريحات، تقتصر على الجانب الإنساني في قطاع غزة، ولا تشير- بتاتًا- إلى المقاومة الفلسطينية وحقها في مواصلة القتال ضد الاحتلال حتى تحرير أرضها واستعادة حقوقها، ولا تشير -نهائيًا- إلى حركة حماس، وهي الطرف الثاني في المعركة، حماس التي تمثل ما لا يقل عن نصف الشعب الفلسطيني، وهي فصيل وطني سياسي شارك في أول انتخابات نيابية فلسطينية عام ٢٠٠٦م وفاز فيها، وشكّل حكومة برئاسة إسماعيل هنية، الرئيس الحالي لحركة حماس. بل إن بعض المسؤولين يقفزون على الأحداث الجارية تمامًا، منتقلين إلى الحديث عن مرحلة ما بعد الحرب. ما نقلته شبكة سي إن إن عن "هاريل شوريف"- كبير الباحثين في مركز "موشيه دايان" لدراسات الشرق الأوسط وإفريقيا في جامعة تل أبيب، حيث يقول: " كنت أتحدث إلىمسؤول في السلطة الفلسطينية ورسالتهم لي واضحة "تدميرهم، دمرهم، هذه المرة يجب على إسرائيل تدمير حماس، وإلا انتهينا". وأضافَ شوريف: "بالطبع، علنًا، يدينون إسرائيل". ما نطالعه في بعض وسائل الإعلام العربية من تغطيات ومواقف ومعالجات تتناقض مع المواقف الرسمية المعلنة، وتصبّ جام غضبها على حركة حماس، وتحملها مسؤولية ما يعانيه الشعب في قطاع غزة، متناسية تمامًا الاحتلال الصهيوني الجاثم على صدر فلسطين منذ حوالي ٨٠ عامًا، وأنه السبب الحقيقي لمعاناة الشعب الفلسطيني، وما حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية الأخرى إلا كيانات سياسية ذات امتدادات شعبية راسخة تقوم بواجبها في دحر الاحتلال، بعد أن فشلت كافة الجهود الدولية في استعادة حقوقه وإقامة دولته على أرضه.

ومن هنا؛ وحتى تتضح نوايا الزعماء العرب، ويتأكد صدق تطابق مواقفهم المعلنة مع غير المعلنة، وحتى يقفوا إلى جانب مطالب شعوبهم الحثيثة بضرورة التصدّي للعدوان الصهيوني، فإنه يتوجب عاجلًا؛ القيام بما يأتي:

قيام جامعة الدول العربية بإصدار بيان توضيحي يردّ على ما جاء في مقال روس، وتؤكد فيه على رفضها الكامل لما تحمله تلك التصريحات من رسائل ودلالات. قيام الدول العربية ذات العلاقة بهذه التصريحات، بالتحقّق من الأمر ومعرفة المصادر التي استقى روس منها هذه التصريحات، وأن تقوم بالرد اللازم عليها.

وإلا، فإن الشعوب العربية ستفهم- بما لا يدع مجالًا للشك- أن أنظمتها الحاكمة لا تزال تخدعها، وأن الحراك العربي الذي يجري في المحافل الدولية، إنما هو من باب ذرّ الرماد في العيون، وتهدئة خواطر الجماهير، وهو ما سيزيد من من حجم الشقّة بين أنظمة الدول العربية وشعوبها، وسيزيد من إذعانها للغرب على حساب سيادتها واستقلالها والتزاماتها القومية والتاريخية.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الشعب الفلسطینی الدول العربیة تدمیر حماس قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

الأنهار والمسابح المغلقة ملجأ أخير للعراقيين من لهيب الصيف

بغداد اليوم -  بغداد

يبدو ان تحالف درجات الحرارة وانقطاع التيار الكهربائي دفع العراقيين لوسائل بديلة للتخلص من حرارة الصيف التي شارفت الوصول الى نصف درجة الغليان خلال أشهر حزيران وتموز وآب.

ويقول المواطن البغدادي مصطفى ياسين اننا "نقصد قاعات المسابح هرباً من درجات الحرارة المرتفعة في الصيف وأيضاً انقطاع الكهرباء، علاوة على الاستمتاع بالوقت بصحبة الأصدقاء والأهل".

وأكد أن المسابح أكثر أماناً من الأنهار التي تشهد حالات غرق مستمرة، إذ تتمتع بقاعات نظيفة وتعقيم مستمر إضافة إلى وجود كادر للإنقاذ في حال وجود حالات غرق يجري إسعافهم بصورة فورية، مبيناً أن الأسعار تختلف من منطقة إلى أخرى مع الامتيازات التي يقدمها.

وسجلت درجات الحرارة معدلات تصل إلى نصف درجة الغليان في غالبية المحافظات العراقية، بينما تشهد منظومة الكهرباء الوطنية تردياً بحلول موسم الصيف من كل عام.

وفي المقابل قال مدير أحد مسابح بغداد علي حسين إن تلك القاعات تشهد إقبالاً كبيراً خلال أوقات الصيف وبخاصة في الذروة التي تواجه انقطاعاً مستمراً للتيار الكهربائي، مؤكداً ارتفاع عدد المسابح في العاصمة العراقية خلال الأعوام القليلة الماضية باعتبارها نشاطاً تجارياً مربحاً يتزامن مع العطلة الصيفية.

وأوضح حسين أن القاعات المخصصة للمسابح تكون نظيفة على العكس من مياه نهري دجلة والفرات التي تكون غالبيتها ملوثة، وأنها اليوم أصبحت تقدم خدمات أقرب إلى المقاهي.

وبعيداً من المتمسكين بقاعات السباحة ترى شريحة أخرى أن ضفاف نهر دجلة المارة عبر القرى العراقية المختلفة ممتعة للغاية، ومن بين هؤلاء حسن موحان الذي يستغرق ساعتين أو ثلاثاً برفقة أصدقائه في مياه النهر هرباً من حرارة الصيف اللاهب.

وعلى رغم استمتاعه يقر موحان بأن النهر يشهد بين الحين والآخر حالات غرق للأطفال والشباب نتيجة قوة التيار وعدم وجود خبرة كافية برياضة السباحة، لافتاً إلى أن فترة الظهر والعصر تشهد إقبالاً كبيراً من قبل أبناء قريته على السباحة في النهر.

مدير العلاقات والإعلام في الهيئة العامة للأنواء الجوية والرصد الزلزالي في العراق عامر الجابري سبق وأكد أن بلاده وعلى رغم ارتفاع درجات الحرارة إلى أكثر من 50 درجة مئوية، إلا أنها لم تدخل حتى الآن في "فترة جمرة القيظ" التي تتشكل في العادة خلال منتصف شهر يوليو من كل عام.

وأرجع الجابري في تصريح صحافي ارتفاع درجات الحرارة في العراق إلى تأثره بالمنخفض الجوي الموسمي القادم من جنوب شرقي آسيا، وخلاله تراوح درجات الحرارة ما بين 45 و51 درجة مئوية وأكثر، إلا أنه أخذ في التراجع تدريجاً.

ونوه بأن ارتفاع وانخفاض درجات الحرارة مشابه لظاهرة المد والجزر، لذلك "ننصح المواطنين بعدم التعرض إلى أشعة الشمس بصورة كبيرة لخطورتها على صحتهم، وبخاصة البنفسجية في أوقات الذروة التي تمتد من الـ10 صباحاً إلى الرابعة عصراً".

وكانت وزارة البيئة العراقية أصدرت في وقت سابق مجموعة إرشادات مهمة للوقاية من جفاف الجلد وحروق الشمس خلال الأيام الحارة، تشمل ارتداء ملابس فاتحة اللون وخفيفة تغطي الجسم بصورة جيدة واستخدام كريم واق من الشمس بدرجة وقائية عالية، فضلاً عن دعوتها إلى تجنب التعرض المباشر لأشعة الشمس خلال فترة الظهيرة وشرب كمية كافية من الماء للحفاظ على الترطيب، إضافة إلى تجنب الخروج من المنزل في فترات النهار الأكثر حرارة وارتداء النظارات الشمسية والقبعات وحمل المظلات.

ودعت إلى عدم الهدر في استخدام المياه والطاقة الكهربائية لأنه سيلحق الضرر والنقص عند الآخرين، وزيادة التشجير والمساحات الخضراء المستدامة. وحثت وزارة الصحة العراقية أصحاب مخازن ومحال بيع الأطعمة والأشربة على ضرورة حفظها في درجات حرارة مناسبة وعدم تعريضها لأشعة الشمس حفاظاً على صحة المواطنين.

ويذكر أن المسابح العراقية تخضع إلى رقابة صحية قوية بحسب ما أعلنته أمانة بغداد في وقت سابق. وقال المتحدث باسم الأمانة محمد الربيعي في تصريح صحافي إن هناك سبعة مسابح تابعة للأمانة وتدار من قبل مؤجرين.

ونبه إلى أن "المتابعة على المسابح من قبل وزارة الصحة ومحافظة بغداد صحياً لغرض أن تكون هناك معايير لأحواض السباحة"، إذ تتولى الأمانة متابعة عملية التراخيص والاستئجار فيما تركز الوزارة على معايير أحواض السباحة.

المصدر: اندبندنت

مقالات مشابهة

  • ألا موت يُباع فأشتريه.. لسان حال جامعة الدول العربية
  • حماس توضح حول مستجدات صفقة التبادل.. ويدعو العرب والمسلمين لاغاثة غزة
  • حماس توضح حول مستجدات صفقة التبادل .. وتدعو العرب والمسلمين لاغاثة غزة
  • أكسيوس: واشنطن تدفع بصياغة جديدة وتعديل لمقترح صهيوني حول اتفاق وقف النار في غزة
  • الأنهار والمسابح المغلقة ملجأ أخير للعراقيين من لهيب الصيف
  • دعوة ملغومة للحلفاء العرب
  • تطبيع الإعلام تطويع للسياسة!!
  • تفاصيل خطة غالانت التي قدمها للأميركيين لادارة غزة
  • تفاصيل خطة غالانت التي قدمها للأمريكيين لادارة غزة
  • الضالع.. مسيرات جماهيرية حاشدة نصرةً للشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة