الجزيرة:
2024-11-08@15:05:59 GMT

المسؤولون العرب وأحاديث الغرف المغلقة

تاريخ النشر: 31st, October 2023 GMT

المسؤولون العرب وأحاديث الغرف المغلقة

تصريحاتٌ في مُنتهى الخطورة أدَلى بها السياسيّ الأميركي اليهوديّ المخضرم والمعروف للعالم العربيّ؛ دينيس روس- في مقالٍ في "النيويورك تايمز" الأميركية يوم الجمعة الماضي ٢٧/١٠/٢٠٢٣م- تحتاجُ إلى ردود عربية رسمية من الدول التي نقل عن مسؤوليها هذه التّصريحات، وبالأخصّ الدول العربية التي تربطُها علاقاتٌ مع الكيان الصهيونيّ.

أظهرت تصريحات دينيس روس بوضوحٍ تام أنَّ الموقف الدبلوماسي العربي الداعي إلى وقف فوريّ للإبادة الجماعية، وفتح ممرات إنسانية، ولا يدين ما قامت به حماس باعتباره حقا مشروعا يكفله القانون الدولي لمواجهة الاحتلال هو مجرد حِبر على ورق، وأنّ الحقيقة غير ذلك، وأن وراء الأكمة ما وراءَها.

يتوجّب على جامعة الدول العربية أن تصدر فورًا بيانًا توضيحيًّا يردّ على ما جاء في مقال روس، وتؤكد فيه رفضها الكامل لما تحمله تصريحاته من دلالات ورسائل

هل تطالبُ الدول العربية فعلًا بتدمير "حماس"؟!

وردت تصريحاتُ دينيس روس في مقاله بعنوان: "ربما أيدت مرّة وقف إطلاق النار مع حماس، لكن ليس الآن"، وجاء فيه: "إسرائيل ليست وحدها التي تعتقد أنّها يجب أن تهزم حماس، فخلال الأسبوعَين الماضيين، عندما تحدثت إلى مسؤولين عرب في جميع أنحاء المنطقة- أعرفهم منذ فترة طويلة- قال لي كلُّ واحد منهم: إنه يجب تدميرُ حماس في غزّة. وأوضحوا أنّه" إذا اعتبرت حماس منتصرة، فإنَّ ذلك سيضفي الشرعية على أيديولوجية الرفض التي تتبنّاها الجماعة، ويعطي نفوذًا وزخمًا لإيران والمُتعاونين معها، ويضع حكوماتهم في موقف دفاعي". وأوضح روس أنَّ هذا الكلام قيل له على انفراد، مضيفًا: "عدد قليل من الدول العربية أدانت علنًا مذبحة حماس التي راح ضحيتها أكثر من 1400 شخص في إسرائيل. لماذا؟ لأنّ القادة العرب أدركوا أنه مع انتقام إسرائيل وتزايد الخسائر والمعاناة الفلسطينية، فإن مواطنيهم سيغضبون ويحتاجون إلى أن ينظَر إليهم على أنّهم يدافعون عن الفلسطينيين، خطابيًا على الأقلّ".

وبغض النظر عن الموقف الشخصيّ الذي عبّر عنه روس من الحرب الهمجية التي يشنّها الكيان الصهيوني على قطاع غزة، فإن ما يعطي أهميةً كبرى لهذه التصريحات هو الوزن الذي يحتله روس في الأوساط السياسيّة، وخاصة العربية، حيث اضطلع لأكثر من اثني عشر عامًا بدورٍ ريادي في رسم معالم الدور الأميركي في عمليّة السلام في الشرق الأوسط، وقادَ عمليَّة السلام خلال حكم إدارتَي الرئيسين: جورج بوش الأب، وبيل كلينتون، كما أدّى دورًا محوريًا في مساعدة الجانبَين: الفلسطيني والإسرائيلي على التوصل إلى "اتفاقية أوسلو الثانية" عام 1995م؛ و"اتفاق الخليل" عام 1997م، ومعاهدة السّلام بين الأردن وإسرائيل عام 1994م، كما عمل على التّقريب بين إسرائيل وسوريا.

فضلًا عن خبرته الطويلة في السياسات السوفيتية والشرق أوسطية لأكثر من عقدَين، عمل خلالهما مع وزراء الخارجية الأميركية: جيمس بيكر، ووارن كريستوفر، ومادلين أولبرايت. وقد شغل منصب مدير "فريق التخطيط للسياسات" في وزارة الخارجية الأميركية خلال فترة حكم الرئيس الأسبق بوش الأب، حيث اضطلع بدورٍ بارزٍ في السياسة الأميركية تجاه الاتحاد السوفيتي السابق، وفي توحيد ألمانيا وانضمامها إلى حلف "الناتو"، وفي تحالف القوّات خلال "حرب الخليج" عام 1991م.

إنَّ شخصًا بوزن دينيس روس، يُحسَب لحديثه ألفُ حساب في الأوساط السياسية: الأميركية، والصهيونيّة، والغربية، وعندما ينقل عن المسؤولين العرب أنّهم يرغبون في تدمير حماس، فإنّ ذلك يزيد من تشجيع الإدارة الأميركية والكيان الصهيوني على المضي قُدمًا في تنفيذ مخطط تدمير حماس، ويعطي لهما الضوءَ الأخضر بألا تتراجعا وألا تهتمّا للحشود الجماهيرية الكاسحة التي تملأ الشوارع تأييدًا للقضية الفلسطينيّة، وحركة حماس وحقوق الشعب الفلسطيني، ولا للبيانات الرنَّانة التي تصدر عن الدول العربية مجتمعة أو فرادى. كما يسوّغ للولايات المتحدة والكيان الصهيوني مواصلة ذرف دموع التماسيح على الوضع الإنسانيّ، والتصريح بضرورة مراعاة القانون الإنسانيّ أثناء تدمير قطاع غزة على رؤوس ساكنيه.

حديث دينيس روس عن رغبة الأنظمة العربية في تدمير حماس، يشجع الإدارة الأميركية والكيان الصهيوني على المضي قدمًا في تنفيذ مخططاتهما، ويعطيهما الضوء الأخضر ألا تتراجعا، وألا تهتمّا للجماهير التي تملأ الشوارع دعما للقضية الفلسطينية وحركة حماس وحقوق الشعب الفلسطيني

ظواهر غريبة تؤيد رواية دينيس روس

ما يجعلنا نعطي أهمية أكثر لتصريحات دينيس روس، ما نشاهد من ظواهر عربية غريبة تتماهى مع تصريحات روس، وإن كانت ليست بالصراحة والوضوح الموجود عنده، ومن ذلك على سبيل المثال:

فشل الزعماء العرب حتى الآن في الضغط لإيقاف إطلاق النار وإدخال المساعدات؛ رغم أوراق الضغط القوية التي بأيديهم، ورغم العدوان الصهيوني البربري الذي لم يسبق له مثيل. ما يصدرُ عن بعض المسؤولين الفلسطينيين والعرب من تصريحات، تقتصر على الجانب الإنساني في قطاع غزة، ولا تشير- بتاتًا- إلى المقاومة الفلسطينية وحقها في مواصلة القتال ضد الاحتلال حتى تحرير أرضها واستعادة حقوقها، ولا تشير -نهائيًا- إلى حركة حماس، وهي الطرف الثاني في المعركة، حماس التي تمثل ما لا يقل عن نصف الشعب الفلسطيني، وهي فصيل وطني سياسي شارك في أول انتخابات نيابية فلسطينية عام ٢٠٠٦م وفاز فيها، وشكّل حكومة برئاسة إسماعيل هنية، الرئيس الحالي لحركة حماس. بل إن بعض المسؤولين يقفزون على الأحداث الجارية تمامًا، منتقلين إلى الحديث عن مرحلة ما بعد الحرب. ما نقلته شبكة سي إن إن عن "هاريل شوريف"- كبير الباحثين في مركز "موشيه دايان" لدراسات الشرق الأوسط وإفريقيا في جامعة تل أبيب، حيث يقول: " كنت أتحدث إلىمسؤول في السلطة الفلسطينية ورسالتهم لي واضحة "تدميرهم، دمرهم، هذه المرة يجب على إسرائيل تدمير حماس، وإلا انتهينا". وأضافَ شوريف: "بالطبع، علنًا، يدينون إسرائيل". ما نطالعه في بعض وسائل الإعلام العربية من تغطيات ومواقف ومعالجات تتناقض مع المواقف الرسمية المعلنة، وتصبّ جام غضبها على حركة حماس، وتحملها مسؤولية ما يعانيه الشعب في قطاع غزة، متناسية تمامًا الاحتلال الصهيوني الجاثم على صدر فلسطين منذ حوالي ٨٠ عامًا، وأنه السبب الحقيقي لمعاناة الشعب الفلسطيني، وما حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية الأخرى إلا كيانات سياسية ذات امتدادات شعبية راسخة تقوم بواجبها في دحر الاحتلال، بعد أن فشلت كافة الجهود الدولية في استعادة حقوقه وإقامة دولته على أرضه.

ومن هنا؛ وحتى تتضح نوايا الزعماء العرب، ويتأكد صدق تطابق مواقفهم المعلنة مع غير المعلنة، وحتى يقفوا إلى جانب مطالب شعوبهم الحثيثة بضرورة التصدّي للعدوان الصهيوني، فإنه يتوجب عاجلًا؛ القيام بما يأتي:

قيام جامعة الدول العربية بإصدار بيان توضيحي يردّ على ما جاء في مقال روس، وتؤكد فيه على رفضها الكامل لما تحمله تلك التصريحات من رسائل ودلالات. قيام الدول العربية ذات العلاقة بهذه التصريحات، بالتحقّق من الأمر ومعرفة المصادر التي استقى روس منها هذه التصريحات، وأن تقوم بالرد اللازم عليها.

وإلا، فإن الشعوب العربية ستفهم- بما لا يدع مجالًا للشك- أن أنظمتها الحاكمة لا تزال تخدعها، وأن الحراك العربي الذي يجري في المحافل الدولية، إنما هو من باب ذرّ الرماد في العيون، وتهدئة خواطر الجماهير، وهو ما سيزيد من من حجم الشقّة بين أنظمة الدول العربية وشعوبها، وسيزيد من إذعانها للغرب على حساب سيادتها واستقلالها والتزاماتها القومية والتاريخية.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الشعب الفلسطینی الدول العربیة تدمیر حماس قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

الصحة العالمية: مصر من أولى الدول التي طبقت معايير منع ومكافحة العدوى

قال ممثل منظمة الصحة العالمية في مصر الدكتور نعمة عابد: إن منظمة الصحة أصدرت الخطة العالمية والإطار التنظيمي لمكافحة العدوى، وتعمل "بيد بيد" مع شركائها لمكافحة العدوى لتحقيق أهداف للتنمية المستدامة، مؤكدا أن مصر من أولى الدول التي طبقت معايير منع ومكافحة العدوى.

كما أكد ممثل الصحة العالمية - خلال مشاركته في فعاليات المؤتمر السنوي للجمعية المصرية لمكافحة العدوى الـ 32 تحت عنوان "مكافحي العدوى: عليكم بالمجابهة"، برئاسة الدكتور أسامة رسلان، الأمين العام لاتحاد الأطباء العرب، وحضور ومشاركة ممثلين عن منظمة الصحة العالمية، وقيادات بوزارة الصحة المصرية - ضرورة توافر التنسيق والتكامل بين الجميع لحماية مقدمي الخدمة الصحية والمرضى، لأن أي خلل ممكن أن يتسبب في حدوث العدوى.

وأعرب عن سعادته بالمشاركة في المؤتمر السنوي للجمعية المصرية لمكافحة العدوى، واصفا إياه بـ"المهم جدا" في ضوء الأهمية الكبيرة التي توليها منظمة الصحة العالمية لمنع ومكافحة العدوى.

وأشاد العابد بموضوع المؤتمر وعنوانه (مكافحي العدوى: عليكم بالمجابهة)، قائلا إن مقاومة مضادات الميكروبات، تعتبر واحدة من أكبر 10 تهديدات عالمية للصحة العامة.

بدوره أكد رئيس قطاع الشئون الوقائية بوزارة الصحة والسكان الدكتور محمد عبد الفتاح، أن مصر لديها نظاما قويا لمنع ومكافحة العدوى، مستعرضا جهود الوزارة بشأن برامج مكافحة العدوى.

وقال عبد الفتاح إن مصر تسير بخطى ثابتة وحققت علامات فارقة، بداية من الدليل الذي أصدرته في 2003، وتدريب الفرق الصحية في مستشفيات وزارة الصحة، إضافة إلى تحديث الدليل القومي لمكافحة العدوى في عام 2008 و 2015 و2020.

كما أكد رئيس قطاع الشئون الوقائية بوزارة الصحة والسكان على تطبيق وزارة الصحة لبرنامج لترصد عدوى المستشفيات بمشاركة منظمة الصحة العالمية، مردفا: "طبقنا أيضا الخطة القومية لمكافحة الميكروبات المقاومة، إضافة إلى العمل على تظبيق سياسة الاستخدام الرشيد للمضادات الحيوية"

وأكدت أمين عام الجمعية المصرية لمكافحة العدوى الدكتورة مها فتحي، أهمية المؤتمر هذا العام، موضحة: مؤتمر هذا العام يتيح فرصة استثنائية لتبادل الخبرات والتعلم من أفضل الممارسات عن كثب، إضافة إلى أن ورش العمل المقامة ضمن المؤتمر تعتبر فرصة لاكتساب المهارات العملية اللازمة في هذا المجال المهم.

وذكرت أن المؤتمر يستهدف التركيز على إعداد العاملين والمسئولين عن منع مكافحة، لمواجهة المعركة الشرسة المرتبطة بالمكافحة، وتسليط الضوء على الخطط والسياسات العالمية في مكافحة العدوى.

وأشارت إلى أن محاور المؤتمر تشمل توضيح كيفية تمكين المستشفيات من تقديم الخدمة والرعاية الصحية من خلال تطبيق الادلة العلمية العليمة المبنية على الدلائل.

وقالت أمين عام الجمعية المصرية لمكافحة العدوى، إن هذه المناسبة العلمية سوف تشهد تجمعاً لأبرز الخبراء في المجال وممثلين عن منظمات محلية ودولية، بما في ذلك ممثلين عن مكتب منظمة الصحة العالمية في مصر (WHO/ Egypt) والمكتب الإقليمي لشرق المتوسط للمنظمة (WHO/ EMRO)، إضافة إلى خبراء دوليين من المركز الطبي بجامعة نبراسكا (UNMC) ومستشفى إيموري (Emory Hospital) بالولايات المتحدة، ومراكز أفريقيا لمكافحة الأمراض والوقاية منها (Africa CDC)، وأيضاً مديرة مجلس إدارة البورد الأمريكي لمكافحة العدوى (CBIC Board Director).

ويتضمن المؤتمر 5 جلسات علمية وورشتي عمل يناقش خلالها التحديات الكبيرة التي تواجه جميع العاملين في الرعاية الصحية، خاصة المسئولين عن منع ومكافحة العدوى، وآثار التغيرات المناخية والنزاعات في المناطق المحيطة، إضافة إلى التحديات الاقتصادية.

اقرأ أيضاً"الصحة العالمية" تؤكد ضرورة توفير المعلومات والبيانات الدقيقة لوضع استراتيجيات التنمية

«الصحة العالمية»: استئناف الجولة الثانية من التطعيم ضد شلل الأطفال بشمال غزة غدًا

مقالات مشابهة

  • حماس تثمّن منع إسبانيا رسو سفينتي أسلحة للكيان الصهيوني
  • الصحة العالمية: مصر من أولى الدول التي طبقت معايير منع ومكافحة العدوى
  • الأكاديمية العربية تستضيف الأسبوع المقبل الدورة 37 لمجلس وزراء النقل العرب
  • “رحل غالانت وبقيت حماس”.. نشطاء يسخرون من إقالة وزير “جيش” العدو الصهيوني
  • الأكاديمية العربية تستضيف الأسبوع المقبل الدورة 37 لمجلس وزراء النقل العرب والدورة 73 للمكتب التنفيذي
  • حماس تدعو شباب الضفة إلى مواجهة الاحتلال الصهيوني وتدفيعه ثمن جرائمه
  • الخميس المقبل.. الأكاديمية العربية للعلوم تعقد ورشة عمل لدراسة مشروع تأسيس سلسلة الإمداد للهيدروجين الأخضر
  • الخميس المقبل|الأكاديمية العربية تعقد ورشة عمل لدراسة مشروع تأسيس سلسلة الإمداد للهيدروجين الأخضر
  • ممثل حماس في طهران: الاحتلال الصهيوني عاجز عن نزع سلاح المقاومة
  • حملة في الناصرية لرفع التجاوزات وفتح الطرق المغلقة (فيديو)